تأثيرات الطقس الشديد على الصحة على المدى الطويل

يجب على السلطات اتخاذ تدابير استباقية للحد من التأثيرات الضارة للطقس الشديد والأحداث المناخية على الصحة على المدى الطويل.

تأثيرات الأحوال الجوية الشديدة على الصحة العامة

عندما ضرب إعصار أوتيس مدينة أكابولكو في المكسيك في أكتوبر، ترك العاصفة من الفئة الخامسة خلفها دمارًا هائلاً. ونظرًا لأن نماذج الطقس كانت قد توقعت أن يصل إعصار أوتيس إلى اليابسة كإعصار من الفئة الأولى، لم يتم وضع خطط للتخفيف من آثار العاصفة الأقوى في الوقت المناسب. والآن يقدر السلطات أن إعادة بناء المدينة السياحية ستستغرق سنوات. ولكن الأمر الأقل شهرة هو أن العاصفة ستؤثر على صحة سكانها على المدى الطويل.

تأثيرات نقص المياه والغذاء

يمكن للإعصار أن يعطل الوصول إلى المياه وتوفرها وجودتها بسرعة. في حالة الفيضانات، ليس فقط المياه الممطرة هي التي غالبًا ما تكون ملوثة بالنفايات، بل قد يحتاج حتى مياه الصنبور إلى أن تُغلي إذا انقطع التيار الكهربائي. خلال فترات الجفاف أو الحر الشديد، يفقد الناس الماء حيث تجف الآبار بسبب انخفاض مستويات المياه واستخدام المياه الجوفية غير المستدام. تؤدي الأحداث المناخية الشديدة أيضًا إلى وفاة المحاصيل والحياة البرية بشكل سريع، بالإضافة إلى مشكلات سلسلة التوريد التي تؤدي إلى نقص الغذاء وارتفاع الأسعار. في ظل هذه الظروف، يمكن للأسر أن تنتقل من الأمان المائي والغذائي النسبي إلى عدم الأمان الشديد في غضون أيام قليلة.

تأثيرات نقص المياه والغذاء على الصحة العقلية والجسدية

لقد فهم العلماء منذ فترة طويلة تأثيرات نقص الغذاء أو الماء على الجسم مثل الجوع والجفاف وفشل الأعضاء. ولكن فقط في الآونة الأخيرة بدأوا في وثيقة تأثيرات هذه النقصانات على الدماغ. في وقت سابق من هذا العام، درس باحثون في جامعة جورجتاون كيف أثرت الصدمات المناخية في بنغلاديش على الصحة العقلية. وجدوا أن التعرض للفيضانات في العام السابق زاد من احتمالات الاكتئاب لدى المشاركين بنسبة 31 في المائة، والقلق بنسبة 69 في المائة، والاكتئاب والقلق المتزامن بنسبة 87 في المائة. تعاني النساء في بنغلاديش بشكل غير متناسب خلال هذه الفيضانات، جزئيًا لأنهن يتحملن العبء الأكبر لإدارة الماء والطعام لأسرهن، بالإضافة إلى رعاية أطفالهن.

تأثيرات نقص المياه والغذاء على الجينات والتقدم في العمر

يمكن أن يؤثر الإجهاد الناجم عن العيش في ظروف مناخية شديدة دون وجود حماية كافية على الجسم بطرق عميقة. يأتي مثال بارز من بورتوريكو، حيث درس الباحثون قرود الريسوس ماكاكي على جزيرة كايو سانتياغو بعد إعصار ماريا الذي ضرب الجزيرة في عام 2017. الإعصار دمر مصادر الطعام والمياه البيئية المحلية. بعد ذلك، أظهرت القرود التي تأثرت بشكل أكبر تغيرات في كيفية توجيه جيناتها لإنتاج البروتينات في خلايا المناعة الخاصة بها – تغيرات مرتبطة بالشيخوخة. عاشت القرود خلال العاصفة عملية الشيخوخة، مما زاد من سنها البيولوجي بحوالي سنتين، ما يعادل سبع إلى ثماني سنوات بشرية.

تأثيرات نقص المياه والغذاء على الصحة الكلوية والقلبية

يمكن أن تعطل طريقة إعادة ترطيب الأشخاص الجافين تؤثر على صحتهم. في سلسلة من التجارب، قام باحثون من جامعة بوفالو بإجراء تمارين رياضية في ظروف حارة ورطبة وأعطوا المشاركين ماء أو مشروبات غازية للشرب أثناء وبعد التمرين. وجدوا أنه عندما يشرب المشاركون المشروبات الغازية بدلاً من الماء، تعرضت كلياتهم لأضرار حادة. واحدة من الرسائل الممكنة المستنتجة من هذا الاكتشاف: عالم أكثر حرارة مع زيادة حالات ندرة المياه قد يؤدي إلى زيادة معدلات الأمراض الكلوية. في الوقت نفسه، مع ارتفاع مستوى سطح البحر واختراق المياه المالحة لمصادرنا للمياه الشرب، نواجه تعرضًا محتملاً للصوديوم والكلوريد في مياهنا. هذه الزيادة في الملوحة في مياه الشرب لا تجعلها أقل لذيذة فحسب، بل تزيد أيضًا من خطر الارتفاع ضغط الدم وتقليل وظيفة الكلى.

التعامل مع نقص المياه والغذاء على مستوى المجتمع

للتخفيف من الإجهاد الناجم عن عدم الأمان المائي والغذائي، من المهم فهم كيفية التعامل مع النقص في الموارد ليس فقط على المستوى الفردي ولكن أيضًا على مستوى المجتمع. درست أنايس روك من جامعة ولاية أوهايو وزملاؤها كيف تعامل سكان ثلاث مجتمعات بورتوريكو مع مشاكل الكهرباء والماء الحادة الناجمة عن إعصار ماريا. وجدوا أن 85 في المائة من الأسر نظمت شبكات مشاركة المياه مع أسرهم وجيرانهم، وقدم الناس الماء لبعضهم البعض دون توقع أي مقابل للتعامل مع نقص المياه. كان هذا الماء حاسمًا للشرب والطهي والتنظيف.

التدابير الوقائية للحد من تأثيرات نقص المياه والغذاء

إذا كانت الحكومات والمنظمات ترغب في حماية صحة الجمهور، يجب أن تتخذ إجراءات عاجلة لحماية الكوكب. قطع انبعاثات الكربون لمنع حدوث مزيد من الأضرار هو أمر أساسي. وبالمثل، يجب أن تتصرف بسرعة لزراعة أصناف جديدة من المحاصيل والمراعي التي يمكن أن تتحمل الجفاف والفيضانات وزيادة نسبة الملح. هناك العديد من هذه التدابير التي يمكن ويجب عليهم اتخاذها لجعل الأرض أكثر أمانًا للجميع.

ولكن إنقاذ البيئة هو جزء فقط من الحل. من الضروري على الحكومات أن تفهم العديد من الطرق التي يؤثر بها تغير المناخ على الصحة بشكل مباشر وغير مباشر حتى يخصصوا الموارد للمجموعات المهمشة مثل الأسر ذات الأبوة الواحدة، وكذلك المجتمعات التي من المرجح أن تعاني بشكل مفرط. يجب أن يستثمروا بشكل استباقي في بناء البنية التحتية المتينة التي يمكن أن تتحمل الأمطار الغزيرة والفيضانات الشديدة، وتحديد المناطق التي تتسارع فيها اختراق المياه المالحة وبناء محطات تحلية المياه في تلك المناطق. يجب أيضًا إنشاء برامج شبكة الأمان قبل وقوع الكوارث لتوزيع الأموال للمساعدة في منع تداعيات صحية مستقبلية.

تغير المناخ هو أحد أكثر المشاكل التي تواجه البشرية إلحاحًا. إذا لم نتعامل معه الآن ونخصص الموارد للمجتمعات بشكل مناسب، فإن الأحداث المناخية الشديدة مثل إعصار أوتيس ستستمر في تفاقم الإجهاد، مما يغير بيولوجيتنا ويضر بصحتنا بطرق أكثر وعلى مدى أطول مما كنا نعتقد في السابق.

Source: https://www.scientificamerican.com/article/extreme-weather-has-long-term-health-consequences/