أظهرت الأبحاث أنه إذا قمت بالإشارة إلى جسم ما، فإن الكلب سيفسر الإيماءة كإشارة اتجاهية، على عكس الطفل البشري الصغير الذي سيركز بشكل أكبر على الجسم نفسه. يُطلق على هذه الظاهرة اسم التحيز الفضائي، وتقدم ورقة بحثية حديثة نشرت في مجلة السلوك الحيواني تفسيرات محتملة لسبب تفسير الكلاب للإيماءة بالطريقة التي تفعلها. ووفقًا للباحثين في جامعة إيوتفوس لوراند في المجر، ينشأ هذه الظاهرة من تركيبة كيفية رؤية الكلاب (الوضوح البصري) وكيفية تفكيرها، حيث يعطي السلالات الكلاب الأذكى أولوية لمظهر الجسم بقدر موقعه. وهذا يشير إلى أن معالجة المعلومات لدى الكلاب الأذكى تشبه أكثر معالجة المعلومات لدى البشر.
التحيز الفضائي في الكلاب: حسي أم إدراكي؟
أراد الباحثون التحقق مما إذا كان التحيز الفضائي في الكلاب يعتمد على الحواس أم على الإدراك، أو على تركيبة من الاثنين. قال المشارك الرئيسي في الدراسة إيفايلو إيوتشيف: “في وقت مبكر جدًا، يفسر الأطفال الإيماءة كإشارة إلى الجسم، بينما تعتبر الكلاب الإيماءة كإشارة اتجاهية”. وأضاف “بعبارة أخرى، بغض النظر عن نية الشخص الذي يعطي الإشارة، فإن المعنى بالنسبة للأطفال والكلاب مختلف. لقد لوحظ هذه الظاهرة سابقًا في الكلاب باستخدام مجموعة متنوعة من الاختبارات السلوكية، بدءًا من التعلم المشترك البسيط إلى التقليد، ولكنها لم تدرس بشكل مستقل”.
تصميم الدراسة والنتائج
تكونت عينة الدراسة التجريبية من الكلاب المستخدمة في دراسة سابقة عام 2018 بالإضافة إلى الكلاب المشاركة بشكل خاص في الدراسة الجديدة، بإجمالي 82 كلبًا. كانت السلالات السائدة هي الحدود كولي (19) والفيزلا (17) والويبتس (6). تم إحضار كل حيوان إلى غرفة صغيرة فارغة مع مالكه وأحد المجربين. وقف المجرب على بُعد 3 أمتار من الكلب وصاحبه. تم إجراء فترة تدريب باستخدام أطباق بلاستيكية مختلفة لتعليم الكلاب ربط وجود أو عدم وجود جسم، أو موقعه الفضائي، بوجود أو عدم وجود طعام. ثم تم اختبار الكلاب على سلسلة من المهام.
التأثير المرئي والإدراكي على التحيز الفضائي للكلاب
كان على الفريق التعرف على الاختلافات بين القدرات المرئية والإدراكية للكلاب لمعرفة ما إذا كان التحيز الفضائي يعتمد على الحواس أم على الإدراك، أو على كلاهما. أنتج تربية الكلاب الانتقائية سلالات ذات قدرات بصرية مختلفة، لذلك تضمنت جانبًا آخر من الدراسة قياس طول رأس الكلب، والذي أظهرت الأبحاث السابقة أنه يرتبط بالوضوح البصري. يُعرف المقياس المستخدم لقياس رؤوس الكلاب بمصطلح “مؤشر الرأس” (CI)، والذي يعرف بنسبة أقصى عرض للرأس مضروبة في 100 ثم مقسومة على أقصى طول للرأس.
كلما كان رأس الكلب أقصر، زادت وضوحيته البصرية وتشابهها مع الرؤية البشرية. ذلك لأن هناك تركيزًا أعلى لخلايا العصب الشبكية في مركز حقل رؤيتهم، مما يجعل الرؤية أكثر وضوحًا ويمنح هذه الكلاب رؤية ثنائية العمق. أظهرت الاختبارات أن الكلاب ذات الوضوح البصري الأفضل، والتي حصلت أيضًا على درجات أعلى في سلسلة الاختبارات الإدراكية، تظهر أقل تحيز فضائي. وهذا يشير إلى أن التحيز الفضائي للكلاب ليس مسألة حسية بسيطة فحسب، بل يتأثر أيضًا بكيفية تفكيرها. الكلاب الأذكى لديها أقل تحيز فضائي.
الاستنتاجات
كما هو الحال دائمًا، هناك بعض الشروط. ومن الجدير بالذكر أن العينة المستخدمة في الدراسة تتألف حصريًا من الكلاب المحتفظ بها كحيوانات أليفة في المجر، وبالتالي قد لا تعمم نتائجهم على الكلاب الضالة، على سبيل المثال، أو الكلاب من مناطق جغرافية وثقافات أخرى. ومع ذلك، قالت المشاركة في الدراسة إينيكو كوبيني: “لقد اختبرنا ذاكرتهم ومهارات الانتباه والمثابرة. وجدنا أن الكلاب ذات الأداء الإدراكي الأفضل في مهمة التحيز الفضائي الأكثر صعوبة يربطون المعلومات بالأجسام بسهولة تامة كما يفعلون بالأماكن. نرى أيضًا أن التحيز الفضائي ينخفض مع زيادة ذكاء الأطفال”.
المصدر: Ethology، 2023. 10.1111/eth.13423
اترك تعليقاً