بعد مرور عام على الهجوم المفاجئ الذي شنته حركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023، يجد قطاع غزة نفسه في وضع مأساوي. الحرب التي أسفرت عن دمار هائل في البنية التحتية وسقوط آلاف الضحايا، يبدو أنها أضعفت حركة حماس دون أن تقضي عليها بالكامل. في هذا السياق، يستعرض المقال الحالي الأحداث والنتائج المترتبة على تلك الحرب، بالإضافة إلى دور القيادة الحالية لحماس، وعلى رأسها يحيى السنوار، الذي يظل في مخبئه يقود الحركة من بعيد. سنتناول كذلك التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها سكان غزة وكيف أثرّت تلك الأحداث على مستقبل الحركة السياسية والعسكرية لحماس. هل ستتمكن حماس من إعادة بناء صفوفها، أم أن الوضع الحالي سيؤدي إلى نهايتها؟ تابعونا في هذا التحليل العميق للشأن الفلسطيني.
أحداث الهجوم في 7 أكتوبر 2023
في السابع من أكتوبر 2023، شهدت المنطقة هجومًا مباغتًا نفذته حركة حماس على الأراضي الإسرائيلية، حيث اقتحم مقاتلو حماس مواقع عسكرية ووحدات استيطانية على الحدود مع قطاع غزة. التصعيد العسكري كان جليًا مع إطلاق نحو 5,000 صاروخ باتجاه مناطق وسط وجنوب إسرائيل، مما أدى إلى وقوع العديد من الإصابات وال fatalities في أوساط المدنيين. تشير الأرقام الرسمية إلى مقتل 1,205 شخص، كانت الغالبية العظمى منهم من المدنيين. ردت إسرائيل بشكل قاسي على هذا الهجوم، شنت حملة قصف جوي مكثف وأعقبته عمليات برية في غزة، مما أسفر عن سقوط أكثر من 41,802 قتيل، معظمهم أيضًا من المدنيين، وفقًا للأرقام الرسمية في غزة.
وردّت تقارير الجيش الإسرائيلي في أغسطس 2024 بأنهم تمكنوا من قتل حوالي 17,000 مقاتل فلسطيني خلال العمليات العسكرية، وهو ما نفته حماس قائلة إن الاحتلال يبالغ في الأرقام. يتضح من هذا التصعيد أنه رغم الضغوطات العسكرية، اتجهت حماس نحو تغيير أنماط عملها في الحرب، حيث لجأت إلى استخدام الأنفاق لتنفيذ عملياتها، مما يشير إلى تكيّفها مع الظروف المتغيرة في ساحة المعركة وآليات الرد الإسرائيلي.
تداعيات الحرب على غزة
الحرب أسفرت عن تداعيات كارثية على غزة، حيث تم تدمير العديد من البنى التحتية الأساسية. أوضح مدير الإعلام الحكومي في غزة أن معظم المؤسسات الحكومية، بما في ذلك المستشفيات والجامعات، قد تضررت بشكل كبير نتيجة للقصف الإسرائيلي، إلى جانب تدمير محطات الكهرباء ومرافق المياه. هذا التدمير الواسع النطاق أدى إلى إحداث حالة من الشلل في الخدمات العامة، وخلق أزمة إنسانية حادة في القطاع الذي يعاني بالفعل من صعوبات اقتصادية.
ارتفعت أعداد النازحين، حيث تم تحويل أكثر من 200 مدرسة، غالبيتها تابعة لوكالة الأونروا، إلى ملاجئ لمئات الآلاف من الأشخاص الذين فقدوا منازلهم. تشير التقارير إلى أن الاقتصاد في غزة قد انخفض إلى أقل من سدس مستواه في العام 2022، مما يعكس الوضع المأساوي الذي آلت إليه الأوضاع. الأمم المتحدة حذرت من أن إعادة الإعمار في غزة ستستغرق عقود، مشددة على إن الوضع العام يتطلب جهودًا كبيرة لإعادته إلى طبيعته.
حركة حماس في مرحلة التراجع
مع اشتداد الضغوطات العسكرية، تراجعت حركة حماس بشكل ملحوظ عن قوتها قبل الحرب. العمليات العسكرية الإسرائيلية كانت لها آثار واضحة، حيث تم القضاء على العديد من قادة الحركة وتدمير مراكزهم الرئيسية. ولأن الحركة كانت تعتمد بشكل كبير على الشبكات السرية والعمليات من خلال الأنفاق، يُعتبر هذا التكتيك محوريًا في الحفاظ على وجودها، رغم الفوضى التي نجمت عن الحرب.
شغلت شخصية مثل يحيى السنوار، القائد السياسي لحماس، دورًا مهمًا في توجيه الحركة من تحت الأرض بينما تواجه ضغوطًا متزايدة من قبل إسرائيل. في حين حاولت حماس التأكيد على قدراتها العسكرية، فإن التقارير تشير إلى أن العمليات العسكرية قد وجهت ضربة قاسية لها، إلا أنها لا تزال تحاول الحفاظ على وجودها كقوة رئيسية في غزة. التحديات الداخلية والخارجية لا تزال تتطلب من الحركة إعادة تقييم استراتيجياتها وتكتيكاتها العسكرية والسياسية لتكون قادرة على البقاء في ظل ضغوطات متزايدة.
الغضب والإحباط في أوساط سكان غزة
تتسم الأوضاع الإنسانية في غزة بالغضب والإحباط بين السكان الذين يواجهون واقعًا مؤلمًا بعد من الأحداث الدموية والنزاع المستمر. قدّر عدد سكان غزة بحوالي 2.4 مليون نسمة، ومعظمهم كان يعاني من الفقر قبل الحرب، وهو ما يزيد من تأزم الوضع بعد الدمار الذي أحدثته الحرب. كثير من الأشخاص يشعرون بخيبة أمل كبيرة من حركة حماس، حيث أرجع بعض المراقبين الهجوم الذي شنته في أكتوبر إلى مسعى لتغيير موازين القوى دون الأخذ بعين الاعتبار العواقب الناتجة.
التحليلات تشير إلى أن حماس قد تكون تعرضت لانتقادات واسعة من السكان بسبب الفوضى وفقدان الأمل في العودة إلى الحالة الطبيعية. يُظهر الوضع الحالي أن الثقة في قيادات الحركة قد تقلصت، حيث بدأت أصوات من داخل المجتمع تطالب بتغيير سياسي وقيادي لما آلت إليه الأوضاع. بينما يرى بعض قادة حماس أن المقاومة لا تزال تحظى بدعم شعبي، يشير آخرون إلى أن الظروف المعيشية قد تؤدي إلى تغيير في دعم الجمهور للحركة. إن الصراع المستمر وفقدان الأمل قد يخلق أجواءً من الاستياء تصل إلى مستويات غير مسبوقة ضمن سكان القطاع.
الاستراتيجيات المستقبلية لحركة حماس
بالرغم من الضغوطات التي تواجهها حركة حماس، لا تزال هناك محاولات لإعادة هيكلة نفسها وضبط استراتيجياتها. بعض القياديين في الحركة يرون أن الضغوطات العسكرية الأخيرة من قبل إسرائيل قد ألزمتهم بتجديد صفوفهم وتطوير تكتيكات جديدة تتيح لهم مواجهة الاحتلال بطريقة أكثر فعالية. يعود إلى حماس الآن التفكير في كيفية إعادة بناء قوتها العسكرية والسياسية في ظل الأوضاع الراهنة.
تحتاج الحركة إلى إعادة تقييم اللعبة السياسية والتعاون مع الفصائل الفلسطينية الأخرى لتحقيق توازن في القوى. إضافة إلى ذلك، تحسين الوضع المعيشي لسكان غزة الكثيرون سيكون ضروريًا لاستعادة ثقة الجماهير في قيادة حماس. التحول من الاعتماد على القوة العسكرية البحتة إلى التفكير في استراتيجية شاملة تعالج القضايا الاجتماعية والاقتصادية يمكن أن يكون هو الحل المفتاح لتحقيق أهداف الحركة على المدى البعيد.
تم استخدام الذكاء الاصطناعي ezycontent
اترك تعليقاً