تُعد الطائرات المسيرة إحدى أبرز التطورات في مجال الحروب الحديثة، وهي تثير قلقًا متزايدًا في مختلف أنحاء العالم، وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية. منذ منتصف نوفمبر، شهدت سماء نيوجيرسي ظهور طائرات مسيرة مجهولة تسببت في حيرة السكان وإرباك المسؤولين العسكريين والحكوميين. وقد سجلت القوات المسلحة الأمريكية عددًا من الحوادث التي تضمنت دخول هذه الطائرات إلى أجواء محظورة، مما أطلق شرارة من التحذيرات بين المشرّعين المحليين. تستعرض هذه المقالة تفاصيل هذه الظاهرة، بما في ذلك ردود الفعل الرسمية والإجراءات المتخذة لمواجهة هذه التهديدات، بالإضافة إلى القوانين والتحديات التي تعيق التصدي الفعال لهذا النوع من التحديات الأمنية. في ظل تصاعد الأنشطة التجسسية غير المعلنة، يبرز التساؤل: هل تشكل هذه الطائرات المسيرة خطرًا حقيقيًا على الأمن القومي الأمريكي؟
تزايد عمليات الاستخدام غير المصرّح به للطائرات بدون طيار في الولايات المتحدة
تزايدت عمليات ظهور الطائرات بدون طيار غير المعرَّفة في سماء الولايات المتحدة، وبشكل خاص فوق ولاية نيو جيرسي، مما أثار قلق السكان وساهم في إرباك العسكريين والمسؤولين الحكوميين. التقارير تشير إلى عشرات الحوادث التي تم فيها رصد هذه الطائرات في مناطق حساسة، مثل قواعد عسكرية بحرية وقواعد تابعة للجيش الأمريكي. أعرب سياسيون في الولاية عن مخاوفهم، مما أدى إلى دعوة أحدهم إلى إعلان “حالة طوارئ محدودة” حتى تتضح الأمور حول مصدر هذه الطائرات. على الرغم من هذه المخاوف، يبدو أن وزارة الدفاع الأمريكية لم تأخذ هذا الأمر على محمل الجد، حيث صرحت بأن العديد من الحوادث التي أُبلغ عنها يمكن أن تكون لطائرات مأهولة، وليس للطائرات بدون طيار.
تأتي هذه الحوادث وسط زيادة ملحوظة في نشاط الطائرات بدون طيار فوق البنى التحتية العمويمة والطاقات العسكرية في الولايات المتحدة. تُظهر التقارير أنه تم رصد نحو 600 عملية دخول غير مصرح بها فوق المنشآت العسكرية الأمريكية منذ عام 2022، مما يجعل الأمر يمثل تحديًا للسلطات الأمريكية التي تواجه قيودًا صارمة في كيفية استجابتها لمثل هذه الأنشطة.
مثال آخر على هذا الفزع هو الحوادث المماثلة التي شهدتها القواعد العسكرية في كاليفورنيا، حيث طافت طائرات بدون طيار فوق قاعدة “بلانت 42” في وقت سابق من العام، بينما كانت بيئة الفدرالية مرشحة لأعطال كبيرة تهدد الأمن. هذه الأحداث بشكل عام تُظهر الحاجة الملحة للقوانين والتفويضات الجديدة التي تُمكن الجيش من التعامل بشكل فعال مع هذه التهديدات المتزايدة.
التأثيرات الأمنية للطائرات غير المُراقبة على القواعد العسكرية الأمريكية
تتمتع الطائرات بدون طيار بقدرة فريدة على توسع نطاق المراقبة والهجمات الدنيوية، وقد أثبتت أنها تهديد حقيقي للقواعد العسكرية ومراكز الأمن. المداهمات التي تمت في السنوات الأخيرة شملت قواعد حساسة مثل قاعدة “فاندنبرغ” و”لاكنهيث” في المملكة المتحدة، مما زاد من القلق حول سلامة الأصول العسكرية الأمريكية، ومدى قابلية هذه الأصول للخطر في ظل عدم توفر أطر قانونية للتصدي لهذه الظهورات.
ركّزت الاستجابة العسكرية على تحسين تكنولوجيا مكافحة الطائرات بدون طيار، مع التركيز على تأمين السيطرة على المجال الجوي. ومع ذلك، تبقى القوانين الأمريكية الحالية عائقًا يقيّد فعالية الاستجابات العسكرية. إذ تحتاج الكوادر العسكرية إلى وسائل قانونية مُعدَّلة تسمح بردود الفعل السريعة على هذه الانتهاكات.
وقع حادث مثير في عام 2019 عندما تم رصد سرب من الطائرات بدون طيار يرافق زوارق بحرية. كان هذا نوعًا من المراقبة المحكمة للعمليات العسكرية التي ساهمت في إثارة الكثير من التكهنات حول مصدر هذه الطائرات، مما دفع الجيش الأمريكي للبحث عن تفسيرات واضحة لتحديد ما إذا كانت تُمثل تهديدًا خارجيًا.
استراتيجيات وزارة الدفاع لمواجهة التهديدات الناجمة عن الطائرات بدون طيار
تعمل وزارة الدفاع الأمريكية على تعزيز إمكانيات الدفاع ضد الطائرات بدون طيار من خلال استراتيجية موحدة تهدف إلى معالجة التهديدات المُتصاعدة. تم توقيع استراتيجية جديدة لمواجهة أنظمة الطائرات غير المأهولة التي تطمح لتوحيد جهود مختلف وكالات الدفاع في مكافحة هذه الأنظمة. تتضمن الاستراتيجية استخدام تكنولوجيا متقدمة مثل الأسلحة الموجهة بالليزر وتقنيات الحرب الإلكترونية لإضعاف أداء الطائرات غير المأهولة.
التقديرات تشير إلى أن قدرة هذه الأنظمة ستستمر في التطور، مما يخلق تحديات جديدة للجيش الأمريكي، ليس فقط في ساحات القتال ولكن أيضًا في الأراضي الأمريكية. يأتي توقيع الاستراتيجية في وقت تشهد فيه العديد من الوحدات العسكرية خارج البلاد تجارب ناجحة مع تكنولوجيا مضادة حديثة تركز على ترسيم أفضل السبل لحماية الأمن القومي.
من المهم أيضًا الإشارة إلى أن وزارة الدفاع تحتاج إلى تعاون عدة جهات للحفاظ على أمان الطائرات بدون طيار. يُعتبر التنسيق بين الوكالات المحلية والفدرالية أمرًا حيويًا لتطوير استجابة شاملة وفعالة لهذه التهديدات. ويتطلب هذا تنسيقًا تشريعيًا يعزز من القدرة على اتخاذ الإجراءات المناسبة ضد هذه الأنشطة المتزايدة.
تحديات مواجهة الطائرات بدون طيار في الولايات المتحدة
تعتبر الطائرات بدون طيار أداة متعددة الاستخدامات في العالم الحديث، وسط التقدم التكنولوجي الكبير الذي جعل من الممكن استغلالها لأغراض متعددة، من الترفيه إلى الأعمال التجارية، وحتى الاستخدام العسكري. ومع تزايد عدد هذه الطائرات في الأجواء الأمريكية، تبرز تحديات كبيرة في كيفية مواجهة التهديدات المحتملة التي تشكلها. يتسم البيئة الأمريكية بالتعقيد من الناحية القانونية والتنظيمية، حيث تسعى الحكومة لحماية الطائرات المدنية والمصالح العامة. تواجه القوات العسكرية تحديات تتعلق بإمكانية استخدام تقنيات مضادة للطائرات، مما يجعل الاستجابة لأعمال القرصنة الجوية أكثر تعقيدًا.
تعتمد الحلول المتاحة حاليًا بشكل كبير على تقنيات “التدمير غير القاتل” مثل تشويش الإشارات، حيث تعبر عن قيود قانونية على استخدام القوة المميتة في مواجهة الطائرات بدون طيار. هذا يبرز الفجوة بين الحاجة المتزايدة لأمن الطائرات والتشريعات الحالية التي تعوق الإجراءات الفعالة. كما أن التطور السريع في استخدام الطائرات بدون طيار يتطلب استجابة سريعة من المؤسسات العسكرية، وهو أمر يتعثر بسبب القوانين القائمة والبيئة التنظيمية التي تحد من قدرة وزارة الدفاع على التصرف.
الإطار القانوني واستخدام القوات العسكرية
يمثل الإطار القانوني أحد أهم العوامل المؤثرة في قدرة الولايات المتحدة على اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة الطائرات بدون طيار. وفقًا للقوانين الأمريكية، يحدد القسم 130(i) من العنوان 10 من قانون الولايات المتحدة سلطات القوات العسكرية في حماية المنشآت والمرافق الحساسة من الطائرات غير المأهولة. يوفر هذا القانون إطارًا يسمح باستخدام القوة، ولكنه يرتبط بشروط صارمة تتطلب التنسيق مع وكالات مختلفة مثل إدارة الطيران الفيدرالية.
تسود المخاوف من الاستخدام غير المصرح به للقوة، ولهذا تصر القوانين على ضرورة الحصول على تراخيص مسبقة للتصرف في حالة التهديد. يتعين على وزارة الدفاع التنسيق مع وزارة النقل وإدارة الطيران الفيدرالية قبل تنفيذ أي استراتيجية مضادة للطائرات. هذا يجعل من الصعب تحقيق استجابة سريعة عند ظهور خطر وشيك، وهو أمر حاسم في حماية الأفراد والمنشآت الحساسة.
استراتيجية البنتاغون لمواجهة التهديدات الجوية
يعمل البنتاغون على تطوير استراتيجيات جديدة لمواجهة التهديدات المتزايدة الناتجة عن الطائرات بدون طيار. في بداية ديسمبر، تم الكشف عن استراتيجية جديدة تتعلق بالمواجهة، حيث تواجه البلاد تهديدات متنوعة، تتراوح بين الهجمات المحتملة من قبل الأعداء، إلى المخاوف المتعلقة بالطائرات الهواية التي يستخدمها الهواة. تتضمن هذه الاستراتيجية تقييم البيئة الأمنية والتقنيات المتاحة لمواجهة الطائرات، مع ضرورة تقليل التعقيدات البيروقراطية التي تعيق سرعة الاستجابة.
تشير التقارير إلى أن بعض المناطق تشهد نشاطًا كثيفًا للطائرات بدون طيار، مما يتطلب استجابة فعالة من القيادة العسكرية. تتضمن الاستراتيجية أيضًا البحث عن طرق للتعاون مع الوكالات الفيدرالية الأخرى لتيسير الإجراءات، وتحقيق توازن بين الحاجة للأمان وحماية الطيران المدني. يتطلب كل هذا التنسيق إعداد تقارير شاملة عن التهديدات الحالية والتكنولوجيات المستخدمة، وهو ما يسعى البنتاغون لتحقيقه في المستقبل القريب.
الاستجابة التشريعية والنظم الفيدرالية للحد من التهديدات
بالتوازي مع الخطوات المتخذة من قبل البنتاغون، بدأ الكونغرس في استكشاف سبل تعديل التشريعات لمواجهة التهديدات الناتجة عن الطائرات بدون طيار. تم إدراج نصوص تشريعية في قانون تفويض الدفاع الوطني تدعو إلى إجراء تقييم شامل لتقنيات مواجهة الطائرات. يسعى المشرعون إلى تخفيف القيود المفروضة على استجابة القوات العسكرية، مما يسمح لهم بالتحرك بسرعة أكبر تجاه التهديدات الجوية.
يثير هذا الاهتمام المتزايد القلق بشأن حماية المنشآت الحساسة والبنية التحتية الحيوية. تتزايد الدعوات لتوفير بيئة قانونية تتيح للقوات العسكرية التعامل مع التهديدات بفعالية وبدون التأخير الناتج عن المتطلبات البيروقراطية الحالية. مما يسهل التفاعل السريع مع أي تهديد ويعزز من قدرة البلاد على مواجهة المخاطر الجوية المرتبطة بالطائرات بدون طيار.
رابط المصدر: https://www.wired.com/story/us-military-mystery-drones-response/
تم استخدام الذكاء الاصطناعي ezycontent
اترك تعليقاً