دراسة تكشف أن دلافين لنفسها في بحر البلطيق قد تعاني من الوحدة

في إحدى الظواهر المثيرة في عالم البحار، وجدت دراسة حديثة أن دلفينًا من نوع “الأطوم” يعيش بمفرده في بحر البلطيق قد بدأ يتحدث إلى نفسه. هذا السلوك الغريب يثير عدة تساؤلات، خاصةً أن الدلافين تعتبر من الكائنات الاجتماعية التي تنمو في مجاميع. ينكشف من خلال البحث عما تم تسجيله من أصوات هذا الدلفين المنعزل خلال فترة تمتد لأكثر من شهرين، وجود عدد كبير من الأصوات التي قد تشير إلى محاولة للتواصل. سيتناول هذا المقال تفاصيل هذه الاكتشافات، الأبحاث التي أجريت، والآثار المحتملة لهذا السلوك على فهمنا لكيفية تواصل الدلافين وتجاربها الحياتية. تابعوا معنا لاستكشاف هذه القصة الفريدة من نوعها في عالم المحيطات.

التواصل في عالم الدلافين وخصوصية الصدى الصوتي

تعتبر الدلافين، وخاصة دلفين الزعنفة (Tursiops truncatus)، من بين أكثر الكائنات الاجتماعية في البحر. تدل الأبحاث على أن هذه الكائنات تمتلك مجموعة متنوعة من الأصوات التي تستخدمها في التواصل. في الحادثة التي وقعت في بحر البلطيق، تم رصد دلفين وحيد يتحدث مع نفسه، مما يطرح أسئلة عميقة حول طبيعة التواصل الصوتي والعزلة في عالم الدلافين. عادةً ما تعيش الدلافين في مجموعات اجتماعية تُعرف بالعصابات، ولكن ظهور دلفين وحيد أطلق عليه اسم “ديل” أثار قلق العلماء بسبب سلوكه الصوتي المميز.

بين سبتمبر 2019 وفبراير 2023، جُمع ما يزيد عن 10,000 صوت لديل، بما في ذلك صفارات وقرقعات وأصوات طقطقة ذات ترددات منخفضة. تعتبر هذه الأصوات عادةً وسيلة للتواصل بين الدلافين. لكن الاستنتاج الرئيسي الذي خرج به الباحثون هو أن صوت ديل كان يتم إنتاجه في غياب أي زملاء له، مما يدل على أنه قد يكون وحيداً أو يعبر عن مشاعره بطريقة غير تقليدية. استناداً إلى توضيحات الباحثة أولغاً فيلاتوفا، فإن صوت ديل الفريد كان يمكن أن يُفهم على أنه يستخدم في محاولة لجذب الانتباه أو يعكس حالة عاطفية خاصة.

الأصوات الفريدة التي أصدرها ديل، على غرار النغمات التي تعرف باسم “صفارات التوقيع”، هي أشكال فردية من الصوت تستخدم للدلالة على هوية كل دلفين. هذه المعلومات قد تساعد العلماء في مستقبل دراسة سلوك الدلافين وعواطفها. في الدراسات السابقة على الدلافين، كان يتم التركيز عادةً على الجماعات، مما جعل الأمر مثيرًا للاهتمام عندما أصبح ديل هو الفريد في مجال البحث. يكشف هذا البحث عن أبعاد جديدة في فهم السلوكيات الاجتماعية والدوافع العاطفية في المجتمع البحري.

الانعزالية العاطفية وتأثيرها على الدلافين

يعتبر الشعور بالوحدة مشكلة معروفة في عالم الإنسان، ولكن ماذا عن شعور الوحدة لدى الكائنات البحرية مثل الدلافين؟ في حالة ديل، يبدو أن هذا الدلفين قد أظهر سلوكًا يعتبر محوريًا لفهم تأثير العزلة على الكائنات البحرية. قد يتسبب الشعور بالوحدة في تداعيات عاطفية وسلوكية، وهذا ما تم رصده في سلوك ديل الصوتي.

تظهر الأبحاث أن الدلافين تعتمد بشكل كبير على الأصوات لاكتساب المعلومات حول البيئة المحيطة بها. باستخدام الصوت، يمكنهم صيد الأسماك والتفاعل مع الأفراد الآخرين في المجموعة. إن قلة التواصل يمكن أن تؤدي إلى زيادة التوتر والقلق، مما قد يبرر زيادة مثل هذه الأصوات في حالة ديل. وقد أشرع بعض الباحثين في اعتبار الأصوات التي يصدرها الدلفين بمثابة مكالمات تنبيهية أو صرخات لمساعدته على معالجة شعور العزلة.

تتبع البيانات الصوتية التي جمعها الباحثون سلوك ديل على مدى 69 يومًا، مما أظهر تطور الصوت خلال فترات مختلفة من اليوم. كان ديل ينشر هذه الأصوات في الليل، عندما يكون هناك عدم وجود للكائنات البشرية حوله، ما يعني أنه لم يكن يحاول جذب الانتباه من البشر. بل اتضح أنه كان يتحدث مع نفسه، أو يعبر عن مشاعره التي قد تكون مرتبطة بعواطفه الشخصية. قد يكون تأسيس فهم أعمق لآليات التأثير العاطفي في الدلافين مفتاحًا لإعادة تقييم كيفية التعامل مع الكائنات البرمائية، خاصةً تلك التي تعيش في الظروف القاسية.

الإدراك الصوتي كوسيلة لفك رموز العواطف والتواصل

يزيد البحث الأخير من اهتمام العلماء بفك رموز لغة الدلافين. يبدو أن كل دلفين يمتلك لهجته الخاصة، مما يثير الفضول حول كيفية استخدام الدلافين هذا التنوع الصوتي في التواصل الفعال فيما بينها. كانت النتائج التي توصل إليها الباحثون في دراسة ديل مثيرة للاهتمام بصورة خاصة. فبينما قد يبدو التواصل الصوتي أمراً طبيعياً بين الدلافين، فإن العزلة يمكن أن تؤدي إلى تشويش هذه الأصوات، وتحولها إلى صيحات عاطفية خاصة بها.

يتم دائمًا تحدي الفرضيات التقليدية حول سلوك الدلافين؛ بدلاً من كونها مخلوقات اجتماعية فقط، فإنها قد تمتلك أيضًا أبعادًا أعمق تتعلق بالاحتياجات العاطفية. يظهر هذا البحث أن الدلافين يمكن أن تعبر عن شعور بالقلق أو التوتر حتى في غياب رفيقاتها من الدلافين. يدعو هذا الأمر إلى مزيد من الأبحاث لفهم كيفية تأثير التفاعلات الاجتماعية على سلوك الدلافين، وهو خط مثير للاهتمام يفتح آفاقًا جديدة للبحث في سلوك الأنواع البحرية.

تشير هذه الأنماط الصوتية المرتبطة بالعزلة إلى أن الدلافين مثل ديل يمكن أن تكون طريقتها في محاولة التواصل مع العالم الخارجي أو حتى مع بيئتها. يتضمن ذلك إدراك الحاجة للاتصال، حتى في غياب كائنات مماثلة. هذا يؤكد على أهمية إبقاء التوازن بين الجوانب الاجتماعية والسلوكية في البيئة البحرية.

رابط المصدر: https://www.livescience.com/animals/dolphins/dolphin-in-the-baltic-sea-has-been-talking-to-himself-and-researchers-think-its-a-sign-hes-lonely

تم استخدام الذكاء الاصطناعي ezycontent