هذا الخريف، فقدت لفترة قصيرة حاسة شمي. بالطبع، بسبب كوفيد-19. في تلك الأيام القليلة، انزلقت إلى حالة من البلادة الحسية. نظرت إلى الباد تاي الذي طلبته، غير قادرة على تمييز نكهات الليمون أو صلصة السمك، تلك الروائح التي تذكرني بطفولتي. دفعت أنفي في كيس شاي الزنجبيل الذي لم يستطع أن يستدعي أي رائحة. بعض الروائح، كنت سعيدة للتخلص منها. وداعاً لسلة المهملات الممتلئة، لا حزن على رائحة الكلب المبلل للمنشفة التي ترفرف بجوار المدفأة. ولكن في الغالب، أيقظت الفقدان في داخلي تشوشاً غير متوقع للهوية. حتى لم أستطع أن أشم نفسي.
من أكون بدون رائحة عطر اللافندر الذي يخترق عرقي في نهاية اليوم؟
من أكون بدون رائحة حلوة من بقايا الجم المتساقطة من غداء ابنتي، وبقايا القهوة الكريهة على نفسي؟ كانت نقص رائحتي الخاصة مشوشة، مثل انتقال دوروثي في العالم الملون إلى العكس. دمرتني عادية العالم.
الروائح تروي قصة حياتنا
هناك الكثير من الكلمات لوصف الروائح. سيلاج. بتريكور. نويسوم. مسك. مياسما. للمتعة، أقرأ أحيانًا وصفات العطور. أسأل نفسي: هل أعرف حقًا الفرق بين زهرة العنبر والورد العادي؟ كيف يشمل العنبر العطر؟ وكيف يمكنني اكتشاف نوتة القلب مقابل النوتة الأساسية؟
التوجه الثقافي نحو الروائح
لقد لاحظت مؤخرًا التوجه الثقافي نحو الروائح: تيك توك مكرسة لتاريخ العطور، تأييدات المشاهير الشهيرة للعطور، ووعود تنظيم المزاج من خلال العلاج بالروائح. إذا كان علي أن أخمن، أعتقد أن هذا الهوس بالروائح له علاقة برغبتنا في التفرد في عالم متشظ. نحن نعتقد أن روائحنا يمكن أن تكشف شيئًا فريدًا عنا، تمامًا كما يمكن أن يفعل نمط الشخصية أو الأبراج الفلكية.
العطور المميزة
لقد وصلت إلى مفترق طرق عندما يتعلق الأمر بالعطور. خلال العام الماضي، استخدمت عطر الورد الذي اخترته في لحظة من الحيرة في متجر فاخر. كنت مرتبكة جدًا، وكان أنفي ميتًا للتفاصيل، لذا أخذت أي شيء يبدو أقل إزعاجًا في ذلك الوقت. ولكن عندما أرتديه، لا أشعر بأنني أنا. لدي انطباع بأن سيدة متقاعدة أنيقة تدخل ظلي وتترك رائحتها وراءها. بعد أن تعافيت من كوفيد-19، حاولت استخدام عطر الورد مرة أخرى، لكنني اضطررت لتخزينه بسرعة بعد ذلك. ستكون الرائحة جميلة على شخص آخر، ولكن الآن فقط تسبب لي الغثيان.
البحث عن عطر جديد
لقد كنت أتراجع في البحث عن عطر جديد. ما أحببته في عشرينياتي – الزهور والأعشاب والحمضيات – ليس هو نفس ما أستمتع به الآن. أشعر بالرغبة في التعقيد والحيوية؛ أشتاق للجمال غير المتجمل. يجب أن يكون ماكرًا وخطيرًا قليلاً، النوع المناسب من المرارة، رقصة في الظلام. خلال الأشهر القليلة الماضية، قمت بتجربة العديد من العطور، ولكن دون جدوى.
العطر المثالي
ولكن في صباح أحد الأيام، قمت برحلة بالسيارة عبر الريف في وقت غير معقول من الليل، عندما تمتد الطرق فارغة والهواء لا يزال يحمل رطوبة الليل. عندما تشرق الشمس على الأفق، شمتها – تركيبة جعلت عيني تتسع، وحواسي تشعر بالتنميل. كادت سيارتي أن تتوقف تقريبًا. كيف يمكنني وصفها؟ تراب رطب، خشب مقسوم للتو، رائحة الكراميل المحروقة للنار، رائحة الملابس القديمة.
لقد كنت أطارد تلك الرائحة منذ ذلك الحين. هل من الممكن تقدير العديد من الأشياء في وقت واحد؟ أم أنه مثل التقاط السحر في جرة زجاجية؟ على بعض المستويات، كانت تلك الرائحة نتيجة لمجموعة محددة جدًا من الظروف، رابطة رائحية لا يمكن تقليدها ولا تدوم طويلاً مثل الذاكرة المثالية.
العطر المميز هو ما يفرزه جسدنا
عندما تعانقني ابنتي قبل أن تذهب إلى المدرسة، أدخل أنفي في فروة رأسها. هل هو شامبوها الذي أجده لا يقاوم؟ أم لوشنها؟ أم من مسحوق الغسيل على ملابسها؟ ما الذي يجعل رائحتها فريدة من نوعها؟ مع والدتي، من خلال كل عطر استخدمته، يمكنني أن أشم جوهرها الأساسي: الدفء، والعرق، وباقة الزعتر القرنفلي التي تشعرني بالجوهرية كما المنزل. لا يمكن تعبئة تلك الروائح.
ربما يتم الكشف عن بعض الروائح لعدد قليل فقط من خلال الجهد المتعب للأيام، والملاحظة الدقيقة، والحب. يستغرق جسدين لإصدار رائحة: الجسد الذي ينتجها والجسد الذي يستهلكها. كلمة “عطر” تأتي من مجموعة من الكلمات اللاتينية تعني “من خلال الدخان”. لذلك، ربما هذا هو كيف نجد بعضنا البعض وأنفسنا؛ من خلال الدخان والارتباك في الحياة اليومية.
على الرغم من أن الرائحة يمكن أن تتواجد في مركز الذات، إلا أنها تبدو أقوى عندما تنبعث من الطقوس الجماعية. أفكر في تأرجح العصي العطرية في معبد؛ الكلورين الذي يتدلى من ملابس السباحة في غرفة تغيير الملابس؛ الصلصة المغلية على الموقد خلال العطلات. رحلة صيفية مزدحمة في سيارة صغيرة مليئة بالعمات والجدات والأبناء، كل واحدة منهم تنبعث منها روائحها المميزة. عناق مشبع بالعطور من قبل العرائس قبل حفل زفاف. في النهاية، ينبثق قوة العطر ليس من تفرده، ولكن من الطريقة التي يتداخل بها مع الروائح الأخرى المحبوبة في حياتنا، مما يخلق ترتيبًا لا نهائيًا يحتوي على جميع النغمات الصغيرة ولكن الضرورية.
ثاو تاي هي كاتبة ومحررة في ولاية أوهايو، حيث تعيش مع زوجها وابنتها. صدرت روايتها الرائعة “بانيان مون” هذا العام. كما كتبت ثاو لـ Cup of Jo عن الآباء الغائبين وأنماط الأمهات والمودة الجسدية. يمكنك الاشتراك في النشرة الإخبارية لها هنا.
صورة من MaaHoo/Stocksy.
20 تعليقًا
كتابة تعليق…
Source: https://cupofjo.com/2023/12/19/do-you-have-a-signature-scent/
اترك تعليقاً