في 2 يناير 2024
مقدمة
اكتشف الباحثون حفريات لآبار ماء قديمة غُطِست فيها المياه بفعل ارتفاع مستوى البحار. قد تكون هذه الآبار هي نفسها التي يشير إليها أحد خطوط الأغاني الأصلية الأسترالية.
الخطوط الأصلية الأسترالية القديمة
تتضمن خطوط الأغاني استخدام الأغاني السردية المثيرة التي بدأت الشعوب الأصلية في إنشائها قبل ظهور الكتابة كنظام ذاكري وروحي للتنقل في التضاريس القاسية لأستراليا عن طريق غناء الأغاني أثناء سيرهم عبرها. تم تمرير هذه الأغاني، التي تحدد أيضًا المجموعات والقوانين وتنقل القيم الثقافية، من جيل إلى جيل على مدى آلاف السنين. وربما أشهرها هي “الأخوات السبع”، وهي قصة عن شخصية شريرة قادرة على تغيير شكلها تطارد الأخوات السبع (التي تمثلها النجوم السبع التي تشكل الثريا) عبر سماء القارة الليلية؛ حيث تصف الأغنية السهول والجداول وتشكيلات الصخور وغيرها على طول الطريق. يصف ميك أوليري هذا بأنه “تخيل خرائط جوجل، ولكن في عقلك”.
الاكتشاف الأثري المدهش
اعترف تيمي دوغلاس، الذي يبلغ من العمر 90 عامًا، بأنه لم ير سوى نصف التضاريس الموصوفة في خط الأغنية ولم ير أبدًا النصف الآخر الذي يحتوي على الآبار. وهذا يشير إلى أن خط الأغنية قد تم إنشاؤه قبل أكثر من 7000 عام، عندما كان مستوى سطح البحر أقل بكثير وكانت المنطقة التي تحتوي على الآبار جافة وتقع على بُعد أكثر من 100 كيلومتر داخل اليابسة. يقول فينس آدمز، عضو آخر في دائرة مشايخ موروجوجا، التي تدير المعرفة الثقافية التقليدية في موروجوجا (المعروفة باسم أرخبيل دامبير باللغة الإنجليزية): “سواء كانت في الداخل بمسافة 100 كيلومتر أو في الخارج بمسافة 100 كيلومتر، لا يزال بإمكاننا أن نروي لك القصة”.
التعاون بين الشعوب الأصلية والعلماء الحديثين
يوضح ارتباط خط الأغنية بالاكتشاف الأثري الأخير الذي قام به ميك أوليري وزملاؤه كيف يتعلم الشعوب الأصلية والعلماء الحديثين للتعاون معًا – في هذه الحالة للعثور على أدلة على البشر القدماء الذين عاشوا على الأرض التي تحت الماء الآن، وهو ما يسميه مشايخ موروجوجا “بلد البحر”. تشمل هذه الأدلة الأدوات الحجرية التي عثر عليها العلماء العام الماضي على قاع المحيط بالقرب من الآبار المغمورة بالماء.
يخطط الفريق لدراسة الاكتشافات بواسطة طرق تشمل تحليل الجيوكيمياء. يمكن أن يخلق هذا “بصمة” للحجر المستخدم في صنع الأدوات، مما يمكنه ربطها بمحجر محدد – وبالتالي الكشف عن حركة صانعي الأدوات. ويمكن أن يكون التحليل أيضًا مفيدًا، وفقًا لويندي رينين، أخصائية في أدوات الحجر في فريق الدراسة. تقول: “إذا كنت تقوم بتقشير كنغر، فقد تحصل على شظايا صغيرة جدًا ودقيقة من العظام والدم والجلد، وهذا يمكن أن يخبرنا عما كان يفعله الناس بهذه الأداة الحجرية المحددة”.
التأثير على خطط التعدين تحت سطح البحر
يقدر بنجامين أن هناك آلاف المواقع الأصلية الأخرى المحتملة تحت سواحل أستراليا. ويقول إن اكتشافات فريقه تجبر المسؤولين العامين وقادة الصناعة على تباطؤ خطط التعدين تحت سطح البحر والتفكير في وسائل لمنع حدوث أضرار محتملة لهذه المواقع. يقول بنجامين: “لم يكن أحد خارج الشعوب الأصلية يفكر في المواقع الأصلية من قبل، أو أولئك الذين كانوا يفعلون ذلك قيل لهم: ‘نعم، من الممكن أنها موجودة، ولكن لا يمكنك التركيز على أي شيء ممكن وليس مثبت”. لذلك، لقد تحولنا من الممكن إلى المثبت، والسرد تغير تمامًا”.
التراث الثقافي تحت الماء والتراث العالمي
تم ذكر الاكتشافات أيضًا في طلب مؤسسة موروجوجا الأصلية للحصول على تصنيف التراث العالمي من اليونسكو. بالإضافة إلى التراث الثقافي تحت الماء، تحتضن المنطقة أيضًا أكثر من مليون نقش صخري قديم يرغب المجلس في حمايتها.
تحكي هذه النقوش، مثل بعض خطوط الأغاني، قصة الشعوب في التعامل مع ارتفاع مستوى سطح البحر. وصل الشعوب الأصلية إلى القارة قبل حوالي 65،000 عام، عندما كانت العصر الجليدي الأخير في ذروته. بعد أن بدأت الأرض في التسخين قبل حوالي 20،000 عام وبدأ المحيط في ابتلاع أجزاء من المناظر الطبيعية، تحولت النقوش من تصوير النباتات والحيوانات البرية إلى الأسماك وسلاحف البحر وغيرها من الكائنات البحرية.
دليل حاسم للمفهوم
كانت المنحة التي حصلوا عليها للبحث عن الآثار تحت الماء هي أول منحة يتم منحها لهذا العمل منذ الثمانينيات. يقول أوليري: “كنا نعلم إذا فشلنا، فمن المحتمل أن لا يكون هناك المزيد من المال المخصص لهذا النوع من البحوث”. ولذلك، أدى هذا القلق إلى عمل مضني استمر لمدة عامين لرسم خرائط قاع البحر باستخدام ماسحات الليزر والصوت لزيادة فرص نجاحهم.
كان العلماء يعلمون أن الآبار كانت أماكن يجتمع فيها البشر وربما يتركون وراءهم آثارًا، لذلك عندما أظهرت بياناتهم وجود حفرتين في قاع ممر فوم الرغوي، كانوا حريصين على استكشافها.
كانت قطع الحجر التي أحضرها الغواصون مغطاة بالكائنات البحرية، لذا كان عليهم تنظيفها أولاً. ثم فحصت رينين القطع للتحقق مما إذا كانت قد تم تعديلها بواسطة الإنسان لتحويلها إلى أداة – على سبيل المثال، حافة حادة أو علامات صدمة تشير إلى أنها تم ضربها مرارًا لتغيير شكلها.
يقول آدمز: “أعتقد أن أول شعور كان بالفرح لأننا وجدنا شيئًا، ثم تبعه بسرعة شعور بالخوف – لأنه في ثقافتي، بمجرد أن يتم التخلص من هذه الآثار، لا يمكننا لمسها بعد ذلك”. ولكن في هذه الحالة، قدم المشايخ استثناءً، قائلين إنهم يدركون قيمة توثيق وجود بلد البحر لغير السكان الأصليين.
التعاون المستقبلي بين العلماء وخطوط الأغاني
يقول أوليري أنه على الرغم من أن فريق البحث لم يتبع خط الأغنية بدنيًا لاكتشافه، إلا أنه يعتقد أن هذا النوع من التعاون قد يحدث في المستقبل القريب. يقول: “نرى حقًا الآن أنه يجب أن نضم العلم الغربي والمعرفة الأصلية معًا، ونضفها معًا، بحيث لا يتم القيام بها كشيءين منفصلين. عندما يتم تراكب هذه الأشياء معًا، فإنك تحصل على صورة أكثر شمولية لبلد البحر”.
المصدر: Scientific American
اترك تعليقاً