في ظل تحولات العالم الرقمي النابض، تطفو إلى السطح مسائل معقدة تتعلق بالتحريض على العنف والتطرف، وهو ما يتجلى بوضوح في قضية مجموعة “تيرورجرام” المتطرفة. في 19 يناير 2024، نشر شريف جاكسونفيل، فلوريدا، بيانًا خطيرًا تركه القاتل رايان بالمتر، الذي أقدم على قتل ثلاثة أشخاص من أصول أفريقية قبل أن ينهي حياته. يُعتبر منشوره، الذي تخللته عبارات تحريضية ودعوات لتفوق العنصر الأبيض، مثالاً صارخًا على كيف يمكن أن يُستغل الخطاب الرقمي من قبل الجماعات المتطرفة. بينما يحظى تطبيق “تيليجرام” بشعبية كبيرة كمنصة للتواصل، يتحول إلى وكر لجماعات كالأعضاء في “تيرورجرام”، حيث يعملون على نشر الدعاية الإرهابية والتواصل مع أتباعهم من أجل نشر أفكارهم المتطرفة. يستعرض هذا المقال كيف نشأت هذه الجماعة، والأدوات التي استخدموها للوصول إلى جمهور عالمي، والآثار المترتبة على انعدام الرقابة في هذه الفضاءات الرقمية. سيركز المقال على تهديدات “تيرورجرام” وكيف أثرت على المجتمع بشكل أوسع، مما يثير تساؤلات حول مسؤولية المنصات الرقمية في معالجة المحتويات الضارة.
الخلفية التاريخية للجماعات المتطرفة في العصر الرقمي
خلال العقدين الماضيين، شهد العالم زيادة ملحوظة في ظهور الجماعات المتطرفة، التي استخدمت الإنترنت كوسيلة لتجنيد الأعضاء ونشر أفكارها الراديكالية. كانت الشبكات الاجتماعية مثل فيس بوك وتويتر وتيليجرام منصات تحظى بشعبية كبيرة، وساهمت في إحداث تغييرات جذرية في كيفية تواصل الناس ونشر الأفكار. ومع ازدياد الاعتماد على هذه المنصات، أصبحت هناك مظاهر متعددة من الاستغلال السيئ لها. على سبيل المثال، استخدمت الجماعات الجهادية مثل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) هذه المنصات لتجنيد الأعضاء وتعزيز دعوتها.
ارتبطت هذه الظاهرة أيضًا بانتشار الأفكار العنصرية والمتطرفة بين الأفراد، مما أسهم في تكوين مجتمعات افتراضية مُغلقه للمتطرفين. هذه المواقع، التي غالبًا ما تكون مُخفية أو محمية بكلمة مرور، تسمح للمستخدمين بالتفاعل بحرية دون قلق من الرقابة أو المساءلة. تعزز هذه المجتمعات من شعور الأفراد بالانتماء، مما يسهل عملية التحريض على العنف ويجعل من السهل ظهور عمليات إطلاق النار الجماعية وحوادث القتل المستهدف.
منشور ريان بالمتر وتأثيره على الجماعات المتطرفة
المسودة التي تركها ريان بالمتر، الشاب الذي ارتكب جريمة قتل ثلاثة أشخاص من ذوي البشرة السوداء، سلطت الضوء على الأخبار العاجلة حول المسائل العرقية في الولايات المتحدة. فيما كان يُعتبر هذا المنشور تعبيرًا عن أفكار عنصرية بغيضة، إلا أنه كان كذلك بمثابة دعوة صريحة للعديد من المتطرفين من اليمين المتطرف. بالمتر استخدم لغة تحث على الكراهية وتمجد فكرة الطهارة العرقية، مما أثار ردود فعل متباينة في المجتمع.
لم يقتصر الأمر على كونه مجرد منشور؛ بل تحول إلى محتوى يُحتفى به في مراكز التواصل الاجتماعي الخاصة بالمتطرفين. تفاعل العديد من الأفراد مع هذه الأفكار، ووجدوا فيها إلهامًا لتبني العنف كوسيلة لتحقيق أهدافهم. كانت ردة فعل وسائل الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني على نشر هذه الأفكار متباينة، حيث حذر البعض من خطورة نشر مثل هذه المواد نظرًا لتأثيرها على الأفراد الصغار أو المعزولين الذين قد يشعرون بالإحباط أو الانتماء المفقود.
تيليجرام كمنصة للجماعات المتطرفة
تُعتبر منصة تيليجرام واحدة من الأدوات الرئيسية التي ساعدت الجماعات المتطرفة على نشر أفكارها بسهولة. تصميم المنصة يسمح بالتواصل الآمن والتفاعل بين الأعضاء دون مراقبة تذكر. هذا السياق سمح للجماعات مثل “ترايرغرام” التي أسستها دالاس هومبر ورفاقها، بالنمو بسرعة والتوسع في أعداد الأعضاء. الهدف الأول لهذه الجماعات كان تجميع أولئك الذين يشاركون نفس الأيديولوجيات المتطرفة، ثم تحفيزهم على التحرك نحو العمل العنيف.
الأساليب التي اتبعتها هذه الجماعات تتنوع بين نشر رسائل تحريضية، وتبادل تقنيات صنع الأسلحة، وحتى تبادل الخطط لتنفيذ جرائم معينة. على سبيل المثال، كانت هومبر تُشارك مقالات تحتوي على إرشادات واضحة لصنع قنابل أو تنفيذ عمليات هجومية، وهذا يتجاوز مجرد تكوين مجموعة نقاش إلى تكوين خلايا عمل نشطة. الاتصالات المحمية داخل تيليجرام جعلت من الصعب على القوات الأمنية تتبع أو مراقبة هذه الأنشطة بدقة. وهذا يجعل من هذه المنصة بيئة مثالية للعناصر المتطرفة للتفاعل والتنسيق.
التحديات التي تواجه الجهات الأمنية في عصر المعلومات
تعتبر مواجهة الجماعات المتطرفة عبر الإنترنت واحدة من أكبر التحديات التي يواجهها صناع السياسات والجهات الأمنية. في الوقت الذي تسعى فيه الحكومات للتعامل مع زيادة العنف المرتبط بأفكار التطرف، تحتاج إلى وضع استراتيجيات فعالة تكون قادرة على معالجة العوامل المسببة والتحكم في المعلومات المضللة. يتطلب الأمر توازناً دقيقاً بين حرية التعبير والحد من المحتوى الضار.
ومع مرور الزمن، تم تنفيذ مجموعة من الخطوات لترجيح كفة الأمان عند التعامل مع المحتوى المتطرف، والناتج هو بناء فرق خاصة لمراقبة الشبكات الاجتماعية. على الرغم من هذا، يوجه النقاد تحذيرات حول احتمال قيود حرية التعبير وكيف يمكن أن تؤدي هذه الرقابة إلى اضطرابات أكبر وانتشار مزيد من العنف.
الدروس المستفادة والتوجهات المستقبلية
إن فهم كيفية استفادة الجماعات المتطرفة من التقنيات الحديثة يُعد ضروريًا لتطوير استراتيجيات فعالة. من خلال تحليل الأنماط الحياتية والفكرية للأفراد الذين يتبنون هذه الأفكار، يُمكن استنتاج سبُل جديدة للتصدي لهذه الظاهرة. تعزيز التعليم والتوعية بأهمية القيم الإنسانية العميقة، مثل التسامح والتفاهم، يُعتبر من الأبعاد الأساسية التي يجب التركيز عليها لمكافحة هذه الظواهر.
على الجانب الآخر، تظل الحاجة قائمة لمراقبة الإنترنت بشكل يزيد من الفعالية دون انتهاك الخصوصية. يجب أن تتطور أنظمة المراقبة لتستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي وإدارة البيانات الكبيرة في تحليل الأنماط السلوكية لأعضاء الجماعات المتطرفة. تظهر هذه الدروس أهمية استثمار الموارد في مجالات التوعية والتعليم، فضلاً عن الفهم الدقيق للبيئة الرقمية ككل.
التطرف الرقمي وتأثيره على الجماعات العنصرية
تزايدت في السنوات الأخيرة الأنشطة الارهابية التي استهدفت جماعات معينة احتجاجًا على أفكار تتعلق بالتفوق العرقي. هذه الجماعات، التي غالبًا ما تكون مرتبطة بالأفكار النازية الجديدة أو التفوق الأبيض، استخدمت منصات التواصل الإلكتروني كأدوات للترتيب والتواصل بين الأعضاء على نطاق واسع. من أبرز هذه المنصات، تطبيق تيليجرام، حيث أصبح بمثابة نقطة الالتقاء الرئيسية لهذه الجماعات. التعليقات تتحدث عن الجهود المستمرة لتجنيد أفراد جدد وتحفيزهم على تنفيذ هجمات عنيفة ضد مجموعات صحيحة ضمن أجندتها. على سبيل المثال، تم الإشارة إلى أن العضو في هذه الجماعات، مثل Beňadik، قد استلهم من شخصيات مشهورة مثل كريستوفر كانتويل التي تروج لنفس الأيدولوجيا العنصرية.
المحتوى العنيف ورمزية الأيقونات الإرهابية
يتم تصنيع محتوى عنيف بسهولة في هذه المجتمعات، ويتجزأ إلى رموز وايقونات تروج للعنف والتطرف. على سبيل المثال، أصبح برينتون تارانت، المتهم بقتل عدد كبير من المسلمين في نيوزيلندا، رمزًا للقتلة العنصريين الجديدين، حيث رمز له Beňadik وAlthorpe بـ”القديس”. هذا النوع من التقدير لمرتكبي العنف، يجعل من الأيديولوجيا العنصرية رائجة ومنتشية بشكل متزايد. من خلال وجودهم على تيليجرام، تمكن هؤلاء الأفراد من تبادل أفكارهم وأعمالهم المثيرة للجدل، مما خلق بيئة تشجع على العنف.
انتشار الشبكات العنصرية عبر تيليجرام
ازدهرت الشبكات العنصرية بشكل لم يسبق له مثيل، حيث بدأت بوجود سبع قنوات وتطورت لتشمل أكثر من 20 مجموعة بحلول الصيف الأخير من عام 2019. من خلال جهود Beňadik وAlthorpe وآخرين، زاد عدد الأعضاء بشكل كبير، مما عكس الرغبة المتزايدة في الانتماء إلى هذه المجتمعات. أصبح تيليجرام الفضاء الذي يسمح لهؤلاء الأفراد بتلقي المعلومات والتوجيهات اللازمة لتنفيذ هجماتهم. ومن هنا تعتبر منصات مثل تيليجرام مناخًا خصبًا لصناعة الإرهاب، مما يثير مخاوف كبيرة لدى الجهات الأمنية.
تحديات الأمن الرقمي ومواجهة التطرف
تواجه الجهات الأمنية تحديات كبيرة في ملاحقة هذه الأنشطة المنفصلة عبر الإنترنت. تشير التقارير إلى أن معظم المنصات الأخرى، مثل فيسبوك وتويتر، قادرة على إزالة المحتوى العنيف بمستوى أكبر من تيليجرام، الذي نادرًا ما يتخذ اقدامات لمواجهة هذه الظاهرة. وهذا يساهم في خلق بيئة آمنة نسبيًا للمتطرفين. يُظهر التقارير أنه يمكن إزالة حساب واحد، لكن سرعان ما يتم إنشاء حسابات جديدة، مما يعقد جهود إدارة المحتوى والمعلومات. يتطلب الأمر بحثًا دقيقًا وفهمًا عميقًا لأساليب التجنيد والتواصل لدى هذه الجماعات.
العواقب القانونية والانتهاكات المرتبطة بالتطرف
الارتباط الوثيق بين تيليجرام وعمليات التطرف لم يبق بلا تأثيرات قانونية. كما يُظهر التاريخ، تم اعتقال أفراد من هذه المجتمعات بتهم تتعلق بالإرهاب والعنف، مثل Jarrett Smith الذي تم اتهامه بمشاركة وجودة وتفاصيل تصنيع القنابل. تكشف هذه الحالات عن الحاجة الملحة لتطوير استراتيجيات لمكافحة التطرف عبر الإنترنت، وتحديد تأثير الشبكات العنصرية على المجتمع. كما يتطلب الأمر تعاونًا ما بين مختلف الوكالات الحكومية وخبراء التكنولوجيا لإدارة المحتوى الخطر والحد من انتشاره.
تطور تنظيم Terrorgram وتأثيره العنيف
تأسس تنظيم Terrorgram كحلقة تواصل بين المتعاطفين مع الأفكار اليمينية المتطرفة، حيث بدأ كمجموعة غير رسمية من المحادثات والقنوات عبر الإنترنت. ومع مرور الوقت، تطور التنظيم ليصبح أكثر تنظيمًا من خلال تشكيل مجموعة تعرف باسم “Terrorgram Collective” في عام 2021. استخدم مؤسسو التنظيم، مثل ألثورب وبينديك، Telegram كمنصة لنشر المحتوى واستقطاب الأعضاء الجدد، مما أسهم في ازدياد عدد المتابعين. خضع تاريخ تطور التنظيم إلى تغييرات مثيرة، حيث أدت استراتيجياته الاحترافية في إنتاج المحتوى، بما في ذلك الكتب والفيديوهات، إلى استقطاب جمهور أكبر ونشر أفكار عنيفة بشكل أكثر فعالية.
أصدرت المجموعة مجموعة من الكتب التي تحتوي على تفاصيل حول كيفية تنفيذ الهجمات الإرهابية وطريقة التخريب على البنية التحتية العامة. قد تشمل هذه الكتب نصائح دقيقة للغاية بشأن التخريب في السكك الحديدية ومحطات الكهرباء. تتجاوز هذه النصوص كونها مجرد معلومات؛ إذ تعتبر دليلاً إرشادياً لأعمال العنف، مما يشير إلى تحول في طبيعة العمليات الإرهابية وارتفاع تعقيدها، وقد ساعد هذا في التأثير على جيل جديد من المتطرفين، مما جعل الإرهاب يبدو جذابًا ومتداولا عبر منصات التواصل الاجتماعي.
العنف المرتبط بتجنيد الشباب والتأثير النفسي
أحد أبرز المخاوف المرتبطة بتنظيم Terrorgram هو قدرته على تجنيد الشباب، إذ يسعى إلى استغلال المشاعر النفسية الضعيفة وبناء شبكة من المتعاطفين الذين يتشاركون في أفكار متطرفة. مثال على ذلك هو الشاب السلوفاكي يوراج كرايشيك، الذي انضم إلى محادثات Beňadik في سن الخامسة عشرة. من خلال التواصل المستمر والإلهام من قبل الأعضاء الأكثر خبرة، تم دفع كرايشيك للدخول في دوامة من التفكير المتطرف والتي أدت في النهاية إلى تنفيذ هجوم مسلح على بار للمثليين في براتيسلافا، والذي أسفر عن إصابة ووفاة عدة أشخاص.
تشير التقارير إلى أن كرايشيك قد أجريت معه عدة محادثات حوارات حول العنف ضد المثليين، حيث تم تشجيعه من قبَل الأعضاء على اتخاذ خطوات متطرفة. هذه الطريقة في التأثير والنفاذ إلى عقول الشباب تبرز كيف أن المنصات الرقمية يمكن أن تكون أرضًا خصبة للتطرف، حيث يتم إغراء الشباب بتحفيزات من نوع جعلهم يشعرون أنهم جزء من شيء أكبر، مما يؤدي بهم إلى اتخاذ قرارات مأساوية وقاتلة.
التنبؤ بالتهديدات والتحديات أمام وكالات الأمن
بينما يزداد نفوذ تنظيم Terrorgram، واجهت وكالات الأمن تحديات متزايدة في التعرف على الأنشطة الإجرامية وملاحقة الأفراد المرتبطين بهذه الجماعات المتطرفة. استخدمت السلطات أساليب متنوعة، بما في ذلك تتبع الأنشطة الرقمية وتحليل البيانات من محادثات Telegram للحد من التهديدات المترتبة على تنظيمات مثل Terrorgram. ومع ذلك، فإن الطبيعة السرية واللامركزية للمنصات الرقمية تجعل من الصعب تتبع الأنشطة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالتحريض على العنف.
تم القبض على عدد من قادة التنظيم، مثل Beňadik وألثورب، لكن لا يزال هناك قلق كبير بشأن الأعضاء المستمرين الذين قد يستمرون في نشر الأفكار العنيفة. أظهرت الأدلة أن التنظيم لم يكن يقتصر على دولة أو منطقة معينة، بل أصبح له تأثير عالمي، إذ انتشرت أفكاره إلى دول أخرى، مما يجعل التصدي للتطرف عن بعد أمرًا أكثر تعقيدًا.
دور المحتوى الإعلامي في تعزيز الأفكار المتطرفة
تمكن تنظيم Terrorgram من استغلال قنوات التواصل الاجتماعي لتوزيع المحتوى الإعلامي الذي يهدف إلى تجنيد الأعضاء وتحفيزهم على تنفيذ أعمال إرهابية. تمثل مقاطع الفيديو، بما في ذلك مشروع “White Terror” الذي أُخرج بواسطة العضو أليسون، نقطة محورية في كيفية استخدام المحتوى الإعلامي لأغراض دعائية. تهدف هذه المواد إلى تقديم أعمال العنف على أنها بطولية، مما يدفع الأفراد إلى محاكاتها.
يتضح أن استخدام الرموز المرئية والتسويق للعنف، بما في ذلك التركيز على التمجيد للشخصيات التاريخية التي نفذت أعمال إرهابية، قد يساهم بشكل كبير في تشكيل الأفكار لدى الأجيال الجديدة. يساعد هذا المحتوى على تعزيز العلاقات بين الأفراد المتشابهين في التفكير، مما يسرع من وتيرة التطرف الشخصي ويعزز التواصل بين الأعضاء، مما يخلق مجتمعًا مستقرًا من المتعاطفين الذين يسعون إلى تنفيذ أفكارهم عبر العنف.
التحديات القانونية ومواجهات النظام القضائي
تسعى السلطات القانونية في عدة دول مثل الولايات المتحدة وسلوفاكيا وكندا إلى معالجة الأنشطة الإجرامية المرتبطة بتنظيم Terrorgram، إذ تم تقديم اتهامات للقادة الرئيسيين في التنظيم بتهمة التحريض على العنف والإرهاب. على الرغم من الجهود المبذولة لمنع تنفيذ الهجمات، إلا أن التنظيم لا يزال يتحدى النظام القضائي، مما يثير تساؤلات حول كيفية التعامل مع محتوى الإنترنت وحرية التعبير.
تمثلت الصعوبات في محاولة ضبط المحتوى الإرهابي في تباين وجهات النظر حول حرية التعبير في بلاد مختلفة. مثلًا، يحاول بعض القادة ضمن التنظيم الدفاع عن أنفسهم بالاستناد إلى حقوقهم الممنوحة بموجب الدساتير الفيدرالية، لكن هذا الترخيص يتعارض مع التحذيرات المتزايدة بشأن العنف واستخدام المعلومات لنشر الكراهية. تفاقمت هذه التحديات في سياق تطور التكنولوجيا، مما يزيد من تعقيد جهود السلطات لإنفاذ القانون.
التطرف عبر الإنترنت وتأثيره على المجتمع
تعتبر ظاهرة التطرف عبر الإنترنت واحدة من التحديات الكبرى التي تواجه المجتمعات اليوم، فهي تتيح للجماعات المتطرفة نشر أفكارها وتهديداتها بشكل واسع وبمرونة أكبر. مع تزايد استخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، أصبح بإمكان الأفراد الذين يميلون نحو الأفكار المتطرفة التواصل مع بعضهم البعض وتطوير استراتيجيات جديدة لنشر أفكارهم. على سبيل المثال، وفقًا لميلور كومنفورد، خبير التطرف في معهد الحوار الاستراتيجي، لوحظ انحدار كبير في نشاط مجموعة “تيروجرام” بعد تطبيق بعض التغييرات على المنصة. وهذا يعكس كيف يمكن أن تؤثر التوجيهات المتخذة من قبل مؤسسي المنصات الرقمية في تنظيمات المتطرفين.
يواجه التطرف عبر الإنترنت تحديًا مزدوجًا، يتمثل في قانونية المحتوى الذي يتم نشره وحرية التعبير. بينما يدعي الكثيرون أن تقييد المحتوى بشكل صارم يمكن أن يقمع الأفكار، يرى آخرون أنه من الضروري اتخاذ إجراءات لضمان سلامة المجتمع ومنع نشر الكراهية والعنف. في حالة “تيروجرام”، تراجع عدد المحادثات بشكل ملحوظ، ما يدل على أن الإصلاحات التي تم تنفيذها كانت فعالة في الحد من انتشار التواصل بين المتطرفين.
الإصلاحات في تطبيقات المراسلة وتأثيرها على الجماعات المتطرفة
قامت شركة “تيليجرام” بإجراء سلسلة من الإصلاحات بعد اعتقال أحد مؤسسيها في فرنسا، مما أثار حفيظة المتطرفين الذين كانوا يستخدمون المنصة كنقطة انطلاق لتبادل الأفكار والمعلومات. Pavel Durov، مؤسس “تيليجرام”، أعرب عن رفضه للاتهامات الموجهة إليه، وأوضح أن الشركة دائما ما تلتزم بقوانين الاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، فإن تأثير هذا الاعتقال والإصلاحات اللاحقة كان ملموسا، مما أدى إلى انخفاض النشاط بين الجماعات المتطرفة. هذا التغيير لم يكن يهدف فقط إلى الامتثال القانوني، بل كان أيضًا محاولة لتحسين صورة الشركة وزيادة أمان المنصة.
أحد العواقب المباشرة للإصلاحات هو هروب الجماعات المتطرفة إلى منصات جديدة مثل “X”، حيث أتيحت لهم مساحة أكبر للنشر دون قيود صارمة. قد تكون هذه الديناميكية مثيرة للقلق، حيث إن الهروب من منصة إلى أخرى يمكن أن يعني أن التطرف سيتخذ أشكالًا جديدة في بيئات مختلفة. مع خضوع “تيليجرام” لمزيد من الفحص، قد نرى ظهور منصات جديدة تستقطب المتطرفين، وفي الوقت نفسه، يجب أن تكون هناك جهود مستمرة لمراقبة وتقييد مثل هذه النشاطات.
تحليل ديناميكيات التطرف على المنصات الاجتماعية الحديثة
عندما تنتقل الجماعات المتطرفة إلى منصات جديدة مثل “X”، يصبح من المهم فهم أنواع المحتوى الذي يروجون له وأسلوب تفاعلهم مع الآخرين. في السنوات الأخيرة، تم تحديد زيادة في النشاطات المتطرفة على المنصات الاجتماعية، حيث يتم ترويج أفكار الكراهية بشكل مباشر مثل الأفكار العنصرية والمناهضة للسامية. يتم تبادل شعارات وأساليب تحريضية بصورة علنية، مما يضمن انتشار هذه الأفكار أكثر.
تكمن الخطورة في قدرة هذه الجماعات على إيجاد موائل جديدة لنشاطاتها، حيث يستخدمون هذه المنصات للاحتفاء بممارسات العنف وتبادل الصور والمعلومات الخطيرة. ولذلك، من الضروري أن تستمر المنصات في اتخاذ إجراءات فعالة لمراقبة المحتوى وحظره، خصوصًا المحتويات التي تشير إلى العنف أو التحريض. برغم وجود تحذيرات من فعالية هذه الإجراءات، إلا أن تأثيرها يعتمد على الجهد المستمر في تحديد وتقييد الأنشطة غير القانونية.
دور الخبراء في مواجهة التطرف عبر الإنترنت
يؤدي الخبراء في مجال التطرف دورًا حيويًا في فهم وتحليل الظواهر الناتجة عن الاستخدام الوشيك للمنصات الرقمية. من خلال الأبحاث المستمرة، يتمكنون من تقديم رؤى استراتيجية لمساعدة الجهات المعنية في التعامل مع هذه الظاهرة بشكل أكثر فعالية. على سبيل المثال، يتناول العلماء قضايا مثل كيفية انتشار الأفكار المتطرفة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، مما يساعد في فهم العوامل الكامنة وراء تلك السلوكيات.
كما يشدد الخبراء على أهمية التفاعل المجتمعي والوعي العام لمواجهة هذا النوع من التطرف. من خلال نشر المعرفة وتوعية المجتمع، يمكن التخفيف من تأثير هذه الأفكار على الأفراد المتأثرين بها. برامج التثقيف داخل المدارس والمجتمعات المحلية يمكن أن تلعب دورًا فعالًا في توجيه الشباب نحو التفكير النقدي، الأمر الذي يساعد في الحد من تأثير الجماعات المتطرفة.
باختصار، يتطلب التصدي للتطرف عبر الإنترنت أبعادًا متعددة تجمع بين التوجيه القانوني، وفهم الديناميكيات الاجتماعية، والتفاعل النشط من قِبل المجتمع وأفراده. ينبغي أن يكون هدف الجميع هو بناء بيئة رقمية أكثر أمانًا وتسامحًا يضمن سلامة الأفراد والمجتمعات.
رابط المصدر: https://gizmodo.com/the-rise-and-fall-of-terrorgram-inside-a-global-online-hate-network-2000576764
تم استخدام الذكاء الاصطناعي ezycontent
اترك تعليقاً