في عالم السفر، يُعتبر فحص الأمن في المطارات واحدًا من أكثر التجارب إزعاجًا للمسافرين، حيث يمر في كل ساعة حوالي نصف مليون شخص عبر نقاط التفتيش الأمنية في جميع أنحاء العالم. منذ تنفيذ قواعد السوائل في عام 2006 كإجراء مؤقت لمواجهة التهديدات الإرهابية، أصبحت هذه القواعد عبئًا ثقيلًا على رجال الأعمال والسياح على حد سواء. في هذه المقالة، نستعرض التطورات الحالية حول قوانين فحص السوائل وكيف أن المطارات البريطانية الكبرى تواجه تحديات كبيرة في تنفيذ الأنظمة الجديدة، مع وعد بتحسينات في تجربتهم الأمنية بحلول منتصف عام 2024. سنلقي نظرة على خلفية هذه القوانين، وتاريخها، ومدى تنفيذها، والتحديات التي تعترض سبيل تسهيل تجربة السفر للمسافرين، وما يعنيه ذلك بالنسبة لمستقبل الأمن الجوي.
التحديات التي تواجه أمن الطيران في المطارات
تعد عمليات التفتيش الأمني في المطارات من أكثر التجارب استثنائية وصعوبة بالنسبة للمسافرين. تعاني معظم الدول من الاكتظاظ والمشاكل المرتبطة بفحص الأمتعة والركاب، ويشتكي الكثيرون من القيود المفروضة على حمل السوائل والأجهزة المحمولة. يتجاهل العديد من الركاب أهمية الامتثال لهذه القواعد، مما يؤدي إلى تأخيرات غير مبررة وزيادة الضغط على خدمات الأمن بالمطارات.
ابتداءً من عام 2006، تم فرض قيود على السوائل في الأمتعة اليدوية بعد اكتشاف مؤامرة إرهابية تهدف إلى تفجير طائرات عبر استخدام مكوناتها في زجاجات المشروبات الغازية. ومنذ ذلك الحين، ظلَّت القيود موجودة كإجراء مؤقت، لكن التطورات في تكنولوجيا الأمن بطيئة جداً. ومع الزيادة الكبيرة في حركة الطيران، يتسبب الضغط المتزايد على المطارات في تدهور تجربة السفر.
تتطلب المتطلبات الأمنية الحديثة اهتماماً خاصاً بالتكنولوجيا المتطورة، مثل أجهزة الفحص باستخدام الأشعة المقطعية (CT)، والتي تقوم بتحليل التركيب الجزيئي لمحتويات الحقيبة. تساهم هذه التكنولوجيا في تسريع عمليات التفتيش وتخفيف العبء عن الركاب، لكن العديد من المطارات لا تمتلكها بالكامل بعد. وهذا يطرح تساؤلات حول كفاءة التنفيذ الزمني لهذه التكنولوجيات، خاصةً في ضوء الوعود الحكومية المتكررة بتحسين الكفاءة في الفحص الأمني.
عملية تطوير القواعد الأمنية وتاريخها
منذ الأزمات الأمنية التي حدثت في أوائل العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، اتخذت السفن والشركات إجراءات صارمة لتأمين الرحلات الجوية. في أغسطس 2006، جرى الإعلان عن مجموعة من القواعد الجديدة تشمل حظر حمل السوائل بأكثر من 100 مل في الأمتعة اليدوية. ومع أن هذه القواعد وُضعت كإجراء مؤقت، إلا أنها استمرت على مر السنين دون تغييرات كبيرة أو تحديثات تناسب التطورات التكنولوجية.
في هذا السياق، كان هناك الكثير من النقاش حول فعالية تلك القيود. إذ يعبر المسافرون عن استيائهم من عدم قدرة السلطات على التكيف مع التحسينات التكنولوجية. على سبيل المثال، تفتقر بعض المطارات الكبرى في المملكة المتحدة إلى أجهزة الفحص الحديثة، مما يضطر الركاب إلى الالتزام بقواعد قديمة غير مبررة. في حين أن هناك تحسناً ملحوظاً في بعض المطارات التي قامت باستكمال الأجهزة الجديدة، إلا أن بعضها الآخر لا يزال يعاني من التأخير والتعقيدات.
بالإضافة إلى ذلك، خضع توسيع هذه القواعد لتحديات عديدة، بدءاً من تسجل الهجمات الإرهابية إلى الضغط الشعبي. العلاج الوحيد لهذه المسألة هو تحسين مستوى البرامج الأمنية، لكن التقدم في هذا المجال تم تأخيره بسبب المخاوف المالية التي واجهها مشغلو المطارات بعد جائحة كوفيد-19.
إدخال تكنولوجيا جديدة وضرورة تحديث الأنظمة الأمنية
تُعتبر التكنولوجيا الحديثة، مثل أجهزة الأشعة المقطعية، حلاً محتملاً لمشكلة ازدحام تفتيش الأمن في المطارات. فإمكانية تحليل محتويات الأمتعة بشكل دقيق وسريع يُعزِّز بشكل كبير من الإجراءات الأمنية. حيث تسمح هذه الأجهزة للركاب بالإبقاء على حمولة السوائل لديهم دون الحاجة لإخراجها من الحقائب، مما يُسهل عملية التفتيش ويقلل من الإزعاجات. ومع ذلك، تواجه عملية إدخال هذه التكنولوجيا تأخيرات مستمرة.
كجزء من الجهود المستمرة لتحسين الأمن، قامت الحكومة بإعداد خطة تهدف إلى تجهيز جميع المطارات الكبرى بالمعدات المتقدمة بحلول عام 2022. لكن رغم تعهدات الحكومة، لم تنجح معظم المطارات في الوفاء بالمواعيد النهائية. في الواقع، أشار المتحدثون باسم العديد من المطارات الكبرى إلى أنهم بحاجة إلى المزيد من الوقت لتحقيق الأهداف المحددة، مما يؤدي إلى المزيد من الازدحام والتعقيدات للمسافرين.
تعد حالة المطارات مثل هيثرو وغاتويك مثالاً على ذلك. إذ صرح مسؤولو المطارات أنه في ظل هذه الضغوط، فإن إدخال التكنولوجيا الجديدة اعتبر عبئاً لوجستياً هائلاً. بعض المطارات نشأت بها حاجة لتوسيع مناطق الفحص، مما يتطلب استثمارات ضخمة وصيانة مستمرة.
تأثير تغييرات القوانين والسياسات على تجربة المسافر
تُعد القوانين والسياسات المتعلقة بأمن الطيران عاملاً أساسياً في شكل تجربة الركاب في المطارات. فالتغييرات المتكررة في القواعد، مثل حد السوائل في الحمولة، تثير تساؤلات لدى العديد من الركاب حول سبب عدم تطبيق هذه القواعد بشكل متسق. الأمر الذي يؤدي إلى مشكلات في الانسيابية والترتيب العام داخل المطارات. تتطلب السياسات الواضحة تنفيذ قوانين تتماشى مع التحسينات التكنولوجية.
على الرغم من التصريحات الحكومية بخصوص تحسين تجربة المسافرين، فإن الواقع على الأرض يؤكد عكس ذلك. على سبيل المثال، ستظل القواعد الحالية قائمة حتى لو تم إدخال تكنولوجيا جديدة، وقد يستمر الركاب في مواجهة مشكلات تتعلق بالانتظار وبطاقات الصعود إلى الطائرة بسبب الازدحام. هذا الانقطاع في التكنولوجيا وعدم التوافق بين القوانين يضع الرحلات الجوية أمام تحديات إضافية ويزيد من مستوى الاستياء بين الركاب.
إن القيم العامة لتحسين تجربة الركاب تتطلب موازنة بين التكنولوجيا والمتطلبات الأمنية. حيث يجب على الحكومات والهيئات المختصة مراجعة القواعد وتقديم حلول أكثر سلاسة للتعامل مع القضايا الحالية. في النهاية، تؤثر هذه السياسات المؤسسية بشكل مباشر على مقدار الراحة والأمان الذي يشعر به الركاب أثناء سفرهم.
تغييرات في قواعد السفر للسوائل: تأثيرات وإجراءات جديدة
تواجه المطارات في المملكة المتحدة موجة جديدة من التهديدات الأمنية نظرًا للتغيرات الأخيرة في قواعد السفر المتعلقة بالسوائل. بحلول 9 يونيو 2024، تم إعادة تطبيق الحد الأقصى لمقدار السوائل الذي يمكن حمله في الأمتعة اليدوية إلى 100 مل. جاء ذلك بعد فترة من التفكير في تخفيف القوانين، التي كانت تسمح بمرور سوائل تصل إلى 2 لتر. هذه التغييرات لم تكن خيارًا للمطارات، بل هي استجابة لتحسينات وتحديثات الأجهزة المستخدمة في المسح الأمني.
على الرغم من أن المسح الأمني الجديد كان يعمل بشكل جيد في مطارات مثل لندن سيتي وتيستيد، إلا أن ارتفاع معدلات الرفض للحقائب أدى إلى طول طوابير الانتظار. على سبيل المثال، تم تصنيف بعض السوائل التي كانت تُعتبر آمنة مثل واقي الشمس كمواد تشكل تهديدًا. هذا التصنيف قد يتسبب في عواقب غير مرغوب فيها، مما يتيح الفرصة لمرور سوائل خطرة عبر نقاط التفتيش.
تم اتخاذ هذه الخطوة كإجراء مؤقت لتحقيق تحسينات إضافية في نظم التفتيش، ومن الواضح أن الهدف هو تحسين تجربة الركاب وتقليل أوقات الانتظار. إدارة النقل في المملكة المتحدة أوضحت أن هذا التغيير لا يعني ضعف في الأمان، بل نتيجة لمشكلات في قدرة الأجهزة على التعرف على العناصر innocuous بشكل دقيق.
الأمن الجوي: تحديات عالمية وتباين في الإجراءات
الأمن الجوي يمثل قضية معقدة عالمياً، حيث تختلف الإجراءات من دولة إلى أخرى وحتى من مطار إلى آخر. فعلى سبيل المثال، في دول الاتحاد الأوروبي ومنطقة الشنغن، أعيد تطبيق القواعد القديمة الخاصة بالسوائل اعتبارًا من 1 سبتمبر 2024. هذه الاختلافات تساهم في زيادة الارتباك بين المسافرين، حيث يواجه الكثيرون صعوبات في فهم ما هو مسموح به أو ممنوع عند السفر.
بالإضافة إلى ذلك، الدول مثل إسرائيل تعتمد إجراءات مختلفة تمامًا، حيث يُطلب من الركاب الوصول إلى المطار قبل ثلاث ساعات من الرحلة، ويرتفع مستوى التفتيش بشكل كبير، لكن السوائل لا تخضع للنفس القيود. هذا التنوع الكبير في القواعد يتطلب من المسافرين أن يكونوا على دراية تامة بإجراءات الأمن في كل مطار وأن يكون لديهم الاستعداد المحتمل لتجربة مختلفة في كل رحلة.
تظهر الفجوات والاختلافات في إجراءات الأمن أثناء التنقل، حيث يمكن أن يؤدي ذلك إلى شعور الركاب بعدم اليقين أو الارتباك. مما يطرح تساؤلات حول مدى فعالية العمليات الأمنية وما إذا كانت تضمن بالفعل سلامة الركاب بشكل متسق بين جميع المطارات.
التكنولوجيا وفعالية عمليات الأمن الجوي
تكنولوجيا الكشف عن التهديدات تمثل جزءاً مهماً من تحسين إجراءات الأمن الجوي. بينما يسعى أهم المسؤولين في مجال الطيران إلى تعزيز الأمان دون التأثير سلبًا على تجربة الركاب، فإن التكنولوجيا الحديثة تقدم حلولاً واعدة. بدأ العمل منذ أكثر من عقد على مشروع يسمى “الأمن الذكي” الذي يهدف إلى استخدام التكنولوجيا لتقليل الاعتماد على الفحص اليدوي، والذي بات يُعتبر غير مستدام.
الهدف هنا هو إنشاء نقاط تفتيش أكثر سلاسة، حيث يمكن للركاب المرور دون الحاجة إلى تفتيش بدني. يعمل هذا النظام على تعزيز الكفاءة والسرعة مما يعود بالنفع على الجميع. من المقرر أن يُستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل أنماط تصرفات الركاب، مما يمكّن الضباط من تحديد “الأشخاص المعنيين” لتدقيق إضافي.
من المستحيل نظريًّا القضاء على كافة التحديات فورًا، لكن التقنيات الحديثة تفتح الطريق نحو تحسينات مستقبلية. تحقيق هذه التغييرات يتطلب استثمارات ضخمة، ويجب أن تكون هناك خطوات واضحة لضمان أن كل تلك الابتكارات تحقق ميزات للمسافرين وتقلل من التعطيلات.
رابط المصدر: https://www.independent.co.uk/travel/news-and-advice/100ml-liquid-rule-airport-uk-hand-luggage-b2603657.html
تم استخدام الذكاء الاصطناعي ezycontent
اترك تعليقاً