يظهر البحث المستمر أن محفزات العصب الرحمي الكهربائية يمكن أن تخفف بعض أعراض كوفيد الطويلة. ولكن هل تستحق هذه الأجهزة المكلفة الثمن؟
مقدمة
هل يمكن علاج حالة معقدة ومتنوعة مثل كوفيد الطويل بدون استخدام الأدوية؟ تثير وسائل التواصل الاجتماعي الجدل حول العلاج التجريبي الذي يستهدف العصب الرحمي، الذي يعمل كـ “الطريق السريع للمعلومات” في الجسم من خلال نقل الإشارات الحاسمة بين الدماغ والأعضاء الداخلية المختلفة. يؤدي صدمة كهربائية خفيفة على هذا العصب الجمجمي الطويل إلى إطلاق موجة من الاستجابات الذاتية المرتبطة بالاسترخاء – وقد توفر فوائد صحية تتجاوز ذلك.
الاستجابات الذاتية والعلاج بالعصب الرحمي
يعترف الباحثون بشكل متزايد بأن كوفيد الطويل هو اضطراب عصبي بنفس قدر ما هو اضطراب قلبي وتنفسي. أظهرت دراسات العلاج أن الجوانب العصبية للحالة، بما في ذلك بعض الجوانب المرتبطة بالعصب الرحمي، قد تكون ذات صلة. أظهرت التجارب المبكرة الصغيرة لتحفيز العصب الرحمي تقليلًا في أعراض كوفيد الطويل المميزة مثل الإرهاق المزمن والصداع وارتفاع ضغط الدم غير المنتظم. أظهرت دراسة أخرى أن الأجهزة المستخدمة لإرسال التحفيز الكهربائي عبر الجلد آمنة وسهلة الاستخدام في المنزل – مما يوفر الراحة والوصولية وأقل خطرًا للعدوى. لا يزال العلماء يدرسون الأعراض التي يمكن أن تتعامل بهذه التقنية بشكل موثوق، والمرضى الذين سيستفيدون منها ومدى استمرار تأثيراتها. في أي حال، يبدو أن تأثير العصب الرحمي في جميع أنحاء الجسم يعتبر أمرًا حاسمًا لعلاج بعض التجليات الشاملة لكوفيد الطويل.
تخفيف الضغط
العصب الرحمي – حزمة من الألياف التي تنطلق من جذع الدماغ وتنتشر في جميع أنحاء الجسم – هو المنظم لعمليات الخلفية اللاارادية ووظائف الأعضاء. إنه جزء من الجهاز العصبي الودي، الذي يتولى تهدئة الجسم بعد حدث مجهد. خلال هذه المرحلة التعافي، يتباطأ معدل ضربات القلب إلى الوضع الطبيعي، ويخفف الجهاز المناعي حراسته، ويبدأ الجهاز الهضمي في العمل مرة أخرى. يعمل العصب الرحمي كمفتاح “إيقاف” لوضع النظام العصبي الوقائي للهروب أو القتال. يتم تنشيط هذا العصب أيضًا أثناء أنشطة مثل اليوغا والتأمل والتنفس البطيء، والتي تترك الممارسين عادةً يشعرون بالهدوء والراحة.
قوة التحفيز الكهربائي
يستغل التحفيز الكهربائي قوة العصب الرحمي في الشفاء بسهولة. قد يتمكن بعض الأشخاص من إعادة تفعيل عصبهم الرحمي المعيب من خلال ممارسة التمارين الذهنية، ولكن معظمهم بحاجة إلى مساعدة خارجية. وهذا يشمل العديد من الأشخاص الذين يعيشون مع كوفيد الطويل، نظرًا لأنهم غالبًا ما يعانون من تلف الأنسجة الشديد وانخفاض مستويات الطاقة. “أن تخبر شخصًا قد عانى من كوفيد الطويل لمدة ثلاث سنوات ورأى 500 طبيب بممارسة بعض التمارين الذهنية – هذا لن يكون أمرًا جيدًا”، يقول رافيندرا جانيش، طبيب في عيادة مايو كلينك، الذي يقود حاليًا تجربة سريرية لتحفيز العصب الرحمي لعلاج كوفيد الطويل باستخدام أجهزة electroCore.
العلاقة بين العصب الرحمي وكوفيد الطويل
يعتقد الباحثون أن تحفيز العصب الرحمي يضعف أعراض كوفيد الطويل من خلال زيادة مسارات الجهاز العصبي الودي. أحد علامات النشاط التعاطفي المرتفع هو استمرار نشاط الجهاز المناعي، حتى بعد انتهاء العدوى الأولية. يخفف العصب الرحمي هذه الدفاعات المفرطة عن طريق تقليل إنتاج سيتوكينات، وهي مواد كيميائية إشارة تعزز الالتهاب. في عام 2000، اكتشف الباحثون الدور المضاد للالتهابات للعصب الرحمي عندما وجدوا أن تحفيزه يقلل من صدمة التسمم القاتلة في الجرذان المعرضة لسموم البكتيريا. يعتقد العديد من العلماء أن إعادة تنشيط العصب الرحمي يمكن أيضًا إعادة ضبط الجهاز المناعي لدى الأشخاص الذين يعانون من كوفيد الحاد أو الأعراض المزمنة.
تحفيز العصب الرحمي لتخفيف أعراض كوفيد الطويل
أظهرت الدراسات التجريبية حتى الآن أن تحفيز العصب الرحمي يعمل بشكل أفضل لتخفيف الإرهاق المفرط الناتج عن كوفيد الطويل. وقد أشار الباحثون إلى أن بعض المشاركين في هذه الدراسات أبلغوا عن تحسنات – ولكن لاحظوا أن البعض الآخر لم يلاحظ تحسنًا. “لا يوجد تجربة لأي دواء أو أي شيء قمت به على مر السنين التي تجعل المريض يشعر بتحسن بحيث لا يستوفي معايير متلازمة الإرهاق المزمن”، يقول بنجامين ناتلسون، أخصائي أمراض الأعصاب في جبل سيناء، الذي أجرى العديد من الدراسات السريرية حول تحفيز العصب الرحمي لعلاج حالات صحية مختلفة، بعضها استخدم أجهزة من electroCore و Parasym. (يقول ناتلسون إنه لم يتلق تمويلًا للدراسات من هذه الشركات.)
التحفيز الكهربائي والآثار الجانبية
نظرًا لأن العصب الرحمي يتكون من العديد من الألياف، فإن الباحثين لا يستطيعون التحكم في الألياف الفردية التي تتم تنشيطها لاستهداف أي عضو معين؛ يتم تشغيل مسارات الجهاز العصبي الودي المتعددة في وقت واحد أثناء التحفيز. قد يبدو هذا مقلقًا، ولكن يتفق الباحثون على أنه ليس هناك الكثير من الآثار الجانبية السلبية نتيجة للعمل الزائد للجهاز العصبي الودي. إذا تم استخدام جهاز من هذا النوع بشكل صحيح، فإن أسوأ المضاعفات المحتملة ستكون على الأرجح تهيجًا خفيفًا للجلد نتيجة للصدمات الكهربائية أو إسهالًا ناتجًا عن نشاط زائد للجهاز الهضمي.
التحفيز الكهربائي للعصب الرحمي والتحفيز الطويل لكوفيد
لا يزال للعلاج بالعصب الرحمي الفجوات العلمية التي يجب معالجتها، لذلك يتردد الأطباء في وصفه على نطاق واسع لكوفيد الطويل قبل اكتمال التجربة التأكيدية. لا يزال العلماء يعملون على تفاصيل العلاج، بما في ذلك أفضل طريقة للتسليم. على سبيل المثال، تعتمد استراتيجية electroCore على سلسلة من الصدمات الخفيفة باستخدام جهاز محمول يمكن للمستخدم لمسه إلى أي جانب من الرقبة لبضع دقائق يوميًا. يقول ستاتس، مؤسس الشركة، إن هذا هو الموقع الأكثر فعالية للتحفيز حيث يكون العصب الرحمي أكثر سمكًا. يقول الباحثون الآخرون، بما في ذلك أولئك في Parasym، أن ترويض أعراض كوفيد الطويل يتطلب وقتًا أطول للتحفيز. يلاحظ هؤلاء العلماء أن طرف فرع العصب الرحمي ينتهي في طيات الأذن. يمكن أن يكون ارتداء مشبك مشابه لسماعة الأذن بدون استخدام اليدين هو وسيلة مريحة نسبيًا لتقديم ساعة من التحفيز الكهربائي يوميًا.
صدمة الأسعار
هناك أيضًا تحفظ واحد بارز بشأن تحفيز العصب الرحمي: السعر. على سبيل المثال، يتم تقديم جهاز electroCore على أساس الدفع لكل استخدام يمكن أن يكلف الشخص أكثر من 7000 دولار في السنة بدون أي خصومات. يبلغ سعر محفز Parasym مرة واحدة 699 يورو (حوالي 770 دولارًا) ويتم بيعه فقط في أوروبا (على الرغم من أن ناتلسون يقول إن بعض الأشخاص الذين يعالجهم في الولايات المتحدة تمكنوا من شراء الجهاز باستخدام عناوين أوروبية). وقد وافقت الجهات التنظيمية الأمريكية على جهاز electroCore وبعض الإصدارات الأخرى من الشركات الأخرى أيضًا – ولكن حصريًا لمشاكل غير متعلقة بكوفيد مثل الصداع النصفي. يمكن لأشخاص يعانون من كوفيد الطويل شراء هذه المنتجات فقط إذا وصفها لهم أطباؤهم خارج الاستخدام المعتمد، ومن غير المرجح أن تغطي شركات التأمين التكلفة دون موافقة محددة لكوفيد الطويل.
الحذر من التجارب الغير معتمدة
يحذر الباحثون من محاولة بناء جهاز خاص أو شراء إصدارات غير مجربة على الإنترنت. ينطوي تحفيز العصب الرحمي على تشغيل تيار كهربائي قرب قلبك أو دماغك. “دعونا لا نلعب مع ذلك”، يقول جانيش. يتم معايرة الأجهزة الطبية المعتمدة لتكون آمنة، ولكن يمكن أن يؤدي جهاز غير معتمد بإعدادات غير صحيحة إلى بطء أو توقف القلب. في الحالات الشديدة، يمكن أن يؤدي التلاعب بالعصب الرحمي إلى وفاة مفاجئة.
المفتاح هو التوازن
مثل أي علاج لكوفيد الطويل، المفتاح هو التوازن وفقًا لحدود الجسم. في عيادة مايو، غالبًا ما ترى غراش المرضى الذين متحمسون للبدء في علاج جديد يدفعون جسدهم للحد الأقصى وفي النهاية ينهارون. “إذا استمريت في المضي قدمًا بعد استنفاد احتياطي جسمك، فلن تشعر بفوائد التدخلات بغض النظر عنها”، تقول غراش.
اترك تعليقاً