في قلب القارة القطبية الجنوبية، يستمر ذوبان الجليد في تشكيل مستقبل الأرض. يعد “رف الجليد فيلخنر-روني” (FRIS) واحدًا من أكبر الأرفف الجليدية في أنتاركتيكا، ومكانًا يثير قلق العلماء بسبب التدفقات المتزايدة من المياه الدافئة التي تهدد استقراره. فبينما يبدو هذا الرف الجليدي مستقرًا حاليًا، تشير الأبحاث الحديثة إلى أن تغيرات المناخ قد تسرع من ذوبان الجليد، مما يرفع منسوب البحار بشكل قد يكون كارثيًا. في هذا المقال، نستكشف نتائج دراسة جديدة تتعلق بتأثير المياه الدافئة على رف الجليد فيلخنر-روني، ومخاوف العلماء بشأن المستقبل، وأهمية المراقبة المستمرة لهذا النظام البيئي الهش. سنتعرف على التحديات التي يواجهها الباحثون في فهم الديناميكيات المعقدة في هذه المنطقة، ونبني صورة أوضح عن خطر ذوبان الجليد في مواجهة التغيرات المناخية.
تحذيرات من تدفق المياه الدافئة نحو الجرف الجليدي في أنتاركتيكا
تشير الأبحاث إلى أن تدفق المياه الدافئة نحو الجرف الجليدي “Filchner-Ronne” في أنتاركتيكا قد يمثل تهديدًا كبيرًا للهيكل الجليدي. هذا الجرف الجليدي يغطي مساحة واسعة فوق بحر ويديل، ويعتبر من أكبر الجرف الجليدي في المنطقة. بالرغم من أنه يظهر حاليًا مستقرًا، إلا أن نماذج المحيط السابقة قد حذرت من أن المياه الدافئة القابعة في أعماق البحر قد تؤدي إلى ضعف هذا الجرف. وقد أظهرت دراسة حديثة أن تدفق المياه الدافئة يتزايد بشكل ملحوظ خلال السنوات الأكثر حرارة، وهو ما قد يكون مرتبطًا بتقليص الغطاء الجليدي في البحر خلال تلك الفترات.
من خلال الدراسة التي نُشرت في مجلة “Journal of Geophysical Research: Oceans” في نوفمبر 2024، قام الباحثون بتحليل كيف يمكن أن تؤثر الظواهر المناخية على تدفق المياه إلى الجرف الجليدي. إذا وصلت المياه الدافئة إلى أسفل الجرف، فقد تؤدي إلى إذابة الأساس الجليدي، مما يؤدي في النهاية إلى ارتفاع مستوى سطح البحر بشكل كبير. وأكدت الباحثة نادين ستايغر على ضرورة الشروع في دراسات طويلة الأمد لفهم هذا الإطار بشكل أفضل، حيث أن التحولات السريعة في المناخ سترفع من خطر إذابة الجرف الجليدي في السنوات القادمة.
هذا الوضع يعد بمثابة إنذار كبير. لذلك، تأتي استنتاجات هذه الأبحاث في ظل مخاطر التغير المناخي المتزايدة. في حال لم تتخذ الحكومات العالمية خطوات للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، قد نواجه تبعات وخيمة مع مرور الوقت، مما يؤدي إلى تهديد سواحل العديد من الدول.
التغير المناخي وتأثيره على الحياة البحرية والجليد
التغير المناخي يؤثر بشكل مباشر على الحياة البحرية والبيئات الجليدية. مع ارتفاع درجة حرارة المحيطات، يزداد تدفق المياه الأكثر حرارة إلى المناطق الباردة، مما يتسبب في ذوبان الجليد والمزيد من المخاطر على الجرف الجليدي “Filchner-Ronne”. قامت الدراسة بتوثيق ذروة تدفق المياه الدافئة خلال عامي 2017 و2018، حيث كان هناك انخفاض كبير في سطح الجليد في تلك السنوات. بينما تشير البيانات إلى أن التغيرات هذه قد تكون ضمن السلوك الطبيعي النظامي لمناطق المحيط، هناك قلق متزايد بشأن تأثيرات التغير المناخي على العوامل المحيطة.
تعتبر أنظمة الجرف الجليدي حواجز طبيعية تحمي السواحل من تأثيرات الأمواج وارتفاع مستوى البحر. لذا، عندما تتعرض هذه الأنظمة لتهديدات بسبب تدفق المياه الدافئة، فإن العواقب قد تمتد لتؤثر على العديد من الأنظمة الإيكولوجية المحيطة. على سبيل المثال، تعد منطقة المحيط المتجمد الجنوبي موطنًا للعديد من الأنواع البحرية الفريدة، بما في ذلك الفقمة، والبطاريق، والأسماك التي تعتمد على الجليد كجزء من بيئتها.
إذا استمر الاحتباس الحراري في التقدم بمعدله الحالي، فإن ما يُعرف بالنقطة الحرجة لتغير المناخ قد تتم تجاوزها، مما قد يؤدي إلى انهيار واسع نطاق للجرف الجليدي. وبالتالي، يجب على المجتمع الدولي تكثيف الجهود للحفاظ على البيئة البحرية والمناطق الجليدية من خلال سياسات بيئية مستدامة.
ضرورة المراقبة طويلة الأمد ومقاومة التغيرات المناخية
تشير الأبحاث السابقة إلى أهمية المراقبة المستمرة للمناطق القطبية لفهم الآثار المترتبة على تغير المناخ. وبينما يتوقع العلماء أن يؤثر تسخين المناخ على المناطق الأبعد مثل “Filchner-Ronne”، فإن هناك أيضًا توجيهات صريحة لهدف الحفاظ على باقي الأنظمة الجليدية والمائية. تتطلب الفهم الدقيق لهذه الظواهر توافر بيانات طويلة الأمد، مما يعكس الحاجة إلى أماكن مراقبة تتطور بالتوازي مع الأبحاث الحديثة.
وكما أشار علماء المناخ، فإن فهم علاقة الطاقة الشمسية بالنظام الجليدي يتطلب تحليلًا للأنماط الحرارية والمائية في الأماكن التي تتحرك فيها المياه إلى الداخل. ومن الضروري أن تواصل الحكومات البحث والتطوير في مجال تقنيات المراقبة والبحث، لضمان وجود بيانات دقيقة تُظهر مدى سرعة تغير المواقع الدمغة.
بناءً على دراسات سابقة، فإن التغير المناخي يسبب انقراض بعض الأنواع بسبب تغييرات درجة حرارة المياه. وكما ذكر الباحثون، فإن الاحتباس الحراري يميل إلى تجاوز الحدود الطبيعية، مما يستدعي وضع سياسات فعالة للتقليل من انبعاثات الغاز والكربون على نطاق واسع. من المهم إجراء تغييرات على المستوى الفردي والجماعي لتقليل تأثير الإنسان على البيئة.
تستعد مجتمعات الأبحاث لجعل البيانات متاحة ومنارة للجهود المبذولة للحفاظ على البيئة. وفي النهاية، سوف يتحكم التفاعل بين النظم المناخية والجهود المجتمعية في نجاح أو فشل إعادة هيكلة المنظومات البيئية وعكس آثار الاحتباس الحراري على الجرف الجليدي.
تم استخدام الذكاء الاصطناعي ezycontent
اترك تعليقاً