كان من المفترض أن تكون السيارات الكهربائية أمرًا لا مفر منه. قبل عامين، تسلق الرئيس جو بايدن خلف عجلة سيارة هامر كهربائية بيضاء ضخمة للترويج لخطته لجعل نصف السيارات الجديدة المباعة كهربائية بحلول عام 2030. في العام التالي، أقر الكونغرس قانون تقليص التضخم، الذي أنشأ العديد من الحوافز للسائقين لشراء السيارات الكهربائية ولشركات تصنيع السيارات للاستثمار في السيارات الكهربائية. وهذا أدى إلى ظهور العديد من المشاريع الجديدة: مصانع السيارات الكهربائية ومرافق تصنيع البطاريات وعمليات التعدين بدأت تظهر. بحلول نهاية عام 2022، بدا الوضع واعدًا: كان المزيد والمزيد من الأمريكيين يتجهون نحو السيارات الكهربائية، وقريبًا سيقود الجميع سيارة كهربائية، مما يقلل من انبعاثات الكربون.
الأسباب وراء تباطؤ اعتماد السيارات الكهربائية
على الرغم من زيادة مبيعات السيارات الكهربائية – حيث بلغت مبيعات 300،000 سيارة في الربع الثالث من عام 2023 في الولايات المتحدة – إلا أن وتيرة الاعتماد عليها قد تباطأت بشكل ملحوظ، وأشار المحللون إلى أن البلاد لم تعد على المسار الصحيح لتحقيق أهداف المبيعات المحددة من قبل الحكومة. وتتراكم آثار هذا الطلب المتناقص في كل مكان. تتراكم السيارات الكهربائية في وكالات السيارات هذا الخريف، حتى وإن قامت شركات تصنيع السيارات بتخفيض الأسعار لمحاولة جذب العملاء. وقد عادت شركات تصنيع السيارات عن استثماراتها المعلنة: أجلت فورد 12 مليار دولار من استثمارها المخطط له بقيمة 15 مليار دولار في قدرة تصنيع السيارات الكهربائية، في حين أجلت جنرال موتورز إنتاج نماذج السيارات الكهربائية الرئيسية وألغت شراكة بقيمة 5 مليارات دولار مع هوندا لتصنيع سيارات كهربائية أرخص. حتى تسلا – التي كانت مرة واحدة نجمة السيارات الكهربائية – أعلنت أنها ستؤجل مصنعًا مخططًا في المكسيك. حتى تنفيذيو السيارات الذين كانوا يشيدون بإمكانات السيارات الكهربائية يعترفون الآن علنًا بأن السيارات الكهربائية لا تعمل.
أسباب تباطؤ اعتماد السيارات الكهربائية في أمريكا
أشار المحللون في الصناعة إلى عدة أسباب وراء تباطؤ اعتماد السيارات الكهربائية، بما في ذلك نقص البنية التحتية للشحن وعدم وجود خيارات ميسورة التكلفة للسيارات الكهربائية. ولكن هذه الأسباب هي أعراض للمشكلة الأكبر: كانت خطة أمريكا للسيارات الكهربائية معيبة من البداية. بدلاً من رؤية السيارات الكهربائية كجزء واحد من خطة للنقل المستدام أكثر، ركزت أمريكا على استخدام السيارات الكهربائية كبديل واحد للسيارات التي تستهلك الوقود. ولكن هذا الحل العام لا يعالج المشكلات الأكبر في النقل لدينا، مما يعني أنه من المرجح أن يتم تفويت أهداف الانبعاثات وسيستمر في تجاهل المشكلات الأخرى في النقل.
أسطورة السيارات الكهربائية
أدت مهمة استبدال السيارات التي تعمل بالوقود بالسيارات الكهربائية إلى سلسلة من الأخطاء الفادحة، واحدة منها تتعلق بحجم السيارات الكهربائية الجديدة التي تم وضعها على الطريق.
على مدى العقود القليلة الماضية، أصبحت صناعة السيارات الأمريكية مهووسة بالمركبات الضخمة. تتراوح أسباب تضخم الحجم من هوامش الربح إلى معايير الوقود المشوهة من قبل الحكومة، ولكن انتشار المركبات الأكبر أدى إلى حلقة مفرغة من تفضيل المستهلك: رأى السائقون المركبات حولهم تتضخم، لذا أرادوا سيارات أكبر ليشعروا بالأمان. زعمت شركات تصنيع السيارات أن هذا هو دليل على أن الناس يرغبون فقط في السيارات الكبيرة، لذا قاموا بقطع النماذج الصغيرة وجعل السيارات الحالية أكبر، مما جعل الأشخاص الذين يمتلكون سيارات صغيرة يشعرون بعدم الأمان – وهكذا.
عندما انتقلت شركات تصنيع السيارات إلى السيارات الكهربائية، ركزت على أنواع السيارات التي كانت شائعة بالفعل – مما أدى إلى طفرة من السيارات الكهربائية الكبيرة والشاحنات. ولكن السيارات الكهربائية الضخمة لا تكون منطقية كثيرًا. تتطلب السيارات الكهربائية الأكبر بطاريات أكبر، والتي تتطلب مزيدًا من المواد الخام للتصنيع، مما يتطلب من المنتجين تعزيز عمليات التعدين المدمرة للبيئة. على الرغم من أن البطاريات الأكبر تسمح للسائقين بالسفر لمسافات أطول بين عمليات الشحن، إلا أنها تجعل السيارات أكثر ثقلاً وأكثر خطورة وأكثر تكلفة وأسوأ للبيئة.
قلق المدى وأسعار السيارات الكهربائية
يعد “قلق المدى” الذي أدى إلى بطاريات ضخمة سببًا آخر يجعل السيارات الكهربائية غير مجدية كبديل للسيارات التي تعمل بالوقود. قال نيدرماير إن السيارة الكهربائية يمكن أن تلبي احتياجات القيادة لمعظم الناس، ولكنها تواجه صعوبة في حالات الحافة مثل الرحلات الطويلة بسبب الحاجة إلى إعادة الشحن. نظرًا لأنه تم وعد الأمريكيين بأن السيارة الكهربائية ستكون بديلاً واحدًا لسيارات الوقود، يبدو أن هذا فشل؛ يجب أن تكون السيارة الكهربائية قادرة على القيام بكل ما يمكن أن تقوم به سيارة الوقود. تستمر هذه الفكرة على الرغم من أن السائق الأمريكي المتوسط في عام 2023 قطع مسافة تبلغ حوالي 40 ميلاً في اليوم، وفي عام 2022 كان حوالي 93٪ من الرحلات في الولايات المتحدة أقل من 30 ميلاً. ومع ذلك، في استطلاع أجرته Ipsos في الخريف الماضي، أبدى 73٪ من المشاركين قلقًا بشأن مدى السيارات الكهربائية.
يرتبط التركيز على زيادة مدى السيارات الكهربائية بارتفاع أسعارها نسبيًا. على عكس السيارات التي تعمل بالوقود، كلما دفعت مبلغًا أكبر مقابل سيارة كهربائية، زاد المدى الذي يمكنك توقعه. ونظرًا لأن الأمريكيين تعودوا على رغبة في مدى كبير، فإن السيارات ذات البطاريات الكبيرة والمدى الأطول تهيمن على السوق، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل مستمر. في سبتمبر، قدرت شركة كوكس أوتوموتيف متوسط سعر السيارة الكهربائية بمبلغ 50،683 دولار، بانخفاض 22٪ عن نفس الوقت في العام الماضي. ولكن تحليلًا أجرته CarGurus وجد أن أسعار السيارات الكهربائية لا تزال أعلى بنسبة 28٪ من أسعار السيارات التي تعمل بالوقود في المتوسط. مع زيادة أسعار كل شيء آخر – الإيجار والمواد الغذائية والسلع الأخرى – يكون لدى الشخص العادي أقل نقود لإنفاقها على سيارة كهربائية مكلفة.
نموذج النرويج
إذا كان هناك أي إلهام مباشر لسياسة الولايات المتحدة في مجال السيارات الكهربائية، فإنه يكمن في النرويج. كما يروى القصة، قدمت النرويج بعض الحوافز المقنعة للسيارات الكهربائية، وانطلقت المبيعات، والآن تهيمن السيارات الكهربائية تقريبًا على الطرقات. ولكن الواقع ليس بهذه البساطة. وتشير تحديات النرويج إلى سوء الحظ لدفعة الولايات المتحدة في مجال السيارات الكهربائية.
قدمت النرويج حوافز للسيارات الكهربائية في التسعينيات، ثم أضافت المزيد عندما انتشرت تكنولوجيا السيارات الكهربائية حقًا في العقد 2010. يمكن لسائقي السيارات الكهربائية الحصول على مزايا مثل وقوف السيارات المجاني والإذن بالقيادة في ممرات الحافلات، والأهم من ذلك، الاستثناءات من الضرائب والرسوم التي يمكن أن توفر لهم في النهاية الكثير من المال. في سبتمبر، بلغت 87٪ من مبيعات السيارات الجديدة سيارات كهربائية بالكامل. المشكلة، وفقًا لكيتان جوشي، خبير تحليل المناخ في أوسلو، هو أن هذا الإحصاء “لا يعطيك صورة جيدة عن معدل التغير”. على الرغم من أن مبيعات السيارات الجديدة عالية، إلا أن البيانات من إحصاءات النرويج تشير إلى أن النسبة الإجمالية للسيارات الكهربائية على الطرق النرويجية في عام 2022 كانت حوالي 20٪ – لا يزال هناك طريق طويل حتى يقود الجميع سيارة كهربائية.
حتى مع هذا التحول، ليست النرويج على المسار الصحيح لتحقيق أهدافها في تقليل الانبعاثات بحلول عام 2030. بينما انخفضت انبعاثات المركبات الركاب قليلاً، فإن هذه الحدود تُلغى بزيادة انبعاثات الشاحنات. يمتلك النرويجيون المزيد من السيارات مما كانوا يمتلكونه في الماضي، جزئيًا بسبب حوافز السيارات الكهربائية التي تشجع الناس على شراء المزيد من السيارات، والحكومة ليس لديها خطط لتقليل مقدار القيادة لدى الناس. لقد أشار الباحث بنجامين سوفاكول وزملاؤه إلى أن مشتري السيارات الكهربائية في النرويج “يميلون إلى أن يكونوا في فئات دخل أعلى، ويستخدمون سياراتهم الكهربائية كسيارة ثانية”.
أيضًا، أدت النهج النرويجي إلى العديد من العواقب غير المقصودة. قال جوشي لي إن انخفاض إيرادات ضريبة الوقود بسبب اعتماد السيارات الكهربائية أثار جدلاً سياسيًا مثيرًا حول زيادة رسوم الطرق لتعويض الفارق. (تم تشكيل حزب سياسي حتى على منصة وقف الرسوم.) بالإضافة إلى ذلك، تؤثر السيارات الكهربائية الأكبر حجمًا على الطرق بشكل أكبر، وتنتج مزيدًا من التلوث الهوائي، وتشكل مخاطر أكبر لسلامة المشاة.
لقد حققت النرويج تقدمًا كبيرًا في إقناع المشترين بشراء السيارات الكهربائية، ولكنها ليست الحل السحري، خاصة في الجدول الزمني القصير. “إنه يظهر لك بطء التحول الذي يتم توجيهه بشكل أساسي بواسطة معدل شراء سيارة جديدة”، قال جوشي عن نهج النرويج. إن تقليل انبعاثات النقل عن طريق تشجيع الناس على استبدال سيارتهم بسيارة كهربائية هو عملية بطيئة للغاية. وبالنسبة للبلدان مثل الولايات المتحدة التي بدأت في وقت متأخر، فإنها تشكل إشارة تحذيرية.
حان الوقت لإعادة التفكير
الانتقال من السيارات التي تعمل بالوقود إلى السيارات الكهربائية هو فرصة لإعادة التفكير في كيفية وصول الأمريكيين من مكان إلى آخر. ولكن حتى الآن، كانت الحكومة الأمريكية وشركات تصنيع السيارات والمستهلكين يسعون إلى استبدال صغير العقل بدون الطموح اللازم.
إن إقناع الأمريكيين بالتخلي عن القيادة تمامًا سيكون أكثر الطرق فعالية للحد من الانبعاثات، ولكنه سيتطلب إعادة تفكير جذرية في نظام النقل لدينا. شيء من هذا القبيل لا يحدث في ليلة وضحاها، ونظرًا لعقود من الاستثمار في شيء آخر غير البنية التحتية للسيارات، هناك العديد من الفرص الأخرى للمستقبل الأفضل. إذا كانت الحكومة وشركات تصنيع السيارات جادة في جعل النقل أكثر استدامة، يجب أن تشجع على سيارات أصغر حجمًا وسيارات هجينة ووسائل نقل عامة مثل القطارات والحافلات.
يمكن أن تكون السيارات الكهربائية جزءًا مهمًا من الجهود المبذولة لمكافحة أزمة المناخ، ولكن خطة السيارات الكهربائية في أمريكا يجب أن تركز على ما تفعله هذه السيارات بشكل جيد: الرحلات اليومية القصيرة التي يمكن أن تتم بسيارات صغيرة وبأسعار معقولة. يمكن لأولئك الذين يقومون برحلات طويلة بشكل متكرر الاستفادة من السيارات الهجينة. ويمكن أن تحدث فروق كبيرة للناس والكوكب من خلال تحسين وسائل النقل العام وتسريع القطارات بين المدن.
على الرغم من أنه قد يكون من الجذاب والمفضل للصناعة للتعامل مع أزمة المناخ بالتركيز أولاً على السيارات الكهربائية، إلا أنه ليس الطريقة الأكثر فعالية لمواجهة التحدي الهائل الذي نواجهه.
باريس ماركس هو كاتب تقني ومضيف بودكاست “التكنولوجيا لن تنقذنا”. يكتب أيضًا النشرة الإخبارية “الانفصال” وهو مؤلف “طريق لا مكان: ما يفهمه وادي السيليكون بشكل خاطئ حول مستقبل النقل”.
Source: https://www.aol.com/march-towards-ev-future-hit-104601087.html
اترك تعليقاً