فهم تأثير تصميم المدن على المشاعر العامة: منهجية تحليل حديثة باستخدام نماذج اللغة والرؤية

تحتل البيئات الحضرية مكانة مركزية في تشكيل مشاعر الأفراد وعواطفهم، وهي ديناميكية تزداد أهمية مع تصاعد موجات التحضر حول العالم. يهدف هذا المقال إلى استكشاف العلاقة المعقدة بين تصميم المدن والوعي العام، حيث تشير الدراسات إلى أن الخصائص الحضرية، مثل المساحات الخضراء والبنية التحتية المريحة للمشاة، يمكن أن تؤثر بشكل كبير على المشاعر العامة للسكان. باستخدام تقنيات التعلم الآلي والنماذج اللغوية والرؤية الحاسوبية، يقدم هذا البحث إطار عمل جديد لتحليل البيانات من وسائل التواصل الاجتماعي والصور الحضرية، مما يمنح نظرة متعمقة حول كيفية تفاعل الناس مع بيئاتهم. سنستعرض في هذا المقال المنهجية المتبعة وأهم النتائج التي تم التوصل إليها، بالإضافة إلى النقاش حول إمكانية استخدام هذه الرؤى لتحسين التخطيط الحضري وتعزيز جودة الحياة في المدن المعاصرة.

أهمية فهم التأثيرات الحضرية على المشاعر العامة

تأخذ البيئة الحضرية تأثيرات عميقة على مشاعر الناس وانفعالاتهم. فالمدن ليست مجرد مجموعات من المباني والشوارع، بل هي فضاءات حيوية تنعكس فيها تجارب وأحاسيس سكانها. يكمن التحدي الذي يواجه مخططي المدن في إمكانية فهم كيفية تأثير هذه البيئة على الأفراد، خصوصاً مع تحول العالم بشكل متزايد نحو العيش في المدن. إن الدراسات التقليدية التي تعتمد على الاستطلاعات والمقابلات المباشرة غالباً ما تفشل في التقاط تفاصيل المشاعر المتغيرة والمعقدة في البيئة الحضرية. ومن هنا، يأتي دور استخدام نماذج اللغة والرؤية الحاسوبية لتحليل البيانات المستمدة من وسائل التواصل الاجتماعي والمعلومات البصرية، لتقديم رؤى أفضل حول كيفية تأثير التصاميم الحضرية على انطباعات المجتمع. مثلاً، تشير الأبحاث إلى أن وجود المساحات الخضراء والبنية التحتية الصديقة للمشاة يعزز من المشاعر الإيجابية لدى السكان، بينما الانفتاح المفرط والمناطق المسورة يمكن أن يؤديان إلى مشاعر سلبية.

الأساليب المستخدمة في تحليل المشاعر الحضرية

تعتمد هذه الدراسة على إطار عمل حسابي يتكون من مرحلتين رئيسيتين. المرحلة الأولى تتعلق بـ”استنتاج المشاعر”، حيث يتم استخدام نموذج قائم على BERT لاستخراج المشاعر من المنشورات الموجودة على وسائل التواصل الاجتماعي. في هذه المرحلة، تقوم الخوارزمية بتحليل النصوص المتاحة عبر الإنترنت والاستنتاج منها حول مشاعر الأفراد حيال بيئاتهم الحضرية. هذا النوع من التحليل يوفر مجموعة بيانات قوية تعكس تجارب وأحاسيس متنوعة. أما المرحلة الثانية من هذا الإطار، فتتعلق بـ”استنتاج السياق الحضري”، حيث يتم تطبيق تقنيات الرؤية الحاسوبية مثل PSPNet وMask R-CNN لتحليل الصور المأخوذة من الشوارع. من خلال هذا التحليل البصري، يمكن للباحثين قياس ميزات تصميم المدن، مثل الإغلاق البصري ومعايير الحجم البشري وتعقيد الشوارع. يؤدي هذا التقييم المدمج إلى فهم أعمق للعلاقة بين المشاعر البشرية والفضاءات الحضرية، مما يسهل تقديم استنتاجات مدعومة بالبيانات لمخططي المدن.

نتائج التحليل وأثر التصميم الحضري على المشاعر العامة

تكشف النتائج أن المساحات الخضراء والطرق المخصصة للمشاة تعزز من المشاعر الإيجابية بين السكان. من جهة أخرى، تؤدي المساحات المفتوحة بشكل مفرط والمناطق المسورة إلى مشاعر سلبية. تظهر التحليلات التوزيعية للمشاعر أن أنماط المشاعر قد تتغير مع تطور الزمان، خصوصاً خلال الفترات الصعبة مثل جائحة كوفيد-19. فخلال هذه الأوقات الحرجة، أصبح التركيز على التصميمات التي تعزز من التفاعلات الاجتماعية والأمان أمراً ضرورياً. تتطلب هذه النتائج أن يضع المخططون في اعتبارهم كيفية تأثير تصميمات المدن على رفاهية المجتمع ومشاعره. إن التشديد على زراعة المساحات الخضراء وإنشاء مرافق مخصصة للنزهات يمكن أن يلعب دوراً مهماً في تحسين صحة السكان النفسية.

تطبيقات واستنتاجات للمخططين والمرممين الحضريين

تقدم النتائج معلومات قيمة للمخططين الحضريين وصناع السياسة. فعندما يتم دمج مشاعر الجمهور في نماذج التخطيط الحضري، يمكن خلق بيئات أكثر شمولية وأماناً ومرونة. ينبغي على المخططين أن يأخذوا في اعتبارهم العناصر التصميمية المحددة التي تعزز الرفاهية العامة والتفاعل الاجتماعي في المجتمعات الحضرية. يمكن لمجموعة من التغييرات البسيطة في تصميم المدينة، مثل إضافة المزيد من المساحات الخضراء أو تحسين البنية التحتية للمشاة، أن تؤدي إلى تحسين الملاءمة الحياتية في المناطق الحضرية. كما أن الأبحاث المستقبلية ينبغي أن تتطلع إلى فهم كيفية تأثير التغييرات الديناميكية في التصميم الحضري على مشاعر الأفراد بشكل متواصل.

الأفق المستقبلي للبحوث الحضرية

يستدل على أن تحول البيانات إلى رؤى ملموسة يحتاج إلى ابتكارات مستمرة في مجال تقنيات النمذجة والتحليل. مع التقدم المستمر في الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة، يصبح من الممكن تحليل تعقيدات المشاعر البشرية بشكل أكثر دقة. المسار المستقبلي لهذه الأبحاث يتضمن استكشاف أنواع جديدة من البيانات، مثل التموضع الجغرافي للبيانات المتظاهر بها وكيفية تفاعلها مع المشاعر العامة. من الضروري أيضاً توسيع هذا النوع من الدراسات ليشمل مدناً متنوعة وثقافات متعددة. إن فهم كيفية تفاعل السكان مع بيئاتهم الحضرية في سياقات مختلفة سيمكن المخططين من تقديم حلول تصميم مخصصة وملائمة.

تأثير التقنيات الحديثة على فهم البيانات الحضرية

في عالم اليوم المتغير، تلعب تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم العميق دورًا متزايد الأهمية في فهم وتحليل البيانات الحضرية. من المشاريع الرائدة مثل Place Pulse في مختبر MIT Media Lab إلى الأبحاث الحديثة التي تستفيد من البيانات النصية الكبيرة من وسائل التواصل الاجتماعي، تتطور الأساليب المستخدمة لجمع وتحليل الانطباعات العامة حول المساحات الحضرية بشكل مستمر. على سبيل المثال، استخدم الباحثون بيانات وسائل التواصل الاجتماعي لتقييم استخدام المرافق العامة والانطباعات المتعلقة بها في مدينة شيامن الصينية، مما يعكس كيف يمكن لهذه البيانات أن تكشف عن تجارب المواطنين المتنوعة. تساعد هذه الأنماط في تقديم رؤى هامة لمخططي المدن، حيث يُظهر تحليل البيانات النصية من هذه المنصات كيف تتفاعل المجتمعات مع محيطها الحضري، وكيف تتأثر مشاعرهم بخصائص التصميم الحضري.

ومع تطور تقنيات مثل نماذج اللغة الكبيرة (LLMs)، أصبحت القدرة على تحليل البيانات النصية المعقدة أفضل بكثير. نموذج BERT، على سبيل المثال، قد تم تطويره لفهم النصوص بشكل ثنائي الاتجاه، مما يجعله أداة فعالة لتحليل المشاعر، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالبيانات من وسائل التواصل الاجتماعي. في دراسات متعددة، أظهر الباحثون كيف يساعد BERT وRoBERTa وXLNet في استنتاج المشاعر العامة حول العناصر الحضارية، مما يوفر معلومات قيمة حول كيف تؤثر المرافق العامة والمظاهر الحضرية على مواقف الناس وتجاربهم.

من الظواهر التي لاحظها الباحثون أن هناك علاقة بين المكونات الحضرية، مثل المساحات الخضراء والطرقات المصممة بشكل ملائم، والمشاعر العامة. على الرغم من أن العديد من الدراسات قد أظهرت إشارات على وجود ارتباطات محتملة، إلا أن هناك حاجة إلى إطار عمل شامل لفهم هذه التفاعلات بشكل منهجي على مر الزمن. ولذلك، تقدم هذه الأبحاث مقاربة جديدة لاستكشاف مدى تأثير تصميم المدن على شعور المواطنين، مما يفتح المجال لمزيد من الفهم والتطبيقات في التخطيط الحضري.

نموذج تحليل المشاعر باستخدام التقنيات اللغوية

تشكل نماذج اللغات الكبيرة والتكنولوجيا الحديثة أساسًا قويًا لتحليل المشاعر، خاصة في السياقات الحضرية. استخدام نماذج مثل BERT، الذي طورته Google، يساهم في تفكيك التعقيدات الكامنة وراء التعبير عن المشاعر في النصوص. عبر معالجة البيانات بشكل مناسب، يمكن لهذه النماذج تطوير فهم دقيق لمشاعر الجمهور تجاه مواقع حضرية معينة. على سبيل المثال، دراسة تحليلات المشاعر المتعلقة بمساحات حضرية في مدن مثل نيويورك ولندن أثبتت قدرة BERT على تفسير التعبيرات الدقيقة قد تقوم بتوجيه السياسات والممارسات التخطيطية.

تتجاوز تحسينات مثل RoBERTa وXLNet الاعتماد على السياق الثنائي، وتقدم فهمًا أكثر تعقيدًا للتفاعلات اللغوية. من خلال استخدام المزيد من البيانات وتقنيات تحجيم ديناميكية، تم إثبات أن هذه النماذج تتفوق على النماذج التقليدية في مهام تحليل المشاعر. كما أن نماذج مثل T5 وGPT-3 توفر أدوات قوية من حيث التحليل التوليدي والتصنيفي، مما يتيح للباحثين تحصيل أفكار أكثر عمقًا حول مشاعر الجمهور والمناقشات العامة حول سياسات حضرية جديدة.

يتطلب نجاح استخدام هذه النماذج فهمًا عميقًا للسياق الذي تُطبق فيه، مما يعكس أهمية البحث والاستكشاف المنظمة ضمن إطار زمني يمكن أن يساهم في تطوير استراتيجيات تخطيط فعالة. على سبيل المثال، تم استخدام ALBERT في دراسات تركز على تأثير مشروعات تجديد حضري في مدن صغيرة حيث تتوافر موارد حاسوبية أقل، مما يدل على مرونة استخدام نماذج التحليل المختلفة في بيئات غير متكافئة.

التطبيقات العملية لنماذج الرؤية في تحليل البيانات الحضرية

إلى جانب تقدم تقنيات اللغة، أثبتت النماذج البصرية أيضًا فعاليتها في تحليل البيانات المرئية في الدراسات الحضرية. نموذج Pyramid Scene Parsing Network (PSPNet) وMask R-CNN يمثلان قفزات نوعية في قدرة تحليل الصور، حيث تم استخدام هذه النماذج في تحديد وتصنيف الخصائص الحضرية مثل المساحات الخضراء، الأرصفة، والمباني. تُظهر النتائج أن النماذج مثل Mask R-CNN قد ساعدت في تقييم الأثر الإيجابي للنباتات على رضا المشاة، مما يدلل على وجود علاقة واضحة بين العوامل الحضرية ومشاعر الناس.

تُستخدم نماذج سخيفة مثل YOLO في رصد أنماط المرور وكثافة المشاة، مما يوفر معلومات قيمة عن الحركية والسلامة في المدن. على سبيل المثال، يمكن لنموذج YOLO أن يحلل بيانات مرئية متسارعة وبكفاءة عالية، مما يساعد في تقييم الزحام المروري ومراقبة الحوادث. بينما تم استخدام نماذج أخرى مثل U-Net لمهام تقسيم الصور، التي تركز على تليين التفاصيل المعمارية في السياقات الحضرية، تؤكد التجارب على قدرتها في استخدام تكنولوجيا التصوير الفضائي لفهم الديناميات الحرارية في المراكز الحضرية.

كذلك، تم توسيع نموذج DeepLab وتطبيقه في دراسات تتعلق بتقييم المشيability في الأحياء، مما يساهم في تحليلات تخطيط حقيقية تُعزز من جودة البيئة الحضرية. هذه النماذج غنية بالتفاصيل وقد أظهرت قدرتها على إقامة العلاقات بين الخصائص الحضرية والمشاعر العامة بطرق فريدة، مما يمكّن تخطيطًا حضريًا أكثر كفاءة وفاعلية.

إطار العمل لتقييم العلاقة بين التصميم الحضري والمشاعر العامة

يتضمن الإطار الذي تم تطويره لتحليل العلاقة بين التصميم الحضري والمشاعر العامة دمج بيانات المشاعر من وسائل التواصل الاجتماعي مع ميزات تمثل الخصائص التصميمية الحضرية المستمدة من صور الشوارع. هذه الطريقة توفر مقاربة منظمّة لدراسة كيف يمكن أن تؤثر ميزات حضرية معينة على مشاعر الناس بمرور الوقت. حيث يركز الإطار على إثبات فرضيتين رئيسيتين: أن ميزات حضرية محددة، مثل المساحات الخضراء، وتعقيد التصاميم، والبنية التحتية للمشاة، مرتبطة بشكل كبير بمشاعر الجمهور، وأن الأحداث الخارجية، كالأزمات الاجتماعية، قد تؤثر بشكل متزامن على المشاعر.

تتضمن مكونات الإطار منهجيات عالية المستوى تسعى إلى استخلاص وتحليل بيانات المشاعر من المنصات الاجتماعية باستخدام تقنيات متقدمة للمعالجة اللغوية الطبيعية. باستخدام نماذج مثل BERT وRoBERTa وGPT-3، يتم تحليل النصوص والرموز التعبيرية والمكونات التعبيرية في المشاركات الاجتماعية لتوليد درجات تعكس ردود الفعل العاطفية للجمهور حول مواقع حضرية محددة. هذا يساعد على رسم أنماط المشاعر عبر أنواع مختلفة من السياقات الحضرية.

تسعى المكونات الثانية من الإطار إلى تقييم الخصائص البيئية المحيطة بمواضع المشاركات الاجتماعية. من خلال تحليل الصور من قواعد البيانات مثل Google Street View، تُستخدم تقنيات الرؤية الحاسوبية لاستخراج ميزات تمثل الخصائص التصميمية الحضرية، مثل الإغلاق البصري، والنطاق البشري، وتعقيد الشوارع. يُمكن استخدام هذه المعلومات لفهم كيف تتفاعل المشاعر مع جودة البيئة الحضرية بالإضافة إلى الرؤية الشاملة لكيفية إدارة هذه العوامل ضمن ديناميات السياق الحضري المتغيرة.

أما المرحلة النهائية فتقوم على دمج معايير المشاعر مع الميزات البيئية، لتحليل الاتصالات الدامغة بينهما وتعزيز فهم السياقات الحضرية بشكل متسق وعملي. من خلال هذا الإطار، يمكن لمخططي المدن وعلماء الاجتماع فهم المعاني العميقة وراء تدفق المشاعر الحضرية المتغيرة وتقديم الاستجابات الأكثر دقة لاستراتيجيات التغيير والتطوير في مجتمعاتهم.

الطرق الإحصائية في تحليل المشاعر العامة

تعتبر الطرق الإحصائية أداة قوية لفهم العلاقات بين البنية التحتية الحضرية والمشاعر العامة. في هذا الإطار، تتضمن طرق التحليل الإحصائي كل من تحليل الارتباط والانحدار، مما يساعد على تقييم الروابط المعقدة بين ميزات معينة في المدينة والمشاعر المتغيرة للمجتمعات. تهدف هذه الأساليب إلى فهم كيف تتطور هذه العلاقات بمرور الوقت، مما يوفر رؤى قيمة حول كيفية تأثير التغيرات الحضرية على تجارب السكان والمستخدمين. على سبيل المثال، يمكن أن تؤدي إضافة متنزهات جديدة أو تحسين الشوارع إلى زيادة الإيجابية في المشاعر العامة، بينما قد تؤدي الضغوط الاجتماعية مثل الازدحام المروري أو تدهور البنية التحتية إلى مشاعر سلبية.

يساعد استخدام أدوات التحليل الإحصائي أيضاً في قياس كيف تتأثر انطباعات السكان بالمناسبات المحلية أو السياسات الجديدة. من خلال رصد أراء السكان عبر الزمن، يمكن للمدن استخدام هذه البيانات لتوجيه خطط التنمية الحضرية، والتأكيد على أهمية المشاركة المجتمعية في اتخاذ القرارات. إذا ما تم تطبيق هذا التحليل بنجاح، فإنه يساهم في تحسين جودة الحياة داخل المدن وجعلها أكثر ملاءمة لمواطنيها وزوارها.

دراسة حالة: منطقة كولومبيا، ميزوري

تم إجراء دراسة حالة لفهم كيفية تطبيق إطار التحليل الإحصائي على منطقة كولومبيا في ولاية ميزوري، حيث يبلغ عدد السكان حوالي 126,254 نسمة. تتميز مدينة كولومبيا بأنها مركز تعليمي هام، مما يجعلها نقطة جذب للسياح والمقيمين على حد سواء. تم اختيار منطقة معينة داخل المنطقة التجارية المركزية، وهي منطقة ذات طابع حيوي وتفاعل كبير، مما يجعلها مناسبة لدراسة مشاعر السكان. باستخدام بيانات وسائل التواصل الاجتماعي المحددة جغرافياً، تم تحليل المساهمات الحضرية وتأثيرها على مشاعر الناس تجاه المنطقة.

تظهر نتائج الدراسة كيف أن استخدام البيانات من منصات مثل إنستغرام يمكن أن يوفر مشاعر واقعية حول تجربة الأفراد في الشوارع العامة. من خلال تحليل الأحداث الماضية وردود الفعل، يمكن تحديد كيف أن المشاعر نحو المنطقة تتغير مع الوقت بسبب العوامل الخارجية مثل الأحداث الاجتماعية والاقتصادية، مما يعكس مدى تأثير الحياة اليومية على تصورات السكان.

جمع بيانات وسائل التواصل الاجتماعي

استخدمت الدراسة بيانات من منصات التواصل الاجتماعي، وخصوصاً إنستغرام، كمؤشر للتعبير عن المشاعر العامة تجاه الشوارع داخل مدينة كولومبيا. تم اختيار هذه الطريقة لأن المنصات الاجتماعية غالباً ما تعكس تجارب حقيقية للأفراد. ومع ذلك، كانت هناك تحديات تتعلق بالحصول على البيانات بسبب قيود على الوصول إلى المعلومات الجغرافية للدخولات، مما استدعى تطوير استراتيجيات لجمع هذه المعلومات بشكل فعال. على سبيل المثال، استخدمت الدراسة حزمة البرمجة Python “instagrapi” للبحث عن المشاركات بناءً على الإحداثيات الجغرافية، مما أتاح لها تحليل محتوى ما يزيد عن 63,861 مشاركة.

من خلال التركيز على المواقع المعروفة التي يتم فيها نشر المحتوى، ساعدت هذه الاستراتيجية في تحسين دقة تحليل المشاعر العامة. عُدلت المعايير المستخدمة لتصفية المشاركات بحيث تركز فقط على المشاركات التي تعبر عن مشاعر حقيقية ولا تتضمن إعلانات، مما ساعد على جعل النتائج أكثر موثوقية وتعكس التجارب اليومية لسكان المدينة.

تحليل المشاعر باستخدام التعلم العميق

تم استخدام نماذج التعلم العميق، مثل نموذج BERT، لتحليل البيانات التي تم جمعها من وسائل التواصل الاجتماعي. يتميز نموذج BERT بقدرته على فهم النصوص بشكل ثنائي الاتجاه، مما يزيد من دقة التفسير اللغوي. يتطلب تحليل المشاعر نوعاً معيناً من التحليل الحاسوبي لتصنيف المشاركات إلى مشاعر إيجابية وسلبية، وهو ما تم تطبيقه على أكثر من 47,107 مشاركة. بالاستفادة من منصة Google Colab Pro، أُكمل التحليل بشكل فعال باستخدام موارد حوسبة متقدمة.

تمكن نموذج BERT من تحديد المشاعر بنجاح، حيث تم تصنيف المشاركات إلى نظام تقييم مكون من فئتين: ‘سلبية’ و’إيجابية’. إن تطبيق تقنيات التعلم العميق في هذا المجال يوضح كيف يمكن للتكنولوجيا الحديثة أن تُستخدم لفهم التجارب البشرية وتقديم رؤى يمكن أن تؤثر بشكل مباشر على تصميم المدن وتحسين تجربة السكان.

استرجاع صور الشوارع وتصنيف الميزات المكانية

تم جمع صور الشوارع من خلال Google Street View، مما يوفر مجموعة غنية من البيانات لفهم تصميم الشوارع وتراكيبها. يعتبر استخدام هذه الصور ضرورياً لفهم السياقات الحضرية بشكل كامل، حيث تُظهر الصور البيئة المباشرة والتي قد تؤثر على المشاعر العامة. خلال هذه الدراسة، تم استرجاع أكثر من 1,364 صورة تمثل مواقع محددة جغرافياً، مما أتاح فرز هذه الصور وتحليل البيئات الحضرية بشكل دقيق.

عُرضت الصور باستخدام نماذج تعلّم عميق متقدمة مثل PSPNet وMask R-CNN، التي تعمل على تصنيف الميزات الحضرية وتحليل التعقيدات داخل الصور. من خلال تقسيم الصور إلى فئات معينة مثل السماء، الجدران، والنباتات، تم الحصول على رؤى مفيدة حول كيفية تصميم الأماكن وكيفية تأثير ذلك على سلوك السكان ومشاعرهم. على سبيل المثال، تشير زيادة المساحات المفتوحة والراحة في البيئات الحضرية إلى مشاعر إيجابية، بينما تعزز البيئات المغلقة مشاعر القلق أو الانزعاج.

التوزيع المكاني للعواطف العامة

تم استخدام تحليل النقاط الساخنة Getis-Ord Gi* لفحص توزيع العواطف العامة لعام 2015 حتى 2021 في منطقة الاهتمام (ROI). هذه المنهجية تعتمد على مسافة إقليدية ثابتة قدرها 300 م وتراعي تصحيح معدل الاكتشاف الزائف (FDR) للحد من تأثير الاختبارات المتعددة. أظهرت النتائج وجود ترابط مكاني مميز، مما أسفر عن تحديد مجموعات احترار للعواطف الإيجابية (نقاط ساخنة) والعواطف السلبية (نقاط باردة). كان من الواضح أن المناطق الجنوبية تعكس التركيز الأعلى للعواطف الإيجابية، حيث تم تحديد 25 موقعًا عند مستوى ثقة 90% أو أعلى، مع 24 موقعًا عند مستوى 99%، مجموعها يمثل 11,396 منشورًا. على الجانب الآخر، كانت نقاط البرد السلبية تتركز في القطاع الشمالي الغربي، مع 26 موقعًا عند مستوى 99%، مرتبطة بـ 23,119 منشورًا.

تواكب جميع هذه النقاط الساخنة مع مناطق تتميز بميزات حضرية إيجابية، مثل المساحات الخضراء والبنية التحتية المخصصة للمشاة، مما يقود إلى استنتاج مفاده أن خصائص المدينة تلعب دورًا في تشكيل المشاعر العامة. يتضح أيضًا أن النقاط الساخنة في المناطق الجنوبية تتزامن مع أنشطة ترفيهية، مما يعكس أهمية البيئة المحيطة في زيادة الشعور الإيجابي لدى السكان. بالمقابل، فإن النقاط الباردة في القطاع الشمالي الغربي كانت مرتبطة بمشاكل مثل الازدحام المروري ونقص المرافق العامة، مما زاد من الشكاوى والملاحظات السلبية.

تحليل العلاقات بين التصميم الحضري والعواطف العامة

تم تحليل العلاقة بين التصميم الحضري والعواطف العامة من خلال فترات زمنية معينة: قبل جائحة كوفيد-19، وأثناء الجائحة، وبعد الجائحة. خلال الفترة التي سبقت كوفيد-19 (2019)، كانت أعداد نقاط العواطف الإيجابية أكثر تشتتاً، مما يعكس تفاعلات حضرية طبيعية حيث كانت تتركز النقاط الساخنة في المناطق الإيجابية الهادئة. وتشير النتائج إلى أن مناطق الازدحام والضوضاء كانت تمثل تحديات تتعرض لها ردود فعل الناس، مما يعكس الحاجة إلى الاستجابة لتلك العوائق في التخطيط الحَضري في المستقبل.

أثناء الجائحة (2020)، شهدنا تحولًا ملحوظًا في توزيع المشاعر حيث زادت نقاط البرد السلبية بشكل كبير (11 نقطة عند مستوى 90%، و11 نقطة عند مستوى 99%)، بينما انخفضت النقاط الساخنة الإيجابية. تشير هذه التغيرات إلى أن قيود الوصول إلى الفضاءات الحضرية وزيادة التوترات النفسية قد ساهمت في تدهور المشاعر. بعد تخفيف القيود في عام 2021، عاد توزيع المشاعر الإيجابية للزيادة قليلاً، مما يعكس الحاجة الملحة للدخول إلى المساحات العامة بشكل آمن ومريح بعد فترة من العزلة.

تتضح أهمية هذه النتائج من خلال ضرورة التفكير النقدي في كيفية تأثير الظروف الاجتماعية على هذه الديناميكيات، مما يدعو إلى ضرورة تكامل التحليل النفسي والاجتماعي مع التصميم الحضري، خاصة بعد الأزمات الكبرى.

تأثير تصميم المدينة على شعور المواطنين

قام التحليل باستخدام أسلوب الانحدار العادي (OLS) لتقييم العلاقة بين الميزات الحضرية والعواطف العامة ما بين 2015 و2021. أوضحت النتائج وجود ارتباطات ملحوظة بين ميزات حضرية متعددة والمشاعر العامة. على سبيل المثال، تظهر الميزات المتعلقة بالمساحات الخضراء مثل الأشجار ارتباطًا إيجابياً مع المشاعر العامة، ما يدل على أهمية الطبيعة في تحسين تجارب السكان الحضرية. على النقيض، تشير الميزات مثل الجدران والأسوار إلى ارتباط سلبي، مما يدل على أن الحواجز المادية قد تعزز مشاعر عدم الارتياح أو القلق.

بالإضافة إلى ذلك، تعكس النتائج أهمية المكانة البشرية في تصميم المدن. لقد لوحظ أن وجود الأرصفة يعتبر عاملاً إيجابيًا يشير إلى تفضيل الجمهور للبنية التحتية المخصصة للمشاة، مما يزيد من احتمال وجود تجارب حضرية إيجابية. بينما تشير الشوارع المخصصة للسيارات بشكل أساسي إلى مشاعر سلبية مرتبطة بالتلوث والضوضاء والسلامة. هذه المشاعر توفر رؤية قيمة للتخطيط العمراني، حيث يجب أن تكون الأساليب والتصاميم موجهة نحو تعزيز البيئة البشرية وتوفير مساحات آمنة ومريحة للجميع.

تعكس هذه الديناميات تأثيرات معقدة ومتداخلة تشكل ردود فعل الجمهور تجاه محيطهم الحضري، مما يدعو صانعي السياسات والمخططين الحضريين إلى مراجعة استراتيجياتهم لتحسين جودة الحياة في المدن.

التحولات في المشاعر العامة المتعلقة بالمظاهر الحضرية خلال فترات ما قبل وأثناء وبعد جائحة كوفيد-19

تُعد المجتمعات الحضرية محور تركيز مهم لفهم كيفية تجاوب الأفراد مع بيئاتهم المحيطة. من خلال استخدام البيانات المستخرجة من وسائل التواصل الاجتماعي والصور الشارعية، تم تحليل العلاقة بين السمات الحضرية والمشاعر العامة. الثمار في هذه الأبحاث تكشف كيف أن التصاميم العمرانية، مثل الأشجار والأرصفة، تُثير ردود أفعال إيجابية لدى العامة، بينما تتسبب العناصر الأخرى مثل الأسوار والمباني في شعور سلبي متزايد. في الفترة السابقة لجائحة كوفيد-19، كانت الأجواء العامة للمواطنين تشهد تقييمات إيجابية تجاه المساحات الخضراء والبنية التحتية المشاة، في حين أن عناصر مثل الطرق والسماء أدى تواجدها إلى مشاعر سلبية مرتبطة بالازدحام والضوضاء.

خلال جائحة كوفيد-19، تغيرت تلك المشاعر بشكل ملحوظ، حيث زادت الانطباعات السلبية المتعلقة بالسماء والأسوار مع بقاء الناس في منازلهم وزيادة شعورهم بالقلق. في الفترة بعد الجائحة، استمر اتجاهات المشاعر هذه، مع بقاء الأشجار والأرصفة كمصادر دعم كبيرة للإحساس بالرفاهية، إذ عكست النتائج استمرار تفضيل العامة للمساحات المغلقة والنباتات، مما يؤكد الحاجة إلى تصميم حضري يستجيب لمتطلبات المجتمعات.

دور العناصر الحضرية في تشكيل الاستجابات العاطفية

تتعدد العناصر الحضرية التي تلعب دورًا في تشكيل الاستجابات العاطفية، مثل الأشجار، الأرصفة، والأسوار. الدراسات أظهرت أن الأشجار ترتبط ارتباطًا إيجابيًا بالمشاعر العامة، حيث تمثل الفئات الخضراء مكانًا للاسترخاء والتواصل مع الطبيعة. بينما تُعتبر الأرصفة جزءًا لا يتجزأ من البنية التحتية المدنية وتساهم في توفير المناطق الآمنة للمشاة، مما يُعزز من جودة الحياة في المناطق الحضرية.

من جهة أخرى، تساهم الأسوار والمباني في خلق شعور بالانطواء وعدم الارتياح، مما يؤدي إلى انتقادات تتعلق بالضوء الصناعي المفرط والفوضى البصرية في بيئات المدن. إن اتساع الفجوة بين التجارب الإيجابية المرتبطة بالمناطق الخضراء والتجارب السلبية المرتبطة بالمساحات المغلقة يظهر الحاجة إلى سياسات تهدف إلى تحسين النجاح العام للتخطيط الحضري.

تستدعي هذه المعلومات استجابة مهنية من المخططين واستشاريي التصميم الحضري لإنشاء بيئات حضرية تلبي احتياجات المجتمعات وتحسن من جودة الحياة. وذلك يشمل تحسين المساحات العامة لتعزيز التجارب الإيجابية وضمان توفير ممرات آمنة للمشاة، مما يُسهل التنقل ويعزز من روح المجتمع وعلاقاته.

التغيرات في المشاعر العامة بسبب السياقات الزمنية والأحداث الاجتماعية

أظهرت التحليلات أنّ التأثيرات على المشاعر العامة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالسياقات الزمنية والأحداث الاجتماعية غير المتوقعة. خلال فترة جائحة كوفيد-19، لوحظ أن الناس أصبحوا أكثر انتقادًا للمساحات المفتوحة، حيث زاد الشك والقلق في أذهانهم. تعكس التغيرات في المشاعر العامة أهمية فهم كيفية تأثير الأحداث الكبرى على طريقة تفاعل الفرد مع بيئته. كما تم الاعتراف بأهمية التحول إلى التكنولوجيا الرقمية في تسهيل التفاعل مع الفضاءات الحضارية، وتقديم تجارب جديدة للمستخدمين.

علاوة على ذلك، عقب فترة جائحة كوفيد-19، عادت مشاعر الناس نحو الإيجابية في المناطق العامة، مما يعكس رغبتهم في الانفتاح على المجتمعات، وزيادة التفاعلات الاجتماعية. استمر التوجه للكشف عن تجارب المناطق التجارية المحلية مثل اللوحات الإعلانية، مما يشير إلى رغبة الأفراد في إعادة بناء الروابط الاجتماعية والتحول إلى النشاطات الحياتية اليومية بعد فترة طويلة من الإغلاقات.

تحتاج المدن لإستراتيجيات تساعدها في التكيف مع التغيرات المستمرة في المشاعر العامة، خاصة في ظل الظروف الاستثنائية، حيث يعتبر التحليل المستمر للبيانات من وسائل التواصل الاجتماعي أداة حيوية لرصد سلوك السكان واحتياجاتهم المستقبلية. وبالتالي، يجب على المخططين الحضريين الانتباه إلى ديناميكيات المكان وتغير سياقات الحياة مع بناء استراتيجيات تدعم الاستجابة الفعالة لمتطلبات المجتمعات.

استنتاجات حول تأثير التصميم الحضري على الجودة الحياتية

تُشير نتائج هذه الدراسة إلى أهمية التصميم الحضري في التأثير على المشاعر العامة. الأسس المعرفية حول كيف تشكل البيئة العمرانية التصورات العاطفية تعزز من أهمية خلق بيئات حيوية وجاذبة. تعتبر العناصر مثل المساحات الخضراء والأرصفة من العناصر الأساسية في تحسين التجربة العامة للقاطنين والزوار، مما يعكس ضرورية التفكير النقدي في كيفية الدمج بين الفضاءات الطبيعية والتصميمة لتحقيق أقصى فائدة ممكنة للمجتمع.

اختصاراً، يُظهر هذا البحث أن التصميم الحضري يتجاوز الوظيفة الجمالية ليؤثر بشكل عميق على الجانب النفسي والعاطفي للأفراد. من خلال تعزيز المساحات العامة، والاهتمام بالشرايين الحيوية للمشي، وتعزيز المساحات الخضراء، يمكننا تحسين جودة الحياة العامة. يحتاج المخططون والمصممون المهنيون إلى فهم هذه الديناميكيات وتطبيقها في استراتيجيات الحضرية لتحقيق بيئات صحية وفعالة.

إطار التحليل والعلاقة بين المشاعر وميزات التصميم الحضري

تتمثل أهمية إطار التحليل في تقييم العلاقة بين المشاعر وميزات التصميم الحضري من خلال دراسة حالة لمدينة معينة على مدى سنوات. يوضح هذا الإطار كيفية فهم البيانات المعقدة المستخرجة من وسائل التواصل الاجتماعي وعمليات التحليل المرتبطة بها، مما يتيح رؤية أعمق حول الاستجابة العاطفية العامة للمواطنين تجاه البيئات الحضرية. مع أن النتائج تتماشى مع النظرية الحالية في علم التصميم الحضري، إلا أن المزيد من الأبحاث مطلوب لتحديد مدى قابلية تعميم هذه النتائج على مواقع وأزمنة أخرى. ينبغي توسيع نطاق التحليل ليشمل بيئات حضرية مختلفة تعكس تنوع التصميمات العمرانية والسياقات الجغرافية والاجتماعية والاقتصادية، مما قد يؤدي إلى اكتشاف عوامل إضافية تؤثر في المشاعر العامة.

العوامل غير المرئية وتأثيرها على الإدراك العام

تتجاوز عوامل التصميم الحضري المرئية إدراك المدينة، فهناك العديد من الجوانب غير المرئية التي تلعب دورًا مباشرًا في تشكيل التصورات العامة، مثل الضوضاء وجودة الهواء والأهمية الثقافية. التعامل مع هذه العوامل قد يضيف عمقًا أكبر في التحليل، حيث يمكن أن تؤثر مستويات الضوضاء وسوء جودة الهواء على كيفية استجابة الناس للأماكن الحضرية. على سبيل المثال، قد يكون حديقة عامة مليئة بالأشجار مكانًا مفضلًا في منطقة ذات جودة هواء منخفضة، لكن مستوى الضوضاء العالية قد يحبط التجربة. هذا يؤكد الحاجة إلى دمج هذه المعايير ضمن أي تحليل مستقبلي لتوفير رؤية شاملة تسهم في تحسين البيئات الحضرية.

العوامل الزمنية وكيفية تأثيرها على المشاعر العامة

تحليل المشاعر المرتبطة بموقع معين يسمح بفهم أعمق لتغيرات الرأي العام. من المهم تتبع كيف تتغير المشاعر على مر الزمن، حيث يمكن لمختلف الأحداث مثل افتتاح ساحة جديدة أو بناء مركز تجاري أن يؤثر على المشاعر نحو تلك المنطقة. في هذا السياق، يجب الانتباه إلى أن المشاركات من نفس الموقع قد تشير إلى تجارب مختلفة تحدث في فترات زمنية متعاقبة. لذا، قد تعكس التغيرات الزمنية في المشاعر تغييرات في التركيز العام على عناصر بيئية حضرية معينة، مما يجعل من الصعب استنتاج أسباب هذه التغييرات. فهم هذه الديناميات سيتيح للباحثين الإمكانية لتقدير التأثير الكلي للعوامل المتعددة، وليس فقط من خلال الأحداث الكبرى كما هو الحال مع جائحة كوفيد-19، بل أيضًا من خلال التطورات الحضرية والعوامل السياسية والكوارث الطبيعية.

التحليل المتكامل للتأثيرات المختلفة على المشاعر العامة

لتحقيق تحليل شامل للتأثيرات المتنوعة على المشاعر العامة، تجب مراعاة كل من العوامل المكانية والزمنية المعقدة. لا بد من ربط التطورات الصوتية والهيكلية بالعوامل المجتمعية لفهم كيف تتفاعل هذه العناصر وقد تؤدي إلى تغييرات في الإدراك العام. فعلى سبيل المثال، قد يسجل الارتفاع في مستويات السلامة الحضرية نتيجة لإنشاء بنى تحتية جديدة مثل الأرصفة أو الحدائق العامة تحسنًا في المشاعر العامة للناس الذين يعيشون في تلك المنطقة. وبالمثل، سيؤدي إدراك مجتمعي أعلى لمستويات جودة البيئة إلى تغيير كيفية تفاعل الأفراد مع فضائهم، مما يعزز الفهم الشامل للتصميم الحضري.

دور البحث المستقبلي في تطوير الإطار التحليلي

يتطلب الأبحاث المستقبلية تطوير الإطار التحليلي بتضمين مجموعات بيانات إضافية مثل البيانات البيئية والثقافية التي ترتبط بشكل مباشر بإمكانية فهم أعمق لعوامل تشكيل الرأي العام. ينبغي النظر في نماذج حسابية بديلة وتحقق النتائج في سياقات متنوعة لضمان القدرة على تعميم النتائج. من خلال دمج دراسات طولية وتحليل المشاعر عبر فترات زمنية متباينة، يستطيع الباحثون التقاط التفاعلات الديناميكية بين ميزات التصميم الحضري واستجابة الجمهور، مما يمنح القاعدة المعرفية اللازمة لصناع القرار في صياغة استراتيجيات تصميم حضري تلبي احتياجات المجتمع.

النتائج والمعاني بالنسبة لصانعي القرار ومخططي المدن

تكشف النتائج المستخلصة عن أهمية المساحات الخضراء والبنية التحتية الصديقة للمشاة في تعزيز التجارب الحضرية الإيجابية. بناءً على ذلك، يظهر ضرورة توافق استراتيجيات التصميم الحضري مع هذه الرؤى، حيث سيساعد ذلك المخططين وصانعي القرار على خلق بيئات شاملة وقابلة للتكيف تعكس احتياجات المجتمع المتنوعة. توضح هذه الدراسة إمكانية الاستفادة من تقنيات معالجة اللغة الطبيعية والتحليل البصري لفهم العلاقة بين ميزات المدينة ومشاعر الجمهور، مما يبرز أهمية الاستجابة بمرونة للتحديات الاجتماعية المتطورة وتحسين نوعية الحياة الحضرية.

الفكرة الرئيسية لنماذج الجغرافيا البصرية

تتطرق الفكرة الرئيسية لهذا الموضوع إلى كيفية استخدام البيانات الجغرافية المرئية ومفاهيم الاستشعار الاجتماعي لفهم البيئة الحضرية وتحليلها. يتم التعرف على أهمية استخدام تكنولوجيا المعلومات الجغرافية في جمع البيانات وفهم المعاني النفسية والاجتماعية المتعلقة بمظاهر المدينة. في النهاية، تسهم هذه الأساليب في تحسين تصميم المدن وضمان تلبية احتياجات المجتمع المحلي. فباستخدام مقارب حديث مثل استخدام الأنظمة الحاسوبية والذكاء الاصطناعي، يمكننا الحصول على بيانات دقيقة تساعد في نمذجة تصور الناس للبيئات الحضرية والمساحات العامة.

على سبيل المثال، توضح الأبحاث أن البيانات المأخوذة من منصات مثل إنستغرام يمكن أن تكشف النقاب عن كيفية تفاعل السكان مع المساحات الخضراء الحضرية. حيث يمكن للصور المشتركة من المستخدمين أن تقدم رؤى عميقة حول كيفية اعتناق المجتمع لمشاريع البنية التحتية الخضراء والتخطيط الحضري. يتم دعم ذلك بعدة دراسات تجريبية تُظهر النتائج العملية لتطبيقات هذا النهج المختلف، مثل كيفية تصميم المساحات العامة التي تأخذ في الاعتبار تفضيلات المستخدمين وتجعلها أكثر جذباً.

تحليل الارتباط المكاني وتأثيره على تخطيط المدن

يعتبر تحليل الارتباط المكاني من المكونات الأساسية في مجال التخطيط الحضري. ذلك لأنه يسلط الضوء على العلاقة بين الأنماط المكانية والعوامل الاجتماعية والاقتصادية المحيطة. الأداة المستخدمة في هذا التحليل تشمل إحصاءات مثل مؤشر Getis-Ord، الذي يساعد على قياس التوزيع المكاني للظواهر المختلفة في المناطق الحضرية. يعتبر هذا التحليل أساسياً في فهم كيف تؤثر الخصائص الحضرية على نمط الحياة للسكان.

على سبيل المثال، يمكن استخدام هذا التحليل لمعرفة كيفية توزيع المرافق العامة، مثل الحدائق والمدارس، وكيف أن قرب هذه المرافق من مناطق محددة قد يسهم في تحسين جودة الحياة. بناءً على النتائج، يمكن للسلطات المحلية اتخاذ قرارات تستند إلى بيانات دقيقة تتعلق باحتياجات المجتمع، مما يساعد على إنشاء رؤية أكثر تكاملاً لتطوير المدن بطريقة مستدامة. ولذلك، فإن فهم العلاقات المكانية بين المتغيرات المختلفة يساعد في تحديد استراتيجيات فاعلة للتنوع الاجتماعي والنمو الاقتصادي.

تأثير المساحات العامة على الصحة النفسية والسلوك الاجتماعي

تعتبر المساحات العامة، مثل الحدائق والساحات المفتوحة، من العوامل المهمة التي تؤثر على الصحة النفسية للسكان. تشير الأبحاث إلى أن توفر مساحات خضراء يمكن أن يساهم في تحسين المزاج وتقليل مستويات التوتر والقلق. بمعنى آخر، يمكن أن تعتبر هذه المساحات كبيئات تعزز الرفاهية النفسية والاجتماعية.

مما يدعم ذلك، الدراسات التي تثبت أن الأشخاص الذين يقضون وقتًا في المنتزهات العامة يميلون إلى التفاعل الاجتماعي بشكل أكبر. يعزز ذلك من فكرة أن البرامج التي تهدف إلى تحسين الوصول إلى هذه المساحات يمكن أن تساهم في تعزيز الانخراط الاجتماعي وتخفيف الشعور بالعزلة بين سكان الحضر. بالإضافة إلى ذلك، يمكن تسليط الضوء على أهمية التخطيط العمراني القائم على علم النفس البيئي، والذي يركز على كيفية تصميم المساحات العامة بطريقة تشجع على التجمعات وتحفز النشاط البدني.

استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في علم الجغرافيا الحضرية

وسائل التواصل الاجتماعي تلعب دوراً متزايد الأهمية في علم الجغرافيا الحضرية، إذ توفر منصة للمستخدمين لتبادل التجارب والمعلومات حول بيئاتهم. من خلال تحليل هذه البيانات، يمكن للباحثين أن يحصلوا على رؤى حول كيفية تقييم الناس لتجاربهم في الفضاءات العامة ومدى تأثير بيئتهم العمرانية على نظرتهم لمدنهم.

تشير دراسات حديثة إلى أن استخدام تقنيات تحليل البيانات من وسائل التواصل الاجتماعي قد يساعد صانعي السياسات في فهم أفضل لمشاعر السكان تجاه المساحات الحضرية. من خلال مراقبة المنشورات والتعليقات، يستطيع الباحثون تحليل العواطف المرتبطة بمواقع معينة، مما يوفر فرصاً لتعديل السياسات الحضرية بناءً على تلك المشاعر. هذه الارتباطات تعزز من أهمية معالجة العلاقة بين الفضاء العام والتجربة الإنسانية في الحضارة الحديثة، والكيفية التي يمكن أن تساهم بها البيانات المستخلصة من وسائل التواصل الاجتماعي في تشكيل المساحات الحضرية المستقبلية.

تأثير تصميم المدن على الإحساس العام

يعكس تصميم المدن العديد من المشاعر والتجارب الإنسانية، مما يجعل تأثيره على الإحساس العام موضوعًا جديرًا بالدراسة والتعمق. فالتصميم الحضري ليس مجرد مجموعة من العناصر المادية، بل هو تعبير عن كيفية تفاعل الناس مع تلك العناصر وكيف يمكن أن تؤثر عليهم عاطفياً. تشير الأبحاث إلى أن تصميم المدن يمكن أن يؤثر على السعادة، ومستوى الأمان، والشعور بالانتماء إلى المجتمع.

على سبيل المثال، تلعب الأحياء المختلطة الاستخدام دورًا مهمًا في تعزيز التفاعل الاجتماعي وخلق شعور بالانتماء. حيث تظهر الدراسات أن وجود مساحات تجارية ومكتبية وسكنية في نفس المنطقة يمكن أن يؤدي إلى زيادة التفاعل بين السكان، وبالتالي تحسين جودة حياتهم. كذلك، يمكن أن يؤدي تصميم الشوارع بشكل يسهل الحركة إلى تحسين الإحساس بالأمان.

في هذا السياق، يغذي العلم النفسي البيئي هذا النقاش من خلال تقديم رؤى حول كيفية ارتباط المظاهر الطبيعية، مثل وجود المساحات الخضراء، بالحالة العاطفية للأفراد. الدراسات تثبت أن الأشجار والحدائق يمكن أن تعزز الشعور بالهدوء وتخفض مستوى التوتر، مما يساهم في تحسين الصحة النفسية العامة للسكان. وعلاوة على ذلك، فإن التصميم الذي يراعي إمكانية الوصول يسهم في جعل المساحات الحضرية أكثر شمولية وتقبلاً لمجموعة متنوعة من التجارب الإنسانية.

العمل الأكاديمي الرائد من شخصيات مثل جاكوبس و لينش قام بتوسيع الأطر المستخدمة لفهم تأثير التصميم الحضري على المشاعر. تسلط أعمالهم الضوء على أهمية التصميم المرتكز على الإنسان، مما يؤكد الحاجة إلى خلق بيئات حضرية تعزز من التجربة الحياتية للناس. وكانت النتائج مثيرة، حيث يبرز تأثير تصميم المكان على الروابط بين الأفراد، مما يولد انطباعات قوية حول الهوية والانتماء.

كما يمكن الوصول إلى بعض هذه الاكتشافات من خلال بحوث معقدة تستخدم تقنيات حديثة في الرؤية الحاسوبية وتحليل البيانات، مما يعزز من ودعم التخطيط الحضري القائم على الأدلة. هذه البحوث تفتح آفاق جديدة لفهم الديناميات العاطفية التي تلعب دورًا في تحديد جودة الحياة في المدن.

تحديات قياس الإحساس في المدن

تقديم أدوات قياس فعالة للإحساس في البيئة الحضرية يمثل تحديًا معقدًا يتطلب إعادة التفكير في المناهج التقليدية. تعرضت الأساليب التقليدية مثل الاستطلاعات والمقابلات الميدانية لانتقادات بسبب قدرتها المحدودة على التقاط التجارب الإنسانية بشكل شامل، مما يجعل الحاجة إلى أساليب جديدة ملحة.

مفهوم “المواطنون كمستشعرين” الذي أطلقه جودتشايلد قد أحدث ثورة في هذا المجال من خلال تشجيع استخدام البيانات الناتجة من تجارب المواطنين الفعلية في الحياة اليومية. حيث يُعتبر هذا الأسلوب فعالاً في تقديم رؤى دقيقة حول الانطباعات حول سلامة الأماكن، وكفاءة التنقل، والجمالية العامة. تعرضت الكثير من الأبحاث التي استلهمت من هذا المفهوم لتطبيقات مختلفة تعزز من فحص المشاعر حول عدد من الجوانب الحضرية.

ومع ذلك، كانت التحديات لا تزال قائمة في قياس هذه العناصر، نظرًا لأن الطرق التقليدية غالبًا ما تفشل في تقديم معلومات تتعلق بالتغيرات الديناميكية في المشاعر. يدخل عصر البيانات الكبيرة كمحور للفهم المتقدم للإحساس في أي مدينة. الأنظمة الحديثة للتعلم العميق والذكاء الاصطناعي مرّت بعملية تطور رائعة لتقديم نتائج نوعية تتعلق بالمشاعر حتى من خلال الصور البصرية. على سبيل المثال، مشروع MIT Media Lab’s Place Pulse استخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لقياس الانطباعات الحضرية بطريقة متقدمة وموثوقة.

تعتبر البيانات النصية من منصات التواصل الاجتماعي أمرًا بالغ الأهمية في تحليل المشاعر بشكل دقيق. توفر هذه المنصات أداة ليعبّر المواطنون عن تجاربهم ومشاعرهم بشكل تلقائي، مما يسهل على المخططين الحضريين فهم ديناميكية العلاقات الاجتماعية في بيئاتهم. باستخدام خوارزميات متقدمة، يمكن تحليل هذه البيانات لاستخراج أنماط تحدد كيف يشعر الأشخاص بالمناطق الحضرية، وكيف تلعب التغيرات الصغيرة في التصميم دورًا كبيرًا في تحسين هذه المشاعر.

تمثل هذه التطورات فرصًا مثيرة لتوليد حلول جديدة تعتمد على الأدلة في التخطيط الحضري. من خلال دمج المعارف الحديثة من مجالات متعددة، يمكن للمدن أن تصبح أكثر استجابة لاحتياجات سكانها، مما يساعد في تشكيل بيئات حضرية تعزز من الإحساس العام بالراحة والانتماء.

إطار العمل المقترح: فهم التفاعل بين الفضاء الحضري والمشاعر العامة

استجابةً للتحديات الحالية المتعلقة بفهم العلاقة بين الفضاء الحضري والمشاعر العامة، يتضمن الإطار المقترح هنا مرحلتين رئيسيتين: استنتاج المشاعر من البيانات المستندة إلى المواقع، واستنتاج سياق حضري من خلال تقنيات الرؤية الحاسوبية.

تعتبر المرحلة الأولى “استنتاج المشاعر” خطوة حيوية، حيث تعتمد على بيانات وسائل التواصل الاجتماعي المستندة إلى المواقع، والتي يمكن تحليلها بواسطة تقنيات معالجة اللغة الطبيعية. توفر هذه البيانات رؤية شاملة للتجارب العاطفية للمستخدمين في مناطق حضرية معينة، مما يوفر معلومات دقيقة حول كيفية تفاعل الناس مع البيئة المحيطة بهم. من خلال تحليل التعليقات والنصوص المتاحة على هذه المنصات، يمكن للباحثين التعرف على المشاعر السائدة، مما يسهل فهم الروابط العاطفية بين الأفراد والفضاءات التي يتواجدون بها.

أما المرحلة الثانية “استنتاج السياق الحضري” فتتعلق باستخدام تقنيات الرؤية الحاسوبية لتقدير وإدراك الخصائص المعمارية والتصميمية. باستخدام أدوات مثل PSPNet وMask R-CNN، يمكن قياس عناصر تصميم المدينة مثل الحواجز المرئية، ومقياس البشر، وتعقيد مظهر الشوارع. ومن خلال دمج هذه المعلومات مع البيانات التي تم جمعها حول المشاعر، تبرز الروابط العميقة بين بيئاتنا العاطفية وأشكال التصميم الحضري.

تقدم هذه المنهجية فرصة للعديد من الفوائد للمخططين وصانعي السياسات. من خلال تقديم رؤى قابلة للتنفيذ، يمكن للمدن الاستفادة من المعلومات الناتجة لتحسين مستويات الرفاهية العامة. هذه الرؤى تخدم ليس فقط تحسينات على مستوى التصميم، ولكنها أيضاً تعزز من نوعية الحياة للسكان من خلال تحقيق بيئات حضرية أكثر توافقًا مع احتياجاتهم العاطفية.

العمل على تطوير هذا الإطار قد يمهد الطريق لمزيد من الأبحاث المستقبلية، مما يعزز من أهمية الدمج بين البيانات الكبيرة والعلوم السلوكية في التخطيط الحضري. إن استثمار الوقت والموارد في فهم هذه الروابط المعقدة يعزز من التجارب الإنسانية في البيئة الحضرية، مما يجعل المدن أماكن أفضل للعيش والعمل والانتماء.

فهم العلاقة بين التصميم الحضري والعواطف العامة

يعتبر التصميم الحضري عاملاً مهماً يؤثر في مشاعر الناس تجاه بيئاتهم. يساهم وجود العناصر المعمارية مثل المساحات الخضراء، البنية التحتية المواتية للمشاة، ومستويات الإغلاق البصري في تشكيل التجارب الحسية للأفراد في الحضر. ومع ذلك، لا يزال هناك نقص في الفهم العميق للعلاقة بين هذه الخصائص الحضرية والعواطف العامة. الدراسات السابقة أثبتت وجود صلة محتملة بين المظاهر الحضرية والشعور العام، لكنها لم تقدم إطارًا شاملاً يتيح تقييم هذه التفاعلات عبر الزمن في السياق الحضري. يعد هذا الفراغ الأساسي الذي تسعى الأبحاث الحالية لسدّه، حيث تهدف الدراسات الرائدة إلى اكتشاف مدى تأثير خصائص التصميم الحضري على انطباعات المواطنين ومشاعرهم.

تعتبر المكونات الرئيسية مثل توافر المساحات الخضراء وتنوع المشاهد الحضرية جزءًا لا يتجزأ من التفاعل اليومي للأفراد مع محيطهم. فوجود نباتات في الشوارع يمكن أن يعزز من تجارب المشاة ويساهم في تحسين حالتهم النفسية. على سبيل المثال، يتمتع السكان في المناطق التي تشهد تعافيًا بيئيًا باحتمالية أن يكونوا أكثر رضا عن جودة حياتهم. كما تتطلب عملية تحليل هذه العناصر استخدام تقنيات متقدمة لفهم العواطف بصورة أوضح. التفاعل بين الأشخاص وبيئاتهم يمكن أن يلقي الضوء على كيفية إدراك الفضاءات العامة وتفاعل الأفراد معها.

نماذج اللغة والرؤية في التحليل الحضري

تسهم التطورات الأخيرة في نماذج اللغة الكبيرة في تحسين قدرة الباحثين على تحليل البيانات النصية المعقدة من وسائل التواصل الاجتماعي. نموذج BERT، على سبيل المثال، يستخدم نهجًا ثنائي الاتجاه لتحليل النص، مما يسمح بفهم السياقات من كلا الاتجاهين ويعد مثاليًا للمهام المتعلقة بتحليل المشاعر. في المدن الكبرى مثل نيويورك ولندن، تم استخدام نموذج BERT لدراسة ردود الفعل العاطفية تجاه مختلف الفضاءات الحضرية. نتائج هذه الدراسات أظهرت كيف يمكن لمثل هذه النماذج أن تساعد في فهم المشاعر المعقدة التي تعبّر عنها البيانات من وسائل التواصل الاجتماعي.

بالإضافة إلى ذلك، تقدم نماذج الرؤية مثل PSPNet وMask R-CNN أدوات قوية لتحليل البيانات المرئية. يتم استخدام هذه النماذج لاستخراج ميزات حيوية تتعلق بالتصميم الحضري مثل المساحات الخضراء والممرات للمشاه. من خلال دمج البيانات النصية والمرئية، يمكن للباحثين استقاء رؤى شاملة حول كيفية تأثير مكونات البيئة العمرانية على تجارب الأفراد وردود أفعالهم العاطفية. تتيح هذه النماذج للباحثين التعمق في فهم تأثير التصميم الحضري على مستويات السعادة والرضا لدى السكان، ما يساهم في تحسين سياسات التخطيط الحضري.

إطار العمل لتحليل العلاقة بين التصميم الحضري والعواطف

يمثل الإطار التحليلي المطور وسيلة متكاملة لدراسة الروابط بين التصميم الحضري ومشاعر العامة. يعتمد هذا الإطار على دمج بيانات المشاعر المأخوذة من وسائل التواصل الاجتماعي مع الميزات التي تمثل خصائص التصميم الحضري المستمدة من الصور من وجهات نظر متعددة. يهدف هذا النهج إلى التقاط الديناميكيات الزمنية داخل سياق حضري واحد، مما يعكس الطبيعة المعقدة للبيئات الحضرية. يعتمد الإطار على فرضيتين رئيسيتين: الأول هو وجود علاقة كبيرة بين ميزات حضرية معينة مثل المساحات الخضراء والبنية التحتية للمشاة والعواطف العامة؛ والثانية هي أن الأحداث الأخرى، مثل الاضطرابات الاجتماعية، يمكن أن تؤثر أيضًا على المشاعر.

يتضمن هذا الإطار مكونين رئيسيين: استدلال المشاعر واستدلال السياق الحضري. في مكون استدلال المشاعر، يتم استخراج بيانات المشاعر من منصات التواصل الاجتماعي باستخدام تقنيات معالجة اللغة الطبيعية المتقدمة. يقوم الباحثون باستخدام نماذج مثل BERT وRoBERTa لإنشاء درجات المشاعر التي تعكس الاستجابات العاطفية العامة تجاه مواقع حضرية محددة. يتم ربط مجموعة البيانات الناتجة بعلامات زمانية ومكانية دقيقة، مما يمكّن من تصور أنماط المشاعر عبر البيئات الحضرية المختلفة.

دراسة حالة: تحديد العواطف في مدينة كولومبيا، ميزوري

لتطبيق إطار التحليل، تم إجراء دراسة حالة في منطقة ضمن مدينة كولومبيا، ميزوري. تعد هذه المدينة مركزًا مهمًا للتعليم العالي وتستضيف عددًا كبيرًا من السكان. تمت دراسة منطقة بحجم 1.57 كيلومتر مربع في وسط المدينة، حيث تتجمع الأنشطة التجارية وتشارك فيها جموع من السكان والزوار. استخدام المنشورات العامة على إنستغرام كنماذج للتعبير عن المشاعر أظهر كيف يمكن تحليل العواطف المتعلقة بالتصميم الحضري من خلال بيانات مكانيّة وتوقيت دقيقة. الدراسات السابقة أكدت على فعالية استخدام التكتيكات المعتمدة على الوسوم لفهم مشاعر المواطنين تجاه البنى التحتية الحضرية.

أظهرت النتائج أن منطقة كولومبيا تتمتع ببيئة غنية تحفّز التجارب الإيجابية لدى المواطنين، وهو ما يتضح من ردود الفعل الإيجابية المعبر عنها في منشورات وسائل التواصل الاجتماعي. من خلال هذا الاستنتاج، يتضح أهمية البيئة الحضرية بتفاصيلها الدقيقة في تشكيل العواطف العامة وتعزيز جودة الحياة، مما يؤدي إلى استنتاجات مهمة للمخططين الحضريين ومصممي الفضاءات العامة. إن دمج البيانات الاجتماعية مع عناصر التصميم الحضري سيتيح فهمًا أعمق لتجارب المواطنين ويساهم في تحسين السياسات المستقبلية.

تحليل البيانات والمشاركات على إنستغرام

أدى التطور السريع في وسائل التواصل الاجتماعي إلى تغير كبير في كيفية فهم الناس لمحيطهم الحضري وهويتهم الاجتماعية. يعتبر إنستغرام من أبرز المنصات المستخدمة لتبادل الصور والتجارب اليومية. في دراسة معينة، تم تحليل البيانات المستخرجة من إنستغرام لتقديم رؤى حول الهوية الحضارية. تمت معالجة 63,861 مشاركة متاحة للجمهور، مع مراعاة العوامل الجغرافية والموقعية. ومع أنه تم استخدام أدوات وتقنيات مثل حزمة “instagrapi” بلغة البرمجة بايثون لاسترجاع المشاركات من مواقع جغرافية محددة، إلا أن بعض المشاركات كانت تفتقر إلى بيانات الموقع أو كانت ترويجية بحتة، مما أثر على تحليل البيانات.

للتأكد من استرجاع بيانات دقيقة وموثوقة، تم التركيز على مواقع معروفة على إنستغرام، وهو ما أدى إلى تصنيف المشاركات حسب أنواع محددة من الاستخدام. في نهاية المطاف، تم الاحتفاظ بـ111 موقعًا فريدًا، حيث ساعد ذلك في تحليل المشاعر المرتبطة بالمشاركات واستخراج البيانات الجغرافية بدقة. وقد لوحظ أن عدد المشاركات قد شهد ارتفاعًا ملحوظًا حتى عام 2017، تبعها تراجع بسبب جائحة كوفيد-19، مما يعكس التأثير الكبير للأحداث العالمية على سلوكيات النشر على وسائل التواصل الاجتماعي.

تحليل المشاعر باستخدام نماذج التعلم العميق

استخدمت الدراسة نموذج BERT القائم على تقنيات التعلم العميق لتحليل المشاعر في المشاركات التي تمت مراجعتها. يعد BERT، الذي يُعتبر نموذجًا ثوريًا في معالجة اللغات الطبيعية، قادرًا على فهم النصوص بشكل ثنائي الاتجاه، مما يوفر سياقًا أعمق ويؤدي إلى نتائج أكثر دقة. حيث تم تصنيف المشاركات إلى تصنيفات بسيطة من المشاعر: السلبية والإيجابية. من خلال هذه الطريقة، يمكن للباحثين تجميع البيانات حول كيفية شعور الأفراد تجاه مواقع معينة في المدينة.

على سبيل المثال، إذا تمت مشاركة مشاركة تعبر عن الإيجابية من كوفي شوب محلي يعكس أجواء مريحة، فقد تتلقى هذه المشاركة تصنيفًا إيجابيًا، بينما قد تعبر مشاركة حول ازدحام مروري في أحد الشوارع الرئيسية عن شعور سلبي. هذا التحليل يوفر أداة قوية لفهم كيف تؤثر الشروط الحضرية على مشاعر الأفراد ومواقفهم.

بالإضافة إلى ذلك، استخدمت الدراسة Google Colab Pro لتنفيذ التحليل، حيث تم تقييم أكثر من 47,107 مشاركة في فترة تتجاوز 26,000 ثانية من الوقت الحوسبي. يعكس هذا الكم الهائل من البيانات أهمية السلوك الحضري وتوجهات مدننا. باستخدام نتائج التحليل، يمكن للمدن وصانعي السياسات تحسين البنية التحتية وتنظيم الفضاءات العامة بما يتوافق مع التوجهات الإيجابية للمواطنين ويعزز التجارب الاجتماعية.

تصنيف المميزات الحضرية باستخدام صور الشوارع

استخدام صور الشوارع يمثل أداة أخرى مهمة لفهم الفضاء الحضري. يتم الحصول على هذه الصور من Google Street View، وهو مصدر غني يشمل مليارات الصور التي تلتقط تفاصيل الشوارع من زوايا مختلفة. من خلال تحليل هذه الصور، تم تحديد عناصر معينة لها تأثير كبير على شكل وتصميم المدن، كالجدران، والنباتات، والمركبات.

لتصنيف المميزات الحضرية، تم اعتماد نموذجين للتعلم العميق: PSPNet وMask R-CNN. يستخدم نموذج PSPNet في تقسيم الصور بفعالية، حيث يساعد في فهم السياق الكلي للصورة. بينما يساعد نموذج Mask R-CNN في تحديد وتحديد الكائنات بدقة. من خلال هذا التصنيف، يمكن فهم جوانب الحياة الحضرية، مثل وجود الممرات المخصصة للمشاة، وكذلك المساحات الخضراء، وما إذا كانت المدن تدعم التفاعل الاجتماعي.

على سبيل المثال، يمكن أن تساعد دراسة انتشار الأشجار في منطقة معينة على تحديد ما إذا كانت هذه المنطقة تجذب في الغالب التجارب الإيجابية أم السلبية. من خلال جمع بيانات حول وجود صفات معينة في المناطق الحضرية، يمكن للباحثين تحليل تأثير هذه الخصائص على المشاعر الجماعية للأفراد. هكذا، تسمح طريقة العمل هذه بإنشاء رابط قوي بين تصورات الناس للفضاء الحضري وإبداء مشاعرهم حوله. تتداخل هذه البيانات مع البيانات المستخرجة من إنستغرام، ما يوفر فهمًا أعمق لطبيعة العلاقة بين تصميم المدن والتجارب الحياتية العملية.

النتائج وتحليل الفروق الزمنية

شهدت النتائج المستخلصة من التحليل تطورات ملحوظة على عدة مستويات زمنية، حيث أخذت في الاعتبار الفترات الزمنية المختلفة: قبل كوفيد-19، وأثناء الجائحة، وبعدها. أظهرت الدراسات وجود اختلافات في توزيع المشاعر الإيجابية والسلبية عبر مناطق معينة من المدينة، مما يكشف عن “نقاط حارة” لتجارب الناس وتحليل مشاعرهم.

خلال الفترة ما قبل كوفيد-19، كانت المشاركات تميل إلى الإيجابية بشكل عام، حيث عكست الأجواء الاجتماعية النشطة والحركة في المدينة. لكن مع بداية الجائحة في عام 2020، لوحظ تراجع ملحوظ في المشاركات السلبية والإيجابية على حد سواء. يبدو أن إغلاق الأماكن العامة وتقيد الحركة أدى إلى مشاعر سلبية محيطة، وهذا ما تم تأكيده من خلال التحليل. أعادت البيانات تحليل الاتجاهات والسلوكيات الاجتماعية وسط الظروف المتغيرة.

ومع ذلك، في فترة ما بعد كوفيد-19، بدأت البيانات تشير إلى نوع من التعافي، حيث زادت المشاركات تدريجيًا مع ارتفاع مستويات التفاعل الاجتماعي. يشير ذلك إلى أن الناس يحاولون إعادة بناء علاقاتهم مع الفضاءات الحضرية والمشاركة مجددًا في الأنشطة الاجتماعية. يعكس هذا الاتجاه أن المدن بحاجة إلى الاستجابة لهذه التغيرات والعمل على تحسين تصميم الأنظمة الحضرية، بما يضمن تجارب إيجابية تحسن من التفاعل الاجتماعي واستجابة الناس.

توزيع العواطف في الفضاء الحضري

تعتبر دراسة توزيع العواطف في الفضاءات الحضرية أحد الموضوعات الهامة في مجالات التخطيط الحضري وعلم الاجتماع. تم استخدام تحليل جي-نجا Getis-Ord Gi* لتحديد تجميعات العواطف الإيجابية والسلبية في جميع أنحاء المدينة في الفترة من 2015 إلى 2021. تم تحديد مواقع تمثيل العواطف من خلال تحليل البيانات التي تم جمعها من منشورات وسائل التواصل الاجتماعي مثل إنستغرام. تظهر النتائج وجود تجمعات ملحوظة للعواطف، حيث تكون المناطق ذات العواطف الإيجابية شائعة في المناطق الجنوبية، في حين أن المناطق ذات العواطف السلبية تتركز بشكل أكبر في القطاع الشمالي الغربي. يؤشر هذا إلى تأثير التصميم الحضري على تجارب المواطنين في العلاقات الاجتماعية والممارسات اليومية.

على سبيل المثال، المناطق الجنوبية التي يصنف فيها العديد من المواقع كـ “نقاط تركز إيجابية” تتمتع بالمزيد من المساحات الخضراء، والبنية التحتية الصديقة للمشاة، مما يجعلها أماكن جذابة للزوار والسكان المحليين. يمكن للحدائق العامة والممرات المخصصة للمشاة أن تحسن من جودة حياة السكان وتثير استجابات عاطفية إيجابية. من ناحية أخرى، تعتبر المناطق ذات العواطف السلبية أكثر ازدحاماً وتفتقر إلى المرافق العامة المناسبة، مما يقود إلى تجارب سلبية متزايدة بين المواطنين.

العلاقة بين التصميم الحضري والعواطف العامة

تمت دراسة العلاقة بين التصميم الحضري والعواطف العامة من خلال تحليل ثلاثة فترات زمنية مختلفة: قبل الجائحة، أثناء الجائحة، وبعد الجائحة. تسلط هذه الدراسة الضوء على مختلف التأثيرات التي تعرضت لها المدن خلال الأوقات المختلفة وكيف أن ذلك أثر على شعور السكان تجاه الفضاءات الحضرية من حولهم. الفترة السابقة للجائحة، كانت العواطف مرتبطة بشكل كبير بالمميزات الإيجابية لتصميم المدينة، مثل وجود الأشجار والبنية التحتية المناسبة للمشاة.

مع بداية الانقطاع الذي فرضته جائحة كوفيد-19، شهدت المدن تغييرات ملحوظة في العواطف. بالرغم من أن الناس بدؤوا في تقليل تفاعلاتهم مع الفضاءات الحضرية، إلا أن هذه الفترة شهدت زيادة في المناطق ذات العواطف السلبية. التوترات الصحية والاجتماعية كانت للمساهمة في تعزيز هذه المشاعر، حيث إن القيود في التنقل والوصول إلى أماكن معروف بأنها حيوية اجتماعيًا زادت من الضغوط. في تلك الأثناء، كانت المناطق التي تفتقر إلى المرافق الأساسية والبنية التحتية النموذجية تسجل مستويات عالية من العواطف السلبية.

مع مرور الوقت واستعادة النشاط الحضري بعد الجائحة، لوحظ أن العواطف الإيجابية بدأت في العودة إلى هذا السياق، لكن بشكل متباين. توضح البيانات أن هناك زيادة طفيفة في النقاط الإيجابية ولكن مع وجود مستمر لنقاط العواطف السلبية. هذه الديناميكية تشير إلى أن الأزمات الاجتماعية والاقتصادية قد تؤثر بشكل ملحوظ على تصور المواطنين لمناطقهم، مما يستدعي إعادة التفكير في كيفية تصميم الفضاءات لتكون أكثر مرونة وقادرة على التكيف مع التغيرات.

آثار الجائحة على العواطف والتنظيم المديني

تُظهر الأبحاث كيف أثرت جائحة كوفيد-19 على العواطف في المساحات الحضرية، حيث كان هناك تحول في التفاعل بين السكان وصيغة المساحات التي يستخدمونها. في البداية، كانت النقاط الساخنة للعواطف الإيجابية قد انخفضت بشكل كبير بسبب القيود على الحركة وزيادة القلق المرتبط بالصحة العامة. هذا يشير إلى أن الفضاءات العامة تحتاج إلى إعادة تصميم لتكون أكثر أمانًا وجاذبية للناس حتى بعد انتهاء الجائحة.

الا أنه مع إعادة فتح المدن وعودة بعض أنشطة الحياة إلى طبيعتها، بدأت العواطف الإيجابية تعود ببطء. كانت هناك محاولات من قبل الحكومات والمنظمات المحلية لتنفيذ تحسينات على البنية التحتية التي تشمل توسيع الأرصفة، وزيادة المساحات الخضراء، وتسهيل الوصول للمرافق العامة. على سبيل المثال، أطلقت بعض المدن برامج لتعزيز الدراجات والمشي، مما ساهم في تعزيز التجارب الإيجابية لدى السكان.

في المقابل، تابع الباحثون كيف أن بعض العقبات مثل الازدحام والنقص في المرافق العامة لا تزال مشكلة قائمة، وقد تتطلب حلولًا عميقة للتصميم والتخطيط. إن الفجوات التي تتجلى عقب انتهاء الجائحة والعواطف السلبية المتبقية تشير إلى ضرورة معالجة مشكلات أصغر مثل سوء التخطيط الحضري والضغط على الخدمات العامة.

فهم الانطباعات العامة من خلال تحليل الفضاء الحضري

يعتبر تحليل العلاقة بين العناصر الحضرية العامة والانطباعات المجتمعية أحد الوظائف الأساسية لعلم تخطيط المدن. تظهر النتائج من تحليل البيانات بين 2015 و2021 وجود علاقات معقدة تستحق التفكير فيها. تشير العناصر الحضرية مثل الأشجار أو الأرصفة إلى تحسين العواطف العامة، في حين تنتج العناصر الأخرى مثل السياجات أو الإشارات الضوئية آراء سلبية. يظهر التحليل أن الاحتياج إلى وجود بيئات حضرية عالية الجودة لا يقتصر فقط على الجوانب الشكلية، بل يتطلب أيضًا إدراك الأنشطة اليومية وكيف تؤدي التصاميم إلى تجارب إيجابية أو سلبية لدى المواطنين.

عندما يتم تعزيز البنية التحتية للمسافات المشتركة وتوفير مناطق السير، فإن ذلك يؤدي غالبًا إلى تحسين طريقة تقييم السكان لتجاربهم. بالإضافة إلى ذلك، يستوجب الفهم العميق للطرق التي يؤثر بها التصميم الحضاري على انطباعات الناس وجود استراتيجيات فعالة تأخذ في الاعتبار التنوع والغنى في دوافع التجارب البشرية. إذ يلعب هذا الأمر دورًا حيويًا في توجيه الاستخدام العملي لموارد التصميم الحضري وتحقيق النتائج المستدامة التي تلبي متطلبات المجتمعات:

من الضروري هذه الديناميكيات أن يعي القائمون على التخطيط بأهمية الاستماع إلى وجهات نظر السكان عند اتخاذ القرارات التصميمية. على سبيل المثال، يمكن لجلسات المشاركة المجتمعية أن تؤدي إلى حوار مثمر حول المرافق المطلوبة والمعوقات المحتملة، مما يمنح الأمة القدرة على تنشيط شعور المواطن بملكية المكان الذي يعيش فيه ويساعد على بناء مجتمعات أكثر تكاملًا ومرونة. إن تحقيق زیادة الإيجابيات وتخفیض السلبيات قد يؤدي إلى ترسیخ فردية السكان في السياقات الحضریة المحیطة بهم.

التفاعل بين الميزات الحضرية والمشاعر العامة

تمثل العلاقة بين الميزات الحضرية والمشاعر العامة موضوعًا حيويًا يتداخل فيه تصميم المدن مع تجارب الحياة اليومية. تشير الأبحاث إلى أن ميزات معينة مثل المناطق الخضراء والبنية التحتية المخصصة للمشاة تلعب دورًا محوريًا في تشكيل المشاعر العامة. المدن الحديثة تبتعد عن التصميمات التقليدية التي تركز على المركبات، وتوجهت نحو تصميمات تتبنى مفهوم البيئة البشرية، حيث تمثل المساحات الصديقة للمشاة والمساحات الخضراء جوهر التوجهات الجديدة.

تشير نظرية “البيوفيلية” التي قدمها كابلان وكابلان (1989) وأولريش (1983) إلى الفوائد النفسية لاستعادة العلاقات مع الطبيعة، حيث تلعب الأشجار والمساحات الخضراء دورًا مهمًا في تعزيز الشعور بالراحة النفسية لدى السكان. علاوة على ذلك، فإن وجود الممرات والنقاط التي تشجع على التنقل النشط يشجع على التفاعل الاجتماعي ويعزز الروابط المجتمعية، مما يساهم في تعزيز شعور الأفراد بالانتماء.

في المقابل، تسلط النتائج الضوء على أن الميزات مثل الأسطح المكشوفة (مثل السماء) والأسوار لا تزال مرتبطة بمشاعر سلبية، حيث تشير إلى تفضيل البيئات المغلقة التي توفر الشعور بالراحة والأمان. إن هذا التوجه يتطلب من المخططين الحضريين إعادة النظر في كيفية تصميم المساحات العامة وتقييم تأثير ذلك على المشاعر العامة.

تأثير جائحة كورونا على المشاعر الحضرية

أدى انتشار جائحة كورونا إلى تغير كبير في المشاعر العامة تجاه التصميمات الحضرية. الفرص المحدودة لحركة الناس واستخدام المساحات العامة أثناء فترات الإغلاق أدت إلى نتائج غير متوقعة. وذلك لأن الناس أصبحوا أكثر حساسية تجاه المساحات المفتوحة، حيث ارتفعت مشاعر القلق تجاه هذه المساحات. نتائج التحليل أظهرت أن السماء، على سبيل المثال، شهدت زيادة في الارتباطات السلبية خلال الجائحة، مما يعكس عدم الارتياح المتزايد للأماكن المفتوحة.

التحليل أشار أيضًا إلى أن الميزات مثل الأرصفة والممرات أصبحت لها قيمة إيجابية أعلى، حيث حدث تحول في نمط الحركة نحو التحول للركض وركوب الدراجات. تزايدت الانطباعات الإيجابية تجاه مثل هذه الميزات بسبب أهمية الحركة النشطة وتوفير طرق للانتقال أثناء فترات الحياة تحت قيود.

إضافة لذلك، تحول اهتمام الأفراد نحو الأنشطة الإيجابية المرتبطة بالمجتمعات المحلية، مثل اللوحات الإعلانات التجارية، يعكس رغبة الجمهور في دعم النشاط التجاري المحلي والوصول إلى الخدمات الأساسية.

بالتأكيد، فإن هذه التغيرات تعكس التحولات العميقة في تشكيل التصورات الحضرية وكيف يمكن للأزمات الكبرى أن تؤثر على مشاعر المجتمع تجاه بيئته.

توجهات ما بعد جائحة كورونا

بعد انتهاء الجائحة وعودة الناس إلى الحياة الطبيعية، استمرت التغيرات في المشاعر تجاه الميزات الحضرية. سادت العلاقات الإيجابية مع المساحات الخضراء والممرات لنحو تعزيز جودة الحياة. توضح البيانات الإحصائية أن الميزات الحضرية المتمثلة في المساحات الخضراء والأرصفة لا تزال تحقق مكاسب في الشهرة والمشاعر الإيجابية عند الناس.

ما بعد الجائحة، تسود مشاعر القلق حول العناصر المتوسطة مثل الأسوار والمباني، حيث تشير الاستمرارية في المشاعر السلبية تجاهها إلى استمرار القلق العام حول الخصوصية والرؤية. من جهة أخرى، تأكيد الشعور الإيجابي نحو اللوحات الإعلانية يشير إلى إعادة بناء الحياة الاجتماعية والاقتصادية في المدن، مظهراً أهمية وجود علاقة وثيقة بين النشاط التجاري والحياة العامة.

بينما كانت الطرق ذات العلاقة السلبية قد فقدت زخمها في فترة الجائحة، يبدو أن التركيز يتجه الآن نحو أهمية التنقل البشري والمساحات المدروسة بعناية التي يمكن أن تلبي احتياجات الناس المتزايدة للراحة والأمن. هذه التحولات تعكس تطور مراكز الاهتمام على مدى فترات زمنية مختلفة، وتظهر كيف يمكن أن يؤثر السياق الاجتماعي والاقتصادي على تصميم المدن.

البحوث المستقبلية والتوجيهات نحو التصميم الحضري

تتطلب استنتاجات هذه الدراسات استمرار البحث لفهم الروابط الدقيقة بين الميزات الحضرية والمشاعر العامة بشكل أعمق. وعلى الرغم من نجاح الأدوات المستخدمة في دراسة هذه العلاقات، إلا أن هناك حاجة ملحة لتوسيع نطاق البحث ليشمل بيئات حضرية متنوعة. عبر تضمين مجموعة متنوعة من العوامل غير البصرية مثل جودة الهواء والضوضاء، يمكن الحصول على نتائج أكثر دقة تعكس الواقع.

ينبغي أن تستهدف الدراسات المستقبلية أيضًا تحليل تأثيرات الأحداث المفاجئة والتغيرات الاجتماعية على التصورات الحضرية لتوفير رؤى أكثر شمولاً للمصممين والمخططين حيث يتحتم عليهم دمج الأبعاد النفسية في خطط المدن.

إن التوازن بين البيئة المبنية، والفضاءات العامة، والمساحات الخضراء هو المفتاح لجعل المدن أماكن أكثر ملاءمة للعيش، وبالتالي ينبغي توسيع النقاش حول كيفية تصميم المساحات الحضرية لتعزيز الشعور بالانتماء والراحة.

الخلاصة أن هذه الدراسات ليست مجرد دراسة للبيانات، بل تدعو إلى التحول نحو ممارسات مستدامة ومراعية للمشاعر الإنسانية في جميع جوانب تصميم المدن الحضرية.

تأثير تصميم المدن على المشاعر العامة

تصميم المدن يعد من العوامل المهمة التي تؤثر على المشاعر العامة للمجتمعات. يهدف تصميم المدن الجيد إلى إنشاء بيئات حضرية مريحة وجذابة تسهم في زيادة جودة الحياة. تتضمن عوامل تصميم المدن المساحات الخضراء، وسائل النقل، والمرافق العامة. على سبيل المثال، تعتبر الحدائق العامة والمناطق الخضراء من العناصر الحيوية التي تعزز التجارب الحضرية الإيجابية، حيث تشير الدراسات إلى أن زيادة المساحات الخضراء يمكن أن تؤدي إلى تحسين الصحة النفسية وتقليل مستويات القلق والاكتئاب بين سكان المدن.

في هذا السياق، لعبت البيانات المستمدة من مواقع التواصل الاجتماعي دورًا مهماً في تقييم مشاعر الأفراد تجاه البيئة الحضارية. إذ توفر هذه البيانات معلومات قيمة حول كيفية تفاعل الناس مع المساحات الحضرية المختلفة. على سبيل المثال، يمكن تحليل المنشورات التي تتحدث عن متنزه معين لمعرفة كيف يؤثر ذلك على مشاعر الناس في تلك المنطقة. من خلال تحليل المشاعر بطرق متقدمة، يمكن للباحثين تحديد متى ولماذا تتغير المشاعر العامة في أماكن معينة، مما يوفر معلومات مهمة لصانعي القرارات والتخطيط الحضري.

لا شك أن فترة أحداث كبرى مثل جائحة كورونا قد أثرت بشكل كبير على مشاعر الناس تجاه بيئتهم الحضرية. فقد أدت التغيرات في أنماط الحياة والتفاعل الاجتماعي إلى تغييرات مؤقتة في كيفية تقييم الأفراد للمساحات العامة. يتطلب هذا التحدي طريقة تحليل تتسم بالمرونة تسمح بفهم كيفية تأثير هذه العوامل الاجتماعية والبيئية بشكل مشترك على المشاعر العامة.

التعقيد في تحليل المشاعر الزمنية والمكانية

يعتبر تحليل المشاعر من الأمور المعقدة خاصة عندما يتعلق الأمر بالتحولات الزمنية والمكانية. تتطلب هذه التحولات تقديم نماذج تحليلية دقيقة تأخذ بعين الاعتبار جميع العوامل المحتملة التي قد تؤثر على الرأي العام. على سبيل المثال، في موقع معين، قد تشير المنشورات في زمن معين إلى مبنى أو مشروع عمراني، بينما في زمن آخر قد تشير إلى مطعم جديد أو منتزه تم افتتاحه. كل من هذه العناصر يمكن أن يخلق شعوراً مختلفاً لدى المجتمع، مما يجعل من الصعب تحديد ما إذا كانت التغيرات في المشاعر ناتجة عن العناصر الجديدة أو عن الأحداث الاجتماعية الأوسع.

على مستوىٍ أعمق، يكشف هذا التعقيد عن أهمية تقييم مجموعة واسعة من العوامل، بدءاً من التغييرات في التخطيط الحضري إلى المشكلات الاجتماعية والسياسية. يمكن للعوامل مثل مشاريع تطوير البنية التحتية تجديد الحلول الحضرية وتحسين المشاعر العامة، بينما يمكن أن تؤثر الفوضى السياسية أو الأزمات الاقتصادية بصورة سلبية. لذا يصبح من الضروري دمج جميع البيانات والمعلومات المتاحة للحصول على صورة شاملة حول كيفية تفاعل هذه العوامل مع بعضها.

يتطلب هذا الفهم العميق تطوير نماذج تشمل جميع العوامل المؤثرة، مثل البيانات البيئية كجودة الهواء ومستويات الضوضاء، فضلاً عن المتغيرات الثقافية مثل المعالم الفنية. لذا، يمكن أن تقدم الدراسات المزمنة والعرضية تحليلات دقيقة ودائمة حول كيفية تشكيل السمات الحضرية لمشاعر المجتمع.

الإمكانات المستقبلية لأبحاث تحليل المشاعر في الفضاء الحضري

تعتبر الأبحاث المتعلقة بتحليل المشاعر في السياقات الحضرية مجالاً حديثًا ومتجددًا مليئًا بالإمكانات. باستخدام أدوات التكنولوجيا الحديثة، مثل تحليل البيانات الضخمة وتقنيات الرؤية الحاسوبية، يمكن للفريق البحثي استكشاف العلاقات المعقدة بين المكونات العمرانية والمشاعر العامة. على سبيل المثال، يمكن استخدام خوارزميات التعلم العميق لتحليل صور الشوارع مع التعليقات المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي لفهم كيفية تفاعل الناس مع بيئتهم.

عند النظر إلى آفاق المستقبل، من المهم أن يجمع الباحثون بين مصادر بيانات متعددة لتتكامل التحليلات. يجب أن تشمل القيم الثقافية وتأثيرات الجوار مع المباني والهياكل العامة. ومن خلال تجاوز الطرق التقليدية، يمكن تحقيق رؤى جديدة حول كيفية تأثير التصميم الحضري على المجتمع.

هناك أيضاً اتجهات جديدة نحو دمج النماذج الحسابية البديلة واختبار استجابات مختلفة لجوانب تحليل المشاعر. يمكن أن تساهم هذه النماذج في فهم الديناميات المعقدة ومراقبة التغيرات في المشاعر بمرور الوقت.

الأبحاث المستقبلية يجب أن تتوجه نحو دراسة تأثير التحولات المجتمعية والبنية التحتية وكيف يمكن أن تتفاعل هذه التغييرات مع مشاعر الفرد. من شأن ذلك أن يساعد المخططين وصانعي السياسات في تصميم مدن أكثر شمولية وقابلة للتكيف مع احتياجات المجتمع المتنوعة. بوجوب تعزيز التنوع والشمولية، يمكن لهذه الأبحاث أن تساعد في تشكيل مستقبل أكثر استدامة وتفاعلاً مع احتياجات الأفراد.

البيئة الحضرية والتصميم

تعتبر البيئة الحضرية جزءًا أساسيًا من حياة الناس في المدن، وهي تتضمن العناصر المادية والاجتماعية التي تشكل المكان الذي يعيش فيه الأفراد. تصميم هذه البيئة يلعب دورًا رئيسيًا في تحسين جودة الحياة ويؤثر على ادراك الناس للمساحات المحيطة بهم. يرتكز التصميم الجيد على فكرة “الإمكانات البيئية”، التي تتعلق بالقدرة على استغلال الموارد الطبيعية، مثل المساحات الخضراء والمياه، بطريقة تعزز من التجربة الحياتية للمواطنين. يجب أن يتماشى التصميم مع احتياجات المجتمع وطبيعة المنطقة. فمثلًا، من الضروري وجود مساحات مخصصة للأطفال ومحطات النقل والمرافق العامة لتسهيل حياة السكان.

نشرت دراسات متعددة، مثل تقرير “Kaplan” و”Kaplan” (1989)، التي تناولت تأثير الطبيعة على النفس البشرية. هذا يشير إلى أهمية دمج العناصر الطبيعية في التصميم العمراني، كالأشجار والحدائق، مما يسهم في تعزيز الرفاه النفسي وتقليل التوتر. يُعد إضافة تلك العناصر تحديًا وهامًا للمعماريين والمخططين، حيث يجب أن يراعوا التنوع الجغرافي والاحتياجات المحلية الفريدة لكل مدينة.

استعادة النفس من خلال البيئة

يلعب مفهوم “استعادة النفس” دورًا حيويًا في فهم تفضيلات الأفراد تجاه البيئة. يُشير ذلك إلى الحاجة إلى استعادة النشاط العقلي والبدني بعد التعرض لتوتر الحياة اليومية. الدراسات، مثل تلك التي أجراها Hartig وStaats (2006)، تشير إلى أن المساحات الطبيعية، مثل الحدائق العامة والمناطق المفتوحة، توفر للناس فرصًا رائعة للراحة والهدوء. هذه الأماكن تعمل على تقليل مستويات الضغط النفسي وتحفيز النشاط البدني.

على سبيل المثال، يُمكن أن تعزز المساحات الخضراء من رفاهية السكان وتؤدي إلى تحسين الحالة الصحية العامة. ويمكن أن تسهم عناصر التصميم الجيد، مثل الممرات الواسعة وفرص التنزه، في تشجيع الناس على قضاء المزيد من الوقت في الخارج. تلك التجارب لم تعد مجرد رفاهية، بل أضحت ضرورية للصحة النفسية والعقلية.

التقنيات الحديثة وتحليل البيانات الاجتماعية

في العصر الرقمي، أصبح استخدام تكنولوجيا المعلومات وتحليل البيانات الكبيرة جزءًا مهمًا من دراسة المواقف والمشاعر تجاه البيئة الحضرية. تم استخدام تقنيات مثل التعلم الآلي لتحليل البيانات المستمدة من وسائل التواصل الاجتماعي، مما يوفر رؤى مهمة حول كيف يتفاعل الناس مع مساحاتهم الحضرية. الأبحاث التي أجراها باحثون مثل Kim وزملاؤه (2020) توضح كيف يمكن لتحليل مشاعر الناس تجاه المدن أن يساعد المخططين في اتخاذ قرارات مفيدة.

عبر فهم آراء الجمهور والتوجهات، يمكن أن ينشأ تصور أفضل لسير الحياة الحضرية. ولكن يتطلب ذلك معالجة دقيقة ودقيقة للبيانات واستخدام أدوات مناسبة لتحليلها. استخدام تقنيات مثل “YOLO” و”DeepLab” في مجال تحديد المعالم المعمارية يمكن أن يسهم بشكل كبير في فهم وتقييم البيئة الحضرية. بفضل هذه التقنيات، يمكن للدراسات أن تؤدي إلى تحسينات فعلية في كيفية تصميم المدن وتجهيزها لتلبية احتياجات المجتمع.

التفاعل مع المساحات العامة

يلعب التفاعل مع المساحات العامة دورًا محوريا في التجربة الحضرية. هذه المساحات ليست مجرد نقاط مرور، بل هي مساحات ديناميكية تعزز من التفاعل الاجتماعي وتخلق الروابط بين الأفراد. تلعب الهندسة المعمارية والتخطيط العمراني دورًا حاسمًا في جعل هذه الفضاءات جذابة واستعمالها بشكل فعّال. من خلال تصميم مساحات جذابة وجميلة، تتشجع المجتمعات على استخدامها، مما يعزز من الحيوية والنشاط في المدينة.

حول العالم، يُعتبر نجاح بعض المساحات العامة، مثل ساحة “Times Square” في نيويورك، مثالًا حيًا على كيفية تعزيز الجودة الحياتية. تحولت تلك المنطقة إلى مركز حيوي يجذب الزوار والسكان المحليين على حد سواء، مع توفير خيارات متنوعة من الأنشطة والخدمات. الفلسفة وراء تصميم هذه المساحات تتمثل في خلط الاستخدامات وخلق بيئات جذابة تدفع الناس للاجتماع والتفاعل. الاستثمار في تحسين هذه المناطق يمكن أن يُحدث فارقا كبيرا في حياة المجتمع.

رابط المصدر: https://www.frontiersin.org/journals/computer-science/articles/10.3389/fcomp.2025.1504523/full

تم استخدام الذكاء الاصطناعي ezycontent