سرد القصة:
التضحيات الحيوانية في العالم القديم
كانت التضحيات الحيوانية الدينية منتشرة في العالم القديم، سواء لإرضاء الآلهة أو تكريم الأموات. ولكن هناك منطقة لم تشهد فيها هذه الطقوس لفترة طويلة.
نقص الأدلة على التضحيات الحيوانية في البحر الأبيض المتوسط
كانت السجلات الأثرية تفتقر تقريبًا إلى أي أدلة على التضحيات الحيوانية الكبيرة في منطقة البحر الأبيض المتوسط خلال العصور الحديدية. ولم يتم العثور على أي مصادر مكتوبة تصف هذه الممارسة. وعلى الرغم من أن السبب الدقيق لعدم وجود أدلة لا يزال مجهولًا، إلا أن الآثاريين اكتشفوا الآن مزيدًا من التفاصيل حول أحد المواقع القليلة التي كانت تعرف بحدوث التضحيات في العصور الحديدية في البحر الأبيض المتوسط، وهي موقع في غرب إسبانيا.
كاساس ديل تورونيولو وتضحيات الحيوانات
تروينيلو كانت مركزًا حيويًا لثقافة تارتيسية من القرن التاسع إلى القرن الخامس قبل الميلاد. كانت هذه الثقافة مزيجًا من الممارسات المحلية وتلك التي قام بها الفينيقيون (الذين كانوا يضحون بالحيوانات وربما أكثر من ذلك) الذين هبطوا في شبه الجزيرة الإيبيرية الجنوبية في القرن التاسع قبل الميلاد.
تحليل العظام وتحديد التضحيات
قام الآثاريون بتصنيف 6770 عظمة في الموقع، وكان العديد منها من الخيول والبغال والحمير، ودفنت جنبًا إلى جنب مع الخنازير والبقر وكلب وحيد. كيف يمكن للآثاريين أن يكونوا متأكدين من أن هذه الحيوانات تم تضحيتها وليس ذبحها للطعام أو الإصابة بالمرض؟ “يستبعد حقيقة أن الحيوانات في الغالب بالغة النمو من احتمال أنها توفت بسبب أسباب طبيعية أو وبائية”، وقالوا في دراسة نشرت مؤخرًا في PLOS ONE. “بالإضافة إلى ذلك، فإن وضع بعض الخيول في أزواج، بالإضافة إلى وجود أدلة على حرق العروض النباتية، يشير إلى تضحية طقوسية مقصودة”.
ثلاثة مراحل متميزة من التضحية
تم تحديد ثلاث مراحل متميزة من التضحية في كاساس ديل تورونيولو. تم تنفيذ التضحيات بطرق مختلفة اعتمادًا على الفترة الزمنية. ينتمي معظم الحيوانات إلى المرحلة 1، وهي مجموعة من العظام في قاع الفناء القديم (تم تنفيذ التضحيات التي حدثت في وقت لاحق فوق العظام المدفونة من الطقوس السابقة)، ومعظم هذه الحيوانات هي خيول. تشمل هذه المرحلة العديد من الهياكل العظمية الكاملة والشبه الكاملة. يُعتقد أن الحيوانات المفقودة قد تكون نتيجة للجوامع أو النشاط البشري أو الحريق (المحتمل أن يكون من التضحية). الهياكل العظمية تكمن فوق الأخشاب المحترقة والشعير. كشفت الدراسة الدقيقة أن معظم المواد العظمية تم تغييرها بواسطة الحرارة، مما يعني أن هذه الحيوانات ربما كانت تضحيات محروقة.
المرحلة الثانية والثالثة من التضحية
تضم المرحلة 2 هياكل عظمية لـ 10 خيول تم حرقها، وفقًا لعلامات تغير الحرارة على عظامها والشعير المحترق تحتها. الفرق الكبير هنا هو ما يشير إليه الباحثون بـ “دليل على استئصال ما بعد الوفاة للصدر”. أدى غياب عظمة الحلق في الرقبة إلى هذا الاستنتاج، ولكن من الصعب إثبات هذا النوع من الاستئصال بشكل قاطع لأنه لا يترك أي علامات سكين.
أصبح من الواضح في المرحلة 3 أنه يجب أن يكون هناك نوع من الوليمة ترافق التضحية. لا تظهر عظام الخيول في هذه المرحلة أي علامات على تجزئتها، ولكن تم رؤية هذه العلامات على عظام البقر، ولاحظت أيضًا آثار لدغات بشرية على هذه الأضلاع. كانت التضحيات الحيوانية التي تضم استهلاك الحيوانات ممارسة معتادة أيضًا في اليونان القديمة في نفس الوقت، لذا لم يكن هذا استثناءً.
غموض الخيول الأشباح
تصف الكتابات القديمة تضحيات الخيول في البحر الأبيض المتوسط، وفي بعض الأحيان تشمل مئات الحيوانات، ولكن لم يكن هناك الكثير من الأدلة لدعم ذلك. كان هناك أقل من مائة في كاساس ديل تورونيولو، على الرغم من أن معظمها كانت خيولًا. تم تقدير أعمار جميع التضحيات عند وفاتها من خلال علامات التآكل على أسنانها. تبين أن معظمها كانوا حيوانات عمل ذكور في أفضل سنهم، وكان ثمانية منهم يحملون آثار استخدام اللجامات الحديدية في أفواههم. وهذا يشكل دليلاً إضافيًا على استخدامهم في الحروب أو التنقل أو العمل الزراعي.
ما لفت الانتباه في المرحلة 1 هو أن الخيول في تلك المرحلة تم تضحيتها بأزواج أو على الأقل وضعت بهذه الطريقة بعد الموت. يقترح الآثاريون أنها قد سحبت عربات معًا قبل الموت. كما حدثت حالة في المرحلة 2 حيث تم تقاطع أعناق هيكلين في وسط ما كان يعتبر فناءًا في السابق. إن كان ذلك جزءًا من طقوس مرتبطة بإله أو حياة ما بعد الموت لصاحب متوفى غير معروف.
لماذا تم تضحية الخيول؟
لا يزال السؤال مفتوحًا بشأن سبب تضحية الخيول على وجه التحديد. يعتقد الباحثون أن هناك احتمالًا لاستخدامها في التضحية الجنائزية حتى يتمكن المتوفى من الدخول إلى الحياة الأخرى بجوار رفاقه المخلصين. وقد تم توثيق ذلك في ثقافات قديمة أخرى، مثل السكايثيين في روسيا وأوكرانيا حاليًا، الذين كانوا يضحون بالخيول في الجنازات. ما إذا كان هذا هو الحال بالنسبة لبعض الخيول في كاساس ديل تورونيولو لا يزال غموضًا.
PLOS One، 2023. DOI: 10.1371/journal.pone.0293654
تعليقات القراء: 17
إليزابيث راين هي كاتبة تكتب عن العلوم والتكنولوجيا. ظهرت أعمالها على SYFY WIRE و Space.com و Live Science و Grunge و Den of Geek و Forbidden Futures. تعيش في مدينة نيويورك مع ببغائها ليستات. عندما لا تكتب، فإنها إما تتحول شكلها أو ترسم أو تقمص شخصية لم يسمع بها أحد. تابعها على Threads و Instagram @quothravenrayne.
اترك تعليقاً