رائحة دموع النساء تقلل العدوانية لدى الرجال

مقدمة

عندما يبدأ شخص ما في البكاء، غالبًا ما يشعر الآخرون بالتعاطف والاهتمام. ولكن الأسباب البيولوجية لإلقاء الدموع يمكن أن تتجاوز مجرد تحفيز الشفقة. يبدو أن الدموع نفسها تلعب دورًا كوسيط كيميائي للسلام بين الرجال والنساء، وقد اكتشفت أبحاث جديدة ذلك.

تأثير الدموع على العدوانية

تعمل دموع النساء على تقليل العدوانية لدى الرجال الذين يكونون قريبين بما يكفي لشم رائحتها، وفقًا للنتائج التي نشرت في مجلة PLOS Biology وتم تأكيدها من خلال الدراسات السلوكية البشرية وتصوير الدماغ والأحياء الجزيئية. يعتقد الباحثون أن دموع الأشخاص الذين ليسوا نساء لديها تأثير مماثل، ولكن لم يتم اختبار ذلك حتى الآن.

دور الدموع في تخفيض العدوانية

تشير الدراسة الجديدة إلى أن السبب الأساسي لإلقاء النساء للدموع العاطفية هو “لنقل إشارة كيميائية تقلل من العدوانية”، وفقًا لشاني أجرون، المؤلف المشارك للدراسة. وتعتقد أن هذا الآلية المشتركة بين الثدييات العديدة.

تأثير الدموع على السلوك البشري

ظل إنتاج الدموع يُعتبر سلوكًا فريدًا للبشر لفترة طويلة، ولكن هذا اعتقاد خاطئ. فالكلاب، على سبيل المثال، تلقي الدموع عندما يتم لم شملها مع أصحابها بعد فترة من الانفصال. تحتوي دموع الفئران الصغيرة على إشارات جزيئية تجعل الفئران الإناث ترفض تقدمات الذكور، بينما تشجع الفئران الإناث على وقف القتال المتبادل والتزاوج مع الذكور بدلاً من ذلك. بالإضافة إلى ذلك، يذهب الفئران القواعد إلى حد تغطية أنفسها بدموعها الخاصة لتحويل العدوانية عن الأعضاء السائدة في مجموعتها.

تأثير الدموع على السلوك البشري

مثل الثدييات الأخرى، يتواصل البشر معلومات من خلال روائح الجسم. ولكن لم يكن من الواضح أن الدموع ستكون لها أي تأثير رائحي على السلوك البشري لأن الناس لا يستطيعون استشعار رائحتها. بالإضافة إلى ذلك، في حين أن معظم الثدييات لديها عضو استشعار ثانوي مسؤول عن اكتشاف العطور الجنسية، يُعتقد أن هذا العضو في البشر هو بقايا.

تأثير الدموع على السلوك البشري

ظهرت أول أدلة على أن الدموع يمكن أن تؤثر كيميائيًا على السلوك البشري في عام 2011، عندما نشر سوبيل وزملاؤه دراسة في مجلة Science أظهرت أن دموع النساء تقلل من مستويات التستوستيرون والإثارة الجنسية المبلغ عنها لدى الرجال. استغرقت سنوات من الجهد لإجراء متابعة أكثر تفصيلاً، جزئيًا بسبب صعوبة جمع الدموع من المتبرعين. يحتاج الباحثون إلى ما لا يقل عن مليلتر واحد من الدموع لاستخدامها في كل مشارك تجريبي، وهو “كمية كبيرة من الدموع”، وفقًا لما يقوله سوبيل. بالإضافة إلى ذلك، لا يمكن استخدام البصل أو مهيج آخر لجعل عيون شخص ما تدمع، لأن “هذه نوع مختلف تمامًا من الدموع”، وفقًا لما يضيفه أجرون.

تأثير الدموع على السلوك البشري

لجمع الدموع المستخدمة في الدراسة الجديدة، قام الفريق بالتواصل مع المتطوعين الذين يبكون بسهولة. ظهر عدد قليل فقط من الرجال، ولم يتمكن أي منهم من إنتاج ما يكفي من الدموع للتأهل. من بين حوالي 100 امرأة تطوعت، كانت ست نساء فقط قادرة على توفير كميات كافية من الدموع للجمع. يمكن للمشاركين استخدام أي وسيلة يرغبون في استدعاء الدموع، من الاستماع إلى الموسيقى الحزينة إلى قراءة رسالة حزينة، ولكن معظمهم استعانوا بـ “مكتبة الأفلام الحزينة” في المختبر، وفقًا لما يقوله أجرون. بالإضافة إلى الدموع، جمع الباحثون أيضًا قطرات من محلول ملحي تساقطوها على وجوه النساء لاستخدامها في التجارب التحكمية.

تأثير الدموع على السلوك البشري

جمع الباحثون بيانات من 25 متطوعًا رجلاً لعبوا لعبة في المختبر تستخدم في دراسات العدوانية. خلال اللعبة التنافسية، أدلى المشاركون بالاعتقاد بأن خصمهم هو شخص آخر. ومع ذلك، كان في الواقع خوارزمية الكمبيوتر. في بعض الأحيان، سرق الخصم المال من المشاركين، الذين يمكنهم بعد ذلك إما اختيار الانتقام، دون الحصول على مكاسب مالية لأنفسهم، أو السماح لخصمهم بالابتعاد عنهم ولكنهم يستمرون في جمع المزيد من المال لأنفسهم. حسب الباحثين، تم حساب العدوانية من خلال عدد المرات التي اختار فيها المشارك الانتقام مقسومة على عدد المرات التي تم استفزازه فيها. قام الفريق أيضًا بتكرار هذه التجربة في مجموعة ثانية من 26 متطوعًا رجلاً لعبوا اللعبة أثناء وجودهم داخل ماسح تصوير بالرنين المغناطيسي، مما يسمح بجمع بيانات نشاط الدماغ.

تأثير الدموع على السلوك البشري

لعب جميع المشاركين اللعبة مرتين، وقبل كل جلسة، طُلب منهم استنشاق من “جرة الشم” التي قيل لهم أنها تحتوي على “روائح متنوعة” ولكنها في الواقع تحتوي إما على دموع أو محلول ملحي. وجد الباحثون أنه عندما استنشق الرجال دموع النساء، كانوا أقل عدوانية بنسبة تقارب 44 في المائة في اللعبة مقارنة بعندما استنشقوا محلول الملح. وكان تقليل العدوانية في السلوك مصحوبًا أيضًا بتغيرات في الخلايا العصبية. لاحظ الباحثون أن الدماغ لدى الرجال بعد استنشاق الدموع يظهر نشاطًا أقل في القشرة الجبهية والجزء الأمامي الأيسر، وهما مناطق مرتبطة بالعدوانية واتخاذ القرارات. زادت أيضًا الاتصالات بين الجزء الأمامي الأيسر والأميجدالا، وهو الجزء المسؤول عن معالجة العواطف وجزء من الشبكة الشمية.

تأثير الدموع على السلوك البشري

عمل الفريق مع زملائهم في جامعة دوك لاختبار تأثير دموع ومحلول ملحي على 62 مستقبل حاسوبي بشري في مختبر. وقد تم تحديد أربعة مستقبلات تستجيب للدموع وليس للمحلول الملحي. يساعد هذا الاكتشاف على الإجابة على “سؤال كبير” حول كيفية معالجة إشارات تشبه العطور في البشر، وفقًا لما يقوله أجرون.

البحوث المستقبلية

يهتم أجرون وسوبيل وزملاؤهم الآن بإجراء تجارب مستقبلية لاختبار تأثير دموع النساء على النساء الأخريات وتأثير دموع الأطفال على البالغين. يفترض سوبيل أن دموع الأطفال، على وجه الخصوص، ستكون لها تأثير تخفيض العدوانية على البالغين. “الأطفال لا يستطيعون التواصل معك باللغة”، يقول. “ولكن قد تكون التطور قد قدم للأطفال هذه الأداة لتقليل العدوانية”.

استنتاج

إن استمرار البشر في القدرة على إنتاج الدموع طوال فترة البلوغ يشير، وفقًا لأجرون، إلى أن البكاء على الأرجح “سلوك يخدمنا طوال الحياة”.

المصدر: https://www.scientificamerican.com/article/sniffing-womens-tears-makes-men-less-aggressive/

Source: https://www.scientificamerican.com/article/sniffing-womens-tears-makes-men-less-aggressive/