تُعدّ الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا” من أبرز المؤسسات الرائدة في تعزيز موقع المملكة العربية السعودية في مجالات البيانات والذكاء الاصطناعي. ومن خلال جهودها المستمرة، أثبتت “سدايا” قدرتها على تحقيق المراكز الأولى في المؤشرات العالمية المختلفة خلال عام 2024. في هذا المقال، سنستعرض مدى تأثير السياسات والمبادرات الجديدة التي أطلقتها الهيئة، وكيف ساهمت في دعم الابتكار وبناء القدرات الوطنية، بالإضافة إلى إسهاماتها في المجالات الصحية والاجتماعية والبيئية. كما سنتناول أبرز المشاريع الرقمية التي أنجزتها “سدايا” والتي تجسد التحول الرقمي في المملكة، مما يعزز من رؤية المملكة 2030 ويجعل منها نموذجًا يُحتذى به عالميًا في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.
ريادة المملكة في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي
تعتبر المملكة العربية السعودية من الأوائل عالميًا في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي، حيث تواصل الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا” تعزيز هذه الريادة من خلال اتخاذ مجموعة من الخطوات الاستراتيجية. كان من بين النجاحيات الكبيرة التي حققتها “سدايا” هي حصول المملكة على المركز الأول عالميًا في عدة مؤشرات مرتبطة بالذكاء الاصطناعي، ومنها ركيزة الاستراتيجية الحكومية للذكاء الاصطناعي ومؤشر البيانات المفتوحة. هذه الإنجازات تعكس التزام المملكة بالممارسات الأخلاقية العالية في استخدام التقنيات الحديثة، وهو ما أدى إلى تحسين مكانتها في المؤشرات الدولية بشكل ملحوظ.
علاوة على ذلك، توفّر “سدايا” إمكانيات دعم الابتكار المستمر وبناء القدرات الوطنية، ما يضمن للملكة الارتقاء إلى مصاف الدول الرائدة في الاقتصاد القائم على البيانات. المملكة قامت كذلك بتحقيق العديد من الجوائز التي تساهم في تعزيز هذه الريادة ومواكبة التطورات العالمية، حيث حصلت على مجموعة من الشهادات المرموقة في مجال القيادة الرقمية والاستثمار في البيانات. كل هذه الجهود تعكس رؤية القيادة السعودية، ممثلةً بصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، في تحويل المملكة إلى مركز تقني عالمي، ويتم استثمار هذه الإمكانيات في تطوير العديد من المشاريع المهمة.
المشاريع الرقمية المبتكرة وتأثيرها الاجتماعي
تأسيسًا على الإنجازات التي حققتها “سدايا”، تم إطلاق عدة مشاريع رقمية مبتكرة تهدف إلى تحقيق تأثيرات إيجابية على مستوى المجتمع. من أبرز هذه المشاريع هو نموذج “علّام”، الذي تم تقديمه ضمن منصة Watsonx في شركة IBM، والذي يُعتبر واحدًا من أفضل النماذج التوليدية باللغة العربية. حيث يعتمد نموذج “علّام” على كمية هائلة من البيانات العربية التي تم جمعها، لتقديم نتائج دقيقة في مجال الذكاء الاصطناعي. هذا النموذج ساعد في توطين تقنيات النماذج اللغوية الكبيرة، مما يعكس التوجه نحو بناء بنية تحتية تقنية متطورة تدعم المحتوى العربي وتساهم في صقل قدرات الموارد البشرية المحلية.
إضافةً إلى ذلك، تميز مشروع “عيناي” في المجال الصحي، حيث يستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لتقديم تحليلات دقيقة للكشف المبكر عن أمراض الشبكية السكري. هذا المشروع أسهم في تحسين حياة العديد من المرضى من خلال تشخيص حالاتهم بدقة فائقة، مما يظهر القوة التحويلية للذكاء الاصطناعي في المجال الصحي. هذه المشاريع تعزز من الشراكات بين القطاعين الحكومي والخاص، وتوفر منصات تعليمية وتدريبية تسهم في رفع الوعي بأهمية الذكاء الاصطناعي في شتى المجالات.
البيئة التنظيمية لاستخدام البيانات والذكاء الاصطناعي
حرصت “سدايا” على وضع البيئة التنظيمية التي تتعلق بكيفية استخدام البيانات والذكاء الاصطناعي بطريقة أخلاقية وفعّالة. تم إعداد مجموعة من القوانين والمبادئ التي تهدف إلى تنظيم هذه الاستخدامات، وتعزيز الشفافية وحماية البيانات الشخصية. بالإضافة إلى إعدادها لأدلة إرشادية وأدوات تنظيمية لضمان تطبيق هذه المبادئ، تم إصدار العديد من السياسات التي تسهم في وضع الإطار التنظيمي العام لإدارة البيانات واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في المملكة، مثل سياسة حماية البيانات والشهادات المتعلقة بأنظمة حماية البيانات الشخصية.
يُظهر هذا الالتزام الجاد لضمان عدم حدوث أي انتهاك للخصوصية، بل يسعى لتعزيز الثقة بين الأفراد والجهات الحكومية. تأكيد هذه الإصلاحات والضوابط يعكس إدراك المملكة لأهمية وجود بيئة آمنة تسهم في تعزيز الابتكار وتطوير المهارات الوطنية في مجال الذكاء الاصطناعي، مع التأكيد على أهمية الوصول إلى معلومات موثوقة وصحيحة تعزز من الجهود الاقتصادية والاجتماعية.
مبادرات بناء القدرات الوطنية في الذكاء الاصطناعي
تعتبر مبادرات “سدايا” في بناء القدرات الوطنية جزءًا أساسيًا من استراتيجيتها. من خلال الأكاديمية الخاصة بها، تم تنظيم العديد من البرامج التدريبية والمعسكرات التي تهدف إلى تسهيل حصول الفئات المستهدفة على المعرفة والتدريب اللازمين في مجال الذكاء الاصطناعي. تهدف هذه البرامج إلى تعريف الأفراد بتطبيقات الذكاء الاصطناعي وتدريبهم على أساليب استخدامها بفعالية، مما يسهم في تطوير المهارات المطلوبة لخلق كوادر وطنية مؤهلة تسهم في مجالات مختلفة.
تتعاون “سدايا” مع الشركات التقنية العالمية والجامعات بالمملكة لتقديم تجارب تعليمية غنية وشاملة، حيث تمثل الأكاديمية منصة لرفع الوعي وتعليم العديد من الأفراد المهارات اللازمة لمواجهة تحديات العصر الرقمي. تدعم أكاديمية الذكاء الاصطناعي التوليدي تحفيز الإبداع وتبادل المعرفة بين الأجيال الجديدة من الباحثين والمحترفين، مما يعزز من فرص المساهمة في المجالات الحيوية لاقتصاد المعرفة.
التحول الرقمي وتأثيره على الحياة اليومية
تسعى “سدايا” باستمرار لدعم التحول الرقمي في مختلف الجهات الحكومية، لخلق بيئة متكاملة وموثوقة لجميع المستخدمين. من خلال منصات مثل “توكلنا”، تم تسهيل الوصول إلى أكثر من 350 خدمة إلكترونية بشكل ميسّر للمواطنين والمقيمين والزوار. تعكس الأرقام الضخمة لعمليات الاستعراض والبطاقات التقدم التكنولوجي الذي تم تحقيقه، مما يعمل على تحسين جودة الحياة اليومية. هذا التحول الرقمي لا يساعد فقط في تحسين كفاءة العمل ولكن أيضًا في تقديم خدمات فعالة وسريعة تعود بالنفع على المواطنين.
في عالم متسارع الخطى، يضمن التحول الرقمي تقليل الفجوة الزمنية التي كان يعاني منها الأفراد في الوصول للخدمات. بالإضافة إلى ذلك، يتجلى الأثر الإيجابي لهذا التحول في تخفيض التكاليف وتقليل الحاجة للأجهزة التقليدية، ما يسهم بشكل مباشر في تعزيز الكفاءة الحكومية وزيادة رضى المواطنين. تهدف الخطوات المعلنة من “سدايا” إلى استدامة هذا التحول الرقمي وتوسيع نطاق الخدمات المتاحة مع تطوير مستمر للتقنيات المستخدمة ورفع مستوى مواجهة التحديات.
قمة الذكاء الاصطناعي العالمية في المملكة
عقدت المملكة العربية السعودية القمة العالمية للذكاء الاصطناعي في نسختها الثالثة، حيث كانت هذه القمة تتويجًا لجهود المملكة في جذب المؤسسات العالمية والممارسات الرائدة في مجالات البيانات والذكاء الاصطناعي. استضافت الرياض أكثر من 465 متحدثًا من 100 دولة، مما عكس قوة المملكة في هذا القطاع المتنامي. تم توقيع اتفاقية ثلاثية بين المملكة و”اليونسكو” ومركز ICAIRE، مما أدى إلى اعتماد المركز ضمن الفئة الثانية (C2C). هذا التوجه يدل على التزام المملكة بإعداد أطر ومعايير أخلاقية في استخدامات الذكاء الاصطناعي. تعتبر القمة منصة حيوية لمناقشة الاتجاهات العالمية والابتكارات في هذا المجال، حيث تم إطلاق ميثاق الرياض للذكاء الاصطناعي في العالم الإسلامي الذي يستهدف توحيد الجهود وتحفيز التعاون بين الدول الإسلامية لتحقيق التنمية المستدامة.
منتدى المدن الذكية
في خطوة استراتيجية، قامت المملكة بتنظيم المنتدى العالمي للمدن الذكية تحت شعار “حياة أجود”، حيث جمعت فيه عُمداء المدن وخبراء البيانات والذكاء الاصطناعي والمستثمرين وصنّاع السياسات الاقتصادية. هذا المنتدى يعد الأول من نوعه في المملكة، وقد خرج بتوصيات عديدة تهدف إلى معالجة القضايا الحضرية المعاصرة مثل الازدحام والتخطيط العمراني. واحدة من النتائج الهامة كانت الاهتمام بتطبيق الحلول الرقمية لمعالجة مظاهر التشوه البصري والتزامات الاستدامة البيئية. المشاركون ناقشوا سبل تعزيز الكفاءة في البنية التحتية للمدن باستخدام التقنيات الحديثة، مما يسعى إلى تحسين جودة الحياة في المجتمعات المحلية على مدار السنوات القادمة.
تطورات سدايا في مجال الذكاء الاصطناعي
الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي، المعروفة بـ “سدايا”، تكثف جهودها نحو تعزيز ريادة المملكة في هذا المجال. استبقت سدايا عام 2024 بإصدار تقرير عن جاهزية المملكة في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، وأظهرت نتائج مشجعة تتعلق بالسياسات والأنظمة الأمنية. أثبتت المملكة أنها متقدمة في مؤشر البيانات المفتوحة واستراتيجيات الحكومة الرقمية، مما جعلها تحتل المرتبة الأولى عالميًا. تفاني سدايا لتحقيق الأهداف الوطنية من خلال برامج الابتكار المستدام وتطوير البنية التحتية للأمن السيبراني يشير إلى استراتيجية بعيدة المدى لضمان الاستفادة المثلى من الذكاء الاصطناعي في القطاعات المتعددة.
المشاريع الرقمية ومبادرات سدايا
من خلال تطوير العديد من المشاريع النوعية، أطلقت سدايا مشاريع مثل “علّام” الذي يستهدف تحسين الأمن الوطني وضمان توطين تقنيات النماذج اللغوية الكبيرة. هذا المشروع يُعتبر واحدًا من أبرز النماذج التوليدية باللغة العربية على مستوى العالم، حيث يعمل على جمع بيانات وتمارين باللغة العربية. بالإضافة إلى ذلك، عملت سدايا في مجال الصحة من خلال مشروع “عيناي” الذي يستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لتقديم خدمات طبية متقدمة للكشف عن مشاكل صحية مبكرة. إن استخدام الذكاء الاصطناعي في الصحة يشير إلى التحولات الجذرية التي يمكن أن تحدث في قطاع الرعاية الصحية، ويعزز من قدرة الأطباء على تقديم تشخيصات أدق وعلاجات فعالة.
الدور التنظيمي والأخلاقي للبيانات
يعتبر تنظيم استخدامات البيانات والذكاء الاصطناعي جزءاً أساسياً من استراتيجية سدايا. أعدت الهيئة حزمة من الأدوات التنظيمية التي تهدف إلى توضيح كيفية التعامل مع البيانات الخاصة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي بشكل أخلاقي. تشمل هذه الأدوات مبادئ الذكاء الاصطناعي، وفحص الأخلاقيات، وإطار العمل الأكاديمي. استجابةً لمتطلبات العصر الرقمي، وضعت سدايا سياسات واضحة لاستجلاب البيانات وتحقيق الشفافية في هذا المجال. الاهتمام بتعزيز الخصوصية وحماية البيانات الشخصية يعكس مسؤولية المملكة في استخدام التكنولوجيا الحديثة بصورة آمنة وصحيحة.
المبادرات التعليمية وبناء القدرات الوطنية
تسعى سدايا لبناء جيل قادر على اتخاذ زمام المبادرة في مجالات البيانات والذكاء الاصطناعي من خلال أكاديمية سدايا. تقوم الأكاديمية بتقديم البرامج التدريبية والمحاضرات بالتعاون مع شركات تقنية عالمية وجامعات محلية. هذه المبادرات ليست فقط لتعزيز المهارات ولكن أيضًا لتشجيع التفكير النقدي والإبداع بين الشباب، الذين يعتبرون القوة المحركة للتغيير. التوجه نحو تعليم الذكاء الاصطناعي يعكس رؤية المملكة في إعداد الكوادر البشرية اللازمة لدفع مسيرة التنمية والتقدم التكنولوجي، مما يضع المملكة في مصاف الدول الرائدة في هذا المجال.
رابط المصدر: https://www.spa.gov.sa/N2236451
تم استخدام الذكاء الاصطناعي ezycontent
اترك تعليقاً