لماذا لا يعتبر بلوتو كوكبًا بعد الآن؟

في عام 2006، أثارت اتحاد الفلك الدولي (IAU) زوبعة من الجدل عندما قرر إعادة تصنيف كوكب بلوتو من كوكب إلى كوكب قزم. هذا القرار المفاجئ لم يكن مجرد تغيير في التصنيف، بل أطلق نقاشًا علميًا عميقًا حول طبيعة الكواكب وتعريفاتها. جاء اكتشاف بلوتو في عام 1930 عندما كان العلماء يبحثون عن جسم سماوي جديد لإيضاح بعض الشواذ في مدار كوكب أورانوس. لكن مع مرور الوقت، تكشفت أعماق جديدة من المعرفة الفلكية أثارت تساؤلات حول الكواكب وما يميزها عن الأجرام السماوية الأخرى. سنستعرض في هذا المقال كيف تطور تعريف الكوكب، ولماذا فقد بلوتو مكانته ككوكب، وما هي الآراء المختلفة التي لا تزال تجوب المجتمع العلمي حول هذا الموضوع.

تاريخ بلوتو ومكانته في النظام الشمسي

تم اكتشاف بلوتو في عام 1930 على يد عالم الفلك كلايد تومباو، الذي كان يسعى لتفسير بعض الشذوذات في مدارات كواكب النظام الشمسي. بلوتو، الذي سمي على اسم إله العالم السفلي في الأساطير الرومانية، كان يُعتبر كوكباً رغم حجمه الذي كان أقل من عدة أقمار معروفة. منذ اكتشافه، كان بلوتو محل جدل في المجتمع العلمي حول مكانته الحقيقية في تصنيفات الأجرام السماوية. كان يُنظر إلى الكواكب بشكل عام بوصفها أجساما أكبر من الكويكبات التي تدور حول الشمس، دون وجود تعريف صارم لها. لكن مع التقدم العلمي، بدأ بعض العلماء يقترحون معايير أكثر وضوحًا لتصنيف الكواكب، مما أدى إلى جدل جديد حول بلوتو.

في عام 2006، اتخذ الاتحاد الفلكي الدولي قرارًا تاريخيًا بتصنيف بلوتو ككوكب قزم، حيث وضعوا تعريفات جديدة يجب أن تلبيها الأجرام السماوية لتكون كواكب. وفقًا لهذه التعريفات الجديدة، يتعين على الجرم السماوي أن يدور حول الشمس، وأن يكون له كتلة كافية لتشكل بنفسه شكلًا دائريًا، وأيضًا أن يكون قادرًا على “تنظيف” مداره من الأجسام الأخرى. بلوتو، رغم أنه يحقق الشرطين الأولين، إلا أنه فشل في الشرط الثالث، حيث يُعتبر واحدًا من بين العديد من الأجرام في حزام كايبر، مما جعله غير مؤهل ليعتبر كوكبًا.

تعريف الكوكب وتداعياته على بلوتو

عندما قام الاتحاد الفلكي الدولي بوضع تعريفاتهم الجديدة للكواكب، وجد الكثير من العلماء أن هذه التعريفات غير كافية، حيث تثير مسائل مُعقدة. المسألة ليست فقط علمية، ولكنها أيضًا عاطفية للكثيرين ممن نشأوا في زمن اعتبرو فيه بلوتو كوكبًا. يُعتبر تعريف الكوكب الجديد بمثابة تغير عميق في كيفية فهمنا لمكان بلوتو في النظام الشمسي. فالكثيرون يشعرون بأن بلوتو كان له تاريخ طويل ومثير، لذا فإن فصله عن كوكب الأرض في التصنيف قد يعتبر بمثابة فقدان لها.

يُشير تاريخ بلوتو إلى كيفية تطور فهمنا للكون من حولنا. على سبيل المثال، قبل حوالي 150 عامًا، اعتُبر أكثر من عشرة أجسام ككواكب، قبل أن يُصنفوا لاحقًا ككويكبات. هذا يدل على كيف يمكن أن تتغير المفاهيم العلمية بمرور الوقت، ولذلك كان هناك اعتراضات على القرار الأخير حول بلوتو، بل إن بعض العلماء يعتبرون أن القرار ينبغي أن يُعيد النظر فيه، خاصةً في ظل التقدم العلمي في العصور الحديثة.

الخلافات العلمية حول تصنيف بلوتو

تزايدت الجدل حول تصنيف بلوتو بعد قرار الاتحاد الفلكي الدولي، حيث أظهر العديد من العلماء استياءهم من كيفية اتخاذ هذا القرار. يُجمع العديد من علماء الفلك على أن بلوتو لا يزال يستحق مكانته ككوكب بناءً على معايير معينة. على سبيل المثال، يقدم بعض العلماء استنتاجاتهم بأن بلوتو كان وكما أنه لم ينجح في “تنظيف” مداره، فإن بذلك لا يمكن اعتباره كوكبًا، ولكن في نفس الوقت، يجب وضع تعريفات أكثر مرونة تأخذ في اعتبارها حالة الأجرام السماوية.

الباحث فيزياء الكواكب في ناسا، فيليب ميتزجر، قد اعتبر أن عملية إعادة تصنيف بلوتو لم تكن ديمقراطية. كان هناك شعور بأن المجتمع العلمي الأوسع لم يُستشار بشكل كاف في وضع التعريفات. ويُشير ميتزجر إلى أنه في بعض الأحيان، تعاقبت مجموعة محدودة من العلماء على وضع معايير لم يتم نشرها أو مناقشتها بين جميع الأوساط العلمية. تُعزز هذه النقطة من فكرة أن بلوتو لا يزال يُعتبر جزءًا هامًا من تاريخ الفلك، وبالتالي يستحق مناقشة متجددة حول تصنيفه.

بلوتو في السياق العلمي والمعرفة العاطفية

كما أن بلوتو يُعتبر قاعدة غنية من المعرفة هذا ما يجذب اهتمام العلماء وعامة الناس، على الرغم من تصنيفه ككوكب قزم. ترتبط بلوتو بالعديد من الاكتشافات المثيرة، مثل غلافها الجوي المكون من النيتروجين والجليد، ووجود بركان جليدي يُعتقد أنه قد يمتد تحت سطحها. يُظهر ذلك أن بلوتو ليس مجرد نجم صغير مجرد أو كوكب مهجور، بل إنه يُمثل جزءًا معقدًا ومثيرًا من علم الفلك.

الخلاف حول تصنيف بلوتو قد يتجاوز الجوانب العلمية ليصل إلى مشاعر شخصية للملايين حول العالم. لطالما كان بلوتو رمزًا للفضول والتساؤل، وأصبح جزءًا من الثقافة الشعبية. الوصف الأدبي لبلوتو، والتعاطف تجاهه، يشير إلى كيفية تأثير العلم على مشاعر البشر. بغض النظر عن النقاش حول تصنيفه، تبقى بلوتو رمزًا لكل ما هو غامض ومثير في الكون.

رابط المصدر: https://www.livescience.com/space/planets/why-is-pluto-not-considered-a-planet

تم استخدام الذكاء الاصطناعي ezycontent