إذا كنا نعتمد على العناوين في نهاية اليوم الأول من خطابات القادة العالميين هنا في مؤتمر تغير المناخ cop28 في دبي، قد يبدو أن كل شيء يسير على ما يرام في التحضير لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية وأن المعركة لإنقاذ الأرض مؤكدة الفوز.
التزامات الدول الغنية
أعلنت كل قائد من جميع أنحاء العالم، سواء كانوا من دولة غنية أو فقيرة، أو منتجًا كبيرًا أو صغيرًا، عن التدابير التي يعتزمون اتخاذها. وشملت هذه الإعلانات التزامًا بتخفيض معدل انبعاثات الكربون بنسبة مزدوجة خلال هذا العقد، وتعهدًا لتحقيق انبعاثات صفرية صافية.
صندوق الخسائر والأضرار
بالإضافة إلى ذلك، قامت العديد من الدول الغنية بوعود بالاستثمار ملايين الدولارات في مبادرات مناخية مختلفة، مثل “صندوق الخسائر والأضرار” الجديد أو “صندوق المناخ الأخضر”.
تحقيق الوعود المالية
ومع ذلك، عندما ننتقل بعيدًا عن العناوين والأضواء وندرس الخطابات والوثائق، يبدأ الوضع في الظهور أقل إشراقًا وإيجابية، حتى تقريبًا كارثيًا.
بالتأكيد، اتفاق “صندوق الخسائر والأضرار” هو إنجاز كبير جدًا وجدير بالثناء، خاصة بالنسبة لدولة الإمارات المضيفة لـ COP28 والرئيس الدينامي لـ COP28 سلطان أحمد الجابر.
ولكن الآن يبدأ المهمة الصعبة لتمويل هذا الصندوق، ولا شك أن الأموال المخصصة لهذا الصندوق يمكن أن تأتي فقط من الدول الغنية أو من شركاتها ذات المليارات من الدولارات.
التحديات المالية
المبلغ الإجمالي اللازم لمكافحة تأثير التغير المناخي، وهو هدف الصندوق، يصل إلى تريليونات الدولارات. ومع ذلك، في اليوم الأول، بلغت التزامات الإجمالية فقط 400 مليون دولار، وربع هذا المبلغ يأتي من الدولة المضيفة، التي على الرغم من ثرائها نسبيًا، لا تزال تعتبر دولة نامية بدلاً من دولة متقدمة.
بعض المساهمات من الدول الأغنى تبدو مضحكة بالمقارنة. فلنأخذ مثلاً التزام اليابان بتقديم 10 ملايين دولار أو حتى 75 مليون دولار من المملكة المتحدة.
ولكن حتى هذه التعهدات المثيرة للسخرية لا تزال تعهدات فقط ويمكن أن نأمل أن تترجم إلى أموال فعلية تجلس في حساب الصندوق وتوزع على البلدان التي تحتاج إلى الأموال.
التحديات المالية والتعهدات السابقة
فعلى مدى 15 عامًا، تعهدت الدول الغنية بدفع 100 مليار دولار سنويًا لمساعدة الدول النامية في التعامل مع تغير المناخ. ومع ذلك، لم يكن إجمالي الصندوق قريبًا من الهدف في أي عام.
وفي مواجهة الانتقادات المتزايدة من الدول النامية ومنظمات المجتمع المدني الخاصة بهم، بدأت الدول الغنية في اللجوء إلى جميع أنواع الحيل المحاسبية للوصول إلى 100 مليار دولار سنويًا.
بدأوا في مزج جميع أنواع التمويل والقروض المخصصة لأغراض وأهداف أخرى واطلقوا عليها تمويل المناخ وغالباً ما يلجأون إلى العد والاحتساب المزدوج.
وقد تم توجيه هذا الاتهام مرة أخرى إلى رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك في 1 ديسمبر من قبل المنظمات غير الحكومية البريطانية التي اتهمته بإعادة تدوير التزامات قديمة لجعلها تبدو جديدة.
تأثير التحول المناخي على الدول النامية
واحدة من الحيل التي يبدو أن الدول المتقدمة قد استوعبتها هي تأهيل الدول التي تستحق المساعدة للانتقال إلى التحول المناخي.
ففي السابق، كان هناك فقط فئتين في هذا النقاش – الدول المتقدمة والنامية – وفي السنوات القليلة الماضية، قامت الدول الغنية بتقسيم الدول النامية إلى اقتصادات ناشئة وأقل الدول النامية.
مع معظم الدول تستوفي شروط الاقتصاد الناشئ، انخفض عدد الدول التي تستحق المساعدة، وفقًا لسرد العالم الغني، من أكثر من 150 إلى حوالي 46 دولة.
التحديات التي تواجه الدول النامية
ولكن لا شك أن الهند، على الرغم من كونها ثالث أكبر اقتصاد في العالم، هي دولة فقيرة، وكذلك بنغلاديش والبرازيل ومصر.
الهند هي موطن لأكبر عدد من الأشخاص فقراء جدًا في العالم، ويعاني ما يصل إلى 400 مليون هندي من الجوع. والوضع ليس مختلفًا جدًا في الاقتصادات الناشئة الأخرى.
هذا التصنيف أمر حاسم، حيث في خطابه في 1 ديسمبر في COP28، بدا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يحمل المسؤولية للدول الناشئة في معركة إنقاذ الكوكب.
“يجب على الدول الناشئة التخلص من الكربون، وهذا هو أكبر قتال لدينا. إذا كان هناك أولوية عليا، فهي للدول الناشئة للتخلص من الكربون”، قال في خطابه.
يبدو أن ماكرون قد وجه نظره نحو العالم النامي، في حين أن الدول المتقدمة لا تزال بعيدة عن تحديد مواعيد للتخلص من الكربون الخاصة بها، وتقريبًا كل دولة غنية واحدة تبتعد عن الوقود الأحفوري.
ففي حين أن كندا والولايات المتحدة لا تزال تفتح مناطق جديدة، حتى في المناطق الهشة بيئيًا والمحميات الطبيعية، لاستخراج النفط والغاز، قامت اليابان بتأجيل أهدافها الخاصة بالتخلص من الفحم، حيث تعهدت في 1 ديسمبر بعدم الاستثمار في محطات توليد الطاقة بالفحم الجديدة اعتبارًا من عام 2050.
وتضطر الاتحاد الأوروبي مؤخرًا إلى تخفيف حملته الشهيرة لحظر بيع السيارات التي تعمل بالوقود الأحفوري بحلول عام 2035، وذلك بسبب المقاومة الشديدة من قبل لوبي السيارات القوي.
في خطابه الذي حظي بأكثر استجابة حارة من الجمهور، أصاب الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا الرأس على الوتر عندما قال: “الكوكب تعب من الاتفاقات المناخية التي لم يتم تحقيقها” وأنه يكفيه من “الخطابات البليغة والفارغة”.
حان الوقت لقادة الدول المتقدمة أن يأخذوا علمًا ويستمعوا. لا يزال هناك 10 أيام من المفاوضات في هذا المؤتمر. وقت كافٍ لوضع التمثيليات جانبًا والانتقال إلى ما هو مطلوب. خفض انبعاثاتهم الخاصة بشكل جذري بحلول عام 2030 وزيادة التمويل بأموال حقيقية للدول النامية. وذلك فورًا.
رانفير نايار هو رئيس تحرير مجموعة ميديا إنديا ومؤسس ومدير EIFE.
تنويه: الآراء المعبر عنها في هذا القسم هي آراء الكتاب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر عرب نيوز.
Source: https://www.arabnews.com/node/2419441
اترك تعليقاً