في الشهور القادمة، ستقوم وكالة ناسا بتقييم الاقتراحات التجارية للمركبات القادرة على “تفكيك” المحطة الفضائية الدولية – أي إسقاطها بأمان في الغلاف الجوي للأرض لتحترق. وقد أعلنت الوكالة أنها تتوقع دفع ما يقرب من مليار دولار لهذه الخدمة لتجنب الاعتماد على مركبات روسية متعددة. ومن المقرر أن يحدث الانتهاء الوحشي في وقت مبكر من العقد المقبل، ولكنه بالفعل يثبت أنه أمر حساس للغاية بالنسبة للهندسة الجوية والدبلوماسية الدولية.
مشكلة محدقة
ينبع مصير المختبر من موقعه في المدار المنخفض للأرض، داخل الطبقات العليا الهشة من الغلاف الجوي للأرض. هناك، كل ما يصعد يجب أن ينزل، مستدرجًا إلى كوكبنا بواسطة تيار ثابت من الجسيمات الجوية التي تبطئ السرعة.
بدون زيادات دورية، عندما يفقد المركب الفضائي في المدار المنخفض للأرض سرعته، فإنه يفقد ارتفاعه أيضًا، وفي النهاية ينخفض بما فيه الكفاية لينكسر ويحترق عندما ينغمس في الغلاف الجوي لكوكبنا. يأتي معظم الزيادات في المدار للحفاظ على المحطة الفضائية من تورطها المستمر من تورطها المستمر من الزوارق الروسية المستمرة.
نظريًا، يمكن لناسا وشركائها رفع المحطة الفضائية إلى مدار يترك الغلاف الجوي للأرض تمامًا. ولكن رفع كتلة كبيرة جدًا إلى ارتفاع كبير جدًا سيكون مكلفًا للغاية. وحتى لو تم التخلي عن المحطة في مثل هذا “المدار المقبرة”، فإن المحطة الفضائية ستشكل لاحقًا مخاطر: لأنها قديمة وغير مرنة، ستكون تفككها لا مفر منه وستولد كميات هائلة من الحطام يمكن أن تلحق أضرارًا بالأقمار الصناعية الأخرى.
إذا لم تتمكن المحطة الفضائية من الدوران إلى الأبد، فإنها يجب أن تحترق في لهيب المجد. هناك طريقتان يمكن أن يحدث ذلك: إما في هبوط متعمد ومدمر في الغلاف الجوي، أو في ما يسمى بـ “الهبوط غير المسيطر”، حيث ستنخفض المحطة الفضائية إلى سطح الأرض بحسب مزاج الطبيعة. وبينما قد يكون الأمر رائعًا، فإن الخيار الأخير هو بلا شك خطير. المحطة الفضائية أكبر من ملعب كرة القدم، ويحمل مدارها أكثر من 90 في المائة من سكان الأرض. حتى الآن، كان الضرر الناجم عن حطام المركبات الفضائية المتساقطة ضئيلًا جدًا – ولكن كأكبر جسم يتم إعادته إلى الأرض على الإطلاق، يمكن للمحطة الفضائية تغيير ذلك بسهولة.
المسار النزولي
تقول مسؤولو ناسا إن أكثر طريقة آمنة لإعادة المحطة الفضائية إلى الأرض هي إلقاؤها في المحيط الهادئ الجنوبي القليل السكان لتقليل فرص الضرر.
هذا أمر صعب لأن حلقة المدار الزمنية البالغة حوالي 1.5 ساعة تجعلها تمر بأكثر من 250 ميلًا خطية من سطح الأرض كل دقيقة، مع مسار أرضي يتغير باستمرار مع دوران العالم. كلما قضت المحطة الفضائية وقتًا أطول في السقوط عبر الغلاف الجوي، زادت مساحة حطامها على طول ذلك المسار، مما يزيد من فرصة أن يتسبب قطعة متطايرة في فوضى في مكان ما على السطح. ولكن لا ينبغي أن يحدث الهبوط بسرعة كبيرة: إذا كانت المحطة الفضائية ستنغمس في الغلاف الجوي بقوة كبيرة، فإن المقاومة الجوية المتزايدة يمكن أن تمزق قطعًا كبيرة مثل الألواح الشمسية الواسعة أو الوحدات الفردية، والتي بدورها ستجعلها تدخل الغلاف الجوي بطرق غير مسيطر عليها وغير متوقعة. هندسة المحطة الفضائية غير منتظمة تزيد من هذه المشكلة، مما يزيد من أهمية الحفاظ على المحطة في وضعية مستقرة أثناء هبوطها في الغلاف الجوي. إذا كانت ستتدحرج أثناء هبوطها، فإن الصاروخ الذي يقود الهبوط لن يشير بعد ذلك في الاتجاه الصحيح، مما يرسل المحطة الفضائية بشكل خطير عن المسار.
بالإضافة إلى ذلك، الغلاف الجوي للأرض هو وحش متقلب للغاية: يترقق ويتكثف مع دورة النشاط الشمسي لمدة 11 عامًا ويتغير مع مرور الوقت من النهار إلى الليل والعكس. “عندما تقوم بإعادة دخول جسم كبير مثل المحطة الفضائية الدولية، فإنه يعتمد جدًا على ما يحدث في الكثافة الجوية”، يقول ديفيد أرناس، مهندس فضاء في جامعة بيردو. “من المستحيل تقريبًا توقع ذلك بوقت كبير”.
تجتمع كل هذه العوامل لجعل العملية المثالية تسير على النحو التالي: بعد أسابيع أو أشهر من الانحلال المداري الطبيعي الذي سيخفض تدريجيا ارتفاع المحطة الفضائية، عند حوالي 250 ميل فوق الأرض، ستبدأ مركبة مصممة خصيصًا مرتبطة بالمحطة الفضائية في حرق الهبوط. يمكن للمحطة أن تنحدر حوالي منتصف الطريق إلى سطح الكوكب قبل أن تواجه تأثيرات تقلبها. عند حوالي 125 ميل في الارتفاع، ستقوم مراقبة المهمة بضبط مسار المحطة الفضائية، وتعديل حرق الصاروخ لتغيير مدار المحطة الدائري تقريبًا إلى شكل بيضاوي، مع أقرب نقطة للأرض، أو الأبجي، على بعد 90 ميلًا ربما فوق الكوكب. وهذا سيساعد على تقليل الوقت الذي ستقضيه المحطة في المستويات الأدنى والأكثر كثافة من الغلاف الجوي خلال بقية هبوطها. من هذا الأبجي على بعد 90 ميلًا، ستأمر مراقبة المهمة الصاروخ بإطلاقه النهائي، دفع المحطة بعيدًا أكثر لتسقط فوق المحيط الهادئ الجنوبي.
حدث عالمي
ما الذي سيستغرقه تحقيق هذا الإنجاز؟ حتى وقت قريب، قال مسؤولو ناسا إن عدة مركبات روسية من نوع بروجريس قد تعمل معًا لإعادة المحطة الفضائية إلى الأرض. ولكن هذا الخطة كانت دائمًا مؤقتة على الأفضل بسبب صعوبة تنسيق المفككين الفرديين.
“حتى عندما تسير الأمور على ما يرام، ستكون تحديًا”، يقول نيلد. “كان عليه حقًا أن يتطلب بناء عدة مركبات بروجريس وإطلاقها وربطها والقيام بوظيفتها في فترة زمنية قصيرة جدًا”.
وعلى الأقل عندما يتعلق الأمر بشراكة ناسا مع محطة الفضاء الدولية بين الولايات المتحدة وروسيا، لا تسير الأمور على ما يرام. أدى غزو روسيا لأوكرانيا إلى تدهور العلاقات بين البلدين إلى أدنى نقطة لهما منذ الحرب الباردة، مما يضعف التعاون في مجال محطة الفضاء الدولية. وقد أشارت روسيا أيضًا إلى أنها ترغب في مغادرة شراكة محطة الفضاء الدولية قبل أن تكون ناسا جاهزة ولم تقدم أي ضمانات بأنها ستقدم لاحقًا مركبات بروجريس لهبوط مسيطر في هذا السيناريو. (لم تقدم ناسا تعليقًا على الفور لهذه القصة. لم ترد روسكوسموس على طلب التعليق.)
في الوقت نفسه، تسبب سلسلة من الحوادث المقلقة الناشئة عن الأجهزة الروسية في تقويض الثقة في قدرات رحلات الفضاء الروسية. في عام 2018، تبين أن مركبة سويوز الروسية التي كانت مرسوة بالمحطة كانت تتسرب الهواء من خلال ثقب صغير قد تم حفره عمدًا وفقًا لمسؤولين روس. في نفس العام، تم إلغاء رحلة روسية لنقل رائدي فضاء اثنين إلى المحطة بعد إطلاق فاشل. في عام 2021، وصل وحدة علمية كان من المفترض أن تطلق في عام 2007، ولكن منذ ذلك الحين، عانت من مشاكل، بما في ذلك محرك يعمل بشكل غير صحيح أرسل المحطة إلى حركة دورانية مزعجة بشكل مؤقت. في العام الماضي، تسربت أنظمة التبريد الروسية على متن المحطة ثلاثة تسربات منفصلة من الأمونيا السامة إلى الفضاء. وفي أغسطس، تعرضت أول بعثة قمرية روسية منذ نصف قرن لحادث تحطم مذل في القمر.
كل هذا يجعل مركبة هبوط أمريكية مرغوبة بشكل متزايد لناسا والأمة التي تخدمها، على الرغم من التكلفة الباهظة. “إذا كان لدينا هذا في جيبنا، فإن ذلك يقلل من قوة التفاوض لروسيا بكثير”، يقول ماكدويل.
ولكن إذا كانت ناسا ترغب في مركبة هبوط واحدة بتصميم مستند إلى أسطول الفضاء العالمي الحالي، فإنها ليست لديها الكثير من الخيارات. “الأشياء التي تبدو واضحة عندما تبدأ في التفكير فيها – فهي ليست لديها القوة الكافية للقيام بحرق نهائي كبير في وقت قصير”، يقول ماكدويل. ويعتقد أن أقرب تكنولوجيا موجودة هي وحدة الخدمة الأوروبية في برنامج أرتيميس، التي قدمت الطاقة لكبسولة أوريون غير المأهولة التابعة لناسا في رحلة معلمية حول القمر في الخريف الماضي ومقرر لها أن تساعد في هبوط البشر على سطح القمر في وقت لاحق من هذا العقد. كل شيء آخر، يقول، إما ضعيف جدًا أو قوي جدًا أو ببساطة غير قادر على حمل ما يكفي من الوقود للمهمة – ومن هنا تأتي طلبات ناسا للاقتراحات التجارية لمركبة هبوط جديدة مصممة خصيصًا.
سواء اختارت ناسا شيئًا جديدًا أو مركبة موجودة معدلة للمهمة، فإن القرار سيؤثر على العلاقات الدولية العديدة الأخرى التي ترتكز على المحطة الفضائية الدولية. نهاية المحطة الفضائية هي مسؤولية مشتركة بنفس قدر بناء وصيانتها، ولكن الوثائق العامة لناسا ليست واضحة بشأن ما إذا كانت وكالات الفضاء الكندية واليابانية والأوروبية والروسية قد وقعت على الخطة التجارية التي تقودها الولايات المتحدة وتنفذها تجاريًا.
نهاية المشروع الضخم يمهد أيضًا الطريق لمجموعة مختلفة من المحادثات الدولية، حول شراكات المستقبل في الفضاء. ناسا بالفعل تبني شراكات ثنائية مع البلدان المهتمة بالاستكشاف القمري من خلال اتفاقيات أرتيميس، على الرغم من أن روسيا ليست من بينهم. الصين – التي تم حظرها من المشاركة في محطة الفضاء الدولية بموجب القانون الفدرالي الأمريكي – أصبحت الآن قوة في الفضاء، بمختبرها الفضائي الخاص، فضلاً عن رحلاتها القمرية والمريخية الروبوتية. ما إذا كانت نهاية المحطة الفضائية الدولية ستؤدي إلى تهدئة بين الولايات المتحدة والصين هو مجرد تخمين لأي شخص.
ما هو مؤكد، وفقًا للعالم السياسي كروس، هو أن أي شراكات دولية مستقبلية لن تكرر المحطة الفضائية الدولية، والتي من المرجح أن تظل إنجازًا فريدًا ومشرقًا. “بدأت المشهد الدول في مجال الفضاء يبدو مختلفًا تمامًا عما كان عليه عندما بدأت روسيا والولايات المتحدة التعاون في محطة الفضاء الدولية”، تقول. وتضيف أنها تأمل أن تكون هذه الشراكات متأسست بشكل جيد قبل نهاية المحطة الفضائية الدرامية.
في أي وقت يعود المحطة الفضائية الدولية في النهاية إلى الأرض، ستكون سقوطها واحدة من أكثر الأحداث المريرة في تاريخ الرحلات الفضائية الطويل والمشهور. “ليس هناك الكثير من الأوقات في التاريخ التي لدينا فيها فرصة للقيام بمثل هذه المناورة”، يقول أرناس. “سيكونون عصبيين حقًا في اليوم الذي يتعين عليهم فيه القيام بذلك”.
حقوق النشر والأذونات: ميغان بارتيلز هي صحفية علمية مقرها في مدينة نيويورك. انضمت إلى Scientific American كمراسلة أخبار في عام 2023. سابقًا، قضت أكثر من أربع سنوات ككاتبة ومحررة في Space.com، بالإضافة إلى ما يقرب من عام كمراسلة علمية في Newsweek، حيث ركزت على الفضاء وعلوم الأرض. كما نشرت كتاباتها في Audubon و Nautilus و Astronomy و Smithsonian، وغيرها من المنشورات. حضرت جامعة جورج تاون وحصلت على درجة الماجستير في الصحافة في برنامج تقارير العلوم والصحة والبيئة في جامعة نيويورك.
اترك تعليقاً