منذ تأسيسها في عام 2009، أحدثت شركة أوبر ثورة في عالم المواصلات، حيث توسعت أعمالها لتشمل مجموعة واسعة من الخدمات وأصبحت واحدة من أكثر شركات التقنية الخاصة قيمة في العالم. ورغم ذلك، كانت تواجه الشركة صعوبة في تحقيق أرباح متسقة لأعوام طويلة. لكن قبل سبعة أشهر، أعلنت أوبر عن تحقيقها لأول مرة أرباح تشغيل سنوية تقدر بـ 1.1 مليار دولار، وهو ما طال انتظاره من قبل المستثمرين. واعتبر الرئيس التنفيذي، دارا خسروشاهي، أن هذا الإنجاز يمثل نقطة تحول في تاريخ الشركة، التي مرت بتحديات متعددة مع الجهات التنظيمية. الآن، وبعد مرور 15 عامًا على تأسيسها، تبرز تساؤلات كبيرة حول كيفية استدامة هذا النجاح.
تتطلع أوبر حاليًا إلى توسيع خدماتها ومنافسة عمالقة التجارة الإلكترونية مثل أمازون، لكنها تواجه مخاطر الانتشار المفرط وغير المدروس. في هذا المقال، سنستعرض تطورات أعمال أوبر، استراتيجياتها المستقبلية، التحديات التي تواجهها، وكيفية سعيها لتصبح “تطبيق كل شيء” في الغرب مثل تطبيق وي تشات في الصين.
ثورة أوبر في قطاع النقل
منذ تأسيسها في عام 2009، أحدثت شركة أوبر ثورة حقيقية في النقل أسلوب حياة الناس. بدأت أوبر كمنصة لاستدعاء سيارات الأجرة، ولكنها تطورت بسرعة لتصبح واحدة من أكبر الشركات التقنية الخاصة في العالم. تجاوزت خدماتها نطاق النقل التقليدي، لتشمل مجموعة واسعة من الخدمات، مثل توصيل الطعام والبضائع. ومع ذلك، على الرغم من هذه التطورات، واجهت أوبر تحديات كبيرة في تحقيق الأرباح المستدامة. في الفترة الأخيرة، أعلنت الشركة عن تحقيقها ربحاً تشغيلياً سنوياً بلغت قيمته 1.1 مليار دولار، وهو إنجاز يعد بمثابة نقطة تحول في تاريخ الشركة.
تولى Dara Khosrowshahi، الرئيس التنفيذي الحالي للشركة، قيادة أوبر نحو تحقيق الأرباح من خلال إعادة التركيز على الأعمال الأساسية وخفض التكاليف، إلى جانب التخلي عن مشاريع مثل سيارات الأجرة ذاتية القيادة. يعتبر البعض ذلك دليلاً على أن أوبر تستطيع تحقيق نمو قوي ومربح بشكل كبير، ومع ذلك يبقى السؤال: كيف ستستمر في هذا الاتجاه وتستقطب المزيد من العملاء؟
استراتيجيات النمو والتوسع لUber
تتطلع أوبر إلى مستقبلاً مليئاً بالتوسع والنمو من خلال إضافة مجموعة متنوعة من الخدمات. تشمل خيارات النقل التي يمكن للمستخدمين حجزها، الطائرات، القطارات، الدراجات الكهربائية، وحتى اليخوت. بجانب ذلك، أطلقت الشركة في عام 2015 تطبيق Uber Eats، الذي يتيح للمتسوقين إمكانية طلب الطعام والمواد الغذائية، مما ساعد على توسيع نطاق خدماتها. تسعى أوبر أيضاً لتقديم خدمات تسليم جديدة عبر Uber Direct، والتي تعمل على توصيل المنتجات للعلامات التجارية الكبرى مثل Sephora وWalmart بما في ذلك شركات أخرى.
ومع تنامي قائمة الخدمات المقدمة، تزداد توقعات المستثمرين بأن أوبر قد تتجه لتكون ما يشبه ” تطبيق كل شيء”، مثل WeChat في الصين، والذي يجمع بين خدمات الدفع والمراسلة والألعاب. يستمر Khosrowshahi في التعبير عن رغبته في أن تصبح أوبر “نظام التشغيل للحياة اليومية”. لكن توسيع نطاق الخدمات يتطلب مضاعفة الجهود لتحقيق ذلك، خصوصاً مع التنافس الشديد من شركات أخرى.
التنافس مع أمازون والشركات الأخرى
تسعى أوبر لفتح أسواق جديدة ومنافسة شركات ضخمة مثل أمازون. على الرغم من أن أمازون تعتبر رائدة في التجارة الالكترونية ولوجستيات التوزيع، تعتقد أوبر أن تكنولوجيا الناقلين لديها يمكن أن تساعدها في التفوق على أمازون في التجارة المحلية. ومع ذلك، يُعتبر هذا التوجه محفوفاً بالمخاطر، إذ يتساءل البعض عن مدى إمكانية تنفيذ هذه الخطة الكبيرة دون التأثير سلباً على العلامة التجارية أو القدرة على التنفيذ بشكل فعّال.
أيضًا، مع وجود المُنافسين مثل Lyft وBolt وDoorDash، فإن التنافس الحالي قوي، ويتطلب من أوبر تطوير استراتيجيات تهدف إلى الاستحواذ على حصة أكبر في السوق. يعبر بعض المحللين عن قلقهم من أن تنوع الخدمات والمنتجات قد يُزيد من تعقيد إدارتها، مما قد يؤثر سلباً على سمعة العلامة التجارية وقدرة التنفيذ.
زيادة قاعدة المستخدمين وتأثيرها على الإيرادات
تمكنت أوبر من زيادة قاعدة مستخدميها بشكل ملحوظ، حيث ارتفع عدد المستخدمين النشطين بشكل شهري من 45 مليون إلى أكثر من 150 مليون في منتصف عام 2024. هذا النمو يُعزى إلى عدة عوامل، بما في ذلك التركيز على تحسين التجربة العامة للمستخدمين وخدمات التوصيل. رغم هذا النجاح، لا تزال نسبة استخدام خدمات استدعاء السيارات في الولايات المتحدة أقل من 10% بين البالغين. لذا، يبقى هناك مجال كبير للنمو في هذين المجالين. يُظهر ذلك أنه بالرغم من انتشاره، لا تزال أوبر أمام تحديات في تأمين قيام المستخدمين بشكل دوري باستخدام خدماتها.
التحديات التي تواجه أوبر تتعلق أيضًا بكيفية معالجة تكاليف التشغيل وتحمل العبء المالي. تتطلب خدماتها الاستثمار في التكنولوجيا وتطوير الخدمات، مما يُضيف ضغوطاً على الربحية. بالرغم من ذلك، تُظهر البيانات أن الإيرادات من الإعلانات، التي حققت أكثر من مليار دولار هذا العام، تُعتبر دليلاً واضحاً على فعالية استراتيجيات أوبر التجارية.
المخاوف المتعلقة بالعاملين وكيفية تصنيفهم
منذ سنوات، يواجه العمال الذين يعملون في منصات الاقتصاد التشاركي مثل أوبر تحديات عدة تتعلق بحقوقهم وظروف عملهم. بعد حكم المحكمة العليا في المملكة المتحدة في عام 2021، الذي اعتبر أن سائقي أوبر هم عمال مؤهلون للحصول على حقوق مثل الحد الأدنى للأجور، كانت هناك محادثات مستمرة حول كيفية تصنيف هؤلاء العمال. يجادل النقاد بأن الطريقة التي تُعامل بها هذه المنصات العمال يجب أن تتغير لضمان توفير حقوقهم.
بينما تسعى أوبر إلى تحقيق أرباح مستدامة، من المهم أيضًا أن تأخذ بعين الاعتبار ظروف العمال، وعلى ما يبدو، الوصول إلى توازن بين تحقيق النمو ونيل حقوق عمالها. يعد استثمار أوبر في تحسين ظروف العمل وحماية العمال خطوة ضرورية لجذب المزيد من المستخدمين والمحقق المزيد من الأرباح. في الوقت نفسه، يجب أن تستمر في الابتكار والتوسع في خدماتها لتلبية احتياجات السوق المتغيرة.
الخاتمة: مستقبل أوبر في ظل التحديات
تسعى أوبر إلى تحقيق مكانة قيادية على صعيد الخدمات اللوجستية والنقل والتسويق المحلي. ورغم التحديات التي تواجهها، بما في ذلك المنافسة المتزايدة وضغوط العمالة، لا تزال الشركة مصممة على استراتيجيات نمو طموحة. تعتمد أوبر على تكنولوجيا متطورة وابتكارات مستمرة، بما في ذلك الاستفادة من الشراكات الجديدة، لتوسيع نطاق خدماتها.
مع وجود قلق دائم بشأن كيفية تفادي فخ الانغماس في عالم مزدحم بالخيارات، تبقى الحاجة ملحة للأفكار المبتكرة لتعزيز كفاءة العمل والنمو في نفس الوقت. مستقبل أوبر يعتمد على صبر الإدارة ومرونتها في الابتكار مع القدرة على الاستمرار في التكيف مع تغيرات السوق.
الوضع القانوني لسائقي أوبر والتحديات الاقتصادية
تواجه صناعة خدمات النقل مثل أوبر تحديات قانونية كبيرة في العديد من الدول. في الولايات المتحدة، upheldت المحكمة العليا في كاليفورنيا حكمًا يتيح للقطاع التعامل مع العمال كسائقين مستقلين، مما أثار جدلًا حول حقوق السائقين وواجباتهم. بينما يُعتبر هذا الإطار القانوني في بعض الولايات مفيدًا للشركات، يواجه السائقون تحديات كثيرة بسبب عدم تصنيفهم كموظفين، مما يعني أنهم لا يحصلون على مزايا العمل التقليدية مثل التأمين الصحي أو العطلات المدفوعة. يوضح السائقون أنهم مجبرون على العمل بأوقات أطول لتحقيق دخل متواضع، مما يزيد من الضغط النفسي والمالي عليهم.
كما تُشير التقارير إلى أن السوق بدأت تعاني من الإشباع، حيث يتنافس عدد كبير من السائقين على طلبات أقل. يوضح سيرجيو أفيديان، المستشار والسائق، أن هذا الأمر يجعل من الصعب على السائقين تحقيق مدخول جيد، حيث يواجه البعض صعوبة بالغة في تحقيق $20-$21 في الساعة قبل احتساب النفقات. حتى مع تعهد شركة أوبر بحماية دخل السائقين وضمان عدم إنخفاضه عن الحد الأدنى للأجور، إلا أن الواقع يظل مقلقًا بالنسبة للعديد منهم، خاصة في مدن مثل لوس أنجلوس حيث المنافسة شرسة.
استراتيجية Uber Direct في المنافسة مع أمازون
تتوسع أوبر حاليًا في خدماتها اللوجستية من خلال برنامجها Uber Direct، الذي يهدف إلى الشراكة مع آلاف من التجار المحليين. تسعى الشركة إلى منافسة أمازون، التي تسيطر على مساحة التجارة الإلكترونية الغربية. على الرغم من أن حجم Uber Direct صغير مقارنة بأمازون، فإن المدير التنفيذي دارا خوسروشاهي يعتقد أن تقنية الشركة يمكن أن تساعد الشركات الصغيرة في التنافس بشكل أفضل ضد عمالقة السوق.
ومع الحاجة المتزايدة لتوصيل الطلبات بسرعة، أنشأت أمازون خدمات جديدة تسمح للتجار من الجهات الخارجية باستخدام شبكتها اللوجستية، مما يشكل تحديًا كبيرًا لأوبر. يشير خبراء الصناعة إلى أن قطاع التوصيل بطبيعته يحتوي على هوامش ربح ضئيلة، حيث أن بعض خدمات التوصيل قد تكون غير مربحة في النهاية، وهو ما يثير تساؤلات حول قوة نموذج أعمال أوبر في مواجهة هذه التحديات. كما أن قدرة الشركة على تقديم خدمات التسليم من المتاجر المحلية خلال ساعات قصيرة تتطلب منها تحسين قدراتها اللوجستية بشكل كبير.
النموذج الفريد لأوبر كمنافس متعدد الخدمات
على عكس بعض التطبيقات الآسيوية التي شهدت نجاحًا عظيمًا كـWeChat، تظل أوبر تعمل كمنصة متميزة لكل نوع من الخدمة. يريد خوسروشاهي أن تبني أوبر نموذجًا عائليًا من التطبيقات، يعتمد على التكامل ولكن مع الحفاظ على هوية كل خدمة. يعتبر الاستمرار في العمل كتطبيقات منفصلة تحديًا أيضًا، حيث يعد الرحيل نحو تطبيق أبر كخدمة متعددة المجالات هدفًا بعيد المدى يتطلب تغييرات جذرية في الهيكلية التنظيمية والتقنية.
ومع ذلك، تبرز بعض العقبات، خاصة مع الحاجة المتزايدة لتوفير خدمات سريعة وفعالة دون التأثير على الجودة. يتساءل المراقبون عما إذا كان النموذج الفريد لأوبر سيمكنه من تقديم خدمات أسرع بنفس الكفاءة مثل أمازون، خاصة في ظل الركود الاقتصادي الذي يؤثر على إنفاق المستهلكين. على الرغم من أن استراتيجية أوبر لطموحاتها في التوسع تظل قوية، إلا أن رحلة الوصول إلى أن تكون تطبيقًا شاملًا مثل WeChat ستكون طويلة وصعبة.
رابط المصدر: https://www.irishtimes.com/business/2024/09/28/ubers-next-act-taking-on-amazon/
تم استخدام الذكاء الاصطناعي ezycontent
اترك تعليقاً