تحذر الحكومات وخبراء الصحة العامة في جميع أنحاء العالم من انتشار حمى الضنك بأعداد قياسية، وهي واحدة من أكثر الأمراض السامة والمستعصية التي يمكن أن يصاب بها نصف سكان العالم. يعود تاريخ هذا الفيروس المنقول عن طريق البعوض إلى فترة طويلة في المناطق الدافئة، ولكنه يظهر الآن أيضًا في مناطق لم يكن يعرف عنها بشكل عام، مثل أوروبا وبعض أجزاء الولايات المتحدة. بحلول بداية ديسمبر، سُجلت أكثر من خمسة ملايين حالة إصابة بحمى الضنك في جميع أنحاء العالم هذا العام – زيادة كبيرة عن الـ 500،000 حالة في عام 2000 – في ما لا يقل عن 80 دولة ومنطقة. وفقًا لمنظمة “إنقاذ الأطفال”، توفي أكثر من 5,500 شخص حتى الآن في عام 2023.
ما هي أعراض حمى الضنك؟
تختلف الأعراض التي يعاني منها المصابون بحمى الضنك بشكل كبير: تصل نسبة 80% من حالات حمى الضنك إلى أن تكون بدون أعراض، وفي حين قد تسبب بعض العدوى أعراضًا شبيهة بأعراض الإنفلونزا فقط، يمكن أن تؤدي الحالات الأكثر خطورة إلى نزيف داخلي قد يؤدي إلى الوفاة.
بعض الأعراض الأكثر شيوعًا للإصابة بحمى الضنك تشمل الحمى العالية والغثيان والقيء وآلام العضلات والمفاصل الشديدة – وهذا هو السبب في تسمية المرض “حمى كسر العظام”.
عندما يتم اكتشافها في وقت مبكر وبوجود الرعاية الطبية، تكون معدلات الوفيات الناجمة عن حمى الضنك أقل من 1% – على الرغم من أن هذا الرقم يرتفع إلى 2-5% في حالات حمى الضنك الشديدة. إذا لم يتم علاجها، يمكن أن تصل معدلات الوفيات الناجمة عن حمى الضنك إلى 20%.
كيف ينتشر حمى الضنك ولماذا تزداد انتشارها؟
تنتشر حمى الضنك عادة عن طريق البعوض الأنثى المصابة بالبعوض النمر المصري والتي تنمو في المياه الراكدة، وتنتقل من شخص لآخر عن طريق لدغ البعوض. يمكن أيضًا أن يتم نقل المرض من النساء الحوامل إلى أطفالهن، وفي حالات نادرة، من خلال نقل الدم أو زراعة الأعضاء أو إصابات الإبر.
شهدت الأمراض التي تنتقل عن طريق البعوض زيادة نسبية نتيجة لاستعادة السفر العالمي بعد جائحة كوفيد-19. كما يعتقد أن ظاهرة النينو هذا العام، التي تساهم في ارتفاع درجات الحرارة، ساهمت في تفاقم تفشي حمى الضنك في البلدان الاستوائية.
وفي ظل ارتفاع درجات الحرارة العالمية نتيجة لتغير المناخ، مما جعل المزيد من أجزاء العالم مناسبة لتكاثر البعوض النمر المصري، يحذرون الخبراء بشكل متزايد من التهديد الذي تشكله حمى الضنك للأجزاء الجنوبية من الولايات المتحدة وأوروبا، وكذلك لمناطق جديدة في أفريقيا.
وأشار الباحثون أيضًا إلى تأثير التحضر على انتقال حمى الضنك. بالإضافة إلى زيادة كثافة السكان، فإن توسع المستوطنات الحضرية غير الرسمية التي لا تحتوي على شبكات صرف صحي، يعزز تكاثر البعوض النمر المصري في المياه الراكدة والقمامة المكشوفة، وهي بيئة مثالية لتكاثر وتغذية البعوض النمر المصري، الذي يتكيف بالفعل مع البيئات الحضرية.
ماذا يفعل السلطات في جميع أنحاء العالم لمكافحة حمى الضنك؟
لا يزال التدخين أحد أقدم وأكثر الطرق استخدامًا لقتل البعوض في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، فإن تدخين البعوض يشهد فعالية تناقصية. على الرغم من عقود من مكافحة المبيدات الكيميائية، حذر الباحثون من أن تفشي حمى الضنك قد تفاقم مع مقاومة البعوض للمركبات الكيميائية.
تهدف جهود مبتكرة قادها برنامج البعوض العالمي، والتي يتم حاليًا اختبارها في أكثر من دولة، إلى مكافحة الفيروسات المنقولة عن طريق البعوض باستخدام البعوض نفسه. في إطار البرنامج، يقوم السلطات بإطلاق بعوض خاص يتم تربيته لحمل بكتيريا تسمى وولباكيا، والتي تحجب انتقال الفيروسات التي تسبب حمى الضنك والزيكا وحمى الصفراء.
ومع ذلك، ليس الجميع مرحبًا بالخطة الطموحة. عندما أعلنت السلطات الإندونيسية عن إطلاق 200 مليون بعوضة تحمل وولباكيا في بالي، واجهت الخطة معارضة شديدة من الخبراء والسكان المحليين، الذين لديهم ثقة ضئيلة في نتائج دراسة تجريبية صغيرة أجريت في مدينة إندونيسية أخرى، وكانوا يشعرون بالقلق من أن سكان بالي سيصبحون “فئران مختبرية”.
في سنغافورة، حيث يتم تنفيذ مشروع وولباكيا بكامل طاقته، يقوم موظفو الوكالة البيئية بتفتيش المنازل والمواقع الأخرى بانتظام للتحقق من وجود أماكن محتملة لتكاثر البعوض وجمع عينات من المياه لإجراء اختبارات مختبرية. قد يتم تغريم أو سجن أصحاب الممتلكات التي يتم العثور فيها على تكاثر البعوض.
تتبع سنغافورة أيضًا تجمعات حمى الضنك الناشئة في الدولة. يقوم مستشفى أطفال بوسطن بمبادرة مماثلة لتتبع التقارير العالمية عن حالات حمى الضنك في وسائل الإعلام، وأعلن الباحثون في لندن في وقت سابق من هذا الشهر عن “لوحة معلومات حمى الضنك” الأولى في العالم لنمذجة وتوقع انتشار المرض في جميع أنحاء العالم، والتي من المتوقع أن تطلق العام المقبل.
“نحتاج إلى خطط محلية لمكافحة حمى الضنك – على مستوى القرى والمدن – وبمشاركة المجتمعات”، قال ياسر عرفات، مستشار صحي في منظمة “إنقاذ الأطفال”، في بيان يسلط الضوء على خطورة حالات حمى الضنك هذا العام. “يجب أن يتوقع التمويل المخاطر الجوية والمناخية الشديدة لإدارة المخاطر وليس فقط الأزمات”.
كيف يمكنك حماية نفسك من حمى الضنك؟
توصي السلطات باستخدام مبيدات الحشرات لمحاولة تجنب الإصابة بحمى الضنك. كما ينصح بارتداء قمصان طويلة الأكمام وسراويل طويلة واستخدام شاشات حشرية على النوافذ والأبواب، وإجراء فحوصات منتظمة في منزلك للتحقق من وجود مياه راكدة.
هناك حاليًا لقاحان لحمى الضنك متاحان تجاريًا: Qdenga، والذي يوصى به من قبل منظمة الصحة العالمية للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ستة وستة عشر عامًا أو أولئك الذين يعيشون في أماكن تعرضهم لمخاطر عالية لنقل حمى الضنك، وDengvaxia، والذي يوصى به من قبل مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين تسعة وستة عشر عامًا والذين أصيبوا بحمى الضنك في السابق. (ومع ذلك، تبين أن برنامج التطعيم الأول في العالم ضد حمى الضنك، الذي تم إطلاقه في الفلبين في عام 2016، يزيد من شدة المرض للمتلقين لـ Dengvaxia الذين يصابون بحمى الضنك في وقت لاحق، مما يؤدي إلى انخفاض الثقة في جميع اللقاحات في البلاد.)
بالنسبة لأولئك الذين أصيبوا بحمى الضنك، توصي منظمة الصحة العالمية بشرب الكثير من السوائل والحصول على قسط كاف من الراحة وتجنب استخدام مضادات الالتهاب غير الستيرويدية مثل الإيبوبروفين والأسبرين – بدلاً من ذلك، اختر الباراسيتامول لتخفيف الألم – وطلب المساعدة الطبية إذا كنت تعاني من أعراض شديدة.
Source: https://www.aol.com/dengue-fever-soaring-worldwide-know-115849844.html
اترك تعليقاً