في 8 ديسمبر 2023
مقدمة
لم ير أحد من قبل نجمًا حديثًا يتغذى على قرصه الولادي في أي مكان خارج مجرتنا – حتى الآن. يعتبر صنع النجوم عملية معقدة. على الرغم من أن العملية تستغرق وقتًا أطول بكثير من عمر الإنسان ، إلا أننا قمنا بدراسة مراحلها المختلفة في حضانات النجوم المنتشرة في مجرتنا بما يكفي لكسب فهم عام جيد لكيفية عملها. تبدأ العملية بشكل عام بسحابة ضخمة من الغاز والغبار الكوني – مثل سديم الجبار الذي يزين سماء الشتاء حاليًا. يمكن أن تؤدي الحركات في السحابة إلى تشكل تجمعات هشة من المادة. إذا نمت هذه التجمعات بما فيه الكفاية ، فيمكنها الحصول على الجاذبية اللازمة للانهيار وأن تصبح أكثر كثافة ، مستمدة المزيد من المادة من السحابة المحيطة في نفس الوقت.
تشكل النجوم وتغذيتها
مع تجمع هذا الكتلة المنهارة ، يعزز المادة الواقعة داخلها أي حركة دورانية في الغاز ، مما يجعل التجمع يدور ويتسطح إلى قرص يحتوي على نجم واعد يتوهج في المركز. يصبح هذا النجم الأولي أكثر حرارة وكتلة بينما يتغذى على الغاز الجاري من القرص. في نهاية المطاف ، يكتسب كتلة كافية لضغط ذرات الهيدروجين معًا في نواة عالية الضغط بشكل ضيق حتى يتحولوا إلى الهيليوم ويطلقوا كميات هائلة من الطاقة. في هذه النقطة ، يولد النجم حرفيًا.
اكتشاف القرص التكويني للنجوم
على الرغم من أن الشمس المركزية هي “النجمة” في هذا العرض ، إلا أن القرص الذي يغذيها المادة يلعب دورًا داعمًا حاسمًا – سواء في ولادة النجوم أو ظهور الكواكب المصاحبة. لقد رأينا مثل هذه الأقراص حول العديد من النجوم التي لا تزال في مرحلة التكوين في مجرتنا درب التبانة ولكن لم نرها خارجها – حتى الآن.
اكتشاف القرص التكويني للنجوم خارج مجرة درب التبانة
اكتشف علماء الفلك لأول مرة القرص الدوار للمادة حول نجم شاب جدًا في مجرة أخرى ، وقد أتاح هذا الاكتشاف نظرة جديدة حول كيفية تكوين النجوم في ظروف كونية مختلفة. تم نشر النتائج في مجلة “Nature”.
المجرة المعنية
المجرة المعنية هي السحابة الكبيرة المغلقة (LMC) ، وهي مرافق صغير لمجرة درب التبانة تبعد حوالي 160000 سنة ضوئية عن الأرض. هذا الرفيق الكوني القريب مرئي للعين المجردة في نصف الكرة الجنوبي ، ولكنه لا يرتفع فوق الأفق السماوي للسماء الليلية في معظم خطوط العرض الشمالية. قبل بضع سنوات ، لقد ألقى علماء الفلك نظرة على السحابة الغازية LH 117 (المعروفة أيضًا بـ NGC 2122) ، وهي مصنع نجمي رائع في LMC مليء بمئات النجوم ، ووجدوا أن أحد هذه النجوم يبرز بسبب جسيمات طويلة من المادة تنفجر منه. مثل هذه الجسيمات شائعة حول النجوم الحديثة.
تكوين الأقراص التكوينية للنجوم
على الرغم من أن تفاصيل كيفية نشأة هذه الجسيمات لا تزال غير واضحة ، إلا أن حقول المغناطيس في القرص يجب أن تكون متورطة بطريقة ما. الغاز في القرص ساخن جدًا – بما فيه الكفاية لتجريف الإلكترونات من ذراتها الأم في عملية تسمى التأين. ينشئ الغاز المأين ، أو البلازما ، حقلًا مغناطيسيًا داخليًا عندما يتحرك بحيث يكتسب البلازما المتجه نحو النجم المركزي للقرص حقلًا مغناطيسيًا متزايد الشدة. حركة الدوران الدائرية السريعة للبلازما أيضًا تلتف حول هذا الحقل المغناطيسي القوي مثل السباغيتي حول شوكة ملتوية. في المركز ، بالقرب جدًا من النجم نفسه ، ينفجر الحقل المغناطيسي إلى الخارج – صعودًا وهبوطًا بالنسبة للقرص – في حركة دوامتين تجذب المادة معها. تخلق هذه الأعاصير النجمية الجسيمات ويمكن أن تحمل طاقة كبيرة جدًا حتى يتم طرد المادة فيها بسرعة عالية جدًا ، أحيانًا تزيد عن 300000 كيلومتر في الساعة. يُطلق على هذه الأجسام الأنواع النجمية الهربي هارو ، أو أجسام HH.
اكتشاف القرص التكويني للنجوم
يحتفظ الحقل المغناطيسي الملتف بإحكام بتركيز الأجسام ، لذا فإنها غالبًا ما تمتد لمسافات طويلة. النجم الذي لفت انتباه علماء الفلك ، المسمى HH 1177 ، لديه أجسام تمتد على مسافة 33 سنة ضوئية من الطرف إلى الطرف. يمكننا حتى أن نعرف الاتجاه الذي يشير إليه هذه الأجسام في الفضاء ؛ ضوء الجسيمة الواحدة يتحرك نحو اللون الأزرق ، مع تضاغط وتقصير طول الموجة بسبب حركة مصدره نحو المراقب. يتجه هذا الجسيم نحونا. الجسيم الآخر يتحرك بعيدًا عنا ، بحيث تتمدد طول الموجة لضوءه المنبعث ، وتصبح أطول.
أهمية الاكتشاف
توحي الاتجاهية القطبية للأشعة الجسيمة بأن هناك قرصًا دوارًا في مصدره يركزها ويغذي النجم. كانت تلميحات لمثل هذا القرص واضحة في الصور الأصلية من المرصد الضخم جدًا في تشيلي. للحصول على دليل ، توجه علماء الفلك إلى مجموعة ألما للميليمتر / السبمتر ، والتي تقع أيضًا في صحراء تشيلي العالية. يمكن لألما إنشاء خرائط عالية الدقة للتوزيع المكاني للغازات مثل أول أكسيد الكربون وأحادي الكبريت (المشاهدة بشكل شائع حول النجوم الشابة). يمكنه أيضًا قياس الطول الموجي الدقيق للضوء المنبعث من مثل هذه الجزيئات ، والتي يمكن أن تكشف حركتها نحونا أو بعيدًا عنا من خلال تحريض اللون الأزرق والأحمر.
اكتشاف القرص التكويني للنجوم
ما وجدته الفريق هو دليل قاطع ، أو على الأقل دليل على وجود قرص دوار قريب جدًا من النجم ، في قاع الأجسام ، مع غاز مضغوط نحونا على جانب واحد وغاز محمر على الجانب الآخر يبتعد عنا. رؤيتنا لـ HH 1177 هي بالتالي تمامًا مثل الوقوف أمام آلة الدوامة ومشاهدة تدور في اتجاه عقارب الساعة: الخيول البلاستيكية الزاهية على اليسار تتحرك نحوك ، وتلك على اليمين تتحرك بعيدًا عنك. يظهر الغاز في قرص HH 1177 بالضبط نفس هذا النوع من الحركة.
أهمية الاكتشاف
هذا الاكتشاف خارج المجرة ليس مجرد سجل جديد لأبعد قرص تكوين نجمي تم رؤيته على الإطلاق. إنه أيضًا مثال جميل على ولادة النجوم للمقارنة بما نراه في مجرتنا الخاصة. النجم في قلب HH 1177 هو ضخم ، وربما يكون ضعف كتلة شمسنا. في درب التبانة ، يكون مثل هذه النجوم الضخمة عادة محاطًا بسحب كثيفة من الغبار الغامض ، مما يجعل دراستها مباشرة صعبة.
اختلافات المجرة المغولية الكبيرة
لكن مجرة المغولية الكبيرة مختلفة. غازها ونجومها نسبياً فقيرة بالعناصر الثقيلة مثل الكربون والحديد ، مقارنةً بمادة درب التبانة ، مما يغير مظهر وسلوك هذه المجرة الصغيرة. على وجه الخصوص ، نظرًا لأن الغبار مصنوع من عناصر أثقل مثل الكربون والسيليكون ، فإنه يوجد أقل منه في LMC منه في مجرتنا ، وهذا يمنحنا رؤية أوضح لولادة النجوم الضخمة هناك. HH 1177 هو أول نجم ضخم يراه علماء الفلك بدون عوائق في هذه المرحلة من تطوره النجمي.
اختلاف القرص التكويني للنجوم
القرص مختلف عن نظرائه في درب التبانة أيضًا. إنه ضخم ، بمقدار ضعف إلى أربعة أضعاف كتلة الشمس بحد ذاته ، وفي مجرتنا ، تميل الأقراص الكثيفة للتجزئة والتفكك. يبدو أن القرص حول HH 1177 مستقر ، ومع ذلك يعتقد اكتشافه أن ذلك يرجع أيضًا إلى انخفاض LMC في وفرة العناصر الثقيلة. النجوم ذات العناصر الثقيلة القليلة غالبًا ما تنبعث منها إشعاعات فوق البنفسجية أكثر ، مما يمكن أن يسخن الغاز المحيط بشكل أكثر كفاءة. قد يكون هذا هو الحال هنا. الغاز الأكثر سخونة في القرص يعني أن القرص لديه ضغطًا داخليًا أكبر لمقاومة الجاذبية الداخلية للقرص نفسه ، مما يجعل القرص مستقرًا مثل إطار دراجة هوائية قوي ومنتفخ.
تشابه النجوم في المجرة المغولية الكبيرة
على الرغم من ذلك ، فإن HH 1177 مشابهة للغاية لمجموعة النجوم الضخمة الشابة في مجرتنا في نفس المرحلة التطورية. يشير هذا التشابه إلى أن النجوم في المجرات الأخرى تتشكل بنفس الطريقة التي تحدث بها هنا في درب التبانة – ولكن كما رأينا ، قد تكون هناك اختلافات تظهر في التفاصيل.
أهمية الاكتشاف
هذا أمر حاسم لفهمنا للتعقيد الديناميكي لكيفية ولادة النجوم والكواكب من الأقراص. نحن نستخدم فيزياء الجاذبية والإشعاع وديناميكا الغاز والمغناطيسية وغيرها للتنبؤ بكيفية سلوك مثل هذه الكائنات. ومن خلال مشاهدة كيف يتكون العملية تحت ظروف مختلفة ، يمكننا دفع حدود نماذجنا لمعرفة كيفية أدائها تحت الضغط. إذا بقيت سليمة ، فإن ثقتنا في صحتها تبقى ، وإذا تم كسرها ، فإن هناك فجوات مهمة يجب أن تستمر في حساباتنا لولادة النجوم.
أهمية الاكتشاف
تتوزع المناطق الغنية بالغاز لتكوين النجوم في مجرة المغولية الكبيرة. قرص HH 1177 هو أول قرص نراه مباشرة هناك ، ولكنه لن يكون الأخير. كل مرة نجد فيها قرصًا جديدًا ، سيكون خطوة أخرى نحو فهم كيفية ولادة النجوم – وكيف جئنا جميعًا إلى هنا.
حقوق النشر والأذونات: فيل بليت هو عالم فلك محترف ومتواصل علمي في فرجينيا. يكتب نشرة الفلك السيئة. تابعه على Substack.
اترك تعليقاً