زيادة النشاط العصبي في دماغ الأطفال قبل وبعد الولادة

قدمت دراسة حديثة رؤية غير مسبوقة حول كيف يتغير نشاط الخلايا العصبية في الدماغ خلال عملية الولادة. من خلال تحليل 184 عملية تصوير للدماغ استخدمت فيها تقنيات التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، تتبع العلماء كيفية تأثير هذه اللحظة الحاسمة على مناطق مختلفة في الدماغ، وخاصة الشبكات الحسية والحركية. تظهر النتائج أن الولادة تزيد بشكل كبير من النشاط العصبي، مما يمهد الطريق لفهم أفضل للتكيف السريع للرضع مع البيئة الجديدة بعد خروجهم من الرحم. في هذا المقال، سنستعرض تفاصيل هذه الدراسة المثيرة وكيف يمكن أن تؤثر هذه الاكتشافات على فهمنا لتطور الدماغ والتكيف مع الحياة الخارجية.

زيادة النشاط العصبي بعد الولادة

تشير الأبحاث الجديدة إلى زيادة كبيرة في النشاط العصبي في بعض مناطق الدماغ بعد الولادة، وكشف تحليل 184 مسحًا دماغيًا تم جمعها من 140 جنينًا وطفلًا حديثي الولادة. أظهرت النتائج أن الشبكة العصبية الحسية الحركية، المسؤولة عن معالجة المحفزات الخارجية، شهدت زيادة ملحوظة في النشاط بعد دخول الأطفال إلى العالم الخارجي. على سبيل المثال، لدى الأطفال حديثي الولادة، يقع تحت تأثير مجموعة متنوعة من المحفزات مثل الأصوات العالية للأجهزة الطبية والضوء الساطع، مما يجعله في حاجة إلى تعديل ردود فعله بسرعة.

اجتازت الدراسة حدود الفهم التقليدي لنمو الدماغ، مؤمنة بأن الولادة تكون بمثابة حدث محوري يتسبب في تحول كبير للجسم برمته. ولذلك، فإن البحث في آلية تطور النشاط العصبي بعد الولادة يمثل خطوة معينة نحو فهم كيف يتفاعل الدماغ مع البيئة الجديدة. ينبغي ملاحظة أنه بالرغم من الزيادة الحادة في الاتصال الوظيفي بين الخلايا العصبية، فإن كفاءة هذا الاتصال كانت تتطور ببطء أكثر، مما يعني أن الهيكل العصبي كان يحتاج إلى وقت لتحسين فعاليته.

تأثير بيئة ما بعد الولادة على نمو الدماغ

عند الانتقال من البيئة المحفوظة في الرحم إلى البيئة الخارجية، يتعرض الأطفال لمجموعة من المؤثرات الحسية التي تؤثر بشكل كبير على نمو دماغهم. يمكن رؤية ذلك بوضوح في كيف يتكيف الأطفال مع المؤثرات الجديدة من حولهم. مثلاً، بعد إتمام الولادة، يكون الأطفال محاطين بأصوات وهتافات وأضواء غير مألوفة، وكل ذلك يحتاج إلى معالجة فورية. الأمر الذي يتطلب من الدماغ تطوير مسارات جديدة للتعامل مع تلك البيانات الجديدة.

أراد الباحثون دراسة كيفية تأثير هذا التطور الحسي وتنوع المؤثرات المحتملة على النمو العصبي. تعتبر فكرة “التقويض المشبكي” مهمة هنا، حيث تشير إلى كيفية قمم الاتصالات الضالة بين الخلايا العصبية يتم تقليلها أو حذفها لحفز نمو اتصالات أكثر فعالية. إن العوامل البيئية لها تأثير كبير على كيفية انضاج هذه الشبكات العصبية، مما يؤكد أهمية محيط الطفل في السنوات الأولى من حياته.

التحديات المنهجية في البحث عن النشاط العصبي الجنين

من المعروف أن إجراء التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي يتطلب مراقبة دقيقة للغاية لقياس نشاط الدماغ، ولكن تحديات عديدة تنشأ عند توظيف هذا في الأجنة. عملية الحركة المستمرة للأجنة داخل الرحم تجعل من الصعب الحصول على علامة دقيقة للنشاط العصبي. ومع ذلك، تمكن الباحثون من التغلب على هذه العقبة باستخدام نظام لفائف مغناطيسية بسيطة وضعوها على بطن الأم، وهو ما يمكنهم من الحصول على بيانات دقيقة رغم الحركة.

هذا التحسن التكنولوجي الفريد كذلك يمثل نقطة انطلاق مهمة لفهم كيف تتطور الدماغ في فترات مبكرة جداً، ولهذا السبب تم استخدام تقنيات تحليلية متقدمة مثل الذكاء الصناعي لتعزيز المقاييس وتسهيل التعرف على الأنماط العصبية المعقدة المحتملة في الأجنة. كانت النتائج التي تم التوصل إليها توفر نظرة أعمق حول خصائص النشاط العصبي في هذه الفترة الحرجة من الحياة.

تطلعات المستقبل في دراسة نشاط الدماغ

بالنظر إلى تلك النتائج المثيرة للاهتمام، يأمل الباحثون أن تساعد جميع هذه البيانات في تشكيل أبعاد جديدة في الأبحاث المستقبلية التي تدرس تأثير العوامل البيئية على نمو الدماغ قبل وبعد الولادة. التوجه الحالي يتضمن مقارنة تطور الشبكات العصبية بين الأطفال المبتسرين وأولئك الذين يولدون مكتملين، مما قد يسلط الضوء على الفروق الدقيقة جداً في كيفية استقبال واستجابة الدماغ لكل من هذه البيئات.

مع وجود قدر من التفاؤل حول الفهم المتزايد للنمو العصبي، فإن هذه الأبحاث لها القدرة على توجيه طرق جديدة للتدخلات المبكرة، مما قد يعود بالنفع على مجموعات محددة من الأطفال الذين قد يواجهون تحديات في المستقبل بسبب الظروف البيئية السابقة. يشمل ذلك فهم تأثير الضغوطات البيئية وأيضاً كيفية تكييف الآباء مع مثل هذه التغيرات. إن هذه الأبحاث الجديدة قد تكون رائدة فيما يتعلق بمعالجة قضايا تتعلق بالنمو العقلي والفكري للأجيال القادمة.

رابط المصدر: https://www.livescience.com/health/neuroscience/babies-brain-activity-changes-dramatically-before-and-after-birth

تم استخدام الذكاء الاصطناعي ezycontent