في السنوات الأخيرة، تزايد الاهتمام بعسر التعلم والتوحد، لا سيما فيما يتعلق باختلافات الجنس في تشخيص هذا الاضطراب. تشير الأبحاث إلى أن اضطراب طيف التوحد (ASD) يتم تشخيصه بشكل أكثر تكرارًا لدى الذكور مقارنة بالإناث، مما يثير تساؤلات حول كيفية تأثير هذه الفجوة في التشخيص على الآثار السريرية والرعاية المقدمة. في هذا السياق، يهدف هذا المقال إلى دراسة العلاقة بين شدة الاضطراب وعمر التشخيص لدى الإناث مقارنة بالذكور. من خلال تحليل بيانات 202 مشاركًا، يستكشف الباحثون إذا كان العمر عند التشخيص مرتبطًا بمؤشر شدة أعلى لدى الإناث مقارنة بالذكور. سنناقش النتائج التي توصلوا إليها والتحديات المستمرة في الكشف عن ASD لدى الإناث، مما يسلط الضوء على أهمية مراعاة الفروقات الجنسية في الممارسات التشخيصية لضمان تقديم الرعاية المناسبة في وقت مبكر.
مقدمة حول اضطراب طيف التوحد
يعتبر اضطراب طيف التوحد (ASD) حالة عصبية نمائية تتميز بصعوبات مستمرة في التواصل الاجتماعي وسلوكيات وأنماط تكرارية مقيدة. وفقًا لدليل التشخيص والإحصاء للاضطرابات النفسية، فإن طيف التوحد يشمل مجموعة من الأعراض التي تختلف في الشدة والتقديم بين الأفراد. تظهر الأعراض مبكرًا في النمو، لكن قد لا تتجلى بالكامل حتى تزداد المتطلبات الاجتماعية أكثر مما يمكن أن تتعامل معه قدرة الطفل المحدودة. وبالرغم من التقدم في طرق التشخيص، لا تزال تواجه تشخيصات ASD تحديات خاصة، لا سيما فيما يتعلق بتشخيص الفتيات، اللواتي قد يقدمن علامات أقل وضوحًا بالمقارنة مع الفتيان.
تشير الإحصائيات إلى أن معدل انتشار ASD يختلف عبر الدراسات والأعراق. في إسبانيا، يقدر معدل انتشار اضطراب طيف التوحد بين الأطفال في سن ما قبل المدرسة بـ 2.52%، مما يشير إلى أن الجهود التشخيصية موجهة بشكل أكبر نحو الأطفال في هذه المرحلة العمرية. ونتيجة لذلك، تظهر دراسات أن الفتيات غالباً ما يتم تشخيصهن لاحقاً في الحياة نتيجة لأساليب تخفي الأعراض.
فهم الفروق بين الجنسين في تقديم الأعراض يعتبر نقطة محورية للبحث، حيث تميل الفتيات إلى إظهار صعوبات أكثر دقة في التواصل الاجتماعي، مما يجعل الأعراض أقل وضوحًا. هذا النقص في الوضوح يمكن أن يؤدي إلى تأخيرات في التشخيص، مما يسهم في مستوياته المختلفة من الشدة عند وضع مرضى التوحد الذكور في الاعتبار.
الدراسة والأهداف
استهدفت الدراسة تحليل العلاقة بين شدة الأعراض وعمر التشخيص للنساء والرجال المصابين بالـ ASD، حيث كان الهدف الرئيس هو تقييم الدوافع وراء الفروق في أعمار التشخيص بين الجنسين. شملت الدراسة 202 مشاركًا، منهم 52 فتاة، وتم استخدام أداة التقييم ADOS-2 لتحديد شدة الأعراض. تم العثور على ارتباط عكسي كبير بين شدة الأعراض وعمر التشخيص، وكان هذا الارتباط مستقلًا عن الجنس، مما يشير إلى أن الفتيات يتم تشخيصهن في وقت لاحق حتى في حالات الشدة الأعلى.
علاوة على ذلك، تميل النتائج أيضًا إلى إظهار مستويات شدة أعلى لدى الفتيات مقارنة بالفتيان. لذا تثير هذه النتائج العديد من الأسئلة حول كيفية تقييم الاختلافات الجنسية في التقديم السريري لاضطراب طيف التوحد. تحدد العوامل المختلفة مثل استراتيجيات التكيف والتشويش الناجم عن تقديم الأعراض النقدية، المساهمة في تأخير التشخيص الذي قد يؤدي بدوره إلى تداعيات سلبية على المستوى الأسري والاجتماعي.
لهذا، تسلط هذه الدراسة الضوء على أهمية تحسين أدوات الفحص والتشخيص المخصصة للفتيات لتحقيق الكشف المبكر عن الاضطرابات. كما تعرض المجالات التي تحتاج إلى مزيد من البحث والتطوير لضمان تحسين مستوى الوصول والرعاية للفئات المهمشة والأقل تمثيلاً.
الاختلافات بين الجنسين في تقديم أعراض التوحد
هناك اتجاه كبير من الأبحاث يشير إلى أن الفتيات قد يقدمن توحدهن بشكل مختلف عن الفتيان، مما يؤثر على كيفية تشخيصهن. على سبيل المثال، قد تكون الفتيات أكثر كثافة في اهتماماتهن الاجتماعية – مثل تفاعلهن مع الأشخاص بدلاً من الأشياء – مما قد يؤخذ على أنه سلوك اجتماعي اعتيادي. ولكن، قد يكون خلف هذا السلوك شعورًا عميقًا بالانفصال والقلق، الأمر الذي يجعلها أكثر عرضة للإخفاء أو التهرب من الأعراض.
يُكتب تاريخ طويل من الملاحظات عن كيفية أن الفتيات يميلن إلى المشاركة في اللعب التخييلي، ولكن بطرق قد تكون مقيدة ومتكررة بشكل كبير. هذا السلوك، الذي يمكن أن يكون متشابهًا مع سلوكيات الفتيان، يمكن أن يعقد عملية التشخيص، حيث يُنظر إليه على أنه سلوك عادي بدلاً من سلوك مرتبط بالتوحد. لذلك، من المهم أن يتم تعديل المعايير المستخدمة في الفحص لتشمل الأعراض والسلوكيات الأنثوية التي قد تشير إلى اضطراب طيف التوحد.
هذا التركيز غير المتناسب في الأبحاث على الفتيان قد يقدم نتائج مشوهة، مما يُشدد على الحاجة الملحة للممارسات والتقنيات الجديدة في الفحص، التي تأخذ بعين الاعتبار الأعراض الأكثر دقة والفريدة من نوعها لدى الفتيات. إن استخدام أدوات الفحص المعدلة مثل ASSQ Girl قد حققت نجاحًا ملحوظًا في تحسين الكشف المبكر عن الفتيات، ولكن من الضروري أن تستمر هذه الجهود.
استنتاجات وتوصيات للبحوث المستقبلية
تُبرز النتائج الناتجة عن هذه الدراسة الحاجة إلى فهم عميق للفروق بين الجنسين في اضطراب طيف التوحد، مما يساهم في تطوير استراتيجيات تشخيص أكثر دقة وشمولية. يشكل الأداء السلوكي وعمليات التواصل الاختلاف الرئيسي الذي يجب التركيز عليه، خاصة عندما يتعلق الأمر بالفتيات. تختلف تقديم الأعراض بشكل كبير، مما يعني أن التقييمات الحالية قد لا تكون كافية لتشخيص حالات التوحد لدى الفتيات بدقة، وبالتالي يُضطر الكثير منهن إلى الانتظار لفترات طويلة حتى يتم تشخيص حالتهن.
توصي الدراسة بضرورة وضع منهجيات جديدة للتقييم تركز بشكل أكبر على الأعراض التي تظهر لدى الفتيات، مع التحذير من أن الاختلالات الهيكلية المؤسسية الحالية قد تسبب هنالك مشاكل في التشخيص المبكر. كما تشير إلى إمكانية توفير برامج توعية مع الأسرة والمعلمين لمساعدتهم على التعرف على الأعراض المبكرة وطلب المساعدة عند الحاجة.
تستمر الحاجة إلى مزيد من الأبحاث لفهم الآليات الكامنة وراء اضطراب طيف التوحد وكيفية علاقته بالجنس. تفتح هذه النتائج آفاقًا جديدة للبحث والدراسة المتعمقة لفرضيات جديدة حول تأثير العمر وعوامل البيئة على تجربة الفتيات مع ASD.
تقدير الأطفال لتحديد حالات اضطراب طيف التوحد
تعتبر عملية تقييم الأطفال لتحديد ما إذا كانوا يعانون من اضطراب طيف التوحد (ASD) أو غيرها من الصعوبات التنموية خطوة محورية في معالجة هذه الحالات. يعتمد التقييم على عدة مقاييس، بما في ذلك الأداة المعروفة باسم ADOS-2، حيث يتطلب إجراءها وجود خبراء معتمدين. يتم الحصول على الموافقات اللازمة من الآباء أو الأوصياء قبل البدء في عملية التقييم، مما يضمن أخلاقيات البحث والحفاظ على خصوصية البيانات. تسجل البيانات بشكل موحد، حيث يتم تحويل البيانات الأولية إلى درجات شدة معتمدة تستخدم لمقارنة الحالات المختلفة وتعزيز الفهم الأفضل للخصائص المختلفة للاضطراب.
الأداة ADOS-2 هي معيار معترف به عالمياً، وتستخدم لفحص الأطفال عبر مجموعة من السيناريوهات التفاعلية. من الضروري أن يُجري الاختبار باحثون مؤهلون يحملون الشهادات اللازمة، وهو ما ينطبق على الفريق القائم على هذا البحث، الذي يضمن، من خلال الاجتماعات الدورية لمراجعة الأقران، التزاماً صارماً بالإجراءات القياسية ودقة النتائج. يتم تصنيف نتائج ADOS-2 إلى درجات شدة تتراوح من 0 إلى 10، بحيث تتيح هذه الدرجات للباحثين القدرة على إجراء مقارنات موضوعية بين مجموعات مختلفة من الأطفال، مما يُعزز الفهم العميق لمدى تأثير ASD على الأفراد. تنقسم درجات الشدة إلى مستويات تشخيصية مختلفة، وهذا التدرج يُعزز التخطيط لعلاج أكثر تخصيصًا لاحتياجات الطفل، إذ يساعد على توجيه العائلات والمختصين نحو الاستراتيجيات الأكثر فعالية للتعامل مع الأعراض والتحديات المحددة التي قد تواجهها.
تحليل البيانات الإحصائية ونتائج الدراسة
أي دراسة تعتمد على تحليل البيانات الإحصائية لفهم العلاقات بين المتغيرات، وهنا يتم استخدام حزمة SPSSv.28 لأغراض التحليل. بالتحديد، تكشف النتائج وجود فرق في متوسط عدد الأعمار عند التشخيص بين الذكور والإناث، حيث تُظهر الدراسة أن الذكور يتم تشخيصهم في عمر أقل مقارنة بالإناث. هذا الفرق في العمر قد يتجلى في كيفية تأثير عوامل متعددة على التقدير العلاجي لاضطراب طيف التوحد. تقترح النتائج كذلك أن هناك علاقة سلبية ملحوظة بين عمر التشخيص ودرجة الشدة المسجلة في اختبار ADOS-2، مما يعني أن الأطفال الذين يتمتعون بدرجات شدة أعلى يتم تشخيصهم في أعمار أصغر، مما قد يسلط الضوء على الحاجة إلى تحسين عمليات التشخيص، لاسيما بالنسبة للإناث. توضح البيانات أن هذه العلاقة لم تكن مرتبطة بالاختلافات بين الجنسين، مما يعكس أهمية التركيز على معايير التشخيص بدلاً من العوامل الشخصية.
تبيّن دراسة الآثار التفاعلية بين الجنس ودرجة الشدة على عمر التشخيص، حيث لم تظهر التفاعلات الكبيرة بين الجنسين ومستويات الشدة. هذا يشير إلى أن مستويات الشدة والتشخيص ليست مرتبطة بشكل قوي بتوجه الجنس، مما يسلط الضوء على أن العوامل المرتبطة بالتشخيص لدى الإناث بحاجة إلى مزيد من البحث لضمان عدم تفويت التشخيص المبكر. نتائج أخرى، بما في ذلك تحليل الفرق بين درجات الشدة، تشير إلى أن الإناث قد تُمثل في الفئات الأكثر شدة بشكل أكبر من الذكور، وهو ما يظهر الحاجة إلى الاهتمام العميق بالشكل الذي يُظهر به أعراض ASD في الإناث مقارنة بالذكور.
التفاوت في تشخيص اضطراب طيف التوحد بين الجنسين
تسلط نتائج هذه الدراسات الضوء على الفجوة في معدلات التشخيص بين الذكور والإناث، حيث أظهرت الأبحاث السابقة وجود تحيز في عمليات التشخيص تجاه الذكور، مما يوضح أهمية فحص الأنماط السلوكية والتطورية المختلفة بين الجنسين. الاناث، على العموم، قد تتعرض إلى تأخيرات في التشخيص بسبب مظاهر الأعراض التي قد لا تكون بالوضوح الكافي للتعرف عليها كحالات اضطراب طيف التوحد. على سبيل المثال، قد تتسم الإناث بقدرة على التكيف الاجتماعي بشكل أفضل من الذكور، مما يؤدي إلى عدم تأكيد التشخيص في وقت مبكر. هذا الاعتماد على السلوكيات الواضحة أو الأعراض الأكثر وضوحًا يمكن أن يؤثر على توقيت التشخيص، خصوصًا عندما تتشابه الأعراض مع سلوكيات أخرى تعتبر طبيعية أو خاصة بمستوى النمو.
المظاهر الاجتماعية الأكثر تعقيدًا التي قد تعاني منها الإناث قد تؤدي إلى نقص في الاستجابة من الأطراف الصحية. لذلك، من الضروري إجراء دراسات إضافية تهدف إلى تحديد الأعراض المميزة التي يمكن أن تظهر لدى الإناث وتؤثر على عملية التشخيص. وجود اختلالات اجتماعية أقل وضوحًا يمكن أن يؤدي إلى تشخيص لاحق، حيث يمكن أن تؤدي العوامل الثقافية والاجتماعية إلى انتقادات في كيفية التعرف على الاضطراب. بالتالي، يمثل مثل هذا التباين في التشخيص قضية تحتاج إلى التدقيق والمناداة إلى طرق تشخيصية أكثر حساسية للجنسين من أجل تعزيز فهم احتياجاتهم وتقديم الدعم المناسب لهم.
التوصيات المستقبلية لتحسين عمليات التشخيص
تحتوي نتائج العديد من الدراسات على دلالات استراتيجية لإعادة توجيه الطريقة التي يتم بها تشخيص اضطراب طيف التوحد. من الواضح أنه يلزم اتباع ممارسات تشخيصية أكثر دقة ومرونة تأخذ في الاعتبار التفاوتات السلوكية بين الجنسين. ينبغي اعتماد أدوات تقييم مخصصة تأخذ في الاعتبار الطريقة التي يُظهر بها الاضطراب في كل جنس، مما يعزز من دقة التشخيص ويقلل من فرص تفويت الحالات. هذا يتطلب تضافر جهود الأكاديميين والعاملين في المجال الطبي لتطوير بروتوكولات واضحة تعزز من الشفافية والكفاءة في عملية التشخيص.
كما يُستحسن زيادة الوعي بين المختصين في الرعاية الصحية والمجتمعات حول الأعراض المتنوعة لاضطراب طيف التوحد، وتعزيز أهمية تفهم الأعراض الخاصة بكل جنس. الشراكات مع المنظمات غير الحكومية والمجتمعات الصحية الهادفة ستساعد في النشر لتوسيع نطاق المعرفة حول هذه الاختلافات. هذا التوجه يمكن أن يؤدي إلى تحسين توقيت التشخيص ودقة الإجراءات المتبعة وتوسيع نطاق الدعم المقدم للأفراد وعائلاتهم.
الخصائص الاجتماعية والاقتصادية وتأثيرها على تشخيص اضطراب طيف التوحد
تعد الحالة الاجتماعية والاقتصادية للأسرة من العوامل الحاسمة التي تلعب دورًا كبيرًا في فهم وتأثير تشخيص اضطراب طيف التوحد (ASD). تشير البحوث إلى أن الأسر ذات المستويات الاقتصادية والاجتماعية المختلفة قد تواجه صعوبات مختلفة في الوصول إلى خدمات التشخيص والدعم. على سبيل المثال، قد تعاني الأسر ذات الدخل المنخفض من نقص الموارد اللازمة لتغطية تكاليف التشخيص والعلاج، مما يؤدي إلى تأخيرات كبيرة في تشخيص أطفالهم. وبالتالي، فإن من المهم أن تؤخذ هذه العوامل في الاعتبار عند دراسة متغيرات تشخيص اضطراب طيف التوحد، حيث يمكن أن يكون لرفضها تأثير سلبي على النتائج البحثية والنتائج السريرية.
إضافة إلى ذلك، تمثل مخاوف الآباء وتطلعاتهم المستقبلية عاملاً آخر يمكن أن يؤثر على عمر تشخيص اضطراب طيف التوحد. قد تؤدي مخاوف الآباء بشأن تقبل المجتمع لأطفالهم أو القلق من احتمال عدم وجود فرص التعليم والاندماج الاجتماعي إلى ضغوط إضافية. يمكن لهذه الضغوط أن تؤدي إلى تأخير في البحث عن التشخيص، خاصة إذا كان الآباء يعتقدون أن التشخيص قد يضع علامة سلبية على حياة أطفالهم. على سبيل المثال، يمكن أن يصعب على الآباء اعترافهم بأن طفلهم قد يكون في طيف التوحد، مما يؤدي إلى تجنبهم للذهاب إلى مختصين.
لذَلك، فإن إدراج العوامل الاجتماعية والاقتصادية في الدراسات المستقبلية يعد أمرًا ضروريًا لفهم التأثيرات المعقدة على عملية التشخيص. من خلال دراسة هذه المتغيرات بشكل متزايد، يمكن للباحثين تقديم توصيات تؤدي إلى تحسين دعم وتشخيص الأطفال الذين يتواجد لديهم هذا الاضطراب.
الفروقات بين الجنسين في تشخيص اضطراب طيف التوحد
تعتبر الفروقات بين الجنسين أحد الموضوعات الرئيسية التي ينبغي تناولها عند الحديث عن اضطراب طيف التوحد. تشير الأبحاث إلى أن هناك اختلافات واضحة في العمر الذي يتم فيه تشخيص الفتيان والفتيات. ففي العديد من الدراسات، تمت ملاحظة أن الفتيات غالبًا ما يتم تشخيصهن في أعمار أكبر مقارنة بالفتيان. يعود ذلك إلى عدة عوامل، بما في ذلك أن الفتيات قد يظهرن أعراضًا أقل وضوحًا وقد يتمكن من التفاعل الاجتماعي بشكل أفضل، مما يؤدي إلى عدم التعرف على الاضطراب في وقت مبكر.
على سبيل المثال، تشير دراسة إلى أن الفتيات اللواتي يعانين من اضطراب طيف التوحد قد يستخدمن استراتيجيات تمويه اجتماعي لتجنب الكشف عن مشكلاتهن، وهذا قد يؤخر عملية التشخيص. في المقابل، يميل الفتيان إلى إظهار أعراض أكثر وضوحًا، مثل الانسحاب الاجتماعي أو السلوكيات المتكررة، مما يسهل عليهم الحصول على تشخيص مبكر. هذا الفارق في العرض بين الجنسين يجب أن يوفر دعوة للبحث بشكل أعمق في الطرق التي يمكن أن تُحسن من تشخيص الفتيات.
تعتبر استخدام أدوات فحص معينة قد تم تصميمها خصيصًا لتلبية احتياجات الفتيات، مثل استبيانات ASSQ المعدلة، خطوة مهمة في تحسين دقة التشخيص. من خلال استخدام أدوات مصممة مع مراعاة الفروقات بين الجنسين، يمكن تحقيق رؤية أكثر دقة وشمولية لاضطراب طيف التوحد لدى كلا الجنسين. هذا سيمكن من الوصول إلى مستويات تشخيصية مبكرة وعلاج أكثر فعالية للفتيات، ما يؤدي إلى تحسن في جودة حياتهن.
أهمية الدراسات الطولية لمتابعة تغيرات معايير التشخيص
تعتبر الدراسات الطولية أداة ذهبية لفهم تغيرات معايير التشخيص وتأثيرها على الفروق بين الجنسين في تشخيص اضطراب طيف التوحد على مدى الزمن. الدراسات الطولية توفر بيانات قيمة عن كيفية تغير معايير التشخيص وكيفية تأثيرها على الفئات المختلفة. تكشف هذه الدراسات عن أي تغيرات في النمط الزمني للتشخيص، مما يساعد على تحديد ما إذا كانت هناك تطورات في فهمنا أو تغيير في معدلات التشخيص بين الجنسين.
على سبيل المثال، من خلال متابعة مجموعة من المشاركين على مر السنين، يمكن للباحثين دراسة كيف يمكن أن تتغير معايير التشخيص وتؤثر على كل من الفتيان والفتيات. هذه الدراسات ليست فقط ذات قيمة للأبحاث، بل يمكن أن تؤثر أيضًا على السياسات الصحية والممارسات السريرية. قد تساعد هذه البيانات في صياغة استراتيجيات تدخل مبنية على الأدلة للتعامل مع الاختلافات وفقًا للجنس، مما يمكن الأطباء والباحثين من تحسين طرق التشخيص والعلاج لأكثر الفئات تأثراً.
التغيير في التعريفات والمعايير التشخيصية لا يؤثر فقط على معدلات التشخيص بل أيضًا على كيفية التعامل مع المرضى وتمكينهم من تلقي الدعم والعلاج. لذلك، تبني الدراسات الطولية يمثل ضرورة ملحة لمزيد من الفهم والوعي بمسألة التشخيص المتفاوت وكيفية التعامل معها.
التحديات والنقص في التوجهات البحثية الحالية
تواجه الأبحاث المتعلقة باضطراب طيف التوحد تحديات عديدة، تشمل التركيز الأحادي على معايير معينة، وترك فجوات في فهم الفروق بين الجنسين وبروز الخصائص الاجتماعية والاقتصادية. تعتبر الاعتماد المفرط على درجات أدوات مثل ADOS-2 لأغراض تقييم شدة الأعراض أحد هذه المعوقات. في حين أن هذه الأدوات تساعد في توحيد قياس الأعراض عبر المشاركين، فإنها قد تعكس_biasات تتعلق بالنوع الاجتماعي حيث أن مجموعة المعايير المستندة بشكل رئيسي على الفتيان.
الاعتماد على معايير تقييم تركز على الإناث قد يسهل فقط الفرصة للحصول على تشخيص أكثر دقة للفتيات. هذا الافتقار إلى التفكير الشامل وإدراج الفجوات بين الأجندة البحثية يؤثر بشكل مباشر على الجهود الرامية إلى تحسين عمليات التشخيص. يمكن أن تؤدي هذه القيود إلى نتاجات غير مناسبة بحيث لا تعكس بشكل كامل كل التوجهات المحتملة للنوع الاجتماعي.
لذلك، يمثل البحث المستقبلي الذي يتناول الدرجة الطبيعية للفروق بين الجنسين في عرض الأعراض، وكذلك العوامل الاجتماعية والاقتصادية التي تؤثر على عملية التشخيص، خطوة هامة نحو تحسين الوضع الحالي. مثل هذه الدراسات ستساعد في بناء فهم أكثر شمولاً وتنظيمًا لاضطراب طيف التوحد في كل من الفتيان والفتيات.
الدعم والمبادئ التوجيهية للدراسة والأبحاث المستقبلية
إن دعم الأبحاث الحالية في مجال اضطراب طيف التوحد وتعزيزها يتطلب التزامًا من المجتمع الأكاديمي والصحي. يتطلب الأمر التعاون بين مختلف الأطراف المعنية بما في ذلك المتخصصين في الصحة العقلية، والآباء، والباحثين. لا بد من تقديم مبادئ توجيهية واضحة بشأن كيفية إجراء الأبحاث، وكيفية تضمين جميع الفئات، وكيفية تصميم أدوات التقييم بطريقة تتجنب الأحكام المسبقة وتضمن الوعي بقضايا النوع الاجتماعي.
هذا يشمل تصميم استراتيجيات شمولية للمشاركة في الأبحاث، مع الأخذ في الاعتبار التحديات التي يمكن أن يواجهها الأفراد في الأسر ذات الوضع الاقتصادي والاجتماعي المختلف. يجب أن تشمل هذه الاتجاهات البحثية أساليب مبتكرة لجمع البيانات ومشاركة المعرفة، لا سيما مع أفراد المجتمع الذين يعانون من اضطراب طيف التوحد وعائلاتهم.
على سبيل المثال، يمكن استخدام دراسات الحالة والمقابلات التفاعلية لجمع المعلومات بشكل مباشر من الأشخاص المتأثرين، مما يوفر بالكامل منظورًا مرتبطًا بالتجارب الشخصية ووجهات النظر الفردية بشأن التشخيص والدعم. بتوسيع نطاق الأبحاث الشاملة، يمكن الحصول على بيانات أكثر دقة وشمولية، مما يساعد على تحسين برامج الدعم والتشخيص المخصصة، مما يسهل رحلة العائلات مع اضطراب طيف التوحد.
مقدمة حول اضطراب طيف التوحد
يعتبر اضطراب طيف التوحد (ASD) حالة نيرودية تطويرية تؤثر على كيفية تفاعل الفرد مع الآخرين وفهم البيئة المحيطة به. يتميز هذا الاضطراب بصعوبات مستمرة في التواصل الاجتماعي وأنماط سلوكية متكررة ومحددة. يحدد الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية، الطبعة الخامسة، معايير تشخيص الاضطراب، مشيراً إلى أن الأعراض قد تظهر في مراحل مبكرة من النمو ومع ذلك قد لا تتضح إلا عندما تتجاوز المطالب الاجتماعية قدرات الطفل. تؤكد الأبحاث الحديثة على أهمية الكشف المبكر عن الاضطراب، حيث إن الاكتشاف المبكر يمكن أن ينقذ الكثيرين من التحديات الكبيرة في المستقبل. وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، تتراوح نسبة انتشار اضطراب طيف التوحد بين 0.1 إلى 2.9%، لكن هناك تباينات ملحوظة في البيانات بناءً على العوامل العرقية والجغرافية.
الفروق بين الجنسين في اضطراب طيف التوحد
تمثل الفروق بين الجنسين في اضطراب طيف التوحد موضوعًا مثيرًا للبحث والدراسة. تشير البيانات إلى أن الأولاد يتم تشخيصهم بشكل متكرر أكثر من الفتيات بنسبة تصل إلى 4:1. ومع ذلك، فإن الأبحاث تشير إلى أن الفتيات قد يعبرن عن اضطراب طيف التوحد بطرائق أقل وضوحًا مما يؤدي إلى تأخير التشخيص. غالبًا ما يظهر على الفتيات أعراض خفية مثل صعوبات في التواصل الاجتماعي، لكنهن قد يتجنبن الظهور أو الكشف عن مشاعرهن بشكل مباشر. لذا، فإن ظاهرة “التخفي” ما زالت تمثل عقبة رئيسية أمام التشخيص السليم. الفتيات اللواتي يمتلكن اهتمامًا أكبر بالتفاعل الاجتماعي قد يُفهم سلوكهن بشكل خاطئ على أنه طبيعي، إذ يُعتقد أن فيصل انتباههن إلى الأشخاص بدلاً من الأشياء هو صورة من صور السلوك الاجتماعي المقبول.
أهمية التشخيص المبكر والتدخل المبكر
يُعتبر التشخيص المبكر أمرًا حيويًا، حيث يُساعد في تقديم الدعم المناسب وتوجيه الموارد اللازمة للأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد. وقد أشارت الأبحاث إلى أن التدخل المبكر يُسهم في تحسين النتائج الأكاديمية والاجتماعية للعائلات. على سبيل المثال، تم اكتشاف أن البرامج التعليمية المُصممة خصيصًا تُمكّن الأطفال من تطوير مهارات التواصل والتفاعل الاجتماعي. يُعتبر تصوير الحالات من خلال أدوات الفحص مثل “مقياس الكشف عن التوحد المعدل لمرحلة الطفولة” (M-CHAT) و “استبيان التواصل الاجتماعي” (SCQ) جزءًا من هذه الاستراتيجيات، مما يساعد على التعرف السريع على الحالات. التحديات التي تواجه الفتيات، حيث يُمكن أن تؤثر العوامل الاجتماعية والثقافية على التفسير والاستجابة للسلوك، مما يؤدي إلى تأخير الدعم الضروري.
آثار التشخيص المتأخر على الفتيات المكتشفات مؤخرًا
العواقب الناتجة عن التشخيص المتأخر يمكن أن تكون كبيرة، خاصةً بالنسبة للفتيات. يُظهر التشخيص المتأخر أنهن أكثر عرضة لمواجهات سلبية في المدرسة والأسرة، مثل الانسحاب الاجتماعي أو السلوكيات السلبية. قد تؤدي الفتيات أيضًا إلى آثار نفسية، مثل القلق أو الاكتئاب، نتيجة انعدام الفهم أو الدعم العائلي. غالبًا ما تحدد النتائج النهائية للأطفال في سن المراهقة بناءً على تجربتهم في العالم الاجتماعي. لذا، تؤكد الدراسات أهمية الوصول السريع إلى مستوى أعلى من الموارد والدعم خلال تلك المرحلة لتقديم التجارب الإيجابية.
التوجهات المستقبلية في الأبحاث المتعلقة باضطراب طيف التوحد
تتجه الأبحاث في مجال اضطراب طيف التوحد نحو التركيز على الإناث وتحسين أدوات التقييم. من اللازم تطوير أدوات خاصة تمكن الأخصائيين من تحديد الاضطراب بدقة أكبر في الفتيات. بعض الباحثين يقومون بتطوير استبيانات جديدة تأخذ بعين الاعتبار الفروق بين الجنسين في التعبير عن السلوكيات. من المتوقع أن تؤدي هذه التوجهات إلى مزيد من التقدم في كيفية فهم وعلاج حالات اضطراب طيف التوحد، خاصة لدى الفتيات. يعتمد ذلك أيضًا على زيادة الوعي وتغيير الممارسات السريرية لضمان الوصول الفعال والدعم المناسب في أسرع وقت ممكن.
أهمية التحليل الإحصائي في دراسة مرض التوحد
يعتبر التحليل الإحصائي جزءًا أساسيًا من دراسة مرض التوحد، حيث يتيح للباحثين فهم البيانات بشكل أعمق وتحديد مدى انتشار المرض في مختلف الفئات. في هذه الدراسة، تم تحديد مستوى الدلالة 0.05 وقوة إحصائية 0.80، مما يشير إلى ضرورة أن تكون العينة كافية للكشف عن تأثيرات واضحة. وقد شملت العينة النهائية 150 ذكراً و52 أنثى، وهو ما يعكس عدم التوازن المعهود بين الجنسين في انتشار مرض التوحد حيث تكون الفتيات تحتrepresented. على الرغم من أن مجموعة الإناث لم تحقق المعايير المثلى لعينة تحليل القوة، إلا أن حجم العينة يبقي كبيرًا في سياق أبحاث التوحد.
تظهر الإحصائيات أيضًا أن إجمالي عدد المشاركين (202) قريب من الحد المطلوب وهو 206 مشارك، ما يضفي موثوقية على التحليلات الإحصائية المنفذة. يتضح أيضًا أن التحديات التي تواجهها الفتيات في تشخيص التوحد غالبًا ما تتضمن فقدان التقديرات الصحيحة نظرًا لتباين الأعراض، مما يمكن أن يؤدي إلى تشخيص متأخر. وبالتالي، فإن استخدام أدوات التحليل الكمي والنوعي ضروري لفهم العوامل المؤثرة في تشخيص التوحد.
أدوات تقييم مرض التوحد: استخدام مقياس ADOS-2
في هذه الدراسة، تم استخدام مقياس التقييم المعروف باسم ADOS-2 لقياس شدة أعراض التوحد. يعد هذا المقياس واحدًا من أكثر الأدوات استخدامًا في ممارسة التشخيص السريري. تم تصميم المقياس بطريقة معيارية للقيام بملاحظة مباشرة للأفراد، وقد أصبح معيارًا ذهبيًا في التحقيق في السلوكيات الاجتماعية والتواصلية. ووفقًا للمعايير، يتضمن المقياس خمسة وحدات مختلفة تعتمد على مستوى اللغة التعبيرية أو عمر الفرد. تستخدم مجموعة من الخوارزميات التي تجمع بين مجموعات معينة من السلوكيات لتصنيف الأعراض.
فدلت التحليلات السابقة على أن أداة ADOS-2 تقدم موثوقية عالية، مع تقديم نسب دقة تصل إلى 95%. وبهذا، أصبح من الممكن استخدامه كوسيلة دقيقة لتصنيف الأفراد وفقًا لمستويات الشدة. هذا يتيح تقديم تصنيفات رسمية للأعراض، مما يساعد الآباء والمتخصصين في وضع خطط علاجية تتناسب مع كل حالة على حدة. على سبيل المثال، قد تحتاج الأعراض الأقوى إلى تدخلات أكثر كثافة، بينما يمكن أن يتلقى الأفراد ذوو الأعراض الأقل دعمًا أقل عمقًا.
الإجراءات الأخلاقية في البحث عن مرض التوحد
تمت إجراء هذه الدراسة وفقًا للمبادئ الأخلاقية المحددة من قبل السلطات المعنية. تعتبر أخلاقيات البحث في مجال الصحة النفسية أمرًا بالغ الأهمية، حيث يلزم الحصول على موافقة مستنيرة من أولياء الأمور أو الوصي القانوني قبل جمع البيانات. تتضمن هذه الموافقة بندًا يسمح باستخدام البيانات المجهولة لأغراض البحث. تم جمع البيانات في أربع جلسات تستمر كل منها 60 دقيقة في مرافق معهد الصحة العقلية لأطفال وجوانب، مما يعكس الالتزام بمراعاة رفاهية المشاركين.
لضمان الدقة في تطبيق المقاييس، تم تدريب فريق البحث بشكل خاص لإدارة ADOS-2، وتمت المراجعة الدورية للأداء للتأكد من الالتزام بالمعايير. يترتب على ذلك تحسين دقة التشخيص وتقليل الأخطاء في تصنيف الأفراد. يمكن القول بأن التزام الباحثين بأعلى درجات الأخلاقية والمProfessional practice في جمع البيانات والتحليل يعزز من مصداقية النتائج المعروضة.
نتائج الدراسة وتأثيرها على فهم التوحد
تشير النتائج إلى أن عمر التشخيص بالنسبة للذكور كان أقل من الإناث، مما يعكس الفجوة الملحوظة في توقيت التشخيص بين الجنسيين. في حين أنها لا تظهر فروقًا كبيرة بينهما من حيث درجة الشدة، تشير الأرقام إلى أن الفتيات قد يعانين من تأخير أكبر في التشخيص، وهذا قد يعزى إلى طبيعة الأعراض التي قد تكون أقل وضوحًا. يتوج هذا الاستنتاج الحاجة إلى استراتيجيات تشخيصية حساسة للجنس، تضمن اكتشاف الحالات في وقت مبكر.
علاوة على ذلك، ووفقًا للبيانات المعروضة، هناك علاقة سلبية ملحوظة بين الشدة وعمر التشخيص، مما يعني أن الأعراض الأكثر حدة ترتبط بعمر تشخيص أصغر سناً، وهنا تظهر زيادة أهمية التشخيص المبكر لرعاية أكثر فعالية. تبرز هذه الاكتشافات التوجه للاستثمار في التوطين الجندري لطرق التشخيص، وتعززه بحقيقة أن الفتيات غالباً ما يتم تشخيصهن لاحقًا بسبب عدم وضوح الأعراض مقارنة بالصبيان، مما يؤكد على الحاجة إلى مزيد من التوعية والدعم للعائلات والممارسين.
النقاش حول النتائج والاعتبارات المستقبلية
ترتبط النتائج، بوضوح، بتأثير الجنس على أعراض التوحد وعمر التشخيص، مما يشير إلى إمكانية وجود تحيز في الممارسات التشخيصية. رغم وجود اختلافات في توقيت التشخيص، تظل العلاقة ضعيفة بين الشدة والعمر المتعلق بالتشخيص. هذه الظواهر يجب أن تدفع باتجاه تبني استراتيجيات تتعامل مع تعدد الأبعاد في عرض الأعراض وتأثيرها على حياة الأفراد.
إن فهم الفروق الجندرية في مرض التوحد يعد مفتاحًا لاستراتيجية تشخيصية فعالة، حيث يُظهر أن الفتيات قد يتطلبن وعلاجات مختلفة نتيجة لطبيعة أعراضهن. يمكن للدراسات المستقبلية أن تستفيد من النتائج الحالية عبر استكشاف العوامل المحتملة التي تؤثر في تشخيص مرض التوحد بشكلٍ دقيق، لتوفير الدعم الطبي والنفسي المناسب للأفراد المتأثرين. على الممارسين أن يركزوا على التعرف على الأعراض غير النموذجية التي قد تكون شائعة بين الفتيات لتحقيق نتائج أفضل في التشخيص والعلاج.
الفروق الجنسية في تشخيص اضطراب طيف التوحد
تشير الأبحاث إلى وجود فروق ملحوظة بين الجنسين في تشخيص اضطراب طيف التوحد (ASD)، حيث تظهر الدراسات أن الذكور يتم تشخيصهم بنسب أكبر من الإناث. حسب إحصاءات معينة، يبدو أن هناك نسبة أكبر من الذكور تتراوح بين 3 إلى 5 أضعاف مقارنة بالإناث. تتضمن هذه الفروقات الجنسوية عدة عوامل تؤثر على القدرة على الكشف المبكر عن اضطرابات طيف التوحد لدى الفتيات. أحد هذه العوامل هو الفرق في الأعراض والتعبيرات السلوكية، حيث قد تكون الفتيات أقل وضوحاً في عرض أعراض التوحد التقليدية مقارنة بالذكور. الفتيات غالباً ما يكون لديهن مهارات اجتماعية أفضل في المراحل الأولى، مما قد يجعل اكتشاف أعراض التوحد أكثر صعوبة (Hiller et al., 2014).
بالإضافة إلى ذلك، تتضمن الدراسات عوامل اجتماعية وثقافية قد تؤثر على توقيت التشخيص. غالباً ما تساهم التحيزات الاجتماعية وكذلك التوقعات الثقافية حول سلوكيات الفتيات في تأخير التشخيص. بالمقارنة، الذكور يمكن أن يعبروا عن سلوكيات أكثر وضوحاً بطريقة تؤدي إلى التشخيص المبكر. لذلك، يحتاج الباحثون إلى فهم أعمق للتعبيرات المختلفة لاضطراب طيف التوحد في كل من الذكور والإناث لضمان عدم تفويت تشخيص الفتيات (Giarelli et al., 2010).
تمتد هذه الفروقات إلى جانب آخر أكثر تعقيداً، وهو مفهوم “التخفي الاجتماعي” الذي قد تكتسبه الفتيات. الفتيات يمكن أن يتعلمن كيفية تقليد سلوكيات الأقران للتكيف في المواقف الاجتماعية، وهو ما يعرف أيضًا باسم “المتخفين الاجتماعيين”. هذا التخفي يمكن أن يشتت الانتباه عن وجود أنماط سلوك غير عادية وقد يؤدي إلى تأخير أو حتى عدم اكتشاف اضطراب طيف التوحد. في هذا السياق، من الضروري للمهنيين في مجال الصحة النفسية أن يكونوا أكثر وعياً بالأعراض الفريدة والمتنوعة لدى الفتيات لتشخيص اضطراب طيف التوحد بشكل صحيح.
تأثير العمر عند التشخيص
تشير العديد من الدراسات إلى أن العمر عند التشخيص يمكن أن يختلف بشكل كبير بين الذكور والإناث. الفتيات غالباً ما يتم تشخيصهن في عمر أكبر مقارنة بالذكور، مما قد يؤثر على خيارات العلاج والدعم المتاحة لهن. هذا التأخير في التشخيص يمكن أن يكون له آثار بعيدة المدى على تطورهم الاجتماعي والعاطفي. من المهم مراعاة هذه الفروق عند تصميم البرامج التدخلية. كما ذكر البحث الذي أجرته به فان ويجانردن-كريميرز وزملاؤه (2014)، فإن الفتيات يميلن إلى إظهار مستويات أعلى من السلوكيات النمطية، مما يزيد من مستوى تعقيد التشخيص.
على سبيل المثال، استخدام أدوات قياس مثل ADOS-2 والمعايير الأخرى المستخدمة في تقييم مدى شدة الأعراض يمكن أن تكون لها انحيازات قائمة على الجنس. التشخيص بناءً على هذه المعايير قد لا يعكس بدقة التجارب الفعلية للفتيات. علاوة على ذلك، ينبغي أن تكون هناك اعتبارات أدق حول كيفية تأثير العوامل البيئية والعائلية والثقافية على توقيت التشخيص.
هناك حاجة ملحة لإجراء دراسات أطول أجلاً تتبع تطور التشخيص عبر الزمن. هذه الدراسات يمكن أن توفر معلومات قيمة حول كيفية تغيير استراتيجيات التشخيص استجابة لتعزيز الوعي نحو أعراض التوحد في الفتيات. بدلاً من ذلك، يجب على المهنيين استكشاف أدوات تقييم جديدة مصممة خصيصاً للفتيات لضمان الاكتشاف المبكر وانتلائه العلاجي المناسب.
السلوكيات النمطية والتأثيرات الاجتماعية
تشمل السلوكيات النمطية مجموعة من السلوكيات التي تعتبر مؤشرًا على اضطراب طيف التوحد. هذه السلوكيات يمكن أن تكون متكررة وغير مرنة، وقد تتضمن حركات جسدية، اهتمامات ضيقة، أو تفاعلات اجتماعية غير اعتيادية. يمكن أن تكون هذه السلوكيات أكثر وضوحًا لدى الذكور، بينما الفتيات قد يظهرن سلوكًا أقل وضوحًا أو قد يتمكنّ من “التخفي” تحت مواقف اجتماعية مقبولة. هذا الاختلاف في السلوكيات النمطية يساهم في عدم التعرف على اضطراب طيف التوحد لدى الفتيات في مراحله المبكرة (Hull et al., 2017).
ودراسة سلوكيات الفتيات يمكن أن تفتح المجال لفهم أعمق لاضطراب طيف التوحد بين الجنسين. الفتيات قد تُظهر نمطًا يتضمن مستويات أعلى من القلق والتوتر، ووصولًا إلى مستويات شديدة من الإجهاد في المواقف الاجتماعية يمكن أن يكون نتيجة للمتطلبات الاجتماعية المتزايدة. الدعم النفسي والاجتماعي يصبح ضروريًا في هذه الحالة لحمايتهم من التأثيرات السلبية لهذه الضغوط (Kopp and Gillberg, 2011).
بالتالي، تشير الحاجة إلى فهم التحديات التي تواجه الفتيات مع اضطراب طيف التوحد إلى ضرورة تكوين بيئات دعم مناسبة. قد تحتاج هذه الفتيات إلى برامج تعليمية واجتماعية تعزز من مهاراتهن في التفاعل الاجتماعي، مع الأخذ في الاعتبار الفروق النفسية والجنسية. بالإضافة إلى ذلك، الاهتمام بالعوامل الأسرية والتفاعل المجتمعي يجب أن يكون قياسيا فيما يتعلق بمدى فعالية التدخلات المستخدمة.
فحص اضطراب طيف التوحد: التطبيقات والأدوات المستخدمة
يعتبر فحص اضطراب طيف التوحد (ASD) مرحلة هامة في تشخيص الاضطرابات التنموية والسلوكية التي تؤثر على الأطفال والشباب. تعد الأدوات الرئيسية مثل استبيان فحص التوحد المعدل وزيادة النسخة (ASSQ-REV) من الأدوات الأساسية لهذا الغرض. تم تصميم هذه الأدوات لتكون أكثر فعالية في التقاط الفينوتيب لاضطراب التوحد لدى الفتيات، وهو موضوع لم يتم التركيز عليه بشكل كافٍ في الماضي. وتمثل هذه النسخة المعدلة نقلة نوعية نحو تحسين الفهم الكلي لاضطراب التوحد، حيث أنها تأخذ في الاعتبار الاختلافات الجندرية التي قد تؤثر على كيفية ظهور الأعراض. على سبيل المثال، يُظهر البحث أن الفتيات قد يعانين من أعراض أقل وضوحًا بالمقارنة مع الأولاد، مما يؤدي إلى تأخير في التشخيص.
هناك أبحاث تدعم ضرورة استخدام الأداة المعدلة، حيث أظهرت الدراسات أن الفتيات المصابات باضطراب طيف التوحد قد يمزجن أعراض الاضطراب بنجاحات اجتماعية معينة خاصة بسبب السلوكيات التكيفية، مما يجعل من الصعب التعرف عليهن في البداية. من خلال استخدام ASSQ-REV، يمكن للمهنيين اكتشاف هذه الفروقات بشكل أفضل واستيعاب الأبعاد المختلفة لاضطراب التوحد بدقة أكبر، مما يعزز فرص تقديم الدعم والعلاج المناسب.
مخاطر عدم توخي الحذر في تشخيص اضطراب طيف التوحد
إن عدم الدقة في تشخيص اضطراب طيف التوحد يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة، بداية من الارتباك في العلاج وصولاً إلى التأثير على جودة حياة الفرد. إحدى المشكلات التي تُطرح في السياق هي ميل المجتمع الصحي إلى التركيز على الأولاد كمجموعة أكثر عرضة للتشخيص، مما يؤدي بالتالي لتقليل الموارد التعليمية والعلاجية المقدمة للفتيات. على سبيل المثال، قد يستغرق الأمر وقتًا أطول لرؤية الأعراض الجسدية والاجتماعية لدى الفتيات مقارنة بالأولاد، مما يؤدي إلى تأخير التشخيص.
علاوة على ذلك، عندما يتم تشخيص الفتيات متأخرًا، قد يتطلب الأمر معالجة قضايا متعددة بسبب التأثير السلبي على الثقة بالنفس والتنمية الاجتماعية. ويعتبر ذلك خطيرًا، حيث أن الفتيات بعدم تلقيهن الدعم المناسب يمكن أن يتطور لديهن مشاعر عدم الكفاءة أو الانعزال. لذا، يتطلب الأمر من المهنيين والباحثين تنظيم مزيد من الدراسات التي تركز بشكل خاص على الفتيات والسيدات للتأكد من إيجاد طرق أكثر فعالية ومناسبة لهن في تشخيص وعلاج اضطراب طيف التوحد.
الاختلافات بين الجنسين في أعراض اضطراب طيف التوحد
تكشف الدراسات عن وجود اختلافات ملحوظة بين الجنسين في التعبير عن أعراض اضطراب طيف التوحد. بينما قد يتم التعرف بسرعة على الأولاد بسبب السلوكيات الكلاسيكية المرتبطة بالاضطراب، قد تُظهر الفتيات سجلات أقل وضوحًا للكثير من الأعراض. أي أنه يتوجب على المفحوصين الفهم الجيد لهذه الفروق لتفادي تشخيص خاطئ أو تأخر في العلاج. على سبيل المثال، قد تسعى الفتيات إلى التكيف مع الأوضاع الاجتماعية أكثر من الأولاد، مما قد يؤثر على كيفية فهمهم للتفاعلات الاجتماعية.
بالإضافة إلى ذلك، قد تواجه الفتيات تحديات مختلفة أثناء نموهن، تتعلق بتوقعات المجتمع ودورهن الاجتماعي. وهذا يتطلب تطوير استراتيجيات مناسبة لفهم أفضل لأعراض الفتيات، مما يساعد في تحسين فرص العلاج والتدخل المبكر. من الضروري أن يتعاون المهنيون والمربون مع الأسر والمجتمعات لفهم التنوع الكامل لاضطراب طيف التوحد بغض النظر عن الجنس، وتحسين وضعية الفتيات في هذا النطاق.
التوجهات المستقبلية في أبحاث اضطراب طيف التوحد
تسير الأبحاث حول اضطراب طيف التوحد نحو مزيد من الشمولية، مع الاعتراف بأهمية الفروق الفردية بين الجنسين والخصائص السكانية المختلفة. من الضروري أن تستمر الدراسات في التركيز على تأثير الجندر عند التعامل مع أعراض اضطراب طيف التوحد من أجل تحسين برامج التدخل والعلاج. يشير الاتجاه الحالي إلى أهمية الأدوات القابلة للتكيف مع التنوع الجندري لضمان تحسين الأداء العام في تشخيص الاضطراب وتقديم العلاجات المناسبة. ستساعد هذه الدراسات المراكز الصحية ومنظمات الرعاية على تطوير خطوات عملية نحو تحقيق الفهم الأكثر عمقاً لاضطراب طيف التوحد وإيجاد طرق فعالة للتعامل مع التحديات التي يواجهها الأفراد المصابون به.
يتطلب الأمر إجراء بحوث متعددة التخصصات تتعامل مع تنفيذ أدوات جديدة وتحليل بيانات تعكس تجارب حقيقية للأفراد المصابين باضطراب طيف التوحد، مع التأكيد على ضرورة الشفافية والمشاركة في التطوير الأكاديمي والعلمي. تعد هذه الاتجاهات دليلاً على أن عالم الأبحاث في اضطراب طيف التوحد في مرحلة تحول ديناميكي، حيث يمكن أن يؤدي ذلك إلى تحسين مستمر في الرعاية وتقديم الأدوات الفعالة لفهم الفرد بشكل كامل.
رابط المصدر: https://www.frontiersin.org/journals/psychology/articles/10.3389/fpsyg.2025.1472646/full
تم استخدام الذكاء الاصطناعي ezycontent
اترك تعليقاً