تمتلك كوكبنا مناظر طبيعية رائعة، من الغابات المورقة إلى سلاسل الجبال الشاهقة، ولكن بعض المعالم الأيقونية للأرض – التي قد تحمل أدلة على أصل الحياة على الأرض وربما في أماكن أخرى – تكمن في قعر المحيط. وعثر العلماء مؤخرًا على كنز من هذا القبيل في مياه الإكوادور: يُطلق عليه اسم “سنديرو ديل كانغريخو”، وهو نوع من “يلوستون” الصغير المغمور تحت الماء.
المناظر الطبيعية الساحرة في العمق البحري
تغلي هذه العالم الغريب في أعماق البحر في منطقة تسمى “مركز غالاباغوس الغربي للانتشار” – سلسلة جبال تحت الماء حيث تتحرك الصفائح القارية ببطء بعيدة عن بعضها البعض. ينبع الصهارة من البلورة الأرضية هنا لتكوين قشرة محيطية جديدة في عملية أدت إلى تكوين جزر غالاباغوس وميزات تحت الماء الأصغر حجمًا ، مثل فتحات الماء الساخنة. تضخ هذه الفتحات الماء الساخن الغني بالمعادن إلى المحيط في أعمدة ضخمة ، وقد تقدم أدلة على أصل الحياة على الأرض. قد توفر دراسة فتحات الماء الساخنة على الأرض بوابة لاكتشاف الحياة ، أو على الأقل مكوناتها ، على الكواكب الأخرى.
اكتشاف سنديرو ديل كانغريخو
يحتوي سنديرو ديل كانغريخو الجديد المكتشف على سلسلة من فتحات الماء الساخنة تمتد على مسافة تقارب ملعبي كرة قدم. يحتضن ينابيع ساخنة ومداخن نافورة تدعم مجموعة متنوعة من المخلوقات ، بدءًا من الديدان الأنبوبية العملاقة المشابهة للمعكرونة إلى سرطانات الجالاتيد الأبيض الجميلة.
ساعدت السرطانات ، المعروفة أيضًا باسم السرطانات المتكئة ، الباحثين في توجيههم إلى سنديرو ديل كانغريخو. اختار المراقبون الإكوادوريون اسم الموقع ، الذي يترجم إلى “درب السرطانات” ، تكريمًا لهم.
“كان الأمر يشعر وكأن السرطانات المتكئة تقودنا مثل فتات الخبز ، كما لو كنا هانسل وجريتل ، إلى موقع الفتحة الفعلي” ، قالت هايلي درينون ، مساعدة بحثية كبيرة في مرصد لامونت دوهيرتي للأرض التابع لجامعة كولومبيا ، التي شاركت في البعثة.
رحلة البحث المشتركة
انطلق الفريق البحثي الأمريكي والإكوادوري على متن سفينة البحوث “فالكور” التابعة لمعهد المحيط الأطلسي الشمالي في منتصف أغسطس بحثًا عن فتحات ماء ساخنة جديدة. قاموا بعمل بعض الخرائط والأخذ عينات في طريقهم إلى الموقع المستهدف ، على بعد حوالي 300 ميلاً قبالة الساحل الغربي لجزر غالاباغوس.
استخدم الفريق تقنية “تو-يو” لجمع ونقل البيانات في الوقت الفعلي إلى طاقم السفينة. “قمنا بخفض أجهزة استشعار مرتبطة بسلك طويل إلى قاع البحر ، ثم قمنا بسحب السلك صعودًا وهبوطًا مثل اليويو” ، وأوضحت روكسان بينارت ، أستاذة مشاركة في جامعة رود آيلاند وعالمة البحث الرئيسية في البعثة. “سمحت لنا هذه العملية بمراقبة التغيرات في درجة الحرارة ووضوح الماء والتركيب الكيميائي لمساعدتنا في تحديد مواقع الفتحات الساخنة المحتملة”.
جمع العينات في ظروف قاسية
تم تصميم ROV SuBastian التابع لمعهد المحيط الأطلسي الشمالي لتحمل الضغط العالي والحموضة العالية والحرارة الشديدة والبرودة المتطرفة التي توجد بالقرب من فتحات الماء الساخنة. يحتوي SuBastian على أضواء وكاميرات لمساعدة الطيار على السطح في توجيهه ، وتتميز ذراعي الروبوت المصنوعة من التيتانيوم بالقوة ومقاومة التآكل. ومع ذلك ، لا يزال جمع العينات أمرًا صعبًا.
لقد تكيفت الصخور والكائنات في البحر العميق مع الظروف التي نعتبرها قاسية. لذلك ، بالنسبة لهم ، البيئة السطحية هي بيئة قاسية. يتطلب نقلهم إلى بيئة مختلفة تمامًا بسرعة ودقة وتخزينهم بشكل صحيح في حاويات معزولة تحتفظ بالحرارة الباردة حتى يصلوا إلى السطح ، مما يحافظ على سلامة العينات. بعض الحاويات ، المعروفة باسم أخذ عينات الغاز الإيزوباري الختم ، تزيل وتخزن عينات السوائل بالضغوط الموجودة على قاع البحر. تحتفظ هذه العينات بالغازات المذابة بينما يتم إحضارها إلى السطح ، مما يتيح للعلماء دراسة العناصر والجزيئات المختلفة في غازات الفتحة. يمكن أن تحمل هذه المكونات أدلة على الأنشطة التي تحدث تحت قاع البحر.
استكشاف سنديرو ديل كانغريخو
عندما وصلوا إلى منطقة بدت واعدة ، نشروا مركبة الغوص عن بعد SuBastian للحصول على نظرة أفضل. أقل من 24 ساعة لاحقًا ، بدأ الفريق في رؤية المزيد والمزيد من سرطانات الجالاتيد ، التي تابعوها حتى وجدوا الفتحات.
كانت السرطانات مرشدين مفيدين حيث أن سوائل الفتحات هناك واضحة ، على عكس “المدخنين السود” الذين يخلقون أعمدة سهلة الرؤية. استكشف SuBastian المنطقة لمدة حوالي 43 ساعة متواصلة في أطول غوص للروبوت حتى الآن.
ولكن عملية الاكتشاف الحقيقية استغرقت عقودًا. عرف الباحثون منذ حوالي 20 عامًا أن المنطقة كانت موطنًا لنشاط الفتحة الساخنة بفضل الإشارات الكيميائية المقاسة في عام 2005. بعد حوالي عقد من الزمان ، خرجت الفرق مرة أخرى وجمعت عينات حيوانية. الآن ، بفضل بعثة معهد المحيط الأطلسي الشمالي الأخيرة ، لديهم أكثر مجموعة بيانات شاملة على الإطلاق لهذا الموقع. يتضمن ذلك البيانات الكيميائية والجيولوجية والبيولوجية ، بالإضافة إلى أول عينات ماء عالية الحرارة.
“ليس من النادر أن يستغرق اكتشاف مثل هذا عقودًا” ، قالت جيل ماكديرموت ، أستاذة مشاركة في جامعة ليهاي والعالمة الرئيسية في البعثة. “المحيط مكان كبير ، والمواقع بعيدة جدًا ، لذا يستغرق الأمر الكثير من الوقت والخطط للوصول إليها”. سيواصل الفريق بحثهم على الشاطئ لمساعدتنا في فهم كيف تؤثر فتحات الماء الساخنة على كوكبنا.
تكوين سنديرو ديل كانغريخو
قد يقارن سنديرو ديل كانغريخو بـ “يلوستون” بنطاق صغير في بعض النواحي ، ولكنه ليس وجهة سياحية. إنه مظلم تمامًا لأن أشعة الشمس لا تصل إلى قاع المحيط العميق. يضغط وزن المياه لميل من الماء من فوق. والفتحات ساخنة وسامة. بلغت بعضها 290 درجة مئوية (550 درجة فهرنهايت) – تقريبًا ساخنة بما يكفي لذوبان الرصاص.
قبل اكتشاف الفتحات الساخنة في عام 1977 ، افترض العلماء أن مثل هذه الظروف المتطرفة ستحول دون إمكانية الحياة. ومع ذلك ، رأى الفريق الرائد في ذلك الوقت وجود أنواع متعددة تزدهر ، بما في ذلك البلح الأبيض الذي قادهم إلى الفتحات بنفس الطريقة التي قادت السرطانات الجالاتيد الباحثين الحديثين إلى سنديرو ديل كانغريخو. تظهر سلسلة من الصور القاعية ظهورًا مفاجئًا للبلح الأبيض الحي الذي قاد العلماء إلى اكتشاف فتحات الماء الساخنة لأول مرة.
قبل اكتشاف عام 1977 ، لم يكن أحد يعرف أن الحياة يمكن أن تعيش في مكان معادٍ للحياة من هذا القبيل. الآن ، يعرف العلماء أن هناك ميكروبات تسمى الحيوانات الحرارية يمكن أن تعيش فقط في درجات حرارة عالية (تصل إلى حوالي 120 درجة مئوية أو 250 درجة فهرنهايت).
البكتيريا المحيطة بفتحات الماء الساخنة لا تأكل الكائنات الأخرى ولا تنتج الطاقة من أشعة الشمس مثل النباتات. بدلاً من ذلك ، ينتجون الطاقة باستخدام مواد كيميائية مثل الميثان أو كبريتيد الهيدروجين التي تنبعث من الفتحات. يُطلق على هذه العملية اسم التخمر الكيميائي ، وتم تحديدها لأول مرة من خلال توصيف الكائنات التي تم اكتشافها في هذه الفتحات. تعتبر البكتيريا التخمرية الكيميائية العمود الفقري للنظم البيئية لفتحة الماء الساخن ، حيث تعمل كمصدر غذائي للكائنات الأعلى.
يقترح بعض الباحثين أن الحياة على الأرض قد نشأت بالقرب من فتحات الماء الساخنة بسبب ظروفها الكيميائية والغنية بالطاقة. على الرغم من أن الاقتراح لا يزال غير مثبت ، إلا أن اكتشاف التخمر الكيميائي فتح أعيننا على أماكن جديدة يمكن أن تكون مضيفة للحياة.
فيتامين البحر
على الرغم من أن فتحات الماء الساخنة نسبياً جديدة في العلم ، إلا أنها ليست جديدة على كوكبنا. “كانت الفتحات نشطة منذ تشكل محيطات الأرض الأولى” ، قالت ماكديرموت. “لقد كانت موجودة في محيطاتنا طوال الوقت ، لذا منذ حوالي 3 مليارات سنة”.
خلال هذا الوقت ، ربما قامت بتحويل الكيمياء والجيولوجيا لكوكبنا من خلال تدوير المواد الكيميائية والمعادن من قشرة الأرض في جميع أنحاء المحيط.
“جميع الكائنات الحية على الأرض بحاجة إلى المعادن والعناصر التي يحصلون عليها من القشرة” ، قال بيتر جيرجوس ، أستاذ في جامعة هارفارد ، الذي شارك في البعثة. “ليس مبالغة أن نقول أن جميع الحياة على الأرض مرتبطة بشكل لا يتجزأ بالصخور التي نعيش عليها والعمليات الجيولوجية التي تحدث في أعماق الكوكب … إنها مثل فيتامين البحر”.
ولكن لا يزال مدى تأثير فتحات الماء الساخنة على الكوكب غير معروف تمامًا. في السنوات القريبة الماضية منذ اكتشاف فتحات الماء الساخنة لأول مرة ، اكتشف العلماء المئات منها في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك ، لا أحد يعرف كم منها لا يزال غير معروف. ربما يكون هناك آلاف من الفتحات الأخرى مختبئة في العمق. يمكن أن تساعد الدراسات المفصلة ، مثل تلك التي يواصلها العلماء على الشاطئ ، في فهم كيفية تأثير النشاط الحراري على المحيط.
ملاحظات الباحثين
تقدم الملاحظات الفورية للفريق نقطة انطلاق جيدة لاستكشافهم العلمي المستمر. “كنت أتوقع فعلاً أن أجد تجمعات حيوانية أكثر كثافة في بعض الأماكن” ، قالت بينارت.
تعتقد ماكديرموت أن ذلك يمكن أن يرتبط بتكوين سوائل الفتحة. “كانت عدة فتحات واضحة – ليست غنية بالجسيمات” ، قالت. “ربما تكون منخفضة في المعادن ، ولكننا لسنا متأكدين من السبب”. الآن ، سيقوم الفريق بقياس مستويات المعادن المختلفة في عينات الماء من سوائل الفتحة لمعرفة سبب انخفاضها في المعادن وما إذا كان ذلك قد أثر على الكائنات التي تستضيفها الفتحات.
يتعلم الباحثون المزيد عن فتحات الماء الساخنة كل يوم ، ولكن لا تزال هناك العديد من الألغاز التي تبقى ، مثل التأثير المحتمل لتحمض المحيط على الفتحات. وبينما يسعون للحصول على إجابات ، فإنهم بالتأكيد سيجدون المزيد من الأسئلة ويفتحون آفاقًا جديدة للاستكشاف العلمي.
تكتب أشلي عن الفضاء كمتعاقدة لمركز غودارد للطيران الفضائي التابع لوكالة ناسا نهارًا وتعمل ككاتبة بيئية حرة. تحمل درجة الماجستير في دراسات الفضاء من جامعة نورث داكوتا وتنهي درجة الماجستير في كتابة العلوم من جامعة جونز هوبكنز. تكتب معظم مقالاتها وهي تحمل أحد أطفالها على ركبتها.
اترك تعليقاً