فرحة الخطأ الغريبة

يمكن أن يقدم تنمية التواضع الفكري فوائد فردية واجتماعية، يشرح ذلك عالم نفسي

ماذا يعني أن تكون متواضعًا فكريًا

التواضع الفكري هو نوع معين من التواضع يتعلق بالمعتقدات والأفكار أو النظريات. وهذا ليس فقط عن المعتقدات الدينية؛ بل يمكن أن يظهر في وجهات النظر السياسية والمواقف الاجتماعية المختلفة ومجالات المعرفة أو الخبرة أو أي قناعات قوية أخرى. لها أبعاد داخلية وخارجية.

في نفسك، ينطوي التواضع الفكري على الوعي والتقبل للقيود والتحيزات في ما تعرفه وكيف تعرفه. يتطلب الاستعداد لتعديل آرائك بناءً على أدلة قوية.

بين الأشخاص، فإنه يعني ضبط الأنا الخاصة بك حتى تتمكن من تقديم أفكارك بطريقة متواضعة ومحترمة. يتطلب تقديم معتقداتك بطرق ليست دفاعية والاعتراف عندما تكون مخطئًا. ينطوي على إظهار أنك تهتم أكثر بالتعلم والحفاظ على العلاقات من أن تكون “على حق” أو تظهر تفوقًا فكريًا.

طريقة أخرى للتفكير في التواضع، سواء كان فكريًا أو غيره، هو أن تكون الحجم المناسب في أي موقف معين: ليس كبيرًا جدًا (وهو الغطرسة)، ولكن أيضًا ليس صغيرًا جدًا (وهو التحقير الذاتي).

أعرف الكثير عن علم النفس، ولكن لا أعرف الكثير عن الأوبرا. عندما أكون في بيئات مهنية، يمكنني استيعاب الخبرة التي اكتسبتها على مر السنين. ولكن عند زيارة دار الأوبرا مع أصدقاء أكثر ثقافة، يجب أن أستمع وأطرح المزيد من الأسئلة، بدلاً من التأكيد بثقة على رأيي الجاهل.

أربعة جوانب رئيسية للتواضع الفكري

تشمل التواضع الفكري أربعة جوانب رئيسية:

1. العقلانية: تجنب العناد والاستعداد لتعديل معتقداتك.

2. الفضول: السعي إلى أفكار جديدة وطرق للتوسع والنمو، وتغيير رأيك لتتوافق مع أدلة قوية.

3. الواقعية: امتلاك والاعتراف بعيوبك وقيودك، ورؤية العالم كما هو بدلاً من كما تتمنى أن يكون.

4. القابلية للتعلم: الاستجابة بدون دفاع وتغيير سلوكك ليتوافق مع المعرفة الجديدة.

غالبًا ما يكون التواضع الفكري عملاً صعبًا، خاصة عندما تكون المخاطر مرتفعة. بدءًا من الاعتراف بأنك، مثل الجميع الآخرين، لديك تحيزات وعيوب معرفية تحد من مدى معرفتك، يمكن أن يبدو التواضع الفكري وكأنه اهتمام حقيقي بمعتقدات أحد أفراد عائلتك أثناء محادثة في اجتماع عائلي، بدلاً من الانتظار حتى ينتهي لتثبت أنهم مخطئون من خلال مشاركة رأيك الأفضل.

يمكن أن يبدو وكأنه التفكير في جدوى وجهة نظر بديلة في قضية سياسية مثيرة للجدل ولماذا قد يختلف الأشخاص اللائقون والأذكياء معك. عندما تقترب من هذه المناقشات التحدية بفضول وتواضع، فإنها تصبح فرصًا للتعلم والنمو.

لماذا التواضع الفكري هو ميزة

على الرغم من أنني درست التواضع لسنوات، إلا أنني لم أتقنه بعد شخصيًا. من الصعب السباحة ضد القواعد الثقافية التي تكافئ الصواب وتعاقب الأخطاء. يتطلب العمل المستمر للتطوير، ولكن العلم النفسي قد وثق العديد من الفوائد.

أولاً، هناك تقدم اجتماعي وثقافي وتكنولوجي يجب أن نأخذه في الاعتبار. أي اختراق كبير في الطب أو التكنولوجيا أو الثقافة جاء من شخص اعترف بأنه لا يعرف شيئًا – ثم سعى بشغف للمعرفة بفضول وتواضع. يتطلب التقدم الاعتراف بما لا تعرفه والسعي لتعلم شيء جديد.

تتحسن العلاقات عندما يكون الناس متواضعين فكريًا. أظهرت الأبحاث أن التواضع الفكري مرتبط بتحمل أكبر تجاه الأشخاص الذين تختلف معهم.

على سبيل المثال، يقبل الأشخاص المتواضعون فكريًا الأشخاص الذين يحملون آراء دينية وسياسية مختلفة. وجزءًا أساسيًا من ذلك هو الاستعداد لأفكار جديدة، لذا فإن الأشخاص أقل دفاعًا عن وجهات النظر التي قد تكون تحديًا. فهم أكثر استعدادًا للمغفرة، مما يمكن أن يساعد في إصلاح والحفاظ على العلاقات.

أخيرًا، يساعد التواضع على تسهيل النمو الشخصي. يسمح لك التواضع الفكري بالحصول على رؤية أكثر دقة لنفسك.

عندما تتمكن من الاعتراف بقدراتك وتقبلها، يمكنك طلب المساعدة في المجالات التي لديك فيها مجال للنمو، وستكون أكثر استجابة للمعلومات. عندما تقتصر على القيام بالأشياء بالطريقة التي قمت بها دائمًا، فإنك تفوت العديد من الفرص للنمو والتوسع والجديد – أشياء تلهمك وتملأك بالدهشة وتجعل الحياة تستحق العيش.

التواضع يمكن أن يفتح الباب للأصالة والتنمية الشخصية.

التواضع لا يعني أن تكون ضعيفًا

على الرغم من هذه الفوائد، يحصل التواضع أحيانًا على سمعة سيئة. يمكن للناس أن يكون لديهم افتراضات خاطئة حول التواضع الفكري، لذلك من المهم تفنيد بعض الأساطير.

التواضع الفكري لا يعني عدم الثبات؛ يمكنك أن تؤمن بشيء بقوة حتى يتغير عقلك وتؤمن بشيء آخر. كما أنه لا يعني أن تكون غير ثابت. يجب أن يكون لديك معيارًا عاليًا للأدلة التي تحتاجها لتغيير عقلك. كما أنه لا يعني أن تكون تحقير الذات أو الاتفاق دائمًا مع الآخرين. تذكر، إنها تواضع مناسب، ليست صغيرة جدًا.

يعمل الباحثون بجد لتوثيق طرق موثوقة لتنمية التواضع الفكري. أنا جزء من فريق يشرف على مجموعة من المشاريع المصممة لاختبار تدخلات مختلفة لتطوير التواضع الفكري.

يقوم بعض العلماء بدراسة طرق مختلفة للمشاركة في المناقشات، ويستكشف البعض الآخر دور تعزيز الاستماع. ويختبر البعض الآخر برامج تعليمية، وينظرون البعض الآخر إلى ما إذا كانت أنواع مختلفة من التعليقات والتعرض لشبكات اجتماعية متنوعة يمكن أن تعزز التواضع الفكري.

تشير الأبحاث السابقة في هذا المجال إلى أن التواضع يمكن تنميته، لذا نحن متحمسون لرؤية ما سيظهر كأكثر الطرق الواعدة من هذا الجهد الجديد.

كان هناك شيء آخر علمتني إياه الدين وكان غير صحيح قليلاً. قيل لي إن الكثير من التعلم يمكن أن يكون مدمرًا؛ بعد كل شيء، لا ترغب في التعلم الكثير حتى لا تفقد إيمانك.

ولكن في تجربتي، قد يكون ما تعلمته من خلال الخسارة هو ما أنقذ نسخة من إيماني التي يمكنني تأييدها بصدق وتشعر بأنها أصيلة لتجاربي. كلما فتحنا عقولنا وتوقفنا عن مقاومة التغيير، كلما وجدنا الحرية التي يقدمها التواضع بشكل أسرع.

تم نشر هذه المقالة في الأصل على The Conversation. اقرأ المقالة الأصلية.

داريل فان تونغير هو أستاذ مشارك في علم النفس في كلية هوب، وبحثه يركز على الدافع الاجتماعي للمعنى وعلاقته بالفضائل والأخلاق.

تم تجميعه بواسطة محررين محترفين، يقدم The Conversation تعليقًا مستنيرًا ونقاشًا حول القضايا التي تؤثر على عالمنا.

Source: https://www.scientificamerican.com/article/the-curious-joy-of-being-wrong/