في السنوات الأخيرة، شهدنا ارتفاعًا ملحوظًا في تشخيص اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، المعروف اختصارًا بـ ADHD، بين البالغين. بينما يُلام البعض أنظمة التعليم والتقنيات الحديثة مثل الهواتف الذكية على هذا الازدياد، هناك من يرى أن الأمر ليس سوى موضة جديدة أو طريقة لجذب الانتباه. هذه الرؤى السطحية، رغم شيوعها، تتعارض مع الأدلة العلمية التي تشير إلى زيادة ملحوظة في تشخيصات ADHD. تشير الدراسات إلى أن هناك زيادة تصل إلى 20 ضعفًا في تشخيص الإصابات في المملكة المتحدة منذ عام 2000، مما يثير تساؤلات حول فهمنا العميق لهذا الاضطراب، خاصة في مرحلة البلوغ. لكن ما السبب وراء هذه الزيادة؟ ما الذي يميز أعراض ADHD عند البالغين مقارنة بالأطفال؟ وما الذي يمكن أن نتعلمه عن أسباب هذا الاضطراب وتأثيراته الحياتية؟ في هذا المقال، سنستكشف الحقائق العلمية وراء ADHD، ونناقش كيفية تغير الانطباعات والعلاج، بالإضافة إلى كيفية تأثيره على حياة الأفراد بشكل خاص.
زيادة تشخيص اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه بين البالغين
شهد العالم في السنوات الأخيرة زيادة ملحوظة في تشخيص اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD) في صفوف البالغين. يُعد هذا الاضطراب شائعاً بين الأطفال، لكن التقديرات تشير إلى أن النسبة بين البالغين تتزايد بشكل يتعذر تجاهله. بعض الدراسات تشير إلى زيادة تصل إلى 20 مرة في حالات التشخيص في المملكة المتحدة منذ عام 2000، و7 مرات في الحالات خلال العقد الأخير فقط. الأرقام عديدة، وتُظهر أن هناك نحو 3 إلى 5 في المئة من السكان العالميين يعانون من هذا الاضطراب، مما يعني أن هناك أكثر من 240 مليون شخص مصابين به. في المملكة المتحدة وحدها، يُقدر عدد المصابين بمرض ADHD بمليونين. وبالرغم من زيادة الوعي، لا يزال المرض غير مشخَّص على نحو واسع بين البالغين، مما يؤدي إلى انتشار بعض الروايات السلبية التي تعتبر أن هذا الاضطراب مجرد صنعة جديدة أو إلهاء. هذه الآراء السلبيّة تعكس جهلًا عامًا بالمشكلة ومعاناتها الحقيقية.
أسباب اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه
يُعتقد أن أسباب ADHD أكثر تعقيدًا من مجرد عوامل وراثية أو بيئية. بل تشير الأبحاث إلى أن هناك تفاعلًا معقدًا بين العوامل الجينية والبيئية. الوراثة تلعب دوراً كبيراً في هذا الاضطراب، حيث أن الدراسات تشير إلى أن احتمال توارثه يصل إلى 80%، مما يجعله مماثلاً لخصائص وراثية أخرى مثل الطول أو مستوى الذكاء. ومع ذلك، لا يوجد جين واحد مسؤول عن ظهور المرض. حتى الآن، وُجد أكثر من 76 جينًا مرتبطًا باضطراب ADHD. بدلاً من ذلك، تتأثر بنية الدماغ لمن يعانون من ADHD، حيث تظهر دراسات أن سماكة القشرة الدماغية في المصابين تكون أقل من المعتاد، مما يقود إلى صعوبة في معالجة المهام المعقدة.
تشير الأبحاث أيضًا إلى أن بعض المناطق في الدماغ، مثل القشرة الجبهية والجداريّة، قد تعاني من تغيرات تؤثر على التحكم الذاتي والتخطيط العاطفي. بالإضافة إلى ذلك، قد تكون هناك صعوبة في الانتقال بين حالة “الراحة” وحالة “التركيز” عندما يكون الشخص مطالبًا بأداء مهام معينة. هذا الاضطراب الجيني والتطوري يحمل يدًا هامة في فهم كيف تتطور الأعراض وكيف تؤثر على الحياة اليومية للأفراد.
ADHD ليس مجرد مشكلة للأطفال
العديد من الناس يعتبرون ADHD مشكلة تتعلق بالطفولة فقط، ولكن هذا التصور يحتاج إلى تصحيح. يُصنف ADHD كاضطراب نمائي، مما يعني أنه يكون أكثر وضوحًا في مرحلة الطفولة. ومع تقدم العمر، قد تظهر الأعراض بشكل أقل وضوحًا، حيث يقل الحركية ولكن تظل صعوبات التركيز كما هي. في حين أن الحركية المفرطة تكون محسوسة ويمكن أن تؤدي إلى اضطراب محيط الفرد، فإن الصعوبات في التركيز قد لا تكون بنفس القدر من الوضوح. هذه التغيرات قد تؤدي إلى تأثيرات سلبية على الأداء الأكاديمي والمهني والعلاقات الشخصية.
من المهم القيام بإجراء التشخيص المناسب وفهم الروابط بين ADHD والحالات النفسية الأخرى التي يمكن أن تتطور في مرحلة البلوغ مثل الاكتئاب والقلق. هذه الحالات يمكن أن تحجب الأعراض الحقيقية لـ ADHD وتجعل من الصعب على الأطباء تقييم الحالة بشكل صحيح، مما يؤدي إلى تفويت الرسالة الأساسية حول المعاناة التي يعيشها الأفراد.
الوعي والتعليم حول اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه
يتطلب الفهم الصحيح لـ ADHD زيادة الوعي والتعليم حول هذا الاضطراب وكيفية تأثيره على الأفراد والأسرة. من الضروري أن يتم توعية المعلمين والأطباء وأعضاء المجتمع حول العلامات والأعراض الخاصة بـ ADHD، حتى يتمكنوا من تقديم الدعم المناسب. التعليم وتشجيع النقاشات المفتوحة حول الاضطراب يمكن أن يساعد في التخلص من المفاهيم الخاطئة ويعزز من فهم المجتمعات المختلفة.
الأشخاص الذين تم تشخيصهم بـ ADHD يواجهون تحديات كبيرة تتعلق بعلاقة الضغوط الحياتية مع مشاكل التركيز والإنتاجية. العلاجات المتاحة، مثل الأدوية والعلاج السلوكي، يمكن أن تلعب دورًا مهمًا في تحسين نوعية حياتهم. ومع ذلك، من المهم الشروع بتعاون بين الأفراد والأسر ومؤسسات الرعاية الصحية لتحقيق النجاح المطلوب. يجب أن يتضمن ذلك توفير الموارد والمعلومات اللازمة لمساعدتهم في التعامل مع هذه الظروف.
تأثير ADHD على الحياة اليومية
تتسبب اضطرابات نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD) في تأثيرات كبيرة على حياة الأفراد، خاصةً إذا لم يتم تشخيصها وعلاجها بشكل صحيح. يعتبر تحدي التركيز والانتباه من أكثر المعوقات التي يواجهها الأشخاص المصابون بـ ADHD، مما يجعل التكيف مع المتطلبات اليومية في المجتمع العصري عملية معقدة. الأدمغة المصابة بهذه الاضطرابات تريد الكثير من الموارد لتحقيق مستوى جيد من التركيز، مما يشكل عبئاً ذهنياً كبيراً. العديد من الأفراد، خاصة البالغين، يلجأون عادةً إلى استراتيجيات للتغلب على هذه الصعوبات، ولكن الشعور بالقلق والإجهاد يصبح غالباً جزءاً من حياتهم اليومية. هذا الأمر يوضح سبب قلة العلاقات والفرص التعليمية للعديد من الأشخاص الذين يعانون من ADHD. قلة الوعي والفهم حول كيفية تأثير ADHD قد تبدو مجرد تفاصيل، ولكنها تشكل عقبات حقيقية أمام هؤلاء الأفراد في المجتمع.
ADHD لدى النساء: نقص في التشخيص
من المعروف أن ADHD يرتبط بشكل شائع بالأطفال، وخاصة الأولاد. ومع ذلك، هناك اعتقاد خاطئ بأن هذا الاضطراب لا يشمل النساء بنفس الدرجة. يظهر أن نسبة المصابين من الذكور إلى الإناث تتراوح بين 2:1 إلى 5:1، وفي بعض الحالات السريرية، يمكن أن تصل النسبة إلى 10:1. النساء عادة ما يظهرن علامات ADHD بصورة مختلفة، حيث يميلن إلى إظهار عدم الانتباه والقدرة المحدودة على التركيز بدلاً من التصرفات المفرطة النشاط التي تظهر عادةً على الفتيان. هذا يجعل من الصعب تشخيص حالتهن، حيث يتم تحديد التشخيص عادة من خلال سلوكيات الفوضى والاضطراب. هذه الحالة تؤدي إلى تأثيرات سلبية على الأداء الأكاديمي وتقدير الذات للنساء، مما يزيد من تعقيد حياتهن. لكن المنظور الحديث يبدأ في تغيير هذا الفهم، مما يوفر فرصة أعلى للتشخيص الدقيق والدعم المناسب للنساء اللواتي يعانين من ADHD.
التاريخ والأسس العلمية لـ ADHD
يعتقد البعض أن ADHD هو اضطراب حديث العهد، لكن الحقيقة هي أن وصف الأعراض المرتبطة به يعود إلى القرن الثامن عشر. من السهل التفكير في ADHD كحالة غير مألوفة في العصر الحديث، لكنها كانت موجودة لفترة طويلة. في العقود الأخيرة، أدت زيادة الوعي والدراسات المتعلقة بالاضطراب إلى تحسين طرق تشخيصه وتحديد مدى انتشاره. أصبح الآن من الواضح أن العديد من الحالات التي تم تشخيصها بأنها قلق أو اكتئاب قد تكون في الواقع مرتبطة بـ ADHD. من الضروري أن يستمر البحث والنقاش حول هذه القضية لفك الارتباطات الخاطئة وتقديم فهم أعمق للاضطراب في المجتمع الواسع.
ADHD كميزة وليس عائقًا
بعض الأشخاص ينظرون إلى ADHD كمجموعة من المميزات. بينما تكون الرؤية العامة هي اعتبارها اضطرابًا، يشير البعض إلى أنها قد تكون نوعًا من “القوة الخارقة”. هناك دراسات تظهر بأن الأشخاص الذين يعبرون عن علامات ADHD يمكن أن يكونوا أفضل في بعض المهام، مثل التنقل السريع في بيئات تتطلب انتباهاً متعدد المصادر. هذا الجانب الإيجابي قد يتعارض مع الأعباء النفسية التي يشعر بها الأفراد المصابون بـ ADHD، حيث يتطلب الأمر توازنًا بين الفوائد المحتملة والقيود التي تفرضها الحالة. الإبداع والقدرة على التفكير خارج الصندوق هما من الصفات التي قد تتولد من اضطراب ADHD، لكن هذه الحقيقة تحتاج إلى مزيد من الدراسات والأبحاث لتوضيح فوائد الـ ADHD في مختلف جوانب الحياة.
مواجهة وصمة الدواء والعلاج للـ ADHD
يمكن أن تكون معالجة ADHD بالأدوية موضوعًا حساسة للنقاش. يواجه العديد من الأفراد وصمة العار المرتبطة بالعلاج بالأدوية، والتي قد يدعمها الخوف من الانتقادات أو التصورات السلبية عن التوجه نحو العلاج. الأدوية مثل أديرال وريتالين أظهرت فاعلية عالية في إدارة الأعراض، ولكن هناك الكثير من الجدل حول استخدام هذه الأدوية، خاصة بين السكان الذين لا يعانون من ADHD. تناول هذه الأدوية بشكل غير صحيح قد يؤدي إلى تفاقم المشاكل بدلًا من تحسينها. ومع ذلك، فإن لم يتم تناولها بشكل صحيح تحت إشراف طبي، فإنها تمثل أداة قوية للمساعدة في إدارة الأعراض وتيسير الحياة اليومية. من الضروري كسر الحواجز والتفاهم حول الأسباب العلمية وراء استخدام هذه الأدوية لنشر ثقافة من القبول والدعم للمصابين بـ ADHD.
رابط المصدر: https://www.sciencefocus.com/the-human-body/adhd-questions-answered
تم استخدام الذكاء الاصطناعي ezycontent
اترك تعليقاً