تتناول هذه الحلقة من برنامج “فنجان” نقاشًا مثيرًا حول مستقبل التلفزيون في ظل التحديات التي تفرضها التكنولوجيا الحديثة والمنافسة مع منصات البث العالمية مثل نتفليكس وأمازون. يستضيف عبد الرحمن أبو مالح علي جابر، رئيس تلفزيون MBC، الذي يشارك رؤيته حول كيفية مواجهة MBC للتغيرات السريعة في عالم الإعلام. يتطرق النقاش إلى التحديات المتعلقة بانخفاض نسب المشاهدة والإعلانات، وكيف أن الإنترنت قد غير قواعد اللعبة التقليدية في صناعة التلفزيون. يناقش الضيف أيضًا كيفية تعامل MBC مع الإنتاج العربي، بما في ذلك التوجه نحو الأعمال الأكثر تحديدًا وملاءمة للجمهور المحلي، ويركز على أهمية الكتابة الجماعية في تطوير المحتوى. تجدر الإشارة إلى أن علي جابر يؤكد على أن MBC ليست مجرد قناة تلفزيونية، بل شركة متكاملة تركز على صناعة المحتوى وتوزيعه عبر منصات متعددة. كما يتناول النقاش الفروق الثقافية في الإنتاج الفني وأثرها على الجمهور، مع الإشارة إلى كيفية تأثير الرقابة والقيود الاجتماعية على حرية الإبداع. إن هذه الحلقة ليست مجرد استعراض لصناعة الإعلام، بل تتناول أيضًا كيفية تكيُّف المؤسسات الإعلامية مع التغيرات الكبيرة التي يشهدها المجتمع في العصر الرقمي.
تحديات الإعلام التقليدي في عصر الرقمية
يعد الإعلام التقليدي، وخاصة التلفزيون، من وسائل الإعلام التي تواجه تحديّات كبيرة في ظل التحول الرقمي الذي يشهده العالم اليوم. مع تزايد استخدام الإنترنت وتطبيقات البث المباشر مثل نتفليكس وأمازون برايم، بدأ الجمهور يتجه بشكل متزايد نحو المحتوى الرقمي الذي يتيح لهم حرية الاختيار والراحة. هذا التحول أدى إلى انخفاض نسبة المشاهدة للقنوات التلفزيونية التقليدية، مما جعلها تبحث عن طرق جديدة للبقاء في المنافسة.
من خلال هذه الديناميكية، تبرز أهمية فهم كيفية تحرك شركات التلفزيون التقليدية مثل MBC. هذه القنوات تجد نفسها مضطرة لإعادة تقييم استراتيجياتها. يتطلب الأمر منها تقديم محتوى يجذب المشاهدين ويكون قادراً على التنافس مع الإنتاجات الضخمة التي تقدمها المنصات الرقمية. كما أن الاعتماد على الإعلانات أصبح تحدياً بعد انحسار العائدات الإعلانية بشكل كبير. هذا الوضع يتطلب التفكير في نماذج جديدة للإيرادات، مثل الاشتراكات أو الشراكات مع المنصات الرقمية.
حاليًا، تتجه MBC إلى تعزيز وجودها الرقمي من خلال منصة “شاهد”، وهذه خطوة تعتبر استجابة للتغيرات السريعة في سلوك المشاهدين. لكن، يجب عليها تطوير محتوى يتناسب مع تفضيلات الجمهور الذي يميل نحو القصص الجديدة والمبتكرة، مما يتطلب استثمارًا كبيرًا في الكتّاب والمخرجين والممثلين الذين يمكنهم تقديم محتوى يتماشى مع هذا الاتجاه.
استراتيجيات MBC للتنافس مع المنصات الرقمية
تمتلك MBC استراتيجية واضحة للتنافس مع المنصات الرقمية التي تكتسب شعبية متزايدة. تعتمد هذه الاستراتيجية على تطوير محتوى أصلي وجذاب يلبي احتياجات الجمهور العربي. من خلال منصة “شاهد”، تسعى MBC إلى تقديم مجموعة متنوعة من المحتويات، بما في ذلك البرامج الدرامية، والكوميدية، والأفلام الوثائقية، مما يمنح المشاهدين خيارات متعددة.
أحد العناصر المهمة في هذه الاستراتيجية هو التركيز على إنتاج محتوى محلي يتحدث عن القضايا الاجتماعية والثقافية التي تهم المشاهدين. من خلال هذه الخطوة، تحاول MBC بناء هوية قوية للمحتوى العربي الذي يعكس تجارب المجتمع ويعزز الانتماء. كما أن التعاون مع كتاب ومخرجين محليين يعتبر ضرورة لتقديم روايات تعبر عن القضايا المعاصرة.
يلعب استخدام التكنولوجيا أيضًا دورًا كبيرًا في هذه الاستراتيجية. من خلال تحسين تجربة المستخدم على منصة “شاهد”، تستطيع MBC جذب المزيد من المشتركين. هذا يعني تحسين واجهة المستخدم، وزيادة سرعة تحميل المحتوى، وتقديم خيارات للمشاهدة دون انقطاع. كما يجب أن تتبنى MBC تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي لتحليل سلوك المشاهدين وتخصيص المحتوى وفقًا لتفضيلاتهم.
فرص وتحديات المحتوى العربي أمام المنافسة العالمية
تعتبر صناعة المحتوى العربي في مواجهة تحديات وفرص كبيرة. من جهة، تزداد الحاجة لإنتاج محتوى يلبي المعايير العالمية، مما يتطلب من الكتّاب والمخرجين العرب أن يكونوا على دراية بأحدث الاتجاهات في صناعة الإعلام والترفيه. من جهة أخرى، يتوفر متسع كبير من الفرص للنمو، خصوصًا مع زيادة الاهتمام بالمحتوى العربي من الجمهور العالمي.
تعد المنصات الرقمية فرصة سانحة لإطلاق محتوى عربي يتجاوز الحدود الجغرافية. مع وجود جمهور يشكل جزءًا كبيرًا من المشاهدين العرب في الشتات، يمكن للأعمال الدرامية والبرامج الكوميدية أن تجد طريقها إلى قلوب العديد من المشاهدين في أماكن مختلفة. لكن يتطلب تحقيق هذا الهدف تنسيقًا بين الشركات المحلية والمنتجين الأجانب لضمان الجودة والقدرة على المنافسة.
ومع ذلك، يجب أن تُؤخذ بعين الاعتبار التحديات المتمثلة في الرقابة والقيود الثقافية التي يمكن أن تؤثر على الإنتاج. هذه القيود قد تضعف قدرة المنتجين العرب على التعبير عن أفكارهم بحرية، مما قد يؤثر سلبًا على نوعية المحتوى المقدم. لذا، تبقى مسألة حرية التعبير واحدة من القضايا الأساسية التي يجب معالجتها لضمان تطوير صناعة المحتوى العربي بشكل مستدام.
التحول من التلفزيون التقليدي إلى الرقمي
يمثل التحول من التلفزيون التقليدي إلى الرقمي قفزة نوعية في كيفية استهلاك المحتوى. لقد أحدثت هذه النقلة تغييرات جذرية في الطريقة التي يتفاعل بها المشاهدون مع المحتوى، حيث أصبح بإمكانهم اختيار ما يريدون مشاهدته في الوقت الذي يناسبهم. هذه المرونة تعني أن التلفزيون التقليدي يجب أن يتكيف أو يخاطر بفقدان جمهور كبير.
تعتبر منصة “شاهد” مثالاً على كيفية استجابة MBC لهذه التغيرات. من خلال توفير خيارات متعددة للمشاهدة، أصبحت المنصة جاذبة لجمهور جديد، وخاصة الشباب الذين يفضلون المحتوى الرقمي. تقدم “شاهد” محتوى متنوعًا يتضمن مسلسلات وأفلامًا وبرامج متنوعة، مما يتيح لها التنافس بشكل أفضل مع المنصات الأخرى.
إضافة إلى ذلك، يجب أن تتبنى MBC استراتيجيات تسويقية جديدة للترويج لمحتواها الرقمي. يمكن أن تشمل هذه الاستراتيجيات الحملات الإعلانية على وسائل التواصل الاجتماعي، والتعاون مع المؤثرين، وخلق محتوى تفاعلي يجذب الانتباه. من خلال القيام بذلك، يمكنها تعزيز وجودها الرقمي وجذب المزيد من المشاهدين إلى منصتها.
حرية الإبداع والتحديات في الإنتاج التلفزيوني
تعتبر حرية الإبداع أحد أهم العناصر التي تميز الإنتاج التلفزيوني لدى شبكة MBC، حيث يُنظر إليها كجزء أساسي من نجاح القناة وجذب المشاهدين. هذه الحرية ليست مجرد خيار، بل هي مسئولية ناتجة عن رغبة القائمين على المحتوى في تقديم أعمال تلامس واقع المشاهد العربي. فالمسلسلات الرمضانية، على سبيل المثال، تعكس قضايا اجتماعية وثقافية تتعلق بالجمهور. في كل رمضان، تواجه القناة حملات من قبل جهات ترفض المحتوى المعروض، ومع ذلك، لا تتأثر MBC بهذه الضغوط، حيث تمتلك قاعدة جماهيرية كبيرة تتجاوز 150 مليون مشاهد. يعود ذلك إلى التزام القناة بتقديم محتوى يعكس تطلعات المجتمع، ويتجاوز الانتقادات التي قد تواجهها.
عند الحديث عن حرية الإبداع، تبرز مسألة إدارة المضامين بما يتناسب مع قيم المجتمع، حيث تؤكد MBC على أهمية التوازن بين حرية التعبير واحترام الموروث الثقافي. عندما يتم اتخاذ قرارات بسحب بعض المسلسلات، فإن ذلك لا يأتي نتيجة لضغوط خارجية، بل ينبع من رؤية داخلية وتقييم دقيق للمحتوى. هذه الجرأة في اتخاذ القرارات تعكس الوعي الكامل بالمسئولية تجاه الجمهور، حيث يتم التعامل مع الأخطاء بشكل شفاف من دون أي خجل.
في السنوات الأخيرة، قدمت MBC تجارب جديدة في إنتاج المسلسلات، مركزة على العمل الدرامي الذي يتبع منهجيات جديدة ويتبنى أسلوب السوب أوبرا. هذه الخطوة تُعتبر جريئة، إذ تتطلب استثمارًا كبيرًا في الإنتاج وتفاعلاً مستمرًا مع الأحداث الحياتية. موازاةً لذلك، فإن هذه التجربة ليست مجرد تقليد لنماذج غربية، بل هي محاولة لإنتاج محتوى يناسب الثقافة العربية، مما يسهم في رفع مستوى الجودة والإنتاجية.
التحديات في استيراد الأفكار والتنسيق مع الثقافات الأخرى
تتضمن تحديات الإنتاج التلفزيوني أيضًا استيراد الأفكار من المسلسلات الأجنبية، مثل السوب أوبرا. في الوقت الذي كانت فيه هذه الأفكار تُعتبر جديدة، أصبحت تبحث MBC عن طرق جديدة لتقديم محتوى يتناسب مع المجتمع العربي. على الرغم من أن بعض الأفكار قد تكون قديمة في سياقات أخرى، إلا أن MBC تأخذها وتعيد تشكيلها بما يتلاءم مع القيم والتقاليد العربية. هذه العملية ليست سهلة، لكنها تتطلب فهماً عميقًا للثقافة المحلية وقدرة على الابتكار.
الأعمال مثل “الميراث” تمثل خطوات جريئة في محاولة تحويل الأفكار التقليدية إلى محتوى عصري. رغم أن هذه الفكرة قد تكون قديمة في بعض الأسواق، إلا أنها وجدت نجاحًا ملحوظًا في العالم العربي، مما يدل على أن الجمهور مستعد لقبول تجارب جديدة طالما أنها تلامس احتياجاتهم. هذا يعكس قدرة القناة على دمج القيم الثقافية مع المتطلبات الحديثة، وهي معادلة صعبة تحتاج إلى الابتكار والمرونة.
عند النظر إلى البرامج مثل “Arab Got Talent” و “أرب آيدل”، نجد أن MBC تلعب دورًا في تقديم قوالب عالمية ولكن بمحتوى عربي موجه. من خلال استخدام مواهب عربية تغني لأعمال كلاسيكية مثل “أم كلثوم” و “عبد الحليم”، تتمكن القناة من إيصال الثقافة العربية بشكل فعّال إلى جمهور واسع. هذه الاستراتيجيات تسهم في نقل الثقافة وسرعة انتشارها، وفي نفس الوقت تعزز الهوية العربية في مشهد إعلامي عالمي يتسم بالتنافسية.
التدريب وبناء القدرات الإبداعية في صناعة التلفزيون
تؤمن MBC بأهمية التدريب وبناء القدرات الإبداعية كجزء أساسي من استراتيجيتها في الإنتاج. الاستثمار في التدريب ليس فقط لتحسين جودة العمل الفني، بل أيضًا لتخريج جيل جديد من النجوم والمبدعين الذين يستطيعون تقديم محتوى متنوع وذو جودة عالمية. من خلال برامج التدريب، يتم تطوير المهارات الفنية والإنتاجية للموهوبين، مما يعزز من قدراتهم على المنافسة في الأسواق العالمية.
التركيز على السوب أوبرا كمجال للتدريب لا يعني فقط إنتاج مسلسلات، بل هو أيضًا وسيلة لتنمية المواهب. من خلال هذا النوع من الإنتاج، يمكن تطوير مهارات ممثلين وفنيين، مما يؤدي إلى تحسين مستوى الإنتاج بشكل عام. فالصناعة التلفزيونية تتطلب قوى عاملة مدربة ومؤهلة، وتعتبر MBC في طليعة القنوات التي تستثمر في هذا الجانب بشكل فعّال. يتطلب النجاح في هذا المجال تفانيًا وإصرارًا، وهذا هو ما تسعى MBC لتعزيزه بين فريقها.
بالإضافة إلى ذلك، تسهم هذه الجهود في خلق بيئة تنافسية تدفع العاملين نحو تقديم الأفضل دائمًا. فمع وجود مشاريع جديدة تتطلب أفكارًا مبتكرة، يصبح من الضروري على المنتجين والمخرجين والممثلين أن يكونوا مستعدين لمواجهة التحديات بشكل مستمر. هذه الديناميكية تعكس التطور المستمر في صناعة الإعلام العربي وتساهم في تعزيز مكانة MBC كقناة رائدة في هذا المجال.
تم تلخيص الحلقة بإستخدام الذكاء الاصطناعي ezycontent
اترك تعليقاً