في خضم tumultuous الأحداث في سوريا، يواجه البلد تاريخًا جديدًا عقب مغادرة بشار الأسد. الهزات السياسية والاجتماعية التي تعصف بالبلاد تثير تساؤلات متعددة حول مستقبله، إذ أصبح في مفترق طرق قد يحدد ما بين الانزلاق نحو الفشل كدولة أو الانطلاق نحو إعادة البناء والسلام. تتناول هذه المقالة أوضاع سوريا الراهنة، متناولة التحديات والمخاطر التي تواجه السلطة الجديدة، بالإضافة إلى الفرص المتاحة للتأسيس لعهد جديد. هل ستنجح القيادة الجديدة في استعادة الاستقرار وبناء علاقات مثمرة مع المجتمع الدولي، أم أن المخاطر الداخلية والخارجية سترسخ البلاد في المزيد من الفوضى؟ تابعونا لاستكشاف هذه القضايا المعقدة التي قد تؤثر بشكل كبير على مستقبل سوريا.
الرحيل المفاجئ لبشار الأسد وتأثيراته على سوريا
تُعتبر أحداث مغادرة بشار الأسد لسوريا في ديسمبر 2024 نقطة تحول كبيرة في تاريخ البلاد، حيث غادر الأسد البلاد فجأة في خضم تدهور الوضع العسكري أمام القوى المعاكسة. تمثل هذه اللحظة علامة فارقة في الصراع السوري، حيث طالما كان الأسد رمزًا للسلطة والنظام، ولكن مع ملاحظة ضعفه في مواجهة مقاومة غير متوقعة. مغادرة الأسد تُشير إلى عملية سياسية بالغت الفرصة على ما يبدو للمعارضة، مما أثار تساؤلات عديدة حول مستقبل سوريا. في بيان عقب مغادرته، أكد الأسد أنه لم يكن لديه نية للاستقالة، بل تم إجلاؤه بضغوط غير متوقعة من روسيا. ومن هنا، يبدأ الحديث عن الشكوك حول إمكانية إعادة بناء الدولة السورية أو احتمال انهيارها الكامل.
بعد مغادرته، انتشرت الشائعات حول مكان إقامة الأسد، حيث تم تأكيد وجوده في موسكو مع أسرته، مما أثار ردود فعل متباينة حول موقف روسيا من الشأن السوري. فهل كانت روسيا في موقف القوة في هذه العلاقة أم أن مغادرة الأسد تشير إلى تحول أكبر؟ هذه التساؤلات كانت حاضرة في أذهان الجميع، ويعكسها تغير تكتيكي في مواقف القوى الخارجية الفاعلة في الملف السوري.
دور روسيا في الصراع ونتائج تدخلها
منذ عام 2015، كانت روسيا لاعبًا رئيسيًا في الصراع السوري، عندما تدخلت بطلب رسمي من نظام الأسد. كان هدفها الرئيسي هو الحفاظ على الحكومة السورية ومنع الجماعات الإرهابية من السيطرة. وازدادت أنشطة القوى العسكرية الروسية لتشمل الدعم الجوي ووجود عسكري، مما جعل العملية العسكرية الروسية محورية في إحداث توازن القوة على الأرض. لكن السؤال هنا: هل كانت هذه التدخلات فعلاً لأجل سوريا أم أن لها أهدافًا استراتيجية أخرى؟
عززت روسيا من وجودها في المنطقة من خلال إنشاء قواعد عسكرية ودعم نظام الأسد، ولكن كان من الواضح أيضًا أنها تُولّي اهتمامًا كبيرًا لدعم إعادة العلاقات السورية مع الدول العربية. وقد اتضح ذلك في محاولاتها لإعادة إدماج سوريا في الجامعة العربية وتعزيز الحوار بين دمشق وأطراف إقليمية أخرى مثل أنقرة. لكن جمود الأسد وعدم استعداده للتنازلات جعلت هذه الجهود تواجه عقبات كبيرة.
في إطار استراتيجية روسيا، نشهد عدة تصاعدات وتغيرات في المواقف، فعلى سبيل المثال، التغيرات التي طرأت على جماعات كانت تُعتبر خصومًا لنظام الأسد. حيث بدأ البعض في تغيير أجندتهم، وهذا ما أفضى إلى تحسين العلاقات بين بعض الأطراف وموسكو.
المستقبل المجهول لسوريا بعد مغادرة الأسد
مع انتهاء حكم باسل الأسد، فتحت صفحة جديدة في تاريخ سوريا، ولكنها تواجه تحديات جسيمة. هناك حالة من عدم اليقين حول شكل الحكومة الجديدة، ومدى قدرتها على توحيد البلاد وتحقيق الاستقرار. يمكن أن تظهر جماعات جديدة في السلطة، كما ستدمج القوى المتنافرة فيما بينها وتواجه تحديات التفاهم.
أحد اللاعبين الرئيسيين الآن هو أبو محمد الجولاني، الزعيم السابق لجبهة النصرة، والذي قد يُظهر طموحات في توحيد البلاد. ولكن هل سينجح في تأمين التعاون بين الفصائل المتباينة؟
كما أن المبعوث الأممي إلى سوريا، غيير بيدرسن، دعا جميع الأطراف للتعاون، معتبراً أن هناك بصيص أمل في الأجواء السياسية الراهنة. لكن التجارب السابقة تُشعر الجميع بعدم التفاؤل، حيث يوجد تاريخ طويل من الصراعات بين مختلف الفصائل، وعدم استعداده لاستيعاب التغيرات السياسية.
الانعكاسات الإقليمية والدولية للصراع السوري
تتعرض منطقة الشرق الأوسط بالكامل لتأثيرات وتداعيات الصراع المستمر في سوريا. فظهور قوى جديدة في السلطة قد يغير من موازين القوى الإقليمية. كما يمكن لأنظمة مختلفة إعادة تقييم علاقاتها بسوريا بناء على التطورات الجديدة.
ترغب العديد من الدول، بما في ذلك الدول الغربية، في استغلال الهشاشة الحالية في سوريا لتحقيق مصالحها. هناك اهتمام بإعادة العلاقات مع المكونات المختلفة للساحة السورية، ولكن القضايا الجوهرية مثل حقوق الإنسان واستقرار الدولة تظل محور الجدل.
وفي نفس الوقت، تسعى القوى الكبرى مثل روسيا والولايات المتحدة إلى تحقيق مكاسبهم، وبالتالي سيستمر الصراع في التأثير على السياسات الإقليمية والدولية. كيف ستؤثر هذه الديناميكيات على الوضع الداخلي في سوريا؟ إن استراتيجيات إعادة بناء الدولة يجب أن تُؤخذ في الاعتبار من قبل جميع الأطراف المعنية، مع التركيز على أهمية التعاون المحلي والدولي.
التحديات الراهنة في سورية
تواجه سورية في الوقت الراهن مجموعة من التحديات السياسية والاجتماعية المعقدة التي تعيق عملية بناء النظام القانوني وترسيخ حكم القانون. بعد سنوات من الصراع، تبين أن ما شهدته البلاد لم يكن مجرد أزمة عابرة، بل أصبح تحول سورية إلى دولة مستقرة يتطلب العديد من الخطوات المعقدة والموازنة بين مصالح مختلف الأطراف. الصراع الدائر في البلاد الآن ليس فقط ضد النظام، بل هو أيضًا حرب على الشرعية السياسية التي تشمل أطرافًا متعددة، منها فصائل المعارضة المسلحة والجماعات الكردية، ما يجعل التكهن بمستقبل سورية أمرًا صعبًا للغاية.
تعتبر الهيئة التفاوضية العليا للمعارضة، خاصةً جبهة النصرة (HTS)، واحدة من الفصائل الأساس التي تسعى للهيمنة على المشهد المعارض، لكنها تعاني من تباينات فكرية حادة مع فصائل أخرى مدعومة من القوى الغربية. هذه الفجوات الأيديولوجية تجعل من الصعب تحقيق وحدة شاملة في صفوف المعارضة. إن التحدي الكبير يتمثل في قدرة HTS على إحراز تقدم في تحقيق إجماع مع الفصائل الأخرى، وخاصة في ظل الصراعات الداخلية والإقصاء الذي قد يؤدي إلى تفكك المعارضة، وهو ما ظهر بوضوح في جذور الخلافات حول تشكيل الحكومة الانتقالية الجديدة.
الواقع أن محاولة تشكيل حكومة جديدة، مثل تلك التي تم تكليف محمد البشير بها، قد تسببت في خلق توترات جديدة داخل صفوف المعارضة بسبب عدم إشراك العديد من الفصائل في عملية القرار. تُظهر هذه الأزمات الخلافات الجوهرية بين المكونات السياسية، مما يعكس واقعًا صعبًا يُعقّد محاولات الانتقال إلى مرحلة ما بعد النظام الحالي.
الأبعاد الإقليمية والعرقية للصراع في سورية
يتعقد الوضع في سورية أكثر باحتواءه على العديد من الأبعاد الإقليمية والعرقية. إذ أن التوترات بين الجماعات العرقية والدينية المختلفة، مثل الأكراد والدرزيين، تعطي دفعًا للصراعات الداخلية. الأكراد، المدعومون من الولايات المتحدة، يسيطرون على مساحات واسعة من الشمال الشرقي، ويواجهون بانتظام تحديات من الجماعات المدعومة من تركيا. أوضاع كل من هذه المجموعات تجعل من الصعب تحقيق استقرار على كامل الأراضي السورية.
في الجنوب، ترفض الجماعات القبلية التاريخية، مثل الدروز، سلطة العائلة الأسدية، ومع ذلك، تظل هذه الجماعات مؤثرة ولها رؤية مستقلة قد تؤدي إلى استراتيجيات سياسية جديدة. يمثل الدروز عنصرًا رئيسيًا في التوازن السياسي داخل سورية، إذ يلعبون دورًا في تحديد المستقبل السياسي للبلاد لا سيما فيما يتعلق بعلاقتهم مع إسرائيل.
إسرائيل أيضًا تراقب الوضع عن كثب، حيث إنها تنظر إلى التهديدات المحتملة من الجماعات المسلحة المتواجدة داخل سورية. هذه الديناميكيات تجعل من الضروري أن تتبلور سياسات تدخل تعزز من الاستقرار الإقليمي من خلال توسيع نطاق الحوار السلمي مع الأطراف المختلفة.
الفشل في تحقيق التوافق وآثاره
إذا عجزت السلطات السورية عن تحقيق التوافق بين مختلف الفصائل والجهات، فإن البلاد قد تجد نفسها مجددًا في دوامة الصراع الداخلي. انقسام سورية إلى دويلات صغيرة، كما تشير التوقعات، قد يكون نتيجة حاسمة لفشل الأطر السياسية. في حالة استمرار الصراعات، قد تتحول الجغرافيا السياسية في البلاد إلى مزيد من الفوضى ليتمكن كل طرف من فرض سلطته الذاتية.
بالمثل، الصراع قد يؤدي إلى انزلاق البلاد إلى مستوى أعلى من الأزمات الإنسانية، مع فقدان الحكومة السيطرة الفعلية على الموارد. هذا السيناريو قد يثير نزاعات مسلحة بين القبائل المحلية، مما يؤدي بالتالي إلى عدم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، وفقدان الفرص أمام المساعدات الدولية والاستثمارات. مما يزيد من تعقيد المشهد، فإن استمرار الانقسامات يمكن أن يسهل تعزيز الوجود العسكري الإسرائيلي في الجولان، مشيرًا إلى خطر تفاقم الصراعات في المنطقة.
فرص التحول والاتجاه نحو السلام
على الرغم من التحديات، تظل هناك فرص كبيرة لإعادة بناء سورية وتحقيق التحول نحو السلام. من خلال تعزيز العلاقات مع القوى الإقليمية والدولية، مثل روسيا والصين، يمكن أن تحظى سورية بدعم كبير لإعادة الإعمار. هذه الشراكات يمكن أن تؤدي إلى تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة، مما يسمح بسيل من الاستثمارات التي تساهم في تحسين البنية التحتية والاقتصاد المحلي.
أيضًا، تعزيز التحالفات مع الدول الخليجية، مثل السعودية وقطر، سيكون له تأثير كبير على تنمية قطاعات حيوية مثل الطاقة والزراعة. إن هذه الجهود يمكن أن تساهم في إيجاد بيئة ملائمة لعودة اللاجئين وتسهيل عملية تحقيق الأمن والاستقرار.
لكن تحقيق هذه الأهداف يتطلب إرادة سياسية قوية وشفافية في التعامل مع جميع الفئات والطوائف. يجب أن تتضمن أي عملية سياسية مستقبلية جهودًا حقيقية للتفاوض مع الأطراف السلمية، بما في ذلك المجتمعات المحلية ذات النفوذ، لتسهيل الحوار الشامل الذي يسعى لتحقيق التوافق الوطني الضروري لإعادة بناء سورية.
رابط المصدر: https://www.rt.com/news/609813-syria-future-failed-state/
تم استخدام الذكاء الاصطناعي ezycontent
اترك تعليقاً