تعتبر علم البراكين من المجالات العلمية المثيرة، حيث يتناول دراسة البراكين والنشاطات البركانية وتأثيراتها على المجتمع والبيئة. في هذا المقال، نسلط الضوء على دور النساء في علم البراكين من خلال مشاريع بحثية متميزة، حيث نسعى لتقديم صورة واضحة عن المساهمات والبصمات التي تتركها العالِمات في هذا المجال. رغم التحديات الكبيرة التي يواجهنها، فإن النساء في علم الجيولوجيا يُظهرن إبداعًا رياديًا ويسهمن في فهم المخاطر البركانية وتعزيز استراتيجيات التخفيف من المخاطر. سنستعرض من خلال هذا المقال مجموعة من الأبحاث التي أنجزتها عالِمات في علم البراكين، موضحين التحديات التي يواجهنها، وكيف يمكن أن تلهم مساهماتهن الأجيال القادمة من النساء الشغوفات بالدخول إلى هذا المجال العلمي الحيوي.
علم البراكين: أهمية ودور المرأة في هذا المجال
علم البراكين هو المجال العلمي الذي يدرس البراكين والنشاط البركاني والظواهر المرتبطة بها وأثرها على المجتمع. يُعتبر علماء البراكين هم المختصون في هذا المجال، حيث يتناولون العمليات والخصائص المرتبطة بالبراكين مثل تشكيلها وآليات ثورانها والمنتجات الصلبة والانبعاثات الهوائية. كما يتضمن هذا المجال نطاقًا واسعًا من التخصصات العلمية مثل الجيولوجيا، الكيمياء الجيولوجية، علم الصخور البركانية، والفيزياء الجيولوجية وغيرها. إن المعلومات التي يجمعها علماء البراكين تُساعد في مراقبة وتوقع الثورات البركانية وتقييم المخاطر للسكان القريبين، وتنمية استراتيجيات للتقليل من تأثير النشاط البركاني على المجتمعات.
تُعدّ قضايا التمثيل المنخفض للنساء في العلوم الجيولوجية مشكلة مستمرة وخطيرة على مستوى العالم. فعلى سبيل المثال، أظهرت إحصائيات عضوية جمعيات مثل الرابطة الدولية لعلم البراكين وكيمياء باطن الأرض أن نسبة النساء لا تتجاوز 39%. ورغم وجود زيادة ملحوظة في عدد النساء العاملات في مراحل مبكرة من careers ، إلا أن غياب النساء في المناصب العليا والاعتراف بمساهماتهن لا يزال يمثل تحديًا كبيرًا. النساء تمثلن جزءًا حيويًا من تعزيز مجتمع علم البراكين بشكل أكثر عدالة وتنوعًا وشمولية. وبالتالي، من المهم تعزيز أدوار هؤلاء النساء وتسليط الضوء على إسهاماتهن في هذا المجال العلمي.
التحديات والعقبات: تجارب النساء في علوم البراكين
تُشير الأبحاث إلى أن النساء في مجال البراكين يواجهن تحديات متعددة. من بين هذه التحديات، نجد غياب الدعم المؤسسي ووسائل التواصل والتشبيك التي تساعد على تطوير مسيرتهن المهنية. على سبيل المثال، بعض الدراسات قامت بتسليط الضوء على العقبات التي تواجهها الباحثات في محاولتهن لتسجيل إنجازاتهن، سواء كان ذلك من خلال نشر الأبحاث أو تلقي الجوائز. كما أن منظمة AGU توضح أن النساء حصلن على نسبة ضئيلة من الجوائز مثل جائزة AGU Bowen التي لم تتعدَ 5% منذ انطلاقها.
بينما تخرج أكثر من 40% من دراسات الدكتوراه في مجالات العلوم الجيولوجية عبر الولايات المتحدة الأمريكية من قبل النساء، إلا أنهن لا يمتلكن سوى أقل من 10% من المناصب المهنية الكاملة في هذا المجال. لذلك، فإن من المهم وجود مبادرات تشجع على الحفاظ على النساء داخل القطاع، ومساعدتهن في التغلب على العقبات التي تعترض سبيلهن. من الضروري أيضًا إدراك أنه يمكن تحقيق نتائج مثمرة من خلال نهج شامل، يتضمن دعم النساء في مختلف مستويات التعليم والتوظيف في هذا المجال.
البحوث والمبادرات: مساهمات النساء في علم البراكين
بغية تسليط الضوء على دور النساء في العلم والتأثير الإيجابي الذي يمكن أن يترتب على تنوع هذا المجال، تم إجراء مجموعة من الأبحاث التي تُظهر مساهمات النساء ضمن علم البراكين. فعلى سبيل المثال، أجرت الباحثة بيث بارتيل دراسة تسلط الضوء على تجارب النساء خلال إجلاء السكان من بركان فويغو في غواتيمالا، والتي تُعتبر مثالا حيا لفهم كيف يمكن لتجارب معينة أن تُوجه استراتيجيات تخفيف المخاطر. هذه النوع من الأبحاث لا يساهم فقط في تحسين المعرفة بشأن النشاط البركاني، بل يسهم أيضًا في اتخاذ إجراءات أكثر جدوى في إدارة الكوارث.
أيضًا، تعكس الأبحاث دور النساء في دراسة التأثيرات التي أفرزتها جائحة كورونا على الباحثين في علم البراكين، وخاصة أولئك الذين في بداية مسيرتهم المهنية أو الذين لديهم إعاقات. أظهرت نتائج الاستقصاءات أن نسبة لا يستهان بها من هؤلاء الباحثين قد فكروا في مغادرة المجال الأكاديمي بسبب الأثر السلبي للأزمة الصحية، مما يستدعي ضرورة دعم هؤلاء الأفراد لتحقيق شمولية أكبر داخل المجتمع العلمي.
التعاون والتواصل: أهمية العمل الجماعي في الأبحاث البركانية
التعاون بين العلماء يعد أمرًا حيويًا داخل مجتمع علم البراكين. تعزيز الاتصال بين الأفراد المتخصصين والمراكز البحثية المختلفة يمكن أن يسهم في رفع كفاءة العلم وتبادل المعرفة. على سبيل المثال، تم إنشاء قاعدة بيانات عالمية لمراقبة البراكين، والتي تهدف إلى تجميع البيانات عن أنظمة مراقبة البراكين حول العالم. من خلال هذه المبادرات، يُمكن تحسين أنظمة المراقبة والاطلاع على أحدث التقنيات، وتكامل المعلومات يسمح للأبحاث أن تكون أكثر دقة وفعالية.
بجانب ذلك، من المهم تخصيص وقت ومجهود لمشاركة النجاحات والتحديات بين النساء في هذا المجال. من خلال تبادل الخبرات، يمكن تحفيز المزيد من النساء على الانخراط في علم البراكين، مما يُعزز بدوره من الشمولية والتنوع في هذا العالم. مع الأخذ في الاعتبار أن الابتكار والبراعة في العلوم غالبًا ما تأتي من تنوع وجهات النظر، فإن الدعم الاجتماعي والمواصلات بين الأفراد يُعتبر أحد المفاتيح الأساسية لتطوير هذا المجال العلمي.
تحديد احتمالات الثوران المستقبلي في البراكين
في سياق دراسة التنبؤ بثوران البراكين التي تفتقر إلى البيانات، تم استخدام العلاقة بين التردد والحجم لتقدير احتمالات الثوران في بركان مليموي، وهو بركان خامد منذ فترة طويلة يقع في المنطقة البركانية الجنوبية في تشيلي. تعتبر هذه الدراسة مهمة لأنها تسلط الضوء على كيفية استخدام البيانات القليلة المتاحة لتقديم تحسينات في نماذج التنبؤ بالثوران. حيث أن البيانات التاريخية عن ثورانات البراكين تكون عادة محدودة، فإن هذا النوع من الأبحاث يمكن أن يسهم في تطوير أدوات أفضل لإدارة المخاطر البركانية. على سبيل المثال، يمكن لمثل هذه النماذج أن تساعد في تحديد المناطق الأكثر عرضة للخطر، وبالتالي تعديل استراتيجيات الاستجابة للطوارئ في المناطق المجاورة.
تأثير سقوط الرماد البركاني على المباني التقليدية
أجرت دراسة مستقلة محورية لفهم تأثير سقوط الرماد البركاني من ثوران بركان مانارو فوي في فانواتو، التي شملت مسحًا ميدانيًا لـ 589 مبنى تعرضت لتأثيرات الرماد. تركز الدراسة على المباني التقليدية، مثل تلك المصنوعة من الخشب وأعشاب السقف، والتي كانت تعتبر الأقل مقاومة للحمولة الناتجة عن الرماد البركاني. بعض هذه المباني انهارت تحت تأثير سماكة تبلغ حوالي 40 مم، بينما تحملت أخرى حتى 200 مم دون أن تتعرض لأضرار. هذه النتائج تعكس أهمية الحالة السابقة للمبنى وتدابير التخفيف، مثل استخدام الأقمشة المشمعة لتغطية الأسطح. يعد فهم هذه المعايير ضروريًا لتطوير وظائف هشاشة أفضل وتحسين التنبؤات المتعلقة بتأثيرات البراكين على المجتمع. يمكن أن تكون هذه النتائج أيضًا مرجعًا مهمًا لأبحاث أخرى تتعلق بالهندسة المعمارية ومقاومة المباني للمخاطر الطبيعية.
تطور الشبكات الدولية لمواجهة المخاطر الصحية البركانية
على مدار العقدين الماضيين، تطورت شبكة المخاطر الصحية البركانية الدولية إلى منظمة دولية تهدف إلى توفير معلومات مبنية على الأدلة للجمهور، وتقديم المشورة للحكومات حول كيفية الاستعداد والتفاعل مع الانفجارات البركانية. تلعب هذه الشبكة دوراً حيوياً في تعزيز الوعي بالمخاطر الصحية التي قد تنشأ نتيجة للثورانات البركانية وكيفية التصدي لهذه المخاطر. مثلاً، من خلال تنسيق الجهود بين العلماء والممارسين، تمكنت هذه الشبكة من توفير استراتيجيات استجابة فعالة للأزمات التي قد تواجه المجتمعات المتأثرة بالثوران البركاني. علاوة على ذلك، تعد هذه الجهود مهمة بشكل خاص في المناطق الحساسة التي تفتقر إلى الموارد اللازمة لمواجهة الكوارث الطبيعية.
التحديات والفرص في مجال البراكين من منظور النساء
تظل قضايا تمثيل النساء في العلوم الجيولوجية قائمة، حيث تشهد النساء نسبة متزايدة في الدراسات العليا لكنهن لا يشغلن مناصب قيادية بشكل متناسب. حتى مع كون أكثر من 40% من درجات الدكتوراه في الجيولوجيا تُمنح للنساء في الولايات المتحدة، فإنهن يشغلن أقل من 10% من المناصب المهنية بدوام كامل في هذا المجال. هذه الفجوة تمثل تحديًا كبيرًا يتطلب من المجتمع العلمي العمل على تعزيز بيئة أكثر شمولًا وتنوعًا. في هذا الإطار، نجد أن العديد من النساء العالِمات في مجال البراكين يتجاوزن العقبات التي واجهنها، ويشكلن قصص نجاح ملهمة للجيل القادم من النساء. على سبيل المثال، عبرت العديد من العالِمات عن كيفية استلهامهن من تجارب النساء السابِقات وتوجيههن لفتح مجالات جديدة للبحث والابتكار.
التحسينات الناتجة عن البحوث النسائية في علم البراكين
تسلط الأبحاث التي تقودها النساء الضوء على التنوع والتميز في علوم البراكين، حيث تساهم في تغيير الصورة النمطية المرتبطة بهذا المجال. تنتشر هذه الأبحاث لتشمل مجموعة واسعة من المواضيع، بدءًا من الأبحاث التجريبية والدراسات الميدانية إلى الاستجابات للحدث البركاني وكيفية تحسين التواصل مع الجمهور. إن جهود النساء في تعزيز هذا المجال لا تساهم فقط في تطوير المعرفة العلمية بل إنه من المرجح أيضًا أن تلهم المجتمعات المحلية وتعزز من قدرتهم على مواجهة المخاطر المرتبطة بالبركانية. يجب الاعتراف بدور النساء وتقدير إسهاماتهن، مما يعزز من ولادة أفكار جديدة ويعزز من التعاون عبر التخصصات المختلفة.
البحوث العلمية في علم البراكين
تمثل الدراسات العلمية التي تناولت موضوع علم البراكين جانبًا مهمًا من فهم المخاطر المرتبطة بالنشاط البركاني وكيفية التعامل معها. وهذه الدراسات ليست مجرد بحث أكاديمي، بل تسعى لتقديم حلول واقعية للمجتمعات التي تعاني من آثار البركانيات. فعلى سبيل المثال، استخدم باريل ونايسميث أساليب علوم اجتماعية نوعية لدراسة تجارب النساء أثناء عمليات الإخلاء من بركان فويغو في غواتيمالا. تعتبر هذه الدراسة مهمة ليس فقط لعلم البراكين بل أيضًا لخفض مخاطر الكوارث، حيث تقدم نموذجًا مثاليًا لفهم التجارب المشروطة بالجنس خلال عمليات الإخلاء، مما يمكن أن يُفيد في التخطيط المستقبلي لمثل هذه الحالات.
كما أظهر تشيم وزملاؤه كيف أن جائحة كوفيد-19 أثرت على باحثي علم البراكين، خاصة الباحثين في بداية مسيرتهم المهنية وذوي الإعاقة، وذلك من خلال دراسة عالمية مكثفة. بالرغم من انتهاء الجائحة، فإن الباحثين لا يزالون يواجهون آثارًا سلبية، مما أدى إلى أن العديد منهم يفكر في مغادرة الأكاديمية. احتواء الدراسة على توصيات لدعم هذه الفئات كان له أثر كبير في تعزيز الشمولية وتخفيف المشاكل المستمرة مثل التحيزات الجنسانية والعرقية في المجتمع العلمي.
إن الأبحاث التي أجراها ويديوجاينتي وزملاؤه توضح أهمية متابعة مراقبة البراكين من أجل حماية الأرواح والاقتصادات. فعبر دمج التكنولوجيا الحديثة، بما في ذلك طرق المراقبة الأرضية والتقنيات الفضائية، يمكن تعزيز جودة البيانات المتاحة والتي تلعب دورًا حيويًا في فهم العمليات البركانية وتوقع المخاطر associated بها. يستلزم الحذر التخطيط الفعال للبنية التحتية ومصادر الطاقة، والتي تتطلب تعاونًا عالميًا لتبادل المعلومات والتقنيات الحديثة.
استعراضات مهنية ملهمة للنساء في علم البراكين
تتجه بعض المقالات في هذا البحث إلى استعراض مسيرات حياة النساء في مجال علم البراكين، وكم كانت التحديات والنجاحات التي واجهنها. على سبيل المثال، تقدم هورويل تفاصيل عن كيف تطور التحالف الدولي لمخاطر الصحة البركانية على مدار عشرين عامًا، حيث تحول من منتدى مناقشات إلى منظمة دولية تعمل على حماية المجتمعات. الملاحة عبر هذا المسار المهني تُظهر كيف يمكن للقادة النسائيين التأثير بشكل كبير على الأمن الصحي في السياقات البركانية.
بينما تسلط ليندسي الضوء على مسيرتها البحثية التي انتقلت من دراسة علوم الصخور إلى أبحاث تطبيقية، مما يعكس أن النجاح لا يتحقق في فراغ، بل هو نتيجة لجهود جماعية. فوجود الدعم من الأقران والتعاون بين مختلف العقول قد يلعب دورًا حاسمًا في التقدم في هذا المجال.
تتحدث جولي عن الخبرات التي اكتسبتها كعالم، وكيف أن الدروس المستفادة من الـ 40 سنة الماضية تطورت بحيث تعكس التحولات الإيجابية في العلم. هذه الديناميات تعزز الأمل في أن الجيل القادم من عالمات البراكين سيكون على دراية بالتحديات التي يمكن أن يواجهوها وسيسعون للابتكار من أجل تخفيف المخاطر المتعلقة بالنشاط البركاني.
التحديات والفرص في مجال علم البراكين
تواجه النساء في مجال علم البراكين مجموعة متنوعة من التحديات التي يتم التركيز عليها بشكل متزايد في الأدبيات الأكاديمية. هناك تحديات تتعلق بالتحيزات الجندرية والعرقية، حيث لا تزال النساء تواجه صعوبات في الحصول على الدعم المناسب خلال مسيرتهن الأكاديمية. حيث تم التأكيد على أن تجاوز البحوث النسائية أمر ضروري لتحقيق العدالة في المجال. أنجزت بعض الدراسات بالفعل إظهار التحديات التي تواجهها النساء في مجالات STEM.
ومع ذلك، فإن هناك أيضًا قصص نجاح تُشجع الباحثات الشابات. على سبيل المثال، فإن إنشاء شبكات تعاون بين عالمات البراكين يمكن أن يقدم الدعم اللازم لتبادل الخبرات والمعرفة، مما يعزز من فرص التواصل والابتكار. إن إدراك هذه التحديات وطرق التعامل معها يمثل خطوة مهمة نحو بناء بيئة أكاديمية مرنة وشاملة.
تشكل آراؤهن مكونًا حيويًا في تشكيل المناقشات التطورية في هذا المجال. إن الاعتراف بجهود النساء وإنجازاتهن يعزز من رؤية أكثر شمولية في مجال علم البراكين. كما تسلط بعض المقالات الضوء على أهمية دعم الباحثات من البلدان النامية، والتي غالبًا ما يتم تجاهلها في الأبحاث العالمية، مما يضيق قائمة الأصوات المسموعة في هذا المجال.
رابط المصدر: https://www.frontiersin.org/journals/earth-science/articles/10.3389/feart.2024.1500583/full
تم استخدام الذكاء الاصطناعي ezycontent
اترك تعليقاً