في الذكرى السنوية للهجمات المميتة التي شنتها حماس في 7 أكتوبر، لا تزال الأسئلة الصعبة تثار داخل إسرائيل حول ذلك اليوم الذي وصف بالتاريخي، حيث تفاجأ الجيش القوي بالهجوم وواجه تحديات فتاكة. شهدت قاعدة “نحال عوز” العسكرية، الواقعة على الحدود مع غزة، أحداثا مأساوية تتعلق بمقتل أكثر من 60 جنديا إسرائيليا واحتجاز آخرين. يقدم هذا المقال استقصاءً عميقاً حول الظروف التي أدت إلى هذا الفشل، من خلال سرد القصص الحية والشهادات من عائلات الضحايا والناجين. سنسلط الضوء على الخروقات الأمنية، الترتيبات العسكرية، والتحذيرات التي لم تتم معالجتها، مما يثير تساؤلات حول استعدادات الجيش الإسرائيلي وموارد قاعدة “نحال عوز”. من خلال أسس هذا التحقيق، نعرض سردًا للشجاعة والكارثة، ونستكشف الدروس التي يجب التعلم منها لتعزيز الأمن في المستقبل.
مجريات الهجوم على قاعدة ناحال عوز
في يوم 7 أكتوبر، شهدت قاعدة ناحال عوز العسكرية حدثًا مأساويًا، حيث تعرضت للهجوم من قبل مسلحين من حركة حماس. كانت القاعدة، الواقعة على بعد كيلومتر واحد من الحدود مع غزة، تحت حماية وحدة عسكرية خاصة تتكون في الأساس من قوات نسائية. بدأت الأحداث في الصباح الباكر، حيث كان جنود القاعدة في حالة استعداد لمواجهة أي تهديد محتمل. ومع ذلك، ما إن بدأت تلك العناصر المسلحة في الاقتراب من القاعدة، حتى تم استهداف الجنود وكأنهم فريسة سهلة. العدد الكبير من الضحايا، الذي بلغ أكثر من 60 جنديًا، يوضح الحجم الرهيب للهجوم والتقصيرات الأمنية التي تحيط بالعملية العسكرية الإسرائيلية.
المعلومات المتوفرة من الناجين والعائلات تشير إلى أن النشاطات المشبوهة قد تم رصدها قبل يوم الهجوم، لكن القوات لم تأخذ التحذيرات على محمل الجد. هذه الظاهرة تدل على وجود قلة في الاستعداد والجهوزية، بل يمكن القول إن هناك تهاونًا من قبل الجيش الإسرائيلي في معالجة المعلومات الاستخباراتية التي كانت متاحة. كيف كان من الممكن أن تكون قاعدة عسكرية متطورة غير قادرة على مواجهة هجوم مفاجئ ومرعب كهذا؟ الأسئلة تظل مفتوحة حول الإجراءات الأمنية وكيف كان يمكن تجنب هذا الفشل المدوي.
عوامل التهاون في الاستجابة للهجوم
تعتبر الاستجابة المتأخرة للهجوم علامة على فعالية التكتيكات العسكرية. فقد شنّ الجنود هجماتهم مع وجود تحذيرات من النشاطات غير الطبيعية على الحدود، لكن القرارات المتخذة كانت تفترض أن حماس لن تتمكن من الهجوم. في ظل هذه العقلية، تجاهل الكثيرون الإشارات التي كانت تشير إلى أن خطط الأمن تحتاج إلى مراجعة جذرية. جنرال سابق في الجيش الإسرائيلي، الجنرال زيف، أشار إلى أنه خلال فترة خدمته، لم يكن هناك جنود غير مسلحين في المناطق الحدودية، مما يعكس كيف أن الممارسات الحالية قد تكون غير كافية وتحتاج إلى تحديثات فورية ومتواصلة.
هذا التهاون في التعامل مع المعلومات الاستخباراتية تحتم على الجيش مراجعة كيفية تجهيز القواعد العسكرية والتمركز بها. إذ إن البروتوكولات التي تقضي بتراجع الجنود تحت التهديد تم استغلالها من قبل حماس. أعطى هذا الأمر فرصة للغزاة للاختراق والتجاوز دون أي مقاومة كبيرة. ونتيجة لذلك، ترى أنه لم تتم معاقبة المسؤولين عن الفشل في اتباع الخطوات الصحيحة والاستجابة السريعة للأحداث التي مهدت لهذا الهجوم الكارثي.
التكنولوجيا والقدرة على المراقبة
كانت التكنولوجيا المتاحة في قاعدة ناحال عوز تجسد أهمية المراقبة الفعالة على الحدود. إذ يعتمد الجيش على أنظمة جديدة ومتطورة لتعزيز قدراته في اكتشاف التهديدات. ومع ذلك، يقتضي الأمر توفر تلك الأنظمة في حالة عمل مناسبة. التقرير يشير إلى أن بعض المعدات لم تكن تعمل يوم الهجوم، مما عزز الشكوك حول كفاءة الأنظمة المستخدمة. في هذا السياق، كانت هناك تساؤلات عدة حول سبب عدم انتظام صيانة مثل تلك الأنظمة، وهو ما يعتبر إغفالًا أرَّق العائلات المتضررة وأشعل نقاشات حادة حول وضع استراتيجيات متوازنة في المجال الأمني.
تتطلب في هذه المرحلة إعادة تقييم أساليب المراقبة واستراتيجيات العمل. ينبغي حث الجيش على الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة بطريقة قد تعزز من قدرة الجنود على مواجهة أي تهديدات وتكفل سلامتهم أثناء أداء مهامهم. من المهم أن يفهم القادة العسكريون أن التكنولوجيا، رغم فعاليتها، لا يمكنها أن تحل محل التجهيز البشري الجيد والتدريب المناسب.
ردود الفعل والمعايير القادمة
بعد وقوع الهجوم، تم استدعاء العائلات لتقديم المعلومات والتفاصيل عن ما حدث في تلك الليلة المروعة. أما الجيش الإسرائيلي، فقد أعلن عن كونه بصدد التحقيق الشامل في الأحداث. هذا التحقيق الثابت جاء في إطار التزامات الجيش بالحفاظ على الشفافية مع أسر الجنود ومراجعة كيفية أداء العمليات الأمنية. لكن ذلك لا يعني أنه سيتم الوصول إلى نتائج سريعة. كلما مر الوقت، كلما زاد القلق بشأن اتخاذ أي إجراءات تصحيحية عند إدراك الخسائر الفادحة. وزيادة على ذلك، فإن الجدل حول البنية التحتية الأمنية والتحذيرات المسبقة على الحدود يجب أن يتصدر المناقشات القادمة.
التفاعلات بعد هذا الهجوم تشير إلى أن إدارة الأزمات تعكس انطلاقة جديدة. الخسائر الفادحة تحتم على الجيش إعادة تقييم كم الضرر الذي تعرضت له القيادات والعائلات والمجتمع بأسره. قد تكون الفرصة قائمة حالياً لتحويل هذه الأزمات إلى كسب تعليمي، بالتأكيد في مجالات التدريب والنظام العسكري. التعلم من الأخطاء السابقة هو أمر حاسم في أثناء تحضير الجيش لجولات أخرى من النزاعات. القادمين من أسر الضحايا سيكون لديهم دور كبير في الترويج للمطالبة بالإصلاحات وفرض المزيد من الأمان في المستقبل، مما يمثل حقبة جديدة من الشفافية والمحاسبة.
الهجوم المفاجئ على قاعدة نحل عوز
في السابع من أكتوبر، شهدت قاعدة نحل عوز هجومًا مفاجئًا من قبل عناصر حماس، وهو هجوم ترك الكثير من الجنود في حالة من الذهول والخوف. عندما تسربت المعلومات حول الهجوم إلى الجنود، كان الوضع داخل القاعدة متوترًا للغاية. على الرغم من جهود القيادة العليا في الجيش الإسرائيلي، إلا أن التركيز كان أكثر على الدوريات الخارجية بدلاً من الدفاع عن القاعدة نفسها. وهذا ما أدى إلى أنه عندما هاجم العدو، لم يكن الجنود مستعدين ولم تكن هناك خطة لاستجابة سريعة لاجتياح القاعدة.
بدأ الهجوم في الساعة 07:20 عندما تعرض ما يعرف بـ “الدرع”، وهو ملجأ خارجي للجنود، للهجوم. كان داخل هذا الملجأ مجموعة من الجنود الذين كانوا في إجازة، وكانوا محميين من قبل “أربع محاربات”. للأسف، لم يتمكن هؤلاء الجنود من الصمود لفترة طويلة حيث شهدوا حالة من الذعر والفوضى بسبب انفجار قنبلة في المكان أدى إلى مقتل قائد وجرح آخرين. في هذه الأثناء، بدأت عناصر حماس في اقتحام القاعدة، مما أدى إلى وقوع العديد من الجنود في الأسر أو مقتلهم.
عندما حاول الجنود الاتصال بالقيادة للمساعدة، استمعوا إلى كلمات مؤلمة تتعلق بعدم وجود دعم، حيث تم إخبارهم أنه لا يوجد في الأفق أحد للمساعدة. بحلول حوالي الساعة 08:00، وصلت طائرة مسيرة إسرائيلية، ولكنها كانت تواجه صعوبة في التمييز بين الجنود الإسرائيليين وعناصر حماس، مما أخر الاستجابة. على الرغم من المقاومة الشديدة التي أبداها الجنود داخل القاعدة، إلا أن القوة العسكرية لعناصر حماس كانت ساحقة، وتمكنت من محاصرتهم.
معركة البقاء داخل القاعدة
بعد أن بدأت المعركة، وجد الجنود أنفسهم محاصرون بلا أي مساعدة. فرقة من كتيبة جولاني تم إرسالها إلى القاعدة، ولكنهم بدروا بأنهم أمام عدد هائل من المسلحين يصل إلى 150 مسلح مقابل كل 25 جنديًا. تم استخدام أساليب الحرب العميقة من قبل حماس، حيث تمركز عدد كبير من المقاتلين حول القاعدة، مما جعل الوضع أكثر تعقيدًا للجنود المدافعين.
خلال المعركة، تم تداول رسائل مخيفة ولحظات مرعبة من الجنود المحاصرين. كان الكثير منهم غير واعين للعدد الضخم للمهاجمين أو حجم الهجوم، ورغم المقاومة الشجاعة من قبل بعض الجنود، إلا أن الظروف كانت ضدهم. في إحدى اللحظات، طلب أحد الضباط النجاة وليس الدعم، مما يعكس حالة اليأس والذعر التي كانت تسود في ذلك الوقت. استمر القتال لحوالي أربع ساعات، وفي هذه الأثناء، حاول الجنود المساعدة في السيطرة على الوضع، ولكن محاولاتهم لم تكن كافية.
مع تقدم الوقت، بدأت علامات الألم والخسارة تتضح. كانت الكهرباء قد انقطعت في أحد المنازل التي كانت تعتبر ملجأً آمنًا للجنود، مما أدى إلى فتح الأبواب وضياع الأمل. شهد بعض الجنود بوجه خاص لحظات مأساوية، حيث اندلعت النيران في الداخل وبدأ الضباب الدخاني يملأ المكان، مما جعل التنفس مستحيلًا. ونتيجة لذلك، فقد عدد كبير من الجنود وعيهم، بينما آخرون حاولوا الهروب بحثًا عن النجاة.
التبعات والنتائج المروعة
بحلول نهاية اليوم، تم استعادة السيطرة على القاعدة من قبل الجيش الإسرائيلي، ولكن بكلفة بشرية فادحة. كانت نتائج الهجوم مؤلمة للغاية، حيث لقي حوالي 1200 شخص، بما في ذلك أكثر من 300 جندي، حتفهم، بينما تم احتجاز 251 آخرين كرهائن. ومع ذلك، كانت الصدمة الأكبر هي ما كشف عنه الهجوم من نقاط ضعف خطيرة داخل النظام العسكري الإسرائيلي.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فمع تطور الأحداث، تم فقدان العديد من الجنود، بما في ذلك مجموعة من جنود تاتزبيتانييوت. عائلات هؤلاء الجنود تركوا في حالة من الألم والذعر، حيث عاشوا لحظات من الفقدان والرعب لا يمكن تعويضها. مثالاً على ذلك، الابنة التي ذكرت أنها كانت تتحدث مع والدتها عندما تعرضت للهجوم، مما اتضح لاحقًا أن هذه الحادثة كانت واحدة من العديد من اللحظات المأساوية التي شهدتها تلك العائلات خلال الهجوم.
تم التركيز أيضًا في وسائل الإعلام على الحاجة إلى مراجعة شاملة للأخطاء والتقنيات التي أدت إلى الفشل في حماية القاعدة. أثيرت أسئلة حول قدرة القادة العسكريين على التعامل مع الأزمات وماذا كان يمكن أن يفعلوا بشكل مختلف. يتضح بأن القضايا التي واجهها الجنود في تلك اللحظات كانت نتيجة لعوامل متعددة، بما في ذلك نقص المعلومات والدعم وعدم الاستعداد للاستجابة لم تعد أي منها مقبولة.
رابط المصدر: https://www.bbc.com/news/articles/cg7825rk8j9o
تم استخدام الذكاء الاصطناعي ezycontent
اترك تعليقاً