في إطار سعيها نحو تحقيق التحولات الاقتصادية المطلوبة لمواكبة متطلبات المستقبل، أطلقت “هيئة تنمية البحث والتطوير والابتكار” مجموعة من المبادرات الوطنية الهامة التي تهدف إلى تعزيز المنظومة البحثية والابتكارية في المملكة العربية السعودية. من خلال فعالية تم تنظيمها تزامنًا مع “مؤتمر ليب 2025” في مدينة الرياض، ركزت الهيئة على استشراف آفاق جديدة للاقتصاد، من خلال تطوير تقنيات مبتكرة وخطط استراتيجية طموحة تشمل تحقيق الريادة في مجالات الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية. يتناول هذا المقال أبرز المبادرات التي تم الإعلان عنها، والخطط المستقبلية التي تهدف إلى دفع عجلة الاقتصاد القائم على المعرفة، وتعزيز مكانة المملكة كمركز عالمي للابتكار.
إطلاق مبادرات وطنية للابتكار في اقتصاديات المستقبل
تُعَدُّ المبادرات التي أطلقتها هيئة تنمية البحث والتطوير والابتكار سابقةً نوعيةً في مجال دعم المنظومة البحثية والابتكارية في المملكة العربية السعودية. تأتي هذه المبادرات تزامنًا مع فعالية الابتكار في اقتصاديات المستقبل، التي تُنَظَّم ضمن مؤتمر ليب 2025 في الرياض، مما يؤكد أهمية هذه الجهود الوطنية في تحقيق الأهداف التنموية للمملكة. يهدف التحول من المدن الذكية إلى إنشاء “5 مدن معرفية” بحلول عام 2040 إلى تجاوز المفاهيم التقليدية للتكنولوجيا، وفتح آفاق جديدة في ابتكار حلول تكنولوجية متقدمة تستجيب لتطورات الاقتصاد المعرفي. لا يقتصر الهدف على النهوض بالجانب التكنولوجي فحسب، بل يسعى أيضًا لتشكيل مجتمع قادر على التفاعل بفعالية مع هذه الحلول. كما يعمل تطوير حاسوب كمي متقدم بحلول عام 2045 وذكاء اصطناعي موثوق بحلول 2050 على دعامات أساسية للتوجه نحو اقتصاد المعرفة، مما يتيح الاستخدام الفعَّال للأدوات الرقمية في كافة مناحي الحياة، من التعليم إلى الصناعة.
خارطة الطريق الوطنية للابتكار
تأتي خارطة الطريق الوطنية للابتكار كمحور رئيس في تحقيق أهداف هيئة الابتكار، حيث تسهم في توحيد الجهود البحثية ضمن ثلاث مجالات محورية: الذكاء الاصطناعي، والحياة الحضرية المعرفية، والآفاق الفيزيائية الجديدة. تعكس هذه المجالات أهمية الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية في تحسين نوعية حياة المواطنين، وفتح آفاق جديدة للحلول الابتكارية. على سبيل المثال، يتم تضمين حلول أمنية متقدمة قائمة على الذكاء الاصطناعي لمكافحة الجرائم في الحياة الحضرية المعرفية، مما يحسن من جودة الحياة ويعزز الأمان. تعمل الخارطة لتحقيق الريادة العالمية في مجال الابتكارات الفكرية، مما يسمح للمملكة بأن تكون رائدة في الحلول التكنولوجية المتطورة، ويضمن التفاعل مع الاتجاهات العالمية المتزايدة في مجالات مثل الحوسبة الكمية والروبوتات، مما يعزز من قدرة المملكة على أتمتة قطاعاتها الحيوية وتعزيز الإنتاجية.
التحالفات الوطنية لتعزيز الابتكار
جاء الإعلان عن التحالفين الوطنيين كخطوة مهمة ضمن استراتيجية الابتكار. يتضمن التحالف الوطني لتطوير مركبات لوجستية ذاتية القيادة العمل على خلق تآزر بين 14 جهة حكومية وأكاديمية وخاصة، مما يوفر بيئة ملائمة لتسريع وتيرة الابتكارات في مجال النقل. هذه الخطوة تدل على إدراك المملكة لأهمية السوق المتزايدة للمركبات الذاتية القيادة، والتي تشهد نموًا سريعًا، وتتيح فرصًا جادة للتعاون الفعال مع الشركات العالمية الناشئة. من جهة أخرى، يسعى التحالف الوطني للحوسبة الكمية إلى استكشاف التطبيقات العملية للحوسبة الكمية في حل المشكلات المعقدة، مما سيكون له تأثيرًا ملموسًا في مختلف القطاعات، من الطب إلى الصناعة. على سبيل المثال، يمكن استثمار الحوسبة الكمية في تطوير أدوية جديدة من خلال تحليل البيانات المتعلقة بالبروتينات والأمراض، مما يعود بالنفع على المجال الطبي ويعزز من قدرة المملكة على تقديم حلول مبتكرة على المستوى العالمي.
إنشاء مراكز التميز في الابتكار
من بين الإنجازات المهمة التي تم الإعلان عنها إنشاء أول مركز تميّز في الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات في القطاع الخاص، والذي يأتي بالتعاون مع مجموعة فقيه. يمثل هذا المركز دعامة قوية للبحث والتطوير في الصحة، حيث يتم ضخ استثمارات تصل إلى 100 مليون ريال. يسهم المركز في تعزيز مكانة المملكة كمركز عالمي للابتكار في مجال الرعاية الصحية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، مما يسرع من وتيرة الأبحاث وتحسين النتائج الصحية بشكل كبير. يمكن أن تكون الأمثلة على التقنيات المبتكرة التي سيتم تطويرها في هذا المركز شاملة لأدوات التحليل الذكي للبيانات الأمر الذي سيؤدي إلى اتخاذ قرارات مستنيرة أكثر بالنسبة للأطباء، وابتكار طرق جديدة لعلاج الأمراض المستعصية. تتمثل الأهمية في تعزيز الشراكات بين المؤسسات الأكاديمية والقطاع الصناعي، مما يؤدي إلى تطبيق فعال للأطفال والمجتمع على حد سواء.
جوائز التميز ودورها في نشر ثقافة الابتكار
تُعتبر جائزة التميز البحثي في اقتصاديات المستقبل خطوة استباقية تهدف إلى تشجيع الأبحاث والابتكارات ضمن الأولويات الوطنية. من خلال تكريم شخصيات بارزة في مجال البحث، تعكس الجائزة التزام المملكة بتعزيز ثقافة الابتكار ودعم العلماء والمبتكرين. يعد تسليط الضوء على العلماء مثل البروفيسور كارلوس دوارتي ورفاقه من المكرمين مثالاً على كيف يمكن لتشجيع الأبحاث أن يحفز المزيد من الجهود في هذا المجال من قبل الأكاديميين والباحثين. يأتي ذلك ضمن مسعى الهيئة لدفع العجلة الابتكارية في المملكة، مما يعود بالفائدة على الاقتصاد من خلال تعزيز القدرة التنافسية وتحقيق الاكتفاء الذاتي في كثير من المجالات. يؤكد ذلك على أن الابتكار ليس مجرد مفهوم أكاديمي، بل هو قوة دافعة حقيقية للنمو والتنمية المستدامة.
التقنيات الناشئة وأهميتها في المستقبل الاقتصادي
إصدار “تقرير التقنيات الناشئة في اقتصاديات المستقبل” يعكس الحاجة الماسة لفهم دور التقدم التقني في تشكيل الاستراتيجيات المستقبلية. يسلط التقرير الضوء على المجالات الحيوية التي يمكن أن تقدم نقلة نوعية في حياة البشرية. يعد فهم المحركات الاقتصادية وراء الابتكارات من الركائز الأساسية التي يعتمد عليها صناع القرار في وضع السياسات المناسبة. بالتالي، فإن المواد التي تم جمعها حول التقنيات مثل “RISC-V” تُعد مثالاً على كيف يمكن للبنية المفتوحة أن تتيح للمطورين إنشاء حلول قائمة على تكاليف منخفضة وفعالية ضمن مجموعة متنوعة من التطبيقات. إن فتح المجال للابتكار من خلال تقنيات مصممة لتحقيق كفاءة طاقة أفضل يدل على كيف يمكن تصحيح مسارات النمو ضمن القطاعات الحيوية وأن يُحدث ذلك تغييرًا إيجابيًا في المجتمع.
رابط المصدر: https://www.spa.gov.sa/N2260542
تم استخدام الذكاء الاصطناعي ezycontent
اترك تعليقاً