تحليل البيانات الجينية والسلوكية من قاعدة بيانات UK Biobank الضخمة أخيرًا يوضح أن الجينات التي تعزز السلوكيات التناسلية تأتي بثمنها النهائي.
التقدم في العمر وتأثير الأجيال الجينية
يعتبر التقدم في العمر أمرًا مزعجًا. تحصل على علامات على جلدك، وتصبح أبطأ، وتنسى الأشياء، وتشعر بالألم في كل شيء. تصدع مفاصلك وتصدر أصواتًا. لقد حققت التطور العديد من الأشياء المذهلة؛ فكيف يمكن أن نستمر في تقدم العمر؟
تقول فرضية التعددية العدائية أن جسمك يتفكك عندما تكون في الشيخوخة لتدفع ثمن الكونك الإنجابي عندما تكون شابًا. إذا كان لدى نفس الجين تأثيرات مختلفة (تسمى التعددية) في أوقات الحياة المختلفة – إذا كان يعزز فرصك في الإنجاب عندما تكون شابًا ولكنه يكون مضرًا بطريقة ما عندما تكبر – فسيخضع هذا الجين للاختيار الإيجابي ويبقى في السكان لأن الإنجاب مهم جدًا.
إنها فكرة جذابة، وهناك بعض الأدلة الشهادية على ذلك، ولكن من الصعب جدًا إثباتها بشكل قاطع وجينيًا – خاصة لأن الصفات التناسلية والعمر الطويل تتأثران بشكل كبير بالعوامل البيئية واختيارات الحياة، بالإضافة إلى الجينات. ولكن قاعدة بيانات UK Biobank جعلت هذا الإثبات ممكنًا. “فرصة غير مسبوقة”
قاعدة بيانات UK Biobank
تحتوي قاعدة بيانات UK Biobank على الأجيال الكاملة لنصف مليون متطوع بريطاني في الفئة العمرية بين 40 و 70 عامًا. تم تجميع هذه الأجيال مع ضغط الدم ومعدل ضربات القلب وقوة الإمساك وكثافة العظام وصلابة الشرايين والرؤية والطول والوزن وقياسات الورك والخصر والموقع ومستوى التعليم والتوظيف والسجلات الطبية وعادات النظام الغذائي والتمارين الرياضية وحالة التدخين والشرب، إلخ. تم استقطاب المتطوعين بين عامي 2006 و 2010، وتم جمع المعلومات حتى عام 2016. ويمكن الوصول إلى كل هذه المعلومات من قبل الباحثين المعتمدين في جميع أنحاء العالم.
التأثير الجيني على العمر الطويل
أحد هؤلاء الباحثين هو جيانزي زانغ، الذي يعلن موقع مختبره أن “مختبر زانغ يهتم بشكل كبير بالأدوار النسبية للصدفة والضرورة في التطور”. استخدم البيانات في قاعدة بيانات UK Biobank لمحاولة الإجابة على السؤال التالي: هل الأجيال الجينية التي تؤثر على الإنجاب أكثر عرضة للتأثير على العمر الطويل مما هو متوقع بالصدفة؟ إذا كان الأمر كذلك، هل هذا الترابط معادٍ؟ وهل تفضل هذه الأجيال التي تعزز الإنجاب ولكنها تسبب أيضًا الشيخوخة بفضل الاختيار الطبيعي؟ الإجابات هي نعم، نعم، ونعم.
لا يعني اللياقة التناسلية فقط عدد الأطفال الذي تمتلكه. لتقييمها، نظر الباحثون أيضًا إلى الجينات المرتبطة بالأنشطة التناسلية مثل عمرك عندما كان لديك طفلك الأول (بشكل غريب، تم تسجيل هذا فقط للنساء)، وعمرك عندما كنت تمارس الجنس لأول مرة، وعمر البلوغ وانقطاع الطمث. نظرًا لأن معظم الأشخاص في قاعدة بيانات UK Biobank لا يزالون على قيد الحياة، قام الباحثون بفحص الترابط الجيني لهذه الأشياء مع عمر والديهم. نظرًا لأنهم يعرفون عدد الأشقاء لكل مشارك، يمكنهم أيضًا البحث عن الترابطات بين إنجاب الوالدين وعمرهم.
الجينات مقابل البيئة
ظهرت معظم المواقع الجينية التي توسط الترابط بين الإنجاب العالي والعمر الطويل في مناطق غير ترميزية من الجينات. هذا يعني أنها لا تغير البروتينات التي يتم إنتاجها بواسطة الجينات؛ بدلاً من ذلك، فإنها تغير متى وفي أي أنواع من الخلايا يتم إنتاج تلك البروتينات. على سبيل المثال، يرتبط سلالة جينية واحدة بالعمر الأصغر عند أول علاقة جنسية وأيضًا بزيادة خطر الإصابة بسرطان الميلانوما وسرطان الرئة في وقت لاحق من الحياة.
تتعارض هذه العوامل الجينية مع التأثيرات البيئية، التي أدت إلى انخفاض معدلات الولادة مع زيادة في الأمل في العمر منذ منتصف القرن الماضي. يلاحظ الكتاب أن هذه الفترات الزمنية الممتدة هي جزء مما سمح لهم بإيجاد أدلة على التعددية العدائية في البيانات الجينية.
لذا، كلما كنت أكثر إنجابًا، كلما كان عمرك الطويل أقصر. ليس بسبب أن أطفالك سيجنونك وينفقون كل أموالك، على الرغم من أنهم سيفعلون ذلك على الأرجح. إنها مجرد الثمن الذي تدفعه لأجلهم.
المصدر: science advances، 2023. DOI: 10.1126/sciadv.adh4990
اترك تعليقاً