الآثار القديمة للمايا تظهر أن الحكام القويين لم يعيشوا فقط في القصور

التكنولوجيا الليزرية تكشف عن تعددية المجتمع المايا

تظهر تقنية الليزر المعروفة باسم “ليدار” والحفريات الأخيرة توسعًا حضريًا حول مراكز المدن القديمة للمايا، مثل تيكال في غواتيمالا. كانت هذه المدن تمتد عبر الوديان والتلال وقمم التلال. في ذروتها، امتدت كاراكول على مساحة 240 كيلومترًا مربعًا، حوالي حجم ميلووكي، قبل أن تتخلى عنها وتبتلعها الغابة.

قد أقنعت الأدلة الأثرية المتراكمة تشيس بأن الممارسات الاجتماعية المشتركة، مثل وضع الفخار وغيره من العناصر الطقسية في مزارات خاصة، ربطت مجموعات من العائلات الزراعية في عشرات الأحياء المتميزة داخل الحضر الحضري لكاراكول.

الأدلة الأثرية تشير إلى أحياء السلطة القديمة للمايا

تعتبر أواني الفخار المزينة بأشكال الوجه واحدة من الدلائل. تراكب الأشكال والمسافات المختلفة للعيون المنحوتة والسمات الوجهية الأخرى تشكل مظاهر سيراميكية مميزة في المزارات المرتبطة بأحياء مختلفة. وكانت تلك الأواني مجرد عنصر واحد من مجموعة متنوعة من العروض الطقسية – بما في ذلك الأطباق ذات الثلاثة أرجل والجرار المنحني ذو العنق الرفيع وزجاجات الدواء الصغيرة وأواني الدهان – التي يبدو أن الأحياء تجمعت في طرق مميزة.

وثمة أيضًا الأسنان. كان لدى الأفراد المدفونين في بعض المزارات الحيوية إما قطع اليشب المنحوتة المزروعة في أسنانهم أو أسنانهم الملفوفة بأحد أنماطين. لم يظهر أي تزيينات أسنان مماثلة بين الموتى المدفونين في المزارات الأخرى. تشكلت أنماط الفخار وتعديلات الأسنان معًا بأنماط محددة للأحياء. يقول تشيس: “هناك جانب مجتمعي في هذه الاكتشافات يعكس أحياء متماسكة”.

المجتمع المايا والتنظيم السياسي

يشتبه تشيس في أن مواطني كاراكول، بما في ذلك أولئك الذين عاشوا بعيدًا عن المعابده والأهرامات وسط المدينة، لم يكونوا مزارعين بسيطين يزرعون المحاصيل في خدمة الملك. شكلت مجموعات تتألف من عدة مئات من الأشخاص أحياء زراعية بناءت هياكل طقسية محلية واتبعت ممارسات طقسية مميزة، على ما يبدو من خلال جهودها الجماعية الخاصة.

كانت الأحياء، بدورها، تنتمي إلى مناطق إدارية ذات صلات بالنبلاء والشخصيات السياسية الأخرى في وسط المدينة. تمثل المجمعات الحجرية المنتشرة في جميع أنحاء المدينة – وكل منها له مراكز طقسية وساحات تستضيف على الأرجح الأسواق والأحداث الطقسية التي يحضرها حشود من الأحياء المجاورة – مراكز الخدمات البيروقراطية للمناطق الإدارية.

تشكلت الأحياء والمناطق الدرجات في نظام سياسي يحصل فيه الحكام المركزيون أحيانًا على السلطة ويضعون القانون. في أحيان أخرى، تهدمت الأسر الحاكمة الملكية وتولت الدرجات الأدنى في التسلسل السياسي السيطرة الأساسية. يرتفع هرم حجري من الغابة في موقع المايا القديم كاراكول. كاراجروبيس / iStock / Getty Images Plus

اكتشافات الليدار وتأثيرها على النظرة للمجتمع المايا

ساهمت نتائج تشيس في كاراكول في تغيير النظرة إلى المجتمعات المايا القديمة التي تزداد شدتها على مدى العقد الأخير. تعتبر هذه المجتمعات، التي نشأت في وقت مبكر بحوالي 3000 عام، معروفة بالأهرامات الحجرية العملاقة والساحات الشاسعة وملاعب الكرة النخبوية التي اكتشفت في مواقع الغابة في ميسوأميريكا، وهي منطقة ثقافية تمتد من وسط المكسيك إلى جزء كبير من أمريكا الوسطى قبل الاتصال الإسباني في القرن السادس عشر. كانت هذه المباني تشير منذ فترة طويلة إلى الحكام المايا الذين يمارسون سلطة مطلقة. كما كانت النقوش الهيروغليفية المنحوتة على اللوحات الحجرية، التي وصفت إنجازات الملوك.

ولكن البحوث الأثرية الموسعة وترجمات الكتابات المايا المستمرة وارتفاع تقنية الليدار الجوي التي ترى خلال الغابات تكشف عن توسع حضري واسع حول المواقع الطقسية الرئيسية للمايا. تم اكتشاف مستوطنات ذات كثافة منخفضة واسعة النطاق مؤخرًا في مناطق استوائية أخرى حول العالم كانت معروفة سابقًا فقط بالهياكل الطقسية العملاقة، مثل معبد أنغكور وات في كمبوديا.

يمكن أن تكون الظروف المتغيرة قد أدت إلى تحول توازن القوة بين الحكام المايا. على سبيل المثال، قد تعزز زيادة السكان الريفيين قوة النخبة على مستوى الأحياء. قد ينقلب الهزائم العسكرية لسلالة ملكية السلطة إلى المسؤولين على مستوى الحي.

تقنية الليدار تكشف عن أحياء المايا

في عامي 2021 و 2022، انضمت جيلابيرت-سانسالفادور، الآن في جامعة بوليتكنيك فالنسيا في إسبانيا، إلى إسترادا-بيلي وثلاثة باحثين آخرين لمراجعة القياسات في قاعدة البيانات الخاصة بها بالإضافة إلى قياسات أخرى لـ 251 هيكلًا مقببًا تم جمعها من قبل فرق حفر أخرى. تأتي هذه المباني من جميع أنحاء أراضي المايا، من جنوب المكسيك وأمريكا الوسطى إلى شمال شبه الجزيرة اليوكاتان.

عند فحص العينة الكاملة للمباني المقببة المنهارة، وجد الباحثون أن المباني المقببة المنهارة كانت لديها حجم أكبر من الأنقاض وتشكلت تلالًا أعلى وكانت لها جوانب أكثر انحدارًا من المباني بنفس الحجم المصنوعة من مواد قابلة للتلف، مثل الأكواخ ذات السقف المغطى بالقش.

للتحقق من أن هذه الأبعاد للتلال تسلط الضوء فقط على المباني المنهارة ذات الأسقف المقببة، فحص الفريق المباني الحجرية التي تم تحديدها سابقًا في حفريات ومسوحات الأرض في موقع المايا الكلاسيكي تيكال في غواتيمالا. بشكل عام، تمكنت الطريقة المستخدمة من التمييز بين بقايا المباني ذات الأسقف المقببة وغير المقببة، مثل ملاعب الكرة المحاطة بجدران حجرية والمباني الطقسية والنصب الحجرية المنقوشة، بنسبة تصل إلى 97 في المائة من الوقت.

وبعد التأكد من الطريقة، قام الفريق بتحليل 11 مجموعة بيانات ليدار تغطي تيكال وسبعة مراكز حضرية مايا كلاسيكية أخرى، بالإضافة إلى عدة أقاليم ريفية. شملت تحليلات الليدار حوالي 60,000 كيلومتر مربع، تقريبًا مساحة ويست فيرجينيا. تم تحليل حوالي 111,000 هيكل معروف سابقًا للكشف عن علامات على أنها تم بناؤها بأسقف مقببة.

ظهرت صورة لتجمعات من المباني الحجرية المقببة، وهي مميزة لمنازل النخبة في المراكز الرئيسية. ولكنها كانت في المجتمعات الزراعية بعيدًا حتى خمسة كيلومترات عن أقرب نواة حضرية. مع تراكم صور الليدار للمجمعات الحجرية الريفية، شعر إسترادا-بيلي بالدهشة المتزايدة: “لقد تحققنا من اختباراتنا عدة مرات واستنتجنا أن هذه النتيجة صحيحة في الواقع”.

تحيط مجموعات صغيرة من الأكواخ، التي قد يسكنها عائلات موسعة من المزارعين والمستوطنين الآخرين، الساحات المشتركة. تتكون الأحياء من مجموعات من الأكواخ المتجمعة حول المباني الحجرية، التي قد تكون استضافت النبلاء منخفضي المستوى أو النخبة الأخرى، وأفاد الباحثون في مجلة Journal of Archaeological Science في سبتمبر.

قال إسترادا-بيلي: “لدينا الآن مقاييس كمية لأحياء المايا القديمة، والتي كان من الصعب تحديدها أو تحديدها”.

تجديد النظر في السلطة المايا الكلاسيكية

تشكل الطرق الجديدة لفك شفرة الكتابة المايا والحفريات المستمرة إشارة إلى أن السلطات المتوسطة كانت تمارس سلطة كبيرة في المستوطنات الريفية المتوازية مع المراكز الحضرية مثل تيكال، وفقًا لأنثروبولوجي الآثار جون والدن من جامعة هارفارد. كانت النخبة على مستوى الأحياء تدير الطقوس العامة والولائم، وتستضيف الأسواق وتحافظ على العلاقات الدبلوماسية مع نظرائها في المجتمعات المجاورة، استنتج والدن في العدد الربيعي لعام 2023 من The Mayanist.

وهناك سؤال مفتوح عما إذا كانت بعض المباني المقببة تستخدم كمنازل لرؤساء الأسرة المحلية أو العشائر التي تعطي أولوية لمصالحها الخاصة على تلك الملوك والشخصيات الكبيرة في المدينة، وفقًا لوالدن.

ولكن نتائج الليدار الجديدة تؤكد نقطة مركزية، وفقًا لشيرر. “تم تشتيت السلطة بطريقة ما على المناظر الطبيعية ولم تتجمع في مراكز الحضر المايا”.

إعادة بناء سياسة كاراكول

في كاراكول، واحدة من أكبر مدن المايا الكلاسيكية، تأخذ السلطة منعطفات متعددة، وفقًا لتشيس. “تحولت كاراكول بين أنظمة حكم أكثر جماعية وأكثر استبدادية على مدى 1500 عام من حياتها. عاشت المدينة تحولات كبيرة وتغيرات مع نموها”.

قام تشيس بإعادة بناء الرحلة التاريخية العاطفية لكاراكول باستخدام مجموعة متنوعة من الأدلة التي تم تراكمها على مدى الأربعة عقود الماضية، بما في ذلك السجلات الهيروغليفية المنحوتة على اللوحات الحجرية والاكتشافات الأثرية وصور الليدار. تظهر استنتاجاته في تقارير البحث في علم الآثار البليزي لعام 2023 وفي فصل من كتاب قادم قام بتحريره، Ancient Mesoamerican Population History. على سبيل المثال، تشمل الهيروغليفات المنحوتة تواريخ تولي الحكام المحددين للسلطة وفوزهم أو خسارتهم في معارك مع ملوك المدن المنافسة. وقد قادت الخرائط الليدار الحفريات المستمرة لمواقع زراعية خارج نواة المدينة في كاراكول.

بدأت ارتباط تشيس الشخصي بكاراكول قبل أن يتمكن من التحدث. جلب والديه، علماء الآثار الأنثروبولوجيين ديان تشيس وآرلن تشيس، كلاهما في جامعة هيوستن، إليه هناك كل عام، بدءًا من الطفولة، بعد إطلاق مشروع حفر كاراكول في عام 1985.

كطالب في الثانوية المتخصص في الآثار، ساعد تشيس في إدارة حفرية في كاراكول. الآن يشرف على حفريات متعددة وتحقيقات مختبرية في الموقع للكشف عن القطع الأثرية التي تم اكتشافها.

بدأت كاراكول صغيرة أيضًا. حوالي 600 قبل الميلاد، بنت ثلاث قرى خزانات وطرقًا ومواقع طقسية. شكل سكان القرى موقعًا واحدًا تمت حكمه بدون حكام مركزيين لمدة حوالي 700 عام. تولت سلالة ملكية السلطة في عام 331. أشعلت الحروب الناجحة ضد مدن تيكال ونارانخو بين عامي 553 و 680 انتعاشًا سكانيًا. عاش على الأقل 100,000 شخص في كاراكول في ذروتها.

تجمعت المناطق الحضرية والريفية في “مدينة الحديقة”، وفقًا لتشيس. لقد رسم 373 حيًا، يرتبط كل منها بمساحة عامة قريبة استضافت الأسواق والأحداث الطقسية. في كل حي، نحت السكان الشرفات الزراعية من التلال المجاورة وبنوا خزانات صغيرة. تشكلت مجموعات من الأحياء 25 منطقة، تحتوي كل منها على مركز ضخم يحتوي على خزانات وملاعب كرة أو مبانٍ كبيرة أخرى تقدم خدمات عامة، حسبما ذكر الباحثون في يونيو.

التوسع في الأراضي المايا

تشير النتائج إلى أن الحكام المايا لم يعيشوا فقط في القصور الرئيسية ولكن أيضًا في المجتمعات الريفية المتصلة بها. يقول إسترادا-بيلي: “يمكننا الآن التحدث عن نموذج مشترك لتنظيم المدن في العصر الكلاسيكي للمايا يشمل الريف الأقل كثافة”. يدير النخبة السياسية بناء المجمعات الحجرية في مواقع بارزة في الأحياء المتصلة والمناطق الإدارية. وهذا يبرز أهمية الحكام المركزيين في تشكيل وتشغيل هذه الأنظمة السياسية المعقدة، يشتبه إسترادا-بيلي.

ومع ذلك، فإن بعض الباحثين يشككون في أن الأنظمة السياسية متعددة الطبقات تدور دائمًا حول الملك أو وسطاء السلطة السياسية النخبوية، كما اقترح إسترادا-بيلي. تميزت بعض المدن المايا القديمة بالأعمال الجماعية من قبل المجتمعات المحلية بينما أكدت أخرى الأوامر الملكية، يقول هؤلاء المحققون. ويمكن لنفس المجتمع أن يغير نظامه السياسي بشكل جذري مع تغير الظروف والأوضاع.

تتناسب التباينات السياسية بين المواقع مع الاكتشافات الأثرية والليدار التي تمت في العقدين الماضيين والتي تتحدى الفكرة الشائعة بأن مدن المايا الكلاسيكية انهارت بسرعة حوالي عام 900، على مدى 50 إلى 100 عام. يشير مجموعة من 15 باحثًا مايا إلى هذه الاكتشافات الأخيرة في 24 يوليو في مجلة Proceedings of the National Academy of Sciences.

عادةً ما يجد سكان المراكز الحضرية الكلاسيكية للمايا طرقًا، سواء من خلال صنع القرار المحلي أو المركزي، للبقاء على قيد الحياة في فترات الجفاف والهزائم العسكرية التي كان يعتقد سابقًا أنها تهدد المجتمع، وتشير الأبحاث الحالية إلى ذلك. تعرضت المواقع الرئيسية لفقدان السكان على مدى 100 إلى 200 عام قبل أن تترك.

في ذلك الوقت، أسس الشعب المايا الذي طور ذوقًا للمرونة الاجتماعية والسياسية بلدات ومدنًا أصغر في أماكن أخرى. استمرت الثقافة المايا بعد فقدان جاذبية المدن في الفترة الكلاسيكية.

لم يتم فهم سبب تحول المراكز الحضرية إلى مدن أشباح على مدى مئات السنين بشكل جيد. وهذا يطرح أسئلة حول من عاش في المباني الحجرية المايا المحددة حديثًا وماذا كانوا يفعلون.

من عاش في المباني المقببة؟

سوف تساعد الحفريات في هذه المباني الحجرية، بناءً على اكتشافات الليدار، في توضيح من عاش هناك.

قد يكون بعض سكان المباني المقببة الريفية ينتمون إلى سلالات نبيلة خدمت مصالح الملك، وفقًا لأدلة الحمض النووي القديمة التي تشير إلى أن حكام إمبراطورية نمادج البالغة من العمر 2000 عام في آسيا اتبعوا استراتيجية مماثلة، حيث أرسلوا أعضاء من سلالات ملكية للإشراف على الأراضي البعيدة.

ولكن قد يكون النخبة الريفية المايا قد اكتسبت الثروة والسلطة في المجتمعات المحلية دون تعيينها من قبل الحاكم الأعلى، يحذر شيرر. إذا كان الأمر كذلك، فليس واضحًا من سحب الأوتاد والأحياء الدرجية من المسؤولين على مستوى الحي والمنطقة.

قد يوضح الحفريات الجديدة الموجهة بواسطة اكتشافات الليدار، وتحليل الليدار المستند إلى أبعاد المباني المحفوظة، هياكل السلطة الكلاسيكية للمايا في مواقع شبه الجزيرة اليوكاتان.

إن طبقات السلطة ومدى تأثيرها على المناطق الحضرية القديمة للمايا تظهر للعيان ببطء من خلال الغابة.

Source: https://www.sciencenews.org/article/ancient-maya-politics-power-neighborhoods-lidar