تُعد الزيادة في الضرائب على منتجات معينة، مثل السجائر والمشروبات السكرية، وسيلة فعّالة لتقليل استهلاكها على مرّ السنين. وقد بدأ النقاش حول تطبيق نفس الاستراتيجية على الكحول، نظراً لتأثيره الضار على الصحة العامة، وما يسببه من إصابات وأمراض ووفاة في الولايات المتحدة. لكن، تواجه تلك المحاولات معارضة شديدة من صناعة الكحول، التي تتمتع بقوة ونفوذ كبيرين. في هذا المقال، نستعرض كيف تصطدم محاولات زيادة الضرائب على المشروبات الكحولية بعقبات وصعوبات هائلة، مما يؤدي إلى تفاقم مشاكل استهلاك الكحول في المجتمع، ونستعرض القصص والجهود المبذولة في ولايات مثل نيبراسكا وكولورادو وأوريغون لنفهم طبيعة الصراع بين الصحة العامة ومصالح الصناعة.
زيادة الضرائب على المشروبات الكحولية: ضرورة صحية ومالية
تعتبر زيادة الضرائب على المشروبات الكحولية من الحلول المقترحة لمواجهة الأضرار الصحية والاجتماعية الناتجة عن استهلاك الكحول. فعلى مدى السنوات الماضية، أظهرت الأبحاث أن ارتفاع أسعار الكحول يمكن أن يقلل من استهلاكه، مما يؤدي بدوره إلى انخفاض حوادث الطرق الناجمة عن شرب الكحول والعنف والأمراض المرتبطة به. على سبيل المثال، في السنوات التي ارتفعت فيها الضرائب على الكحول في بعض الولايات، مثل إلينوي، لوحظ تراجع في استهلاك الكحول من قبل المستهلكين، بما في ذلك الكحوليات القوية. وفي هذا السياق، تُقدِّم التوصيات من منظمة الصحة العالمية لزيادة الضرائب كأحد أفضل الطرق لمعالجة المشاكل المرتبطة بشرب الكحول.
علاوة على ذلك، تساهم الضرائب الجديدة في زيادة عائدات الدولة، والتي يمكن استخدامها في تمويل برامج العلاج من الإدمان والتوعية الصحية. إذا تم رفع الضرائب على المشروبات الكحولية بشكل مبدئي إلى 25 سنتًا لكل أونصة من الكحول النقي، فقد يُسهم ذلك في تقليل العجز المالي للدولة بمقدار 114 مليار دولار خلال العشر سنوات المقبلة. ومع ذلك، من المهم ملاحظة أن هذه الزيادة تواجه مقاومة كبيرة من قبل الصناعة التي تتمتع بنفوذ سياسي قوي، مما يجعل تنفيذ هذه السياسات أمراً صعباً.
اللوبيات القوية وتأثيرها على تشريعات الضرائب
تتميز صناعة المشروبات الكحولية بوجود لوبيات قوية ومؤثرة في السياسة، حيث تعمل هذه اللوبيات على مقاومة أي خطوات تهدف لزيادة الضرائب. في ولاية نبراسكا، على سبيل المثال، عندما اقترح الحاكم زيادة الضرائب بمقدار أربعة أضعاف، mobilized الأعضاء من مختلف القطاعات في الصناعة للضغط ضد هذا الاقتراح. وقد قُدمت الآلاف من الرسائل المعارضة للنواب، مما أدى في النهاية إلى تقليص الاقتراح وتحويله إلى تخفيض الضرائب بدلاً من زيادتها.
تمثل هذه الحملات التي تقوم بها اللوبيات تحديًا كبيرًا للسياسيين، الذين قد يكون لديهم رغبة في تعزيز عائدات الضرائب ولكنهم في نفس الوقت يواجهون ضغوطًا هائلة من أعضاء الصناعة الذين يعهد إليهم بدور مؤثر في الانتخابات. علاوة على ذلك، تعتمد هذه اللوبيات على نشر تحذيرات من فقدان العمالة وزيادة الأسعار، مما يساهم في خلق تصور سلبي حول زيادة الضرائب على الكحول لدى العامة.
حالات فشل المبادرات في الولايات المختلفة
تشير حالات الفشل في الولايات المتحدة لجهود رفع الضرائب على المشروبات الكحولية إلى تحديات حقيقية. في كولورادو، تم اقتراح مشروع قانون يزيد من الرسوم على الكحول لدعم برامج علاج تعاطي المخدرات، لكن تم تجريده من التعديلات الضرائبية بضغط من اللوبيات. إتش كولورادو ، التي تتمتع بأقل معدل ضريبة على الكحول في البلاد، لم تكن قادرة على قبول فكرة زيادة الضريبة بسبب الضغوط السياسية القوية. وبالمثل، وفي ولاية أوريغون، كان هناك وقتين حيث حاول المشرعون إعادة التفكير في الضرائب المرتبطة بالكحول، ولكن العلاقة السلبية بين السياسة وصناعة الكحول أدت إلى فشل هذه المبادرات.
تُظهر هذه الأمثلة أن الضغوط السياسية للحد من زيادة الضرائب على الكحول قد تحرم الولايات من توفير عائدات ضرورية لصالح برامج معالجة الإدمان والتوعية. هذا يعني أن القضايا المتعلقة بالصحة العامة تخضع لمصالح سياسية واقتصادية شخصية، مما يؤثر سلبًا على المجتمع ككل.
التوجه العام نحو ثقافة استهلاكية أكثر وعياً
هناك بين مجموعة من الأفراد والوكالات العامة حوار متزايد حول أهمية الوعي بصحة المجتمع في سياق استهلاك الكحول. تتعلق المسألة بتغيير الانطباعات حول الكحول واختلاف تصور الناس له بمرور الوقت. يُنظر إلى استهلاك الكحول على أنه نشاط ترفيهي، وهذا التصور يمكن أن يجعل التحذيرات حول المخاطر الصحية أقل تأثيراً. على الرغم من وجود بيانات تشير إلى أن نسبة كبيرة من البالغين يتناولون مشروبات كحولية بشكل زائد، إلا أن الكثيرين ينظرون إلى التجاوزات على أنها محصورة في أحداث نادرة مثل حوادث الاقتتال أو السقوط بسبب السكر.
مع مرور الوقت، يُظهر الشباب اهتمامًا متزايدًا بالخيارات الصحية، ويشمل ذلك تقليل استهلاك الكحول أو الابتعاد عنه تمامًا. في الوقت ذاته، تسعى المنظمات الصحية لتغيير المفاهيم العامة من خلال الفعاليات التثقيفية والحملات الوطنية التي تتناول المخاطر الصحية لاستهلاك الكحول وما يمكن أن ينتج عنه من مشاكل متعلقة بالصحة العقلية والجسدية. يُعتبر الوصول إلى هؤلاء المستهلكين الموقرين كمجموعة أساسية للحفاظ على التوجه نحو ثقافة استهلاكية أكثر وعياً، وهذا يتطلب تغييرات في التشريعات والسياسات التي تؤثر على استهلاك الكحول.
التكاليف الاقتصادية لاستهلاك الكحول الزائد
تعتبر التكاليف الاقتصادية الناجمة عن الاستهلاك المفرط للكحول من القضايا البارزة التي تعاني منها الولايات المتحدة. وفقًا للدراسات، أدت ظاهرة “الشرب المفرط” إلى تكبد البلاد حوالي 250 مليار دولار في عام 2010، وهو مبلغ كبير يعود بالأساس إلى النفقات الناشئة عن المشكلات الصحية، حوادث السير، وزيادة التكاليف الشرطية. التكاليف التي تتحملها المجتمعات تتجاوز الأفراد المتأثرين بشكل مباشر، حيث ينعكس ذلك في زيادة أقساط التأمين الصحي، والضرائب المفروضة لتحمل التكاليف الناتجة عن الأضرار التي يسببها الكحول. يعتبر الشرب المفرط من العوامل المساهمة في حوالي 5% من حالات السرطان التي تصيب البالغين فوق سن الثلاثين. ومن هنا، تبرز أهمية كيفية تعامل الحكومة مع هذه المشكلة، حيث يتطلب إعادة تقييم الضرائب المفروضة على الكحول مواجهة قوية مع شركات الكحول التي تسعى للحفاظ على معدلات الضرائب منخفضة.
التأثير المدمر للكحول على الصحة العامة
تعتبر قضية تأثير الكحول على الصحة العامة من الأمور العاجلة التي تستدعي تدابير فورية. تشير البيانات إلى أن وفيات الكحول تفوق وفيات الجرعات الزائدة من المواد الأفيونية في الولايات المتحدة، مما يسلط الضوء على أزمة واسعة النطاق. المخاطر الصحية المرتبطة باستهلاك الكحول تشمل الأمراض المزمنة، وحوادث السير الناتجة عن القيادة تحت تأثير الكحول، والوفاة المبكرة. وتزداد المخاوف أكثر فيما يتعلق بالشباب، حيث يُعزى وفاة واحدة من كل خمسة أشخاص يتراوح أعمارهم بين 20 و49 عامًا إلی استهلاك الكحول. ولاية نيو مكسيكو تُعتبر من الحالات الكارثية، حيث يعاني السكان من أعلى المعدلات الوطنية للوفيات المرتبطة بالكحول، مما يثير الحاجة إلى تدخل سياسي فعال وإجراءات حكومية.
تأثير شبكات الضغط على السياسات العامة
تؤثر شبكات الضغط بشكل كبير على عملية صنع القرار بشأن تنظيم الكحول. في ولاية نيو مكسيكو، تبرز شبكة العلاقات الشخصية بين المشرعين وموظفي الصناعة، مما يجعل تصحيح المسار السياساتي أمرًا صعبًا. الكراسي المتحركة ومواقع العمل غير المستقرة تساهم في هذا الواقع، حيث يعتمد الكثير من المشرعين على المساعدة التي تقدمها لوبيات الكحول في صياغة القوانين. هذا التعاون بين المشرعين واللوبيات، والذي يتمحور حول المصالح الشخصية، يملي العديد من القرارات المتعلقة بالسياسات الصحية وفرض الضرائب. من الجلي أن تأثير المال في السياسة يمثل عائقًا كبيرًا أمام التطوير الإيجابي في القوانين المعنية بصحة الجمهور.
استراتيجيات نجاح الحملات لصالح رفع الضرائب على الكحول
تعتمد الحملات الناجحة لرفع ضريبة الكحول على استراتيجيات مدروسة وموارد متكاملة. تجربة ولاية ماريلاند تُعتبر نموذجًا ملهمًا، حيث حقق المعنيون زيادة بنسبة 3% في الضرائب من خلال تواصل فعال مع المشرعين واستطلاعات رأي تؤكد دعم الجمهور لفكرة الزيادة. كان من المهم أن تُظهر الحملات قدرة الناشطين على التأثير على آراء المشرعين، مما جعل قانون رفع الضريبة ممكنًا بعد عقود من إقرار الضرائب نفسها. تختلف تفاصيل الاستراتيجيات الناجحة من ولاية لأخرى، ولكن العنصر المشترك هو رغبة الناشطين في فهم اهتمامات جمهورهم وتوزيع الموارد بشكل فعّال لتمويل تلك الجهود.
التحديات المستقبلية لرفع الضرائب على الكحول
تستمر التحديات في مواجهة الارتفاع المقترح للضرائب على الكحول، وبينما تبرز بعض الإنجازات في بعض الولايات، تبقى العديد من الأطراف المسؤولة عن تحديد السياسات عرضة لضغوط الشركات. على سبيل المثال، في ولاية هاواي، خطط الناشطون لتشكيل منظمة غير ربحية قوية تساعد في الترويج لقضية رفع الضرائب. التركيز على كيفية إدارة الحملة الانتخابية وكيفية تأثير المال على المشهد السياسي سيساعد على مواجهة الضغوط الممارسة من قبل لوبيات الكحول. يجب أن تستمر الجهود في مجال الوعي العام وتعزيز الصحة، بالإضافة إلى استثمار الوقت والموارد في بناء تحالفات سياسية قوية لمواجهة هذه التحديات بكفاءة.
رابط المصدر: https://www.statnews.com/2024/10/24/alcohol-tax-increases-stymied-by-industry-lobbyists-campaign-contributions/
تم استخدام الذكاء الاصطناعي ezycontent
اترك تعليقاً