تعدّ مراقبة الأرض من الفضاء من الإنجازات العلمية البارزة التي تعكس تقدم التكنولوجيا والبحث العلمي. في هذا السياق، يستعرض المقال المزايا والفوائد التي جلبتها الأقمار الصناعية الحديثة لمراقبة الأرصاد الجوية والبيئية وأثرها على فهم التغيرات المناخية والكوارث الطبيعية. سنسلط الضوء على قمر “GOES-19” الجديد، الذي يمثل علامة فارقة في سلسلة الأقمار الصناعية التابعة للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، وتحليل البيانات التي يقدمها لدعم التنبؤات الجوية ورصد الأحداث المناخية الحادة. بالإضافة إلى ذلك، سنلقي نظرة على الاحتفالات بمرور عشرين عامًا على قمر “Aura” والدور المهم الذي تلعبه مهمات أخرى مثل “GPM” و”SWOT” في تعزيز معرفتنا بالمياه والمناخ. دعونا نستكشف كيف تسهم هذه الابتكارات في تحسين حياتنا اليومية ودعم جهود حماية كوكبنا.
تكنولوجيا الأقمار الصناعية الجديدة
في 18 سبتمبر 2024، أعلن الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) عن الصور الأولى للكرة الأرضية من النصف الغربي التي تم التقاطها بواسطة القمر الصناعي الجديد GOES-19. تم إطلاق هذا القمر الصناعي يوم 25 يونيو 2024 بواسطة صاروخ Falcon Heavy من مركز كينيدي للفضاء التابع لناسا. كان يُعرف سابقًا باسم GOES-U وتمت إعادة تسميته بعد وصوله إلى مداره الثابت في 7 يوليو 2024. فوق مستوى 35,785 كم فوق خط الاستواء، يدور GOES-19 بسرعة تساوي سرعة دوران الأرض، مما يمكّنه من مراقبة نفس المنطقة باستمرار تتبع أحوال الطقس والمخاطر في الوقت الحقيقي.
يحتوي القمر الصناعي على أداة التصوير المتقدمة (ABI) التي تلتقط صورًا مذهلة للأرض عبر 16 قناة طيفية. هذه البيانات تمكن الباحثين من الحصول على معلومات قيمة حول الغلاف الجوي، واليابسة، والمحيطات، مما يساعد على التنبؤ بحالة الطقس ورصد الظروف الجوية القاسية. بالإضافة إلى ذلك، تُستخدم بيانات ABI للكشف عن المخاطر البيئية ومراقبتها، مثل حرائق الغابات والعواصف الترابية والانفجارات البركانية. يجمع صُور من قنوات متعددة لتكوين صور تمثل ما يمكن للعين البشرية رؤيته من الفضاء، والمعروفة باسم GeoColor.
يُعتبر GOES-19 القمر الصناعي النهائي في سلسلة الأقمار الصناعية GOES-R التابعة لـNOAA، ويشكل جسرًا نحو عصر جديد من تكنولوجيا الأقمار الصناعية المتقدمة. حاليًا، تعمل NOAA وNASA على تطوير الجيل التالي من الأقمار الصناعية الجيودينامية تحت اسم Geostationary Extended Observations (GeoXO) لتطوير المشروعات العملية لرصد الأرض بشكل متواصل.
احتفال بانتصارات الأقمار الصناعية
باركت NASA علوم الأرض عدة انجازات بمناسبة الذكرى السنوية لإطلاق بعض الأقمار الصناعية الهامة في عام 2024. فقد احتفلت مركبة قياس الهطول العالمية (GPM) بمرور 10 سنوات على إطلاقها في فبراير، بينما احتفلت مركبتا Aura وOCO-2 بمرور 20 و10 سنوات على التوالي في يوليو. يركز هذا الجزء على GPM وAura ودورهما في تعزيز فهمنا للأرصاد الجوية.
أُطلقت GPM في 27 فبراير 2014، كجزء من مشروع مشترك بين NASA ووكالة الفضاء اليابانية (JAXA). احتفل برنامج GPM بعدد من الأنشطة الترويجية، مثال ذلك سلسلة ندوات عبر الإنترنت تدعى GPM 10-in-10 التي بدأت في 8 فبراير 2024، حيث تناقش العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات وكيفية تكاملها لحماية كوكب الأرض.
على مدار العقد الماضي، قدمت GPM بيانات حيوية حول الهطولات العالمية، مما أدى إلى اكتشافات علمية جديدة ودعم الجهود الرامية لتحسين التنبؤات المناخية وصحة المجتمع. مثلًا، بعد مرور GPM فوق إعصار ميلتون الذي ضرب فلوريدا كعواصف من الفئة الثالثة في 9 أكتوبر 2024، استخُدمت بيانات GPM لفهم طبيعة الهطولات المحتملة وتأثيرها على الحياة العامة.
بينما أتمت Aura مسيرتها التي استمرت 20 عامًا في 15 يوليو 2024، حيث سلط الضوء على فهم أوضاع جودة الهواء وعلوم المناخ. سجلت Aura بيانات تفصيلية عن الغازات في الغلاف الجوي، مما ساعد الباحثين على مراقبة طبقة الأوزون وتقييم الملوثات. تميز هذا البرنامج بالنجاح على نطاق واسع على مدار عشرين عامًا، حيث قدم معلومات دقيقة ومفصلة التي تعد ضرورية لفهم التغيرات المناخية.
مشاريع الأبحاث البيئية وتأثيرها
منذ بداية مهمة SWOT لرصد ارتفاع المياه على سطح الأرض، تم جمع بيانات تساعد في فهم الطاقة المحيطية وعلاقتها بالحياة والبيئة. تمثل هذه المهمة خطوة كبيرة في إدارة الموارد المائية وفهم الديناميات المحيطية. على مدار العام ونصف العام، زودت بيانات SWOT الباحثين بفهم أفضل حول التفاعلات بين المحيط والغلاف الجوي، مما أدى إلى تحسين الاستجابة لجميع أنواع الفيضانات والمخاطر البيئية.
مؤخراً، استخدم الباحثون بيانات SWOT لقياس حجم المياه الإجمالية أثناء الفيضانات الكبرى جنوب البرازيل لتحليل سلوك مثل هذه الظواهر الطبيعية والاستعداد للمستقبل. في بنغلاديش، تعمل وزارة المياه على دمج خرائط ارتفاع المياه من SWOT في أنظمة التنبؤ بالفيضانات. أما في مصر، فهناك جهود قائمة في استخدام بيانات SWOT لتحسين تشغيل السدود في حوض نهر النيل.
تتداخل نتائج هذه المشاريع مع جميع جوانب الحياة اليومية، بما في ذلك الزراعة، والصحة العامة، والتخطيط العمراني، مما يعكس أهمية البيانات الدقيقة والموثوقة في إدارة الموارد الطبيعية. يساعد البحث العلمي المستمر والصحيح في تحسين استجابة المجتمع للتغيرات المناخية والمخاطر البيئية.
استكشاف البيانات الجديدة من مهمات الفضاء
تمثل مهمات مثل PACE أهمية مضاعفة في رصد السحب والغيوم وتأثيراتها على البيئة. اقترنت هذه المهمة بمشروع PACE-PAX الذي جمع بيانات حيوية من خلال التجارب الجوية ، حيث يمكن للباحثين الآن الاطلاع على التفاصيل الدقيقة لتفاعلات الغلاف الجوي.
تعد هذه الحملات بمثابة تطوير كبير في التصوير والرصد البيئي، مما يوفر بيانات دقيقة حول kalidad السحب وتأثيرها على المناخ على المدى الطويل. رصد هذه حالات تساعد في تحسن التنبؤات الجوية وفهم ديناميات البيئات المختلفة.
تفتح هذه البيانات آفاقًا جديدة للبحث والتطبيقات العملية في العديد من مجالات العلوم. من المتوقع أن تساعد بيانات PACE على تحسين الأنظمة البيئية، وتشير إلى كيفية استجابة الطبيعة للتغيرات المناخية. يكمن النداء الأكبر في ضرورة التعاون بين المؤسسات المختلفة لضمان سهولة الوصول إلى هذه البيانات وتحقيق الاستفادة القصوى منها.
حملة بلو فلوكس وتأثيرها على إدارة الكربون الأزرق في فلوريدا
حملة بلو فلوكس التي نظمتها ناسا تهدف إلى تعزيز الفهم العلمي لبيئة السواحل في فلوريدا ودورها في دورة الكربون. الحملة تضمنت مجموعة من المهام الأرضية والجوية التي تمت انطلاقا من قاعدة هومستيد الجوية قرب ميامي، حيث تم إجراء أكثر من 34 رحلة لتوسيع نطاق البيانات المجمعة حول النظام البيئي الساحلي في جنوب فلوريدا. هذا الإطار الطبيعي يمتد من بحيرة أوكيشوبي والخلجان الشمالية إلى الأراضي المالحة وغابات المنغروف على الشاطئ الجنوبي للولاية.
تشير البيانات التي تم جمعها إلى أهمية المعرفة العميقة بكيفية ارتباط النظم البيئية الساحلية بدورات الكربون، حيث تلعب هذه النظم دوراً حيوياً في امتصاص الكربون وتخزينه. تقنيات مثل قياس الانبعاثات والحصول على بيانات مرجعية ساهمت في تقوية تفاصيل الفهم حول الوظائف السابقة للمياه وتأثيرات التغير المناخي عليها. كما أنه من المحتمل أن تسهم هذه البيانات في تطوير استراتيجيات فعالة لإدارة الكربون الأزرق والحفاظ على التنوع البيولوجي.
على سبيل المثال، فإن غابات المنغروف ليست فقط ملاذاً للعديد من الأنواع الحياتية بل تقوم أيضاً بدور فعال في تخزين الكربون كجزء من استجابتها الطبيعية للتغيرات البيئية. بالتالي، فإن وجود برامج بحثية مثل بلو فلوكس يساعد في توقُع ردود الفعل البيئية المحتملة على التغيرات المناخية ويعزز من خطط إدارة الموارد الطبيعية بشكل مستدام.
الانخراط المجتمعي في مكتب دعم العلوم
مكتب دعم العلوم (SSO) في ناسا يقوم بجهود حثيثة لتعزيز الوعي العلمي والتفاعل المجتمعي من خلال مجموعة متنوعة من الأنشطة. من أبرز الفعاليات التي قام بها المكتب هو تقديم الدعم للجهود المتعلقة بخسوف الشمس الكلي في أبريل 2024. تم تنظيم أنشطة تثقيفية في مواقع متعددة بطول المسار الذي تم تحديده لرؤية الخسوف، مما يتيح للجمهور تثقيف أنفسهم حول علم الفضاء وأهمية الظواهر الفلكية.
هذه الأنشطة لم تقتصر على الخسوف فقط، بل شملت أيضاً دعم فعالية قمة مستقبل الأمم المتحدة الذي أقيم في نيويورك. من خلال دعم فرق عمل متخصصة مثل فريق تغير مستوى سطح البحر، تُظهر ناسا التزامها بالبحث العلمي ومواجهة التحديات البيئية العالمية. هذا النوع من التفاعل مع المؤسسات الدولية يعزز من قدرة العلوم على التأثير في صنع السياسات.
من خلال تعزيز الانخراط المجتمعي، تسعى ناسا إلى تحفيز المشاركات العلمية، وهذا يعكس الأهمية المتزايدة للعلوم في التواصل مع العامة. فعادةً، تعقد اللقاءات لمشاركة البيانات الهامة والمساهمات العلمية، التي من خلالها يتمكن الأفراد من التعلم والمساهمة في الفهم الجماعي للقضايا البيئية. هناك أيضاً تجارب تعليمية متاحة، مثل استخدام شاشات عرض ضخمة تعرض معلومات بصرية وتجارب علمية ممتعة تسهل التواصل مع الأطفال والشباب حول علم الفضاء.
معرض ناسا في الاجتماع الجيولوجي الأمريكي (AGU) ومساهماته العلمية
ناسا تستعد لعرض شامل لمشاريعها في الاجتماع الجيولوجي الأمريكي المنتظر في ديسمبر 2024. سيكون هناك نحو 40 مشروعاً مختلفاً يركز على كل شيء يبدأ من تلسكوب جيمس ويب إلى أسطول العلوم الجوية، مما يشير إلى تنوع الأبحاث والابتكارات الجارية. في هذا الإطار، تُعتبر الفعالية فرصة لتقديم البيانات العلمية لمجموعة متنوعة من الجماهير، مما يعزز الفهم المعمق والمشاركة العامة في العلوم.
ستعرض الفعالية أيضاً مجموعة من العروض التقديمية على شاشة هايبر وول، التي تتيح مشاركة القصص العلمية بصورة جذابة. يُظهر استخدام هذه التقنيات الحديثة قدرة ناسا على إيصال المعلومات بطريقة تفاعلية، حيث يمكن للمشاركين مشاهدة النتائج والتقنيات الحديثة في العمل، مما يساهم في تحفيز فضولهم لأهمية الأبحاث العلمية.
لإضافة إلى أنشطة العرض، سيكون هناك نحو 40 عرضاً تقنياً، تدور حول تطبيقات الواقع المعزز والتصور البياني للبيانات. تبين هذه الأنشطة كيف يمكن استخدام التكنولوجيا لتحسين الفهم العلمي، وهذا يدعم فكرة أن مشاركة العلم تتطلب أيضاً طرقاً جديدة ومبتكرة.
مثل هذا التجمع العلمي ليس فقط للعرض، بل هو مساحة للنقاش والتبادل الفكري حول التحديات والفرص الحالية في مجالات العلوم الأرضية. يسعى المساهمون من مختلف التخصصات إلى التعاون وتبادل المعرفة التي تعزز من الجهود العالمية لحل القضايا الحيوية المتعلقة بالتغير المناخي والمعرفة البيئية.
رابط المصدر: https://science.nasa.gov/science-research/earth-science/the-earth-observer-editors-corner-fall-2024/
تم استخدام الذكاء الاصطناعي ezycontent
اترك تعليقاً