في الآونة الأخيرة، كشفت الأبحاث عن تقنية جديدة تثير اهتمام العلماء والمهتمين بمجال الطب، تتمثل في تحفيز العصب الحائر عبر الأذن لتعزيز عملية تخثر الدم. يُطلق على هذه التقنية اسم “التحفيز العصبي الأذني عبر الجلد” (tAN)، وقد تم اختبارها لأول مرة في تجربة مبكرة برعاية شركة Five Liters. وفقًا للدكتور جاريد هوستون، أحد مؤلفي الدراسة ومدير جراحة الصدمات في معاهد فاينشتاين للبحث الطبي، فإن النتائج تشير إلى إمكانية استخدام هذه التقنية كـ “رباط عصبي” يمكن أن يقلل من فقدان الدم أثناء العمليات الجراحية. ستتناول هذه المقالة تفاصيل البحث وآثاره المحتملة على مستقبل الإجراءات الجراحية، مُسلطين الضوء على إمكانية استخدام تحفيز العصب الحائر كوسيلة لتقليل المخاطر الجراحية وتحسين سلامة المرضى.
تحفيز العصب المبهم ودوره في تجلط الدم
أظهر بحث جديد أن تحفيز العصب المبهم، من خلال جهاز موصول بالأذن، يمكن أن يعزز من تجلط الدم. يُعرف هذا النوع من التكنولوجيا باسم “تحفيز العصب المبهم عبر الجلد” (tAN). وقد تمت تجربة هذه التقنية في دراسة مبكرة برعاية شركة “فايف ليترز”. تتلخص فكرة الأبحاث في إمكانية وجود “مشبك عصبي” يمكن أن يقلل من النزيف الجراحي، وهو مفهوم جديد لم يُثبت من قبل في البشر. كما ذكر د. جاريد هوستون، جراح الصدمات في معهد فاينشتاين للبحوث الطبية في نيويورك، أنه إذا أثبتت التجارب السريرية في المستقبل أن التحفيز العصبي يقلل من فقدان الدم، فقد تُستخدم هذه التقنية قبل العمليات الجراحية لحماية المرضى من النزيف المفرط.
بالنظر إلى أن حوالي 1.5% من العمليات الجراحية تواجه مضاعفات من النزيف، حيث أن النزيف إلى حد ما يرتبط بجميع العمليات الجراحية، يتساءل الأطباء إن كان هناك إمكانية للحد من النزيف قبل حدوثه. يعتمد الجراحون اليوم على استخدام الغرز، والضمادات، والمشبكات لوقف تدفق الدم، مما يجعل التساؤلات حول إذا ما كان بإمكان تقنيات جديدة للحد من النزيف تساهم في أمان العملية الجراحية أكثر من مجرد التعامل مع المشكلة عقب حدوثها.
التجارب السابقة وتأثيرها على البحث الحالي
قبل ما يقرب من عشرين عامًا، بدأ فريق من الباحثين بقيادة هوستون في استكشاف دور العصب المبهم في تعزيز تخثر الدم بعد اكتشاف دور هذا العصب في تنظيم الالتهابات. يتفرع العصب المبهم، الذي ينشأ من الدماغ إلى أعضاء أخرى في الجسم، ويعد جزءًا من الجهاز العصبي الذاتي الذي يتحكم في العمليات غير الإرادية مثل الهضم والاستراحة. التجارب الأولية التي أجريت على الفئران والخنازير أظهرت أن تحفيز العصب المبهم يمكن أن يقلل من فقدان الدم بعد جروح صغيرة. استغرق الباحثون حوالي عقد من الزمن لفهم Mechanism الذي كان يؤدي إلى هذا التأثير.
في وقت لاحق، أظهر الفريق أن تحفيز العصب المبهم ينشط نوعًا معينًا من الخلايا المناعية، المعروفة باسم خلايا T، في الطحال، وهو العضو المسئول عن تصفية الجراثيم والخلايا التالفة. تفعل خلايا T هذه الصفائح الدموية في الطحال، التي تكون مسؤولة عن بدء تكوين جلطات الدم، مما يعزز من استجابة الجسم للإصابات في المستقبل.
الدراسة السريرية والنتائج المبكرة
لتأكيد هذه النتائج على البشر، أكمل فريق هوستون شراكة مع شركة “فايف ليترز” الطبية في دالاس لجذب متطوعين أصحاء. تم استخدام جهاز معتمد لتحفيز فرع الأذن من العصب المبهم لمدة نصف ساعة لكل شخص. جمعت العينات الدموية قبل وبعد العلاج، مما سمح للباحثين بقياس مستويات معينة من تنشيط الصفائح الدموية في دم المتطوعين.
موسم اكتشافاتهما كان من أبرز النتائج المنشورة في 13 نوفمبر على موقع ClinicalTrials.gov، حيث أظهرت أن تحفيز العصب المبهم يؤدي إلى زيادة مستويات المؤشرات البيوكيميائية لتنشيط الصفائح الدموية. وهذا يعد دليلاً تاريخياً على وجود “طريق معصوبية لضغط النزيف” في البشر. تحتاج هذه النتائج إلى مزيد من الدراسات السريرية لإثبات فعالية التحفيز في تقليل النزيف في الإنسان، كما أشار البروفيسور بيدير أولوفسون من معهد كارولينسكا في ستوكهولم.
تحديات المستقبل وآفاق البحث
تظل هناك تحديات كبيرة أمام تطبيق هذه التقنية بشكل عملي في العمليات الجراحية. يتعين على الباحثين إجراء دراسات إضافية لتقديم أدلة دامغة على فعالية تحفيز العصب المبهم في تقليل النزيف في المرضى الذين يتعرضون بالفعل للنزيف. ستكون القياسات المتعلقة بزمن النزيف، وأحجام النزيف، ونتائج المرضى هي الأساسات التي ستساعد في تحديد القيمة السريرية لتنشيط العصب المبهم عبر الجلد. كما يجب أن تُظهر الأجهزة المستخدمة نتائج متسقة لتحفيز العصب.
زادت الآمال في فوائد التحفيز العصبي نظرًا لاستخدامه في مجالات مثل علاج الصرع والاكتئاب، مما يعني أن مضاعفات سلبية محتملة قد تكون أقل. في حال استطاع الباحثون إعادة إنتاج هذه النتائج في دراسات أكبر، يمكن أن يشهد المستقبل استخدام فترة قصيرة من تحفيز العصب المبهم قبل العمليات الجراحية لتقليل فرص النزيف. هذا قد يوفر طريقة جديدة للعناية بعملية الجراحة، ويعزز من الأمان العام للمرضى، مما يمثل طفرة مهمة في الإجراءات الجراحية المستقبلية.
تم استخدام الذكاء الاصطناعي ezycontent
اترك تعليقاً