تأثير جودة الهواء على الصحة

تكشف الأبحاث الحديثة عن كيفية تضرر جودة الهواء العديد من أجزاء الجسم، ومن هم الأكثر عرضة للخطر وكيف تزيد الموجات الحارة من تأثيراتها.

تأثير التلوث على الصحة

من المعروف منذ فترة طويلة أن التعرض لتلوث الهواء الشديد يضر بالصحة، خاصة بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من حالات تنفسية موجودة بالفعل. ولكن ما يصبح واضحًا بشكل متزايد من الأبحاث الحديثة هو أن جودة الهواء السيئة ليست مشكلة فقط للرئتين. يمكن أن تتسبب جزيئات التلوث – سواء كانت من دخان حرائق الغابات أو عوادم السيارات أو إطارات الشاحنات أو النفايات البلاستيكية – في تلف الجسم بأكمله.

تأثير جودة الهواء على الجسم بأكمله

منذ فترة طويلة ترتبط جودة الهواء السيئة بحالات التنفس مثل الربو وتقليل وظيفة الرئة. ولكن الأبحاث في السنوات الأخيرة أظهرت أن التلوث الناجم عن نوع محدد من التلوث – المواد الجسيمية الدقيقة – يمكن أن ينتقل في جميع أنحاء الجسم.

تقول أنيت بيترز في جامعة هلمهولتز في ميونيخ، ألمانيا: “إذا كانت جزيئات الهواء صغيرة بما فيه الكفاية، فيمكن أن تدخل إلى الأعماق في الرئتين وتترسب في الحويصلات الهوائية”. تؤدي هذه الترسبات إلى نشاط خلايا الماكروفاج، وهي نوع من خلايا الدم البيضاء التي تزيل البكتيريا والميكروبات الأخرى من الجسم. تقوم هذه الخلايا بجذب خلايا المناعة الأخرى من أماكن أخرى في الجسم، مما يسبب التهابًا وتلفًا للخلايا. تقول بيترز: “هناك إشارة نظامية تساعد في تنظيف الرئتين، ولكنها أيضًا تنقل التأثيرات السلبية المحتملة لتلوث الهواء إلى الجسم بأكمله”.

تشير الأدلة المتزايدة إلى أن هذه العملية تسرع من شيخوخة الدماغ، حيث يرتبط التعرض المطول لتلوث الهواء بتطور الخرف وتدهور القدرات العقلية العامة. هناك أيضًا أدلة تشير إلى أن التعرض لتلوث الهواء يرتبط بأمراض القلب والأوعية الدموية وعدة أنواع من السرطان، بما في ذلك سرطان الثدي والكبد والبنكرياس.

تأثير البلاستيك الجوي على الصحة

تشكل الجزيئات البلاستيكية الجوية جزءًا من تلوث المواد الجسيمية التي تضر بصحة الإنسان، ولكن لا نعرف الكثير عن التأثير المحدد لجزيئات البلاستيك على الجسم البشري. يأتي معظم البحوث من التجارب المختبرية على الخلايا أو على الفئران، وتعتمد هذه الدراسات على كرات البوليستيرين المتاحة تجاريًا لتكون عينات للبلاستيك الجوي. تقول ستيفاني رايت في كلية إمبريال لندن: “لا نعرف كيف يمكن تعميم ذلك على أنواع البلاستيك الجوي التي نعرفها في الهواء”.

هناك بعض الاقتراحات التي تشير إلى أن شكل الجزيئات قد يلعب دورًا مهمًا. قد تكون خيوط الألياف، على سبيل المثال، أكثر صعوبة في تنظيفها بواسطة الخلايا الماكروفاج، مما يسبب التهابًا أكبر في الجسم. ولكن هناك حاجة إلى المزيد من العمل لفهم أي نوع من الجزيئات البلاستيكية، بما في ذلك الألياف، موجود في الهواء من حولنا قبل أن نتمكن من فهم مدى التهديد الذي يشكلونه. تقول رايت: “إذا كنت ترغب في فهم مستوى المخاطر، فإنك تحتاج إلى بيانات التعرض والمخاطر”.

تفاقم حساسية الأنف والحمى القشعريرة

قد يجعل العيش في المدينة نوبات العطس في فصل الصيف أسوأ، حيث تشير الأبحاث الحديثة إلى أن تلوث الهواء يزيد من حساسية الأنف والحمى القشعريرة وحساسية أخرى.

قامت دراسة حديثة بتقييم 36,145 تقريرًا عن الأعراض تم تقديمها من قبل أشخاص في المملكة المتحدة يعانون من حساسية الأنف بين عامي 2016 و 2020. وجدت أن الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الحضرية يعانون من أعراض حساسية الأنف مثل سيلان الأنف وتورم العينين وضيق التنفس بشكل يقرب مرتين أكثر من تلك الموجودة في المناطق الريفية.

وجد الباحثون أيضًا أن الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الحضرية أكثر عرضة لتجربة أعراض أسوأ عندما تكون مستويات الأوزون مرتفعة. يتكون تلوث الأوزون على مستوى الأرض عندما يتفاعل ضوء الشمس مع الهيدروكربونات مثل الميثان وأكاسيد النيتروجين التي تنبعث من محركات السيارات.

في الوقت نفسه، تم ربط التعرض لتلوث الهواء – خاصة في وقت مبكر من الحياة – بتطور حساسية أخرى. وجدت دراسة أمريكية أن التعرض للأيزوسيانات، وهي مادة موجودة في دخان حرائق الغابات وعوادم السيارات، يمكن أن يغير بكتيريا الجلد، مما يسبب الإكزيما.

وفي دراسة أخرى، هذه المرة على 2598 طفل في سن ما قبل المدرسة في الصين، وجد أن تطور حساسية الطعام كان مرتبطًا بالتعرض لتلوث الهواء في الأماكن المغلقة والهواء الطلق. خلص الباحثون إلى أن “دراستنا تشير إلى أن الجهاز التنفسي قد يكون طريقًا جديدًا لتحسيس الطعام”.

كيف يؤثر تلوث الهواء في المنازل على صحتك وما يجب فعله

تشير الأدلة الأخيرة إلى أن جودة الهواء في المنازل يمكن أن تكون سيئة مثل شارع المدينة في ساعات الذروة. الخبر الجيد هو أن إجراء بعض التغييرات البسيطة في المنزل يمكن أن يساعد في تقليل المخاطر على صحتك.

تجعل الموجات الحارة تلوث الهواء أكثر خطورة

منطقة البحث الناشئة هي الرابط بين تغير المناخ وتلوث الهواء. تشير الدراسات الحديثة إلى أن معدل الوفيات خلال موجة حرارية يزداد عندما يتم دمج درجات الحرارة العالية مع جودة الهواء السيئة. وفقًا لمشروع بحث تابع للاتحاد الأوروبي، يؤدي الحر الشديد – المحدد وفقًا للنطاق الطبيعي لكل مدينة – إلى زيادة بنسبة 0.4 في المائة في معدل الوفيات عندما تكون مستويات التلوث منخفضة. في حالة وجود مستويات تلوث متوسطة، يحدث زيادة بنسبة 2.6 في المائة في معدل الوفيات، ومع مستويات تلوث عالية، يحدث زيادة بنسبة 8 في المائة في معدل الوفيات.

يعتقد الباحثون أن هناك سببين محتملين لذلك. يقول كليا كاتسوياني في كلية إمبريال لندن: “أحدهما هو أن الحرارة وأشعة الشمس نفسها تغيّران مزيج تلوث الهواء”. قد يكون هذا مرتبطًا بزيادة مستويات الأوزون وبعض مستويات الجسيمات الثانوية. قد يكون هؤلاء الملوثات أكثر سمية لصحة الإنسان. التفسير الآخر المحتمل هو ربما أكثر بساطة: “قد يكون أنه خلال الفترات الحارة، يقضي الناس وقتًا أطول في الخارج ويتعرضون للتلوث أكثر”، تقول.

مدى تأثير التعرض للتلوث يعتمد على المهنة بالإضافة إلى العنوان

تميل الأحياء الأكثر فقرًا إلى أن تكون جودة الهواء فيها أسوأ، بينما تحتوي المناطق الغنية والمشجرة على شوارع هادئة ونظيفة. ولكن هذا الاتجاه لا ينطبق دائمًا، وفقًا لبن بارات في كلية إمبريال لندن. “بعض الرموز البريدية الأكثر أناقة في لندن تعاني من مستويات تلوث عالية”، أشار إلى ذلك خلال مؤتمر في لندن الأسبوع الماضي. تعاني بعض المناطق الغنية في غرب لندن من جودة هواء سيئة لأنها قريبة من الطرق الحضرية المزدحمة.

بالإضافة إلى عنوانك السكني، فإن مهنتك مهمة بقدر العنوان. خلال دراسة استمرت ثلاث سنوات في لندن، حمل ستة أشخاص من نفس منطقة المدينة ولكن لديهم مهن مختلفة مراقبي جودة الهواء الشخصية لتتبع تعرضهم للكربون الأسود – جزيئات صغيرة من السخام – طوال اليوم.

قال بارات: “ما وجدناه هو فرق كبير بين أولئك الذين يتعرضون لأدنى مستويات التلوث وأولئك الذين يتعرضون لأعلى مستوياته”. وأضاف: “ما لفت الانتباه حقًا هو العامل الذي يعمل في مكتب في وسط لندن – أكثر أجزاء المملكة تلوثًا – كان لديه أقل تعرض للتلوث لأنه كان يعمل في مكتب مجهز بنظام تهوية ميكانيكية طوال اليوم. وكان لدى سائق الإسعاف أعلى تعرض، 2.5 مرة أعلى [من العامل في المكتب]”.

المواضيع: تلوث الهواء / جودة الهواء

Source: https://www.newscientist.com/article/2377939-air-quality-how-does-pollution-affect-your-health/