تعتبر الهند واحدة من أهم أسواق الترفيه في العالم، حيث يوجد بها أكثر من مليار شخص وصناعة أفلام محلية لها جمهور عالمي. وعندما دخلت شركتا نتفليكس وأمازون برايم في الهند قبل سبع سنوات، وعدها الشركتان بتحويل هذا السوق وتقديم محتوى جديد ومبتكر. ولكن في السنوات الأربع الماضية، بدأت تنتشر رياح التجميد في صناعة البث المباشر في الهند، بسبب تشديد حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم على الخطاب السياسي في البلاد والمنصات التكنولوجية الأمريكية التي تستضيفه.
التأثير السياسي على المحتوى
تعمل شركتا نتفليكس وأمازون برايم على تعديل القصص السياسية وإزالة الإشارات العابرة للأديان التي قد تسيء إلى الجناح الهندوسي اليميني أو حزب بهاراتيا جاناتا. ويتم رفض المشاريع التي تتناول الانقسامات السياسية والدينية والطبقية في الهند عندما يتم اقتراحها، أو يتم التوقف عن تطويرها في منتصف الطريق. وحتى المسلسلات والأفلام المكتملة تمت إهمالها وعدم إصدارها من قبل نتفليكس وأمازون برايم لأكثر من 400 مليون مشاهد حول العالم.
الضغوط السياسية والتنظيمية
في بداية عام 2021، قامت الحكومة الهندية بتقديم نظام للتنظيم الذاتي يتطلب من شركات البث المباشر حل شكاوى المشاهدين في غضون 15 يومًا، وإلا فإنها ستواجه رقابة تنظيمية من هيئة صناعة الإعلام أو لجنة حكومية تضم وزارات مختلفة. وقال مسؤول كبير في وزارة المعلومات والبث المباشر إن الهدف ليس قمع الانتقادات للحكومة أو حظر مناقشة الانقسامات الاجتماعية والدينية في الهند، ولكنه يهدف بشكل أساسي إلى تقييد الفاظ الشتم والمحتوى الجنسي.
التهديدات والتأثير على الشركات
تواجه منصات البث المباشر ضغوطًا سياسية من حزب بهاراتيا جاناتا وأنصاره، والذين قد يشنون حملات جماهيرية تطالب بمقاطعة المنصات واعتقال المسؤولين. وتخشى الشركات أن تفقد وجودها في هذا السوق الحيوي، حيث من المتوقع أن تنمو إيرادات البث المباشر في الهند بنسبة تزيد عن 20٪ سنويًا من 2.6 مليار دولار في عام 2022 إلى 13 مليار دولار في عام 2030.
تأثير الضغوط على المخرجين والمنتجين
تعرضت العديد من المشاريع السينمائية والتلفزيونية للتوقف أو التعديل بسبب الضغوط السياسية. فقد تم إلغاء مسلسل “Gormint” الساخر الذي يعتبر إجابة الهند على مسلسل “Veep”، بسبب سخريته من السياسة الهندية. وتم التخلي عن فيلم وثائقي بعنوان “Indi (r) a’s Emergency” الذي يتناول فترة تعليق الحريات المدنية ورقابة الإعلام في الفترة من 1975 إلى 1977، بسبب تضمنه تعليقات ضمنية عن إدارة مودي.
تأثير الضغوط على المخرج أنوراج كاشياب
تعتبر قصة المخرج أنوراج كاشياب مثالًا على تأثير الضغوط السياسية على الصناعة السينمائية في الهند. فقد تم إلغاء مشروعه الضخم “Maximum City” الذي كان سيعتمد على كتاب غير خيالي يستكشف التعصب الهندوسي والأمل واليأس في مومباي. وقد تعرض كاشياب للضغوط السياسية والتحقيق الضريبي، وتأثرت صحته النفسية والجسدية بشكل كبير.
في النهاية، يعيش صناع البث المباشر في الهند في ظل ضغوط سياسية تجعلهم يتنازلون عن الحرية الإبداعية ويقومون بتعديل محتواهم لتجنب الانتقادات والعقوبات القانونية. وعلى الرغم من أن الشركتين الأمريكيتين تستمران في الاستثمار في الهند وإنتاج المزيد من المحتوى، إلا أن الصناعة السينمائية والتلفزيونية تعاني من تقييدات سياسية تهدد حرية التعبير والإبداع.
Source: https://www.washingtonpost.com/world/2023/11/20/india-netflix-amazon-movies-self-censorship/
اترك تعليقاً