واجب رياضي بابلي يتضمن خطأ في الحساب

تُعتبر الرياضيات جزءًا لا يتجزأ من تطور الحضارات القديمة، ومن بين هذه الحضارات البابلية التي أسهمت في تشكيل الفهم الرياضي. في هذا المقال، نستعرض أحد آثار تلك الحقبة: لوح طيني صغير يحمل أرقامًا مكتوبة باللغة المسمارية، يمثل واجبًا منزليًا قديمًا يعكس جهود أحد الطلاب في حساب مساحات الأشكال الهندسية. هذا اللوح، الذي تم اكتشافه في موقع تل إنغارة بالعراق، يتضمن خطأً حسابيًا طريفًا يمتد عمره لما يقرب من 4000 عام، مما يسلط الضوء على طريقة نقل المعرفة والتعليم في سياق الثقافة البابلية. سنستعرض في هذا المقال تفاصيل هذا الاكتشاف وما يكشفه عن تطور الرياضيات في عصر الإمبراطوريات القديمة.

اكتشافات الرياضيات البابلية القديمة

تُعتبر الحضارة البابلية واحدة من أقدم وأهم الحضارات التي أبدعت في مجالات مختلفة، بما في ذلك الرياضيات. واحدة من أبرز الاكتشافات في هذا المجال هي الألواح الطينية المكتوبة بالخط المسماري، والتي تحتوي على مسائل وحلول رياضية لبعض الأعمال الحسابية. توجهت الأبحاث إلى موقع كيش، حيث تم اكتشاف نحو ثلاثة وعشرين لوحًا طينيًا يُظهر كيفية دراسة الرياضيات في تلك الفترة. يُعتقد أن هذه الألواح كانت تستخدم كأدوات تعليمية للطلاب في المدارس البابلية القديمة. تتضمن ألواح الرياضيات مسائل هندسية وحسابية، تُظهر تقدم المعرفة الرياضية على مر العصور، مما عكس احتياجات تلك الحضارة في تنظيم التجارة والضرائب.

أخطاء الرياضيات وعلم التعلم

واحدة من الألواح الطينية، الموجودة حاليًا في المتحف الأشمولي بجامعة أكسفورد، تُظهر كيفية تعامل الطلاب مع الرياضيات، حيث صمم الطالب لوحًا لطيفًا للحسابات المتعلقة بمساحة مثلث. كان الطلاب يتعلمون كيفية حساب المجال باستخدام الطريقة التقليدية، ومن بين ما يبدو مدهشًا في هذا اللوح هو الخطأ الحسابي الذي ارتكبه الطالب. في حين أن الأرقام المعطاة تعكس القيم الصحيحة لقاعدة وارتفاع المثلث، إلا أن حساب المساحة كان خاطئًا. يُظهر هذا الوقوع في الأخطاء أن الطريقة التي كان يتم من خلالها توجيه التعليم والتعلم آنذاك كانت لا تزال تتطور، وخاصة كيف أن الأخطاء كانت جزءًا من عملية التعلم.

تطور تعليم الرياضيات في بابل

يمكن تحديد الفترة الزمنية التي تزامنت مع ازدهار نظام التعليم الرياضي في بابل بوضوح مع بداية تطور الإمبراطوريات الكبرى. وقد دفعت الحاجة لتطبيق الرياضيات في مجالات مثل تَحصيل الضرائب، والتجارة، والزراعة، وتعليم الفلك، إلى تأسيس المدارس التي تعتني بتعليم مبادئ الفصل الأساسي لعلم الرياضيات. هذا التطور في التعليم يوضح كيف بدأت المجتمعات القديمة تتجه إلى استخدام الكتابة كوسيلة لنقل المعلومات. كان هناك تحول كبير في الجمعية من الاعتماد على الحفظ الذاتي إلى توليد المعرفة المكتوبة، مما ساعد على نشر المعرفة بشكل أوسع.

النظام العددي البابلية وتأثيره على الحضارة

النظام العددي البابلّي مستند إلى قاعدة الستين، وهو ما يجعل بابل واحدة من الحضارات التي ساهمت في تطور النظم العددية المعقدة. هذا النظام لا يزال يتواجد في حياتنا اليومية من خلال التقسيمات الزمنية، مثل الستين ثانية في الدقيقة والستين دقيقة في الساعة. تم استخدام هذا النظام لتسهيل العمليات الحسابية المدمجة في القوانين والممارسات التجارية. الفكر البابلّي حول الرياضيات لم يكن متقدمًا من الناحية العملية فحسب، بل كان له تأثير بعيد المدى على الثقافات التي تلت. كانت أفكارهم حول الحسابات الهندسية، مثل نظرية فيثاغورس، تُظهر مدى فهمهم للرياضيات في زمنهم، حتى ولو كثير من الناس لا يعرفون عن وجود هذه الأفكار قبل عدة قرون من ظهور الفيلسوف اليوناني.

تاريخ الكتابة والتدوين في بابل القديمة

واحدة من التحولات الثقافية الكبرى التي حدثت في تلك الحقبة الزمنية هي الانتقال من تقنيات الحفظ الشفهي إلى تدوين المعلومات. يمكن اعتبار هذه الانتقالة بأنها كانت نقطة انطلاق مهمة في تاريخ الإنسانية، حيث كان يُعتبر هذا الفعل بمثابة قفزة نوعية في كيفية التعامل مع المعرفة وتوزيعها. قبل ذلك، كانت المجتمعات تعتمد على نقل المعرفة عن طريق التقليد الشفهي، ولكن تطوير الكتابة ساعد على حفظ المعلومات موسومياً، مما سمح للأجيال التالية بالوصول إلى المعرفة التي كان من الممكن أن تُنسى. هذا التطور يُشبه اليوم الانتقال من الوثائق الورقية إلى السجلات الرقمية، حيث كانت الكتابة تعني الحفاظ على التجارب والمعرفة، وبالتالي تحقيق الاستمرارية الثقافية.

رابط المصدر: https://www.livescience.com/archaeology/babylonian-tablet-preserves-students-4-000-year-old-geometry-mistake

تم استخدام الذكاء الاصطناعي ezycontent